الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الديكتاتور المرعوب

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 1 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


إن أهم أسلحة الديكتاتور للسيطرة وبسط النفوذ هي نشر الرعب، فهو يرعب الناس من الثورة عليه، وهو يرعب الناس من الأعداء الوهميين الذين يعملون على حياكة المؤامرات أناء الليل وأطراف النهار ضد الدولة.
وهو يبث في نفوس شعبه الرعب من مصير الدول التي ثارت من قبل على فساد رئيسها ورجاله ومن الجرائم التي يرتكبها نظامه الذي لا ينصاع للقانون أو الدستور أو لمباديء الحق والعدل.
وهو ينكل بكل من تسول له نفسه معارضته تنكيلا شديدا بلا رحمة أو شفقة وحتى لو كان ذلك فتاة رفعت لافتة أو شاب في مقتبل العمر حلم بحياة نظيفة في بلد يحترم أدميته.
إلا أنه ووسط كل ذلك يعيش الديكتاتور حالة من الرعب الفائق الذي لا يضاهيه رعب شعبه المقموع الذي يذوق صنوف الذل والمهانة مع كل طلعة شمس وغروبها.
فهو مرعوب من أقرب رجاله اليه ولا يأمن لهم وهو يستبدلهم من حين الى أخر حتى لا يتمكن أحدهم من موقعه فينقلب عليه، وهو يصدر فرمانات يقف أمامها أصحاب الألباب عاجزين عن فهمها إلا أنها لا يمكن فهمها الا من منطلق الرعب الذي يعيشه هذا الديكتاتور كمنع سفر الشخصيات العامة بدون إذن شخصي منه.
الديكتاتور مرعوب من كل شخص يتمتع بدرجة من الشعبية أو ينال ثناء نسبة كبيرة من ابناء الشعب مثل لاعب كرة قدم يتمتع بأخلاق رفيعة شهد لها القاصي والداني، فهذه الشعبية تظهر للديكتاتور مدى كره الناس له ورغبتهم الدفينة في التخلص منه ولو بكارثة طبيعية أو غير طبيعية مثل نيزك يضرب هذه البقعة المظلمة من الأرض أو مفاعل نووي يتم إدارته بنفس أسلوب إدارة الدولة فينفجر عاجلا أو أجلا!
الديكتاتور مرعوب من شعبه ويخاف من اللحظة التي سيتستيقظ فيها هذا الشعب ويزيح في وجهه كل ما بناه الديكتاتور من أسوار وكل ما وضعه من قيود وكمامات وكل الأسلاك الشائكة والقوانين الشائكة التي يتفنن في حياكتها.
الديكتاتور مرعوب من كل كلمة حق تقال فالحقيقة ليست في صالحه فوجوده يعتمد على قدرته وقدرة اعلامه ورجاله على الكذب والتدليس والتغييب ونشر الجهل والدجل والخرافة، ولذلك فهو على استعداد لدفع عشرات المليارات في شراء اسلحة القمع وبرامج وتقنيات التجسس التتبع وينفق على جيوش من المخبرين الذين يعملون ليلا ونهارا لمنع الحقيقة من الوصول الى آذان الشعب المقموع المنهوب.
إن جنون الديكتاتور يظهر جليا فيما يبتدعه من فنون التنكيل والمطاردة التي يقوم بها نظامه ضد المعارضين وخروج هؤلاء عن كل القوانين والأخلاقيات، بل عن العقل والمنطق حتى أنك تجزم أن رجاله هم مجموعة من المرضى الساديين المعادين للمجتمع والذين يفتقرون لأي قيمة أخلاقية أو أي وازع ديني أو أي درجة من التعقل أو الفهم!
لو كنت معارضا في مصر فأنت تدرك مدى ما يمكن للنظام المخبول أن يصل اليه في مطاردتك والتضييق عليك والتنكيل بك وهو ينفق على ذلك إنفاقا باذخا كإنفاقه على مشاريعه البائسة التي لا يستفيد منها الغالبية العظمى من ابناء هذا الشعب المبتلى به.
وفي الوقت الذي يموت فيه ابناء هذا الشعب بسبب موجة برد أو بسبب نقص في الدواء أو بسبب الاهمال والفشل الاداري أو يقتلون أنفسهم أو أهليهم بسبب الحاجة والعوز، يفتتح الديكتاتور أكبر مسجد وأكبر كنيسة وأعلى برج ويصنع النهر الأخضر وكلها مشروعات لن يسمح للمواطن العادي حتى بالمرور من أمامها فهي للبشوات الجدد الذين صنعهم النظام الفاسد فأثروا من دماء هذا الشعب وعلى حساب ثرواته المنهوبة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في