الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
المشهد الشعري السوري 12 قصائد بحجم ابتساماتنا لثلاثة شعراء
أديب حسن محمد
2006 / 4 / 16قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
قصائد بحجم ابتساماتنا..مجموعة نثرية مشتركة
ـــــــــــــــــــــــ
سادت أوائل التسعينيات من القرن المنصرم ظاهرة القصائد المشتركة والمجموعات الشعرية المشتركة،وقلما خلت مجلة حداثاوية من هذه القصائد النثرية التي اشترك في كتابتها شاعران أو أكثر،إلا أن هذه الظاهرة انحسرت بالتدريج وبشكل لافت إذ أن تلك المجموعات النثرية المشتركة أو القصائد المشتركة لم تلق صدى نقدياً معتبراً،ولم تلق قبولاً في وسط قراء قصيدة النثر،فلجأ الشعراء إلى أسلوب آخر وهو جمع عدة قصائد لعدة شعراء بين دفتي كتاب واحد،أو جمع عدة مجاميع نثرية في كتاب واحد كما في حالة المجموعة التي نحن بصددها والمعنونة"قصائد بحجم ابتساماتنا"وهي لشاعرين من مدينة الحسكة هما أمير الحسين وريبر يوسف ولشاعر من مدينة عامودا هو أوميد،ويدفعنا التساؤل أولاً عن مغزى جمع ثلاثة مجموعات في كتاب واحد..؟؟
هل هو مجرد ضغط لنفقات طباعة الكتاب؟؟
أم أن هناك شيئاً مشتركاً،أو خيطاً خفياً يربط المقاطع التي تألفت منها المجموعات الثلاث؟؟
القراءة الأولى للكتاب تدل على أن الشعراء الثلاثة قد اشتركوا في عدة مستويات من التعبير:
ـ اللغة النثرية الصرفة.
ـ البعد التأمليّ للمقطوعات
ـ الانحياز للتكثيف الشديد عبر كتابة اللقطة أو الومضة
فالشاعر أوميد في القسم المخصص له من الكتاب والمعنون(أصابع لا تجيد العد)
نراه مغرماً بالتأمل ويحاول بمقطوعاته المكثفة أن يقول شيئاً ما موارباً خلف الكينونة المألوفة للأشياء،أحياناً ينجح في لعبته هذه كما في قوله:
"النجوم ثآليل الوحدة..
راهباتٌ يسرّحن
شعر الكنيسهْ"....ص10
إلا أن المعنى يتوه تماماً في مقاطع أخرى،وتغدو المفردات مائعة لا تُحتوى في هيئة دالة،
كما في قوله:
"السروال
الذي ينفث الشهوة..
الجسد
المعلّق على حبل الغسيل"....ص18
فالمقابلة أو التوازي الذي أراد الشاعر أن يبني من خلاله شعرية ومضته،يفقد التوازي الدلالي الذي يفترض أن يؤدي دوراً متفاعلاً تتمكن الومضة من خلاله أن تطرح المعنى حتى ولو كان في أقصى درجات التمنع،ومن هنا فإن السقوط في اللامعنى كان من أهم المآخذ على تجربة الشاعر التي حاول الاعتناء بالتشكيل اللغوي حتى ولو اصطدم بعقم موازٍ لا انفكاك منه وهو عقم المعنى الذي أفلت مراراً من يد المفردات.
أما الشاعر الثاني أمير الحسين فقد عنون القسم المخصص له في الكتاب :
ما لم يقله الضوء على لسان المرآة
ومن العنوان يعدنا الشاعر بمقولات غير مألوفة،مقولات مستترة تحاول ومضاته الإمساك بتلابيبها،ولأن للشاعر تجربة مع قصيدة التفعيلة فإن انتقاله للشكل النثري ترافق مع حس عالي بموسيقا المفردة،وفي نفس الوقت ورغم القصر الشديد لمقطوعاته فقد حافظ على معنى متماسك...معنى غير أحادي بالضرورة وإنما ينوس في حقل دلالي واسع يستطيع كل قارئ أن يرسم حدوده وفق نمطه الخاص في التلقي،ويستطيع الشاعر أن يولّد حسّ التأمل لدى القارئ،وأن يحرض رغبة التخيّل في داخله كما في المقطع التالي:
"الريحانة سقطتْ
....
هل تذكّر الشبّاكُ
شيئاً ما؟؟"....ص56
فالمعنى هنا رغم أنه غير مألوف وغير قابل للتفسير الأحادي،فإنه غير منغلق وقابل للحدس،وبحسٍ شاعري عالٍ تسبح مفردات القصيدة في ماء التخيل،ويعيد الشاعر تكوينها في لوحة تقول أبعد من ألوانها بكثير:
"قشور موزٍ هو الوقتُ
كما يدّعي الشاعر الأْكْمهُ فيَّ
لماذا لا يُصدّق إذاً
وقوع ال
م
ك
ان
يوماً ما".......ص66
أما الشاعر الثالث:ريبر يوسف
فيعنون قسمه بعنوان المجموعة(قصائد بحجم ابتساماتنا)
ولا نرى في المقطوعات التي كتبها الشاعر أثراً يذكر لأية ابتسامة على العكس فإن القصائد مشغولة بترصد ألمٍ ما يختفي خلف الأشياء البسيطة التي تلتقطها عدسة القصيدة،ويبدو أن حجم القصائد يدل على مدى ضمور وصغر ابتسامة الشاعر وسط مدّ هائل من الآلام التي لا تطاق،ومن ناحية أخرى فقد أراد ريبر أن تكون قصائده على طريقة التصوير الضوئي أي أنه يورد صوراً شعرية منقولة من عدسة تصوير فوتوغرافي مع إضفاء حسّ شعري على أبعادها،وهو هنا يسعى لتكسير اللغة محاولاً الذهاب أبعد ما يكون في مغامرة التجريب حتى أنه دوّن في بعض المقطوعات نوتاً موسيقية كردية مع رسم السلّم الموسيقي،وكان ريبر أحرص من شريكيه في المجموعة على التكثيف الشديد الذي يغدو في الكثير من الأماكن غاية في حد ذاتها مما يفقد الشعر الكثير من إشراقه،ولا سيما عندما يحاول السير على خطى سليم بركات في وصف ظواهر الطبيعة من مطر وبرق ورعد وموت...الخ
يقول في مقطع عنوانه"الموت":
"مفتاحُ
البهاءِ
إذ يلجُ قيدَ
الحياة".....ص120
تبقى التجربة الأولى للشعراء الثلاثة محاولة طيبة في تدوين أسمائهم على خارطة المشهد الشعري السوري رغم بعض العثرات التي لا تكاد تخلو منها أي تجربة جديدة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
قصائد بحجم ابتساماتنا
مجموعة نثرية مشتركة للشعراء:أوميد،أمير الحسين،ريبر يوسف
عن دار الزمان بدمشق شتاء 2006
تصميم الغلاف للفنان لقمان أحمد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. مقتل عشرات العسكريين السوريين في غارات إسرائيلية على حلب
.. بوليتيكو: البنتاغون في -محادثات مبكرة- لتمويل قوة حفظ سلام ف
.. رغم استمرار خطر الهجمات.. النازحون الفلسطينيون يريدون العودة
.. رئيس الأركان الأميركي: إسرائيل لم تتسلم كل الأسلحة التي طلبت
.. بحضور أوباما وكلينتون.. بايدن يجمع 25 مليون دولار لحملته الا