الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاعلام بين قوة التاثير وحسن التوظيف

ابراهيم سبتي

2019 / 1 / 24
الصحافة والاعلام



في ايامنا هذه ، صار الاعلام اخطر ما يواجه الشعوب والحكومات . فكل الدول المتحاربة والمتأزمة دبلوماسيا وسياسيا وذات المنافع المتبادلة ، نجد ان الاعلام يتربص بها تربصا خطيرا ويدفع بها الى المواجهة والاحتدام ، فربما يكون هو سبب اندلاع تلك الازمات وماينتج عنها من ابادات وخسارات . فالتضخيم الاعلامي والخداع والتظليل والتدليس بات سلاح الاعلام ووسائله المتخندقة تحت واجهات بث السموم مغلفا بالكلام المعسول احيانا ، في نقله للاخبار او الاحداث او القضايا التي يمكن لها ان تتطور وبالتالي يقفز خبر ما الى الواجهة لمجرد نفخه قليلا وتسمينه وجعله كبيرا وصب اللعنة فيه . ربما يكون الاعلام اكثر قربا من الحدث من اي عنصر اخر وهو ما يحسب له في التموضع والظهور السريع دون اية حواجز او محاجر او موانع او عقب . هكذا هو اعلام اليوم المتحول من حالة الى حالة وفقا لمعايير الوضع الجاري ونسبة الاستفادة منه ، ناهيك عن خطورته وهو يسابق الزمن في اظهار الوجه الحسن لصنّاعه الذين يتمترسون خلف اقنعة الوقار والتسامح وترافة اللغة وجمال مظاهر المذيعين واناقتهم .. لكنه كالقنبلة الموقوتة حين تنفجر في اي وقت محدثة الخراب ان اراد ان يفعل فعلته . في الاشهر الاخيرة حرصت قناة الجزيرة بكل قوتها مستخدمة كل تقنياتها وكادرها البشري المنتشر في مكان الحدث ، بالكشف المبكر لمقتل خاشقجي . فلمجرد حصولها على ومضة ، قامت بسرعة البرق بتجنيد كل امكاناتها وسخرتها في الحدث الصادم حتى كانت توظيف الفعل توظيفا مطلقا وقويا ادى الى تدفق ساعات البث المتسارعة فكان التاثير واضحا في الراي العام الذي بات براقب الشاشة كل دقيقة لقراءة ومتابعة العواجل المنثالة كشلال عارم . هنا كان التوظيف المقصود حسب سياسة القناة التي ربما تعتقد انها امتلكت السبق او انها تحاول استغلال القضية لمصلحة ما .. فالتوظيف المدبر جيدا يمكن ان يحدث زلزالا بين الحكومات والشعوب ويمكن ان يرفع اسهم البورصات العالمية او برفع اسعار النفط المتذبذبة او يحدث تماسا واشتباكا عسكريا على الحدود او سواها من الاحداث التي تفلت عن السيطرة احيانا .. يخبرنا تاريخ الدول المعاصر بان الاعلام استخدم استخداما بارعا وماهرا في نقل الاخبار الى الاطراف المتحاربة او الى الراي العام الذي يحاول ان يصدق كل شيء وهذا ماحدث خلال الحرب العالمية الثانية حين كان وزير اعلام هتلر غوبلز يضخم وينفخ بالاخبار والانتصارات رغن بدائية التقنية الاعلامية ، وبرلين كانت تحت القصف الروسي وعلى وشك سقوطها نهائيا . فظل الرجل يسبك القصص ويسردها بطريقة القاء تمثيلية على محطات الاذاعة وفي الميدان ، محاولا التاثير في الخصم والعسكر والجمهور لكن الوقت قد فات ولم تفده صرخاته وكذبه المنظم الذي برع فيه حد الاعجاب من زعيمه . ويفخر الاعلام المعاصر بانه حصل على مرتبة متقدمة في بث الخبر وايصاله بوجود وسائل ثورية في التقنية التي احدثت تحولا تاريخيا هائلا في التاثير الاعلامي للجمهور الذي بات حبيس هذه التقنية وصار الخبر يطير كطائر مشحون بالقوة للدخول الى البيوت وبدء سريان مفعوله ان كان مؤثرا او مخدرا او ضعيفا لا همة فيه ، فصار المتلقي يفرز من بين ركام يومي هائل ، الاخبار التي تريح له بدنه ولا تسبب نوبات المرض فيه او الاكتئاب . هذا هو حال التقنية المعاصرة التي جعلت المواطن البسيط يحمل هاتفه ويصور الاحداث السريعة وينشرها على المنصات الشخصية . فصار الخبر شائعا عاما لا حكر فيه على وسيلة معينة . ان قنوات التلفزة خاصة تستقطب جمهورها عن طريق بث الاخبار السريعة التي حدثت قبل دقائق ولربما تتوقع حدوثها احيانا عندما تستقريء الحدث وامتداداته والتنبؤ فيه . وقوة التأثير ليس بالضرورة ان يكون الاعلام مسلطا على المواطن ويجبر بالمتابعة الحثيثة او التسمر على محطان التلفزة للمتابعة والمشاهدة ، بل صارت الاحداث المتقافزة هي التي تجعل من المتابعة قضية ملحة وضرورية لا سيما ان حسن التوظيف هو الذي له اليد الطولى في التأثر والتأثير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نور الغندور ترقص لتفادي سو?ال هشام حداد ????


.. قادة تونس والجزائر وليبيا يتفقون على العمل معا لمكافحة مخاطر




.. بعد قرن.. إعادة إحياء التراث الأولمبي الفرنسي • فرانس 24


.. الجيش الإسرائيلي يكثف ضرباته على أرجاء قطاع غزة ويوقع مزيدا




.. سوناك: المملكة المتحدة أكبر قوة عسكرية في أوروبا وثاني أكبر