الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد.. محافظة أم عاصمة!

واثق الجابري

2019 / 1 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


لعل أكثر ما يخشاه الفاسدون والفاشلون، هو وصول كل من يعتقد أنه سيحقق نجاحاً، فيضعون العراقيل لتعويقه وأيّ ناجح.. ودائما يفعلون ذلك بإستمالة عواطف الشارع، حينما يضعون أنفسهم بموضوع المتصدي الحريص للمسؤولية، والمحافظ على الفقرات الدستورية.
الفساد بذرة نمت وتفرعت لتصبح شجرة منخورة، أذرعها أشواك مريضة، لا تدع أحد يقترب حتى لمعالجتها.
دفع ذلك الفساد والأنا السياسية، كثير من الشخصيات لتغيير المفاهيم، ولم يعد المواطن يثق بما يتحدثون به من مثالية لا يجدها، ولا يفرقون بين الحقوق والواجبات ودوره الشعب في صنع القرار، ومعظم حديث السياسة مغيب الحقيقة ومتعمد للمغالطات ومليء بجهل قانوني فاضح، وتسويق وتبرير للأخطاء لتمرير ما يحقق مصالح حزبية.
من بين الفهم الخاطيء، أن الأمور إشتبكت على المواطن، ولم يعد يعرف أين خلل الإدارة، هل هي بالحكومة الإتحادية أو المحلية؟ والأدهى من ذلك أن هناك كثير من الطبقة السياسية لا يفقه شيئا عن علم وقوانين الإدارة والصلاحيات وطبيعة النظام الدستوري العراقي.. ولذلك تتقاذف الإتهامات بين المركز والمحافظات، فيما دخلت العاصمة على خط الأزمة والمناكفات السياسية، رغم وجود مجلس محافظة معني بالإدارة المحلية لأطراف العاصمة، بينما المركز للأمانة، بإعتبار بغداد عاصمة العراق من شماله لجنوبه، وهناك فرق بين بغداد العاصمة وبغداد المحافظة.
ما يُعرف عن عواصم الدول، أنها مركز الدولة وقبلتها ومقر الوزارات، ولا تنحصر بسكانها، لإرتباط الشعب والإدارات المحلية بالعاصمة، وكثير من أمناء العواصم من مدن مختلفة وجنسيات بالدرجة الثانية، كالعاصمة البريطانية فأمينها مسلم من أصل باكستاني، وقائمة تطول عن إدارات الدول الناجحة، قياساً لبغداد التي صنفت في كثير من الأوقات بأنها أسوأ العواصم من الناحية الخدمية، وإهمال معالمها الأثرية والتاريخية.
إن الفرق كبير بين الإدارة المحلية التي تعود سلطتها لسكان نفس المدينة، لمعرفتهم بالقضايا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والثقافية والأمنية، فيما تكون العاصمة وجهة الدولة ومركز الوزارات والسفارات والضيوف، وفيها إشارات واضحة لمعالم الدولة، بما يمثل من تاريخ وحضارة ونصب تخلد ثورات وتضحيات وبطولات وشخصيات الدولة، وترتبط بالسلطة الإتحادية.
نفس الشخصيات التي تطالب لبغداد أميناً بغدادياً، كانت قبل أيام تطالب بإلغاء مجالس المحافظات وتعتبرها حلقة زائدة، وربما عولت على المركزية أكثر من الحكم المحلي. عندما يقول أيّ مواطن عراقي على أنه بغدادي، فهذا دليل تعلقه بعراقيته وعاصمته، وحينما تذهب لأية دولة، فسيكون إنطباعك الأول عن الدولة من عاصمتها، لتعرف ثقافتها وتاريخها، ومن عام 2003 الى اليوم تناوب ستة أمناء على بغداد، معظمهم من أصول غير بغدادية، ورافقهم كلهم الفشل الذريع في إدارة العاصمة، ولم يسمع لأحد إعتراض على تنصيبهم بالوكالة ولا على سوء الإدارة، وهاهي الأصوات تتعالى عازفة على عواطف البغداديين خاصة والعراقيين عموماً، بأن لا أمين لبغداد إلاّ بغدادي، في حين أفضل من حكم أمانة بغداد هو مدحت باشا وهو من أهالي "طويريج".
عقدة النجاح مرض يطارد الدولة العراقية، وبإدارة شخصيات تتعمد تشويه المفاهيم وطبيعة إدارة الدولة، وتتناقض في أحيان كثيرة تبعاً لمصالحها على حساب شعبها؛ مرة خوفاً من تصدي ناجح لموقع المسؤولية، ومرات كيرة فزعا من كشف زيف سوء الإدارة وتعمد الفساد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار