الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الدولة العميقة ظهيرالأنظمة الشمولية والمانعة للتحول الديمقراطي !! (الحلقةالأولى)

صبحي مبارك مال الله

2019 / 1 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تناول العديد من الباحثين والكتاب والمحللين السياسيين، مفهوم الدولة العميقة ومتى ظهرت وكيف نشأت؟ وكيف تطورت، وماهو مفهومها أوتعريفها؟ ومن هي الدولة العميقة ؟ كثير من الأسئلة تثار حولها بين فترة وأخرى فخلقت جدلاً بين المثقفين. الدولة العميقة لم تظهر في دولة واحدة بل ظهرت في العديد من الدول وظهر تأثيرها السلبي على كافة المجالات والمستويات ولم تتوقف الحالة عند دولة أو الكثير من الدول بل حصل ظهور الدولة العالمية العميقة أو الحكومة الدولية العميقة فأصبح التأثير عالمياً وإقليمياً .وقد لاحظنا وعلى نطاق واسع إستشراء الفساد والتستر على ناهبي أموال الشعب وتراجع المكتسبات الديمقراطية وتغيير أوضاع الشعوب من سيئ إلى أسوأ وفقدان العدالةالإجتماعية بسبب تأثير الحكومات الخفية أو الحكومات العميقة والوقوف بوجه التحولات الديمقراطية التي تطمح لها الشعوب .
الدولة العميقة :هي مجموعة التحالفات وشبكات العلاقات الممتدة داخل الوطن أفقياً ورأسياً بدون شكل وتنظيم محدد وملموس وهي تشمل أعضاء برلمان وسياسيين ورجال أعمال ورجال أمن ومخابرات وفنانيين وإعلاميين.
وتعريف آخر :وهي شبكة مصالح متشابكة ومترابطة لايعرف أفرادها بعضهم البعض ولكنهم يعملون لهدف مشترك وهو الدفاع عن مصالحهم وإمتيازاتهم خارج إطار القانون والمجتمع والدولة، أي دولة داخل دولة أو دولة فوق دولة.
فالدولة العميقة ( Deep state غير الظاهرة للعيان على سطح الأحداث لكنها ثؤثر في الأحداث بشدة) د.صالح ياسر .(ملاحظات سريعة حول مفهوم الدولة العميقة) وتشير المصادر إلى عدم وجود إتفاق على تعريف محدد له ولاعلى محدداته وأبعاده . توجد في الأدبيات السياسية مفاهيم أخرى مثل حكومة الظل، الدولة الموازية ، دولة داخل الدولة، السياسة العميقة. مفهوم الدولة الموازية تعني مجموعة المنظمات أوالمؤسسات التي تشبه الدولة في تنظيمها وإدارتها وهيكلها ولكنها ليست رسمياً جزء من الدولة الشرعية أو الحكومة التي تعمل على تعزيز الآيدلوجية السياسية والإجتماعية السائدة في الدولة، والدولة الموازية تحظى بتأييد النخبة السياسية السائدة في حين (الدولة داخل الدولة) وهو مصطلح لوصف المؤسسات الشبيهة بالدولة التي تعمل ضد المصالح العليا للدولة القائمة ...نفس المصدر.
الدولة العميقة لها ستة محاور أو أذرع أساسية 1-الذراع السياسي 2-الذراع المالي 3- الذراع التشريعي 4-الذراع القضائي 5-الذراع الإعلامي 6-الذراع الأمني، كل ذراع من هذه الأذرع يعمل في الإتجاه المحدد له ولكن في النهاية يصب في مصلحة الدولة العميقة وقد يكون لهذه المجموعة من الأذرع تنظيم ورأس للتنظيم .
كما أستخدم مصطلح الحكومة الخفية من قبل الرئيس الأمريكي ثيودور روزفلت (1858-1919) الذي حذر من هيمنة شبكات مالية على سياسة بلاده. الكاتب الأسكتلندي شيريب سيريدوفيتش أصدر عام 1926 كتابه (حكومة العالم الخفية) وبعد ذلك عُثر عليه مقتولاً في أحد فنادق الولايات المتحدةالأمريكية .كذلك ظهر كتاب (أحجار على رقعةالشطرنج) للكاتب وليام غاي كار الذي نشر عام 1958 حيث إعتبر توثيقاً لإسرار ما يجري في العالم من أحداث جسام والكشف عن الأيدي الخفية التي تدير العالم وتتحكم في حكوماته وتقف خلف معظم الحروب والأزمات والإغتيالات فيه وهذا الكاتب أيضاً أغتيل.
مصطلح الدولة العميقة متداول في بعض دول أمريكا اللاتينية وفي الولايات المتحدة ومعروف في تركيا ، حيث يرمز للدولةالعميقة بالذئب الأغبر المعبر عن القومية التركية كماتقول الأساطير التركية ويرجع بعض المؤرخين السياسيين الأتراك الدولةالعميقة إلى اللجنة السرية التي أنشأها السلطان سليم الثالث 1761-1808م لحمايته من محاولة إغتياله وهوعائد من حربه مع روسيا والنمسا ورأي آخر يذكر بأن نشأت ظاهرة الدولة العميقة لأول مرة في القرن العشرين في تركيا وكانت عبارة عن شبكة سرية أنشأها مصطفى كمال أتاتورك عام 1923م والتي عُرفت ب Derin Devletأي الدولة العميقة، وكانت مكونة من مجموعات من ضباط القوات المسلحة والشرطة وبعض رجال القضاء والبروقراطيين، من مهمات هذه الشبكة القيام بأعمال سرية تهدف للحفاظ على علمانية الدولة التركية ومحاربة أي فكر أوحركة أو حزب أو أعضاء من الحكومة يهددون العلمانية، وقامت هذه الشبكة بإعمال الإغتيالات للشخصيات المعادية للدولة العلمالنية كما أنها موجهة بشكل خاص إلى الصحفيين والشيوعيين والأكراد. بعض الباحثين ومنهم (بيتر سكوت ) يُرجّع جذور مصطلح الدولةا لعميقة إلى عملية تطوير ما يسمى (دولة الأمن القومي ) في الولايات المتحدة في أواخر الأربعينيات من القرن المنصرم، حيث ركزت حكومة (هاري ترومان) على الأمن القومي لغرض صراع الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي ولهذا وقعّ الرئيس ترومان سنة 1947 على قانون الأمن الوطني، ووفقاً لهذا القانون تأسست وكالة الإستخبارات المركزية CIA ووكالة الأمن القومي NSA ، معظم الأجهزة الأخرى في جهاز الأمن الداخلي والخارجي. إن الدولة العميقة تتمثل في شبكات السلطة السياسية في (واشنطن) والسلطة الإقتصادية والمالية في وول ستريت (نيويورك) والتي تعمل على حماية مجموعة المصالح المختلفة.
المعنى العام :للدولة العميقة – يقصدبها شبكة الأشخاص الذين ينتمون إلى تنظيم غير رسمي له مصالحه الواسعة وإمتداداته العريضة في الداخل والخارج وإن عناصره الأساسية لها وجودها في مختلف مؤسسات ومفاصل الدولة، المدنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية .....ملاحظات سريعة د.صالح ياسر. ويلاحظ من خلال البحوث والدراسات التي نشرت حول خطورة الدولة العميقة والسياسة العميقة، بإن نشاطاتها وقوة تأثيرها تأتي منافية للديمقراطية والدستور، وتنفذ الكثير من الجرائم بالضد من القوانين. ولقد توسع تعريف الدولة العميقة بأن يكون شامل ويعبر عن تحالف عميق يجمع بين مركب إداري وسياسي وإعلامي ومؤسسة عسكرية وإستخبارات وقضاء ومثقفين ورجال دين ومافيات تجمعهم مصالح إقتصادية ومشاريع تجارية ومالية وعلاقات إجتماعية وعائلية وطقوس إحتفالية وإنتماءات طائفية أومذهبية وما سواها توحدهم جميعاً (رابطة) واحدة تعمل على الإبقاء على مصالحهم وإمتيازاتهم الخاصة وإستثناؤهم من المحاسبة و المسائلة القانونية، وعدم تعرضهم لأية متابعة قضائية في حالة إن أهتز النظام. والرابطة ممكن تعريفها أيضاً بأنها عبارةعن تحالف إجتماعي عميق مع طبقات إجتماعية أو شرائح فيها بيروقراطية الدولة وأجهزة الحكم المحلي ....ولها إمتدادات إقليمية ودولية .
من تأثيرات الدولة العميقة هو التدخل المباشر وعبر شبكاتها الواسعة في الانتخابات وتزوير النتائج وتكوين حكومة خلف الكواليس وقد تشمل هذه الحكومة كبار الموظفين الحكوميين السابقين المدنيين والعسكريين فهولاء يتفقون على التناوب على السلطة وعلى تقاسم الثروة والإمتيازات وأحياناً يتنافسون فيما بينهم وعلى النخب الرأسمالية، رجال الأعمال وعناصر من الأوساط الأكاديمية والمثقفين والتكنوقراط والذين يعرفون كيفية السيطرة على الدولة من خلال عملية صياغة الدستور ووضع القوانين والتشريعات الأخرى التي لديها أجندة خفية.
كما إن للدولة العميقة وسائل وأدوات ومنها السيطرة على الشعب من خلال نشر سياسة التخويف وبث الرعب بإستخدام عصابات متخصصة تهدد أفراد ومجاميع مجتمعية وأحزاب تعارض النظام ، ومكافحة الرأي وحرية التعبير وتخريب التظاهرات أو تخريب ممتلكات الدولة لإفشال حركات الإحتجاجات
والعمل على كسر الإضرابات في المشاريع والمعامل الصناعية. ولهذا فالدولة العميقة تمارس السلطة من خلال القوة التي يتم ممارستها فعلياً . كما إن للدولة العميقة تأثير إقتصادي وعلى السوق وعلى طبيعة النظام السياسي والسعي لصعود اليمين إلى سدةالحكم . (يتبع في الحلقة الثانية-هل توجد دولة عميقة في العراق؟)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهاجمة وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير وانقاذه بأعجوبة


.. باريس سان جيرمان على بعد خطوة من إحرازه لقب الدوري الفرنسي ل




.. الدوري الإنكليزي: آمال ليفربول باللقب تصاب بنكسة بعد خسارته


.. شاهد رد مايك جونسون رئيس مجلس النواب الأمريكي عن مقتل أطفال




.. مظاهرة أمام شركة أسلحة في السويد تصدر معدات لإسرائيل