الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العصر الإسرائيلي

نضال الصالح

2019 / 1 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


العصر الإسرائيلي
لا ادعي ان دانكو رئيس البرلمان السلوفاكي هو صديقي ولكنني اعرفه، ولقد اعتدنا ان نلتقي بين الفينة والأخرى مع مجموعة من السياسيين والمثقفين السلوفاك في مطعم خارج العاصمة، وكنا نتناول الطعام ونتحدث في أمور سياسية وثقافية محلية ودولية. كان دانكو نائبا لرئيس الحزب القومي السلوفاكي ومن ثم أصبح رئيسا للحزب. الحزب القومي السلوفاكي كان حزبا عريقا قبل العهد الاشتراكي ولقد جرى تجميده في ذلك العهد واعيد تأسيسه بعد سقوط النظام الاشتراكي على يد بعض الشباب السلوفاك ولقد كان معظمهم أصدقاء لي . وقف الحزب منذ تأسيسه مع قضايانا وخاصة مع قضية الشعب الفلسطيني.
عندما أصبح دانكو رئيسا للبرلمان السلوفاكي انقطعت علاقتي به كما انقطعت علاقته مع أعضاء مجموعتنا وبدأت مواقفه السياسية تتغير، خارج الحزب وداخله حيث قام بطرد مجموعة من خيرة أعضاء الحزب. ولقد انكشفت حقيقته أثناء زيارته لإسرائيل.
قام دانكو بزيارة إسرائيل في شهر يوليو من العام الماضي وكعادة كل من زار إسرائيل من المسؤولين الأوربيين، وضع الطاقية اليهودية على رأسه وزار حائط المبكى وقام بتقبيل حجر الحائط. ولقد تجاوز دانكو كل العادات الدبلوماسية حين زار الكنيست الإسرائيلي، حيث انحنى امام العلم الإسرائيلي وقبله. ولقد كانت كلمته في الكنيست مفاجئة لكل من عرفه، حيث اطال في مديح إسرائيل والمجتمع الإسرائيل واصفا إسرائيل بواحة الديموقراطية التي تعتبر رمزا ومثالا يحتذى به، ولم يعر أي اهتمام لمقتل أكثر من ستين فلسطينيا في غزة الذين قتلوا أثناء زيارته على يد القوات الإسرائيلية. ولقد انتقد ما سماه العداء لإسرائيل واليهودية ووعد الكنيست بأنه بعد عودته إلى سلوفاكيا سيقدم للبرلمان السلوفاكي مشروع قانون يحرم انتقاد إسرائيل والعداء للسامية.
صدق دانكو وعده وعندما عاد إلى سلوفاكيا قدم للبرلمان مشروع قانون لمحاربة أعداء السامية ونص القانون على معاقبة كل من ينتقد إسرائيل ويطالب بمقاطعتها ومقاطعة بضائعها وكل من ينتقد اليهودية ويشكك بالهولوكوست. مشروع القانون بجميع فقراته أعلن العداء لحرية الرأي والديموقراطية التي تغنت بها أوروبا منذ أعوام. لقد وافق البرلمان على مشروع القانون بدون أي تغيير، مع ان مجموعة كبيرة من المثقفين السلوفاك من كتاب وصحفيين قد رفعوا إلى البرلمان عريضة تطالب أعضاء البرلمان برفض مشروع دانكو ولم يعارضه إلا نواب الحزب القومي اليميني، أما اليساريون فلقد تغيبوا عن حضور الجلسة ولم يتجرؤوا أن يقفوا ضد القانون. ومخالفا لكل عرف دبلوماسي حضر السفير الإسرائيلي جلسة البرلمان وقام وشكر دانكو على مشروعه وشكر البرلمان على موافقته على المشروع.
هناك انتشار مسعور في أوروبا لمثل هذه القوانين. يمكنك ان تشتم الإسلام والمسلمين ويمكنك من تحت قبة البرلمان أن تشتم نبي المسلمين وأن تصفه بأبشع الأوصاف، يمكنك أن تشتم العرب أو الروس أواهل الواق الواق، ولكن لا يسمح لك بمس اليهودية والصهيونية وإسرائيل ومسهم يعرضك للسجن.
قبل خروج القانون قدمت للناشر الذي نشر جميع كتبي باللغة السلوفاكية والتشيكية كتابا جديدا كتبته بناء على طلبه وبناء على طلب القراء وهو بعنوان" حكاية الشعب الفلسطيني" ولقد جاءني أمس وهو يعتذر عن نشر الكتاب بعد صدور قانون دانكو، قانون معاداة السامية. لقد ماتت الديموقراطية وحرية الرأي في أوروبا وانتقلنا إلى عصر جديد هو العصر الإسرائيلي.

نضال الصالح








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟


.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على




.. شهداء جراء قصف إسرائيلي استهدف منزل عائلة الجزار في مدينة غز


.. قوات الاحتلال تقتحم طولكرم ومخيم نور شمس بالضفة الغربية




.. إسرائيل تنشر أسلحة إضافية تحسبا للهجوم على رفح الفلسطينية