الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف أحببتُ اللغة العربية - الحلقة 2

حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)

2019 / 1 / 5
الادب والفن


2

*** القواعد ***

في المدرسة بدأتُ أحبّ درس اللغة العربية بشكل خاص في الصف السابع، وخاصّة درس القواعد، هذا الدرس الذي لم يكن سهلا على أحد، ولا حتى على المعلمات اللاتي لسن معلمتنا للغة العربية الأساسية، ولا يحبّه أحد، ولا أنا فعلتُ ذلك قبل الصف السابع. وكانت المعلمة في وقت من الأوقات، في الصف السادس على ما أذكر، قد قرّرت أن تعلّمنا درس القواعد كل يوم لأننا خسرنا الكثير من المواد خلال إجازة ولادتها، فعانينا كثيرا بسبب ذلك لأن درس القواعد كان صعبا وثقيلا.
ولكن، في الصف السابع تغيّر بي شيءٌ ما. أصبحتُ طالبة أفضل ليس في اللغة العربية فحسب بل في كل الدروس. وبدأتُ أحبّ درس القواعد أكثر من كل الدروس.
كانت ابنة خالتي التي تكبرني بعام واحد قد أعطتني دفتر القواعد خاصتها للصف السابع (وربما دفاتر أخرى أيضا) بدل أن ترميها. فكنتُ أطّلع عليه لمساعدتي في حل وظائفي، وأطّلع على الدروس القادمة كي أتعلّمها قبل الجميع. وأذكر ذات يوم، أعطتنا المعلمة وظيفة للبيت هي تمرين إعراب. فكانت هناك ربما ثلاث جمل علينا إعرابها. وكانت في الجملة الأخيرة كلمة لم أعرف إعرابها... فتركتها. ولكن حين اطّلعتُ في دفتر ابنة خالتي رأيت أن إعرابها هو درسنا القادم.
في الصف كنتُ أشطر الطلاب والطالبات في الإعراب، وحين وصلنا إلى تلك الكلمة قالت لنا المعلمة إن هذه الكلمة لن نعرف إعرابها لأننا لم نتعلمه بعد. فقلت لها: أنا أعرف إعرابها!
فقالت لي: إذن، أعربي!
فأعربتها وهي تعجّبت وسألتني: وكيف عرفتِ؟
أجبتُها: اطّلعتُ على درسنا القادم.


*** «الرّمال الهالكة» ***

في الصف الثامن، بدأتُ أقرأ العديد من الكتب والمجلات الثقافية والطبية والتاريخية والدينية والقصص والروايات، وسررتُ جدًّا بأنني بدأتُ أفهمها أكثر وأستطيع قراءتها دون استخدام القاموس كثيرًا، وذلك جعلني أستمتع أكثر بالقراءة، فأخذتُ أقرأ وأعيش ساعات طويلة في عالم الكتب.
في نفس ذلك الوقت، كنتُ أذهب أيضا إلى مكتبة قريتي مع صديقاتي وأستعير منها كتبًا بالعبرية، معظمها كانت روايات غربية مترجمة إلى العبرية، خاصة تلك التي سمعنا عنها من معلمتنا في العبرية، التي كانت تعشق القراءة وكانت توصينا بقراءة بعض الروايات التي قرأتْها، أو تلك التي كنا نسمع عنها من بعض صديقاتنا، وفي تلك الفترة سمعتُ من إحدى صديقاتي عن رواية جميلة جدا قرأتها وأخبرتنا عن بعض أحداثها وذكرت اسم الكاتبة، فيكتوريا هولت.
بعد إنهاء الصف الثامن، خلال العطلة الصيفية، استعرتُ من المكتبة كتابين: الأول كان رواية أعجبتني جدا، ولكنها في مرحلة معيّنة من الأحداث تصرّفت البطلة بطريقة لم تعجبني فأثارت غضبي واستفزّتني تصرفاتها وجعلتني أجلس لأكتب نفس الرواية بطريقتي! لم أكمل الرواية بعد عدة صفحات، ولكنها كانت محاولتي الأولى لكتابة الرواية، وكانت باللغة العبرية.
أما الكتاب الثاني، فكان رواية "الرمال الهالكة" للكاتبة البريطانية فيكتوريا هولت التي كنتُ قد سمعتُ عنها من صديقتي من قبل، وهذه الرواية أدهشتني. كانت رواية من روايات الغموض، مثيرة وجذابة، فيها اختفاء غامض وبحث ورومانسية، لكن جانب الغموض طغى عليها.
بعد ذلك بعدة شهور، وربما كان ذلك بعد عام أو أكثر (لا أذكر جيّدا)، قرأتُ الرواية مرةً أخرى. كنتُ أذكر جميع التفاصيل المتعلّقة بجانب الغموض، من اختفى، كيف ولماذا... كنتُ أعرف كل شيء، ولكن الرواية أدهشتني أكثر هذه المرة!
أدهشني أنني حين قرأتُها لم أنتبه للعديد من التفاصيل فيها، خاصة تلك التفاصيل المتعلقة بجانب الرومانسية في القصة. كان كل فكري منصبّا في جانب الغموض وكل همّي أن أعرف ماذا سيحدث لاحقا، وكيف ستكون النهاية. لكن هذه المرة، وإذ كنتُ أعرف كل تلك الأحداث، استطعتُ أن أحسّ بجانب الرومانسية التي في الرواية وبتعاطف كبير. أحببتُ البطلة كثيرا، أحببتُ صفاتها الإنسانية، شجاعتها، ذكاءها وحكمتها، ورأيتها قدوة لي في ذلك العمر من حياتي.
بعد ذلك بعدة شهور، وربما سنة أو أكثر، قرأتُ الرواية للمرة الثالثة... وهذه المرة أدهشتني أكثر وأكثر بتفاصيل كثيرة أخرى لم أنتبه إليها ولم أحسّ بها في قراءتَيّ السابقتين، ثم أعدتُ قراءتها بعد ذلك عدة مرات، وفي كل مرة كانت تدهشني وتهزّني، ولا أدري السبب حقا، فالحبّ، كما قلتُ سابقا، هو سرٌّ لا يُفسّر، وأذكر أنّني أخبرتُ بعض صديقاتي عنها فقرأنها وقلن لي: "إنها رواية جميلة ولكن ليست مدهشة حقا كما تقولين".
والحقيقة أن هذه الرواية رافقتني طوال فترة مراهقتي، ليس في قراءاتي فحسب، بل في ذهني وتفكيري وتركت بطلتها أثرًا كبيرًا في نفسي.
يتبع...
(كفر كما- الجليل الأسفل)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - احب اللغة العربية
متابع ( 2019 / 1 / 5 - 06:29 )
لقد امتعتني جدا مقالتك فانا احب اللغة العربية كثيرا
شكرا جزيلا
دمت بخير


2 - المستقبل للغات الحية
مالك الحزين ( 2019 / 1 / 5 - 08:44 )
دخلت لغة أهل البدو للأمم المتحدة بالرشوة - بالنفط - وتم نشرها من قبل منذ عدة قرون علي الدول من العراق للمغرب , بالسيف وبالجزية وبضرب الصرماية
لا توجد لغة بلا جماليات . كل لغة لها جمالياتها كما لها حماقاتها ومواطن قبحها
ويجب ألا يكون هناك مستقبل للغة من جعلوا من القتل والقتال وسبي النساء واستعبادهن فريضة مقدسة . لا مستقبل للغة بن لادن , والظواهري , وبن باز , والقرضاوي , والزرقاوي , والبغدادي الداعشي
تحياتي للأخت الكاتبة


3 - اللغة العربية مستقلة
متابع ( 2019 / 1 / 5 - 18:48 )
لا ترتبط اللغة العربية بالسياسة ولابالدين انها لغة أدب
اللغة الالمانية لاعلاقة لها بهتلر ولا الايطالية لها علاقة بموسوليني ولا الانجليزية لها علاقة بسقوط القنابل الذرية على اليابان
لغتنا العربية لغة نرار قباني ونازك الملائكة ولغة الشعر العربي الجميل
اللغة العربية غير مسؤولة عن انقراض لغات اخرى بدائية في المنطقة فالاسبان احتفظوا بلغتهم
رغم حكم العرب للاندلس ثمانية قرون وكذلك احتفظ الهنود بلغتهم والاكراد والفرس
اللغة العربية الان احدى اللغات العالمية فنجيب محفوظ كتب بالعربية وحصل على جائزة نوبل للادب
شكرا


4 - شكر
حوا بطواش ( 2019 / 1 / 6 - 17:57 )
شكرا جزيلا على تعليقك أيها المتابع. سعيدة جدا بمتابعتك.
دمت بخير


5 - براءة اللغة العربية
حوا بطواش ( 2019 / 1 / 6 - 18:01 )
مالك الحزين
أنت تخلط الأمور ببعضها البعض، فاللغة العربية لم تُفرض يوما على أحد، ولا هي فُرضت عليّ كما جاء في مقالتي، على العكس. واللغة العربية بريئة من قباحة القبيحين وإجرام المجرمين.


اخر الافلام

.. اللحظات الأخيرة قبل وفاة الفنان صلاح السعدني من أمام منزله..


.. وفاة الفنان المصري القدير صلاح السعدني عن 81 عاما




.. سماع دوي انفجارات في أصفهان وتبريز.. ما الرواية الإيرانية؟


.. عاجل.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدنى عن عمر يناهز 81 عاما




.. وداعا العمدة.. رحيل الفنان القدير صلاح السعدنى