الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تجارة الحلال والحرام

معاذ الروبي

2019 / 1 / 24
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


تجارة الحلال والحرام


كنت اعتقد أن التجارة بفتاوى الحلال والحرام ستقف عند ما يسمونها بالبنوك الاسلامية لكن يبدو أن طمع هؤلاء (المُفتين) من جهة وغفلة الناس من جهة أخرى أغرتهم بأن يوّسعوا تجارتهم لتتعدى المعقول إلى اللامعقول وما بينهما من طمس للحقيقة واخفاء للمنطق ..!
وهكذا بين الفينة والأخرى تُطل علينا الكثير من هذه الفتاوى اللاعقلانية (الحلال والحرام) في بلاد الغرب (التي يعتبرونها ديار كفر رغم كونهم يعيشون على أموالها ومساعداتها والتي هي بالمناسبة وفقاً لفقههم التراثي أموال ربوية محّرمة) ليروّجوها بين الكثير من المسلمين المُسلّمين أمرهم وعقولهم (إلا من رحم ربّي) لهؤلاء المفتين..
فبدأً (بما يسمونه) اللحم الحلال مروراً بالشبسي الحلال فالشوكلاتة الحلال وهلمّ جراً إلى أن نصل وربما قريبًا للخضروات (خيار وبندورة وبطاطا وو) الحلال ..! فكل شيئ وارد في عُرف هؤلاء ..!
لا أعرف أي عقل يمتلكون ولا أي منطق يتّبعونون في فتاواهم التي يستندون بمعظمها الى كتب تراثية بحاجة هي نفسها لرفع غبار الزمن عنها واعادة تقييمها وفقاً لمفاهيم العصر الحديث ، بل انني ازعم أنه لو قام أصحاب هذه الكتب (التراثية) من قبورهم ووجدوا أنفسهم في عصرنا لبصقوا في وجوه هؤلاء (الببّغاوات الفقهية) ولأنتجوا كتباً جديدة غير كتبهم الأولى مستندين إلى فقه الواقع ،معتمدين على روح النص ،مراعين لتغير الزّمَكَان ومُوسّعين لدائرة فقه الإستحسان ..!
ماذا نقول وقد تعب القول من قولنا وماذا نتكلم وقد عجز الكلام عن هول ما نراه من بشاعة واستغلال (يصل حد الوقاحة) لمفهوم الحلال والحرام في شتى مجالات الحياة اليومية ..
لكن لعلّ (في هذا المقال) من فرصة لتحريك المياه الراكدة بطرح بعض الأفكار الواعدة والمُطالبات المُحقّة والمطلوبة .. /

-أولاً : على مُفتي الأكل الحلال أن يتأكدوا وقبل كل شيئ أن مالهم (الذي يأكلون منه) والذي يتقاضوه من الدول الغربية وعبر بنوكها هو حلال (وفقاً لفقههم فيما يتعلق بمفهومهم القاصر للربا وغيره) حتى ينفقوه على ما يُسمّى بالمنتج الغذائي الحلال ..! وعليهم الإجابة بوضوع عمّا إذا كان مُلصق حلال على اللحوم (مثلاً) هو صحيح أم محض خداع (على افتراض أن الذبح المؤذي للحيوان والذين يدّعون بكونه حلال غير مسموح به في الدول الغربية) ..!
-ثانياً : أطالبهم بتوضيح مصدر وصلاحية ما يَدْعُونه باللحم الحلال وهنا ستتكشف الكثير من التفاصيل المُخزية التي تعرّي حقيقة هذه التجارة الفاسدة والمُفسدة لأجساد وصحة المسلمين في بلاد الغرب فكم من منتج منتهي الصلاحية أو مخالف لشروط النظافة ومعايير الجودة ساقوه وسوّقوه للمغلوب على عقولهم وأمرهم من ضحايا هذه الفتاوى .. وأخرى تم شرائها من متاجر غذائية (يعتبرونها حرام) ثم غيّرو الملصق عليها ليستبدلوه بماركة النصب (حلال) وليزيدوا ويُنمّوا سعرها ببركة هذا (الحلال) ..!
-ثالثاً : أطالبهم بتعريف واضح لما يسمّونه باللحم الحلال .. وما مشكلتهم مع طريقة الذبح الأوروبية اذا كان الهدف الأسمى من عملية الذبح قد تحقق وهو إراحة الذبيحة بالصعق (الذي لا يقتل بل يوقف الجهاز العصبي المسؤول عن الإحساس بالألم) قبل الذبح والسلخ والتقطيع وأليس ذلك متوافق تماماً مع قول النبي: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء ، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة ، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته ، وليرح ذبيحته" .. والذي أرى أن جوهره يكمن في مبدأ اراحة الذبيحة ولو كان في عصره من وسيلة تريحها كالوسائل التي في عصرنا لاستخدمها قطعاً .. ففي عصرهم كانت الوسيلة للذبح هي الشفرة الحادة كما كان القتل والقتال يتم بالسيف وليس بالبندقية كما في زماننا ..!!
-رابعاً : اذا قيل بأن الأمر أيضاً (بخصوص الذبح الحلال) يشمل ذكر اسم الله قبل الذبح فأنهم هنا يقعوا مجدّداً بمغالطة منطقية بحاجة للكثير من الرد والتوضيح (لا يتّسع المقال له) .. فكيف يمكن التحقق بأن من يذبح الدجاج (مثلاً) ينطق باسم الله على كل دجاجة وخاصة بعد فضائح مذابح الحلال في أقطار العالم حيث تبين أن الكثير ممن يعمل بها لا يعرف الله فضلاً عن ذكره واخترعوا مبرراً لذلك بالاكتفاء بما يُعرف بسلامة الظاهر * (اي كون الذابح مسلماً أو كتابياً فقط بغض النظر عن التزامهم بدينهم وو) وعدم السؤال عن ذبيحتهم أو البحث فيها وهنا دلالة على ترخيصهم وفقاً لقاعدة يسمّونها بالغالب الراجح دون التحقق المبني على اليقين والذي بنظري يكون شبه معدوم في الوضع العادي فما بالكم بوضع وعصر فوضى الذّبح والذّابح ، المذبوح والمذابح ..!
*أعتقد أن مفهومهم لسلامة الظاهر يتحقق أكثر في المذابح الأوروبية لحرصهم الشديد على مبدأ "أرِح ذبيحتك" وهو الأصل الأهم في الذبح (وفقاً للحديث الذي طالما ردّدوه) لعدم وجود طريقة تضمن صحة الشرط الآخر للذبح (ذكر الله) أو من جهة أخرى البناء على ظاهر كون من يذبح مسلماً أو من أهل الكتاب سواء كان ملتزماً او غير ذلك (دون طعنهم في صحة عقيدته أو شروط إيمانه وهم أكثر من يتنطّع بهذه الأمور ويتغنّى بها من خلال فتاوى التبديع والتضليل والتكفير ووو) ..!

ومنعاً للإطالة أودُّ أن أختم حديثي ببعض الاقتراحات والتوصيات ومنها /

#على الدول التحقق والتقصّي والبحث عن الصفقات الخفية التي تتم بين رؤوس المال من جهة والمفتين من جهة أخرى فروائح شُبُهاتهم أصبحت تُزكم الأُنوف ..!
#أطالب بمحاكمة هؤلاء المفتين محاكمة (حلال) وفقاً للوائح المعمول بها في الاتحاد الأوروبي (التي تشدد على حقوق الإنسان والحيوان) ومنعهم عن التجارة بالدين تجارة (حرام) وما ينتج عنها من استغفال لعقول المسلمين فضلاً عن إيذاء أبدانهم ..
#يجب إقامة الحجة على المُغرّر بهم واستخدام أئمة الإصلاح الديني والتجديد الفقهي لهذه المهمة (لقد دخلت في نقاشات بعضها عقيم والآخر مُجدي مع الكثير من ضحايا فتاوى هؤلاء لكنني أعتقد بأن حل القضية يكمن بالتعامل مع رؤوس هذه التجارة مباشرة وإقامة الحجة العقلية والدينية عليهم) ..
فإيقاف هذه الماكنة الإفتائية المُتربّحة بالمال (الحرام) لتفتي للناس بما يسمونه بالأكل (الحلال) أولوية لتجنّب وتفادي مخاطر هذه الظاهرة سواءً على الفرد أو المُجتمع ..
#أطالب بالفصل التام بين دوائر الافتاء الغربية (التي يجب أن تكون بؤرة تنوير وحداثة واصلاح ديني) وبين دوائر الإفتاء الأخرى من مجلس افتاء الاخوان المتحزّبين (قطر) وهيئة علماء ولي الأمر المُتسعودين (السعودية) و مشيخة الأزهر المتحنّطين (مصر) وجماعة مفتي السلطان العُصملّليين (تركيا) وغيرهم من دراويش الإفتاء في مختلف بلاد المغرب والمشرق ..
والسلام ..

د. معاذ الروبي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأمريكية تعتقل عشرات اليهود الداعمين لغزة في نيويورك


.. عقيل عباس: حماس والإخوان يريدون إنهاء اتفاقات السلام بين إسر




.. 90-Al-Baqarah


.. مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى وسلطات الاحتلال تغلق ا




.. المقاومة الإسلامية في لبنان تكثف من عملياتهاعلى جبهة الإسناد