الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واشوكُ ويوشوكُ

منير المجيد
(Monir Almajid)

2019 / 1 / 6
السياحة والرحلات


واشوكُ washoku (طعام ياباني)، هو الإسم المُتعارف عليه لمجمل الوجبات اليابانية، بينما يوشوكُ Yoshoku هو الطعام الغربي. الأول عُرف عالمياً بالمطبخ الصحي، حتى أن اليونسكو إعتبرته إرثاً للإنسانية. هو بسيط ومُعقّد.
بسيط بطريقة تحضيره وتقديمه المليئة بالتقاليد والحب والحساسية والطعم، ومُعقّد بسبب كثرة مكوناته. أهم ما يُميّزه طعم «الأومامي» (الطعم الخامس، الجمع بين الحلو والمرّ والمالح والحامض). 
القسم الأول «وا» يعني، من ضمن أسماء عديدة لليابان «ياباني»، وله معنى آخر يُختصر بـ «الإنسجام»، أما الرمز الثاني «شو» فإنه يعني «طعام». بإختصار تركيب الكلمة إعتماداً على الرموز الصينية (كانجي) يعني «المحتويات بالتماهي بين كل الحواس». 
الأهم من كل هذه التعابير العصية، هو أن المطبخ الياباني هو مطبخ موسمي، بمعنى أنه يستعمل المكونات المُتاحة في كل موسم لإبتداع الوجبة الملائمة.

أما الثاني الذي جاء غازياً في عصر «ميجي» منذ مائة وأربعين سنةعاماً، حينما بدأت التقاليد الغربية بوضع بصماتها على الأمة. 
هنا بدأت المطاعم بتقديم الوطعام مُرفقاً بعناصر غريبة على الناس مثل الزبدة والكاتشب وصلصة الوورشيستر ووجبات الهامبرغر، فاتحة المجال أيضاً للمطابخ الآسيوية (الهندية على وجه الخصوص).
الأسوأ هو مطاعم مثل «ماكدونالد» و «كنتكاي فرايد تشيكن»، سيئة السمعة، التي بدأت تُكثر من شحوم بطون المراهقات والمراهقين اليابانيين. 
مأساة كولينارية لشعب ميّزته، تاريخياً، رشاقة الأجسام.

قد يبدو لخبطة عالمية حينما تختار المطعم هنا. لماذا؟
خارج اليابان يعتقد معظمنا أن هذه الأمّة تأكل السوشي. خطأ فادح.
الطعام المُفضّل الشعبي الأول في الطبخ البيتوتي هو «الأرز بالكاري». نعم، طعام هندي، إلّا أن سيدات البيوت هنا حوّلنه إلى خاصية محلّية، فاستبدلن بهارات الكاري الحريّفة بنوع خفيف سهل ولطيف على المعدة والمصران (بنوعيه الرفيع والغليظ). وخلافاً لعادات أهل البلاد، فإن هذه الوجبة تُحضّر بكميات كبيرة، لأن وضعها في البراد يجعلها ألذّ في اليوم التالي، وأكثر لذّةً في اليوم الثالث وهكذا. 
الطعام الذي يحتل المرتبة الثانية، من حيث الشعبية، هو النودلز، بينما الثالث هو البيتزا والپاستا الإيطالية.

وقع الإختيار على غداء اليوم في فندق «فُنايا»، بعمره الذي يتجاوز بقليل الثلاثمائة وثمانين عاماً، وهو الفندق الذي تختاره العائلة الإمبراطورية حينما تقوم «جلالتهم» بزيارة إلى مدينة «ماتسوياما». قائمة الطعام اليوم كانت فرنسية. 
فرنسية! هنا، حينما تريد أن تتناول طعاماً فريداً من نوعه فسوف تختار المطبخ الفرنسي، خاصة إن أردت الإيقاع بأنثى يابانية.
في الدرجة الثانية يأتي المطبخ الياباني، ثم الإيطالي. أما الأمريكي فإنه للرعاع والدهماء وأغبياء الأمة.
ولأن الموضوع الرئيسي اليوم كان المطبخ الفرنسي، فقد اخترت أن أكمل في كافيه يحمل إسماً فرنسياً (L’art de vie) أُفتتح قبل أيام قليلة.
مررت، بطريقي، على معبد صغير محلي مُحاط بمقابر ووقفت أمام كريات قُماشية ترمز إلى الأمنيات والسعادة، رغم أن عقلي، الجانب السليم منه، يرفض كل هذه الخزعبلات.
موقع الكافيه خيالي، لأنه يطلّ مباشرة على بحر اليابان الداخلي (سيتو). ومن الشرفة العالية في الطابق الثاني، وخلف تلك الجزر، غير الواضحة، المُغطّاة بأبخرة مياه البحر، تقع مدينة هيروشيما، التي مازالت تلعق دمامل القنبلة الذرية التي رماها الأمريكان، بفخر هوليودي، على رؤوس السكان الآمنين قُبيل إستسلام البلاد أبّان الحرب العالمية الثانية.
والقرب من مياه البحار والمحيطات معضلة وطنية، فبينما في أوروبا ترتفع أسعار البيوت طرداً مع قربها من البحر، فإنها تنخفض هنا. 
القرب من البحر يعني خطر التسونامي.
على قائمة المشروبات وجدت بيرة «كالسبيرغ» الدانماركية، فقلت لنفسي «لا، وحق الجحيم»، ليقع اختياري على فنجان قهوة «فير تريد» من بنّ فلاحي كينيا الفقراء، رغم أنني لا أشرب، عادة، القهوة، بسبب معاناتي من حساسية الكافيين.
الآن، وبعد ساعتين من تناولها، بَعدتْ عني الحساسية، لأسباب أجهلها.

اليابان، أبريل ٢٠١٨








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يوقع حزم المساعدات الخارجية.. فهل ستمثل دفعة سياسية له


.. شهيد برصاص الاحتلال الإسرائيلي بعد اقتحامها مدينة رام الله ف




.. بايدن يسخر من ترمب ومن -صبغ شعره- خلال حفل انتخابي


.. أب يبكي بحرقة في وداع طفلته التي قتلها القصف الإسرائيلي




.. -الأسوأ في العالم-.. مرض مهاجم أتليتيكو مدريد ألفارو موراتا