الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وقعة الاخوان وقعة البرامكه

سالم المرزوقي

2019 / 1 / 28
مواضيع وابحاث سياسية





وقعة الاخوان وقعة البرامكه: التاريخ لا يعيد نفسه إلا في شكل مأساة(ماركس)

كثيرون من الغيورين عن تونس البسطاء البعيدين عن موقع القرار والتسريبات والمعلومات مثلي الذين اعتبروا ما قام به الرئيس الباجي قايد السبسي من تبني للمعلومات التي أمدت بها هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بالعيد ومحمد الابراهمي,اعتبروها مناوره سياسيه للدفاع عن موقعه في قرطاج المهدد من قبل الاخوان وحصانهم الجديد يوسف الشاهد وخدمة لأجندته الانتخابيه وبعض هذه النخب الوطنيه ثمنت هذا التبني كفرصه وتكتيك لزحزحة ملفات الاغتيالات التي طال ردمها والتقدم به خطوة نحو كشف الحقيقة قبل أن يتراجع الرئيس ويستعيد وفاقه مع الاخوان ,هكذا كانت تعتقد أغلب القوى الوطنيه و اليسار وزعاماته متوجسين الريبة والخداع كما حصل سابقا, لكن عندما قدم السفير الأمريكي السابق في تونس جاكوب والس وهو ديمقراطي ومن مهندسي الصعود الاخواني للسلطه تقريره أمام الكونغرس ورغم تلطيفه لورطة الاخوان في الارهاب فقد لمح لتساهلهم معه وعندما صرح الرئيس الأمريكي بأن الفوضى التي حدثت في الشرق الأوسط وشمال افريقيا كانت أعمال مخابراتيه يتحملها سلفه أوباما موحيا بأن الدوله الأمريكيه وإدارته الحاليه بريئة منها ثم جاء السفير الأمريكي الجديد في تونس دونالد بلوم (وهو سفير فوق العاده وسنتعرض لهذا لاحقا) بإعلان صريح أنه مهمته الرئيسيه في تونس فتح ملف تسفير الشباب التونسي الى بؤر التوتر وملفات أخرى مثل قتل السفير الأمريكي في بنغازي والاعتداء على السفاره الأمريكيه في تونس,عند هذا لم يعد ممكنا لعاقل أن يتحدث عن مناوره داخليه جزئيه وصراع نفوذ عمن يدير الحكومة(اقالة حكومة الشاهد او بقاءها) أو عن دعايه انتخابيه سابقه لأوانها يقودها الرئيس الباجي ويحرك فيها ملف الاغتيالات بل الأمر أصبح مرتبطا بتوازنات دوليه أطرافها قوى كبرى تتصارع بل وتتقاتل طيلة عقود وأنها مقدمه على مفاوضات وتسويات وترتيبات تهيئة لميلاد نظام دولي جديد يقطع مع النظام الدولي السابق الذي أرسي عقب الحرب الكونية الثانيه (وهذا ليس موضوعونا هنا) ,فليس رئيس دوله صغيره كتونس من يؤثر في سياسة دوله عظمى كأمريكا بل العكس فالتوجه الأمريكي الجديد هو الذي دفع الرئيس التونسي لانهاء توافقه مع الاخوان تمهيدا لكشف بعض جراءمهم وهذا ما يبعد عنا نظرية مناوره حرب المواقع الداخليه والصراع الانتخابي,فما أعلنته هيئة الدفاع عن الشهداء وطريقة تسريبها من أقبية وزارة الداخليه وتبني الرئيس لها وطرحها على أنظار مجلس الأمن القومي ورفضه الى حد الآن لأية تسويه مع حزب الاخوان لطي صفحة التنظيم السري ليست إلا البدايه ,من هنا نعتقد أن هذه الخطوه هي تدشين لحرب كبرى لاستئصال الاخوان من الدولة والمجتمع في الداخل التونسي وربما اقليميا ودوليا وهي ليست داخليه معزوله كما ذهب في ظن البعض بل اقليميه دوليه ضمن الترتيبات القادمه للمنطقه مستقبلا وأساسه: كما بدأت الحرب من تونس بمؤتمر أصدقاء سوريا يجب أن تقبر و تنتهي في تونس وأن يقدم بعض الصغار كالاخوان وتوابعهم وربما بعض الأنظمه كخرق باليه لمسح موائد كبار المفاوضين للتقدم في التسويات المستقبليه وليس سرا أن نجاح القمه العربيه المقبله مرهون بتقدم التفاوض مع محور المقاومه المنتصر بقيادة سوريا والمحمي بطيف الروس والصينيين كدول عظمى تتحين الفرصة لطي صفحة النظام الدولي الموروث من خارطه جغراسياسيه وعسكريه قديمه و أصبحت غير متوازنه بصعود أقطاب جديده وتراجع بعضها الآخر ,وسوريا المنتصره ليست معنية بنجاح القمة أكثر من العرب المتآمرين المهزومين(وهم كلهم عملاء) الذين يبحثون عن أي نجاح ولو شكلي لحفظ ماء الوجه وتقديم ذواتهم للمشغل أن صلاحياتهم لم تنتهي.
إذن وبالعودة للوضع الداخلي في تونس فإن أيسر السبل لراشد الغنوشي وحزبه وتوابعه للهروب من المأزق هو التنازل والانبطاح قبل قدوم العاصفه (لأنه يعرف قوة أمريكا ويعرف أنها هي التي جاءت به للسلطه وأنه انتهى إذا قررت أمريكا التخلص منه ومن خلال مؤشرات سياسة ترامب ونفض الغبار عن ملفات قتل السفير الامريكي في بنغازي والاعتداء على السفاره الامريكيه بتونس والتسفير لبؤر التوتر فقد قررت امريكا تقديمهم قربانا للتسويه وانتهى ) , الغنوشي يقدم التنازل تلو التنازل طوعا عن السلطة وحتى الانسحاب كليٌا من المشهد لخصمه الباجي مقابل إنقاذ التنظيم الدولي للاخوان المسلمين والدول الاخوانيه المورطه ذات المكانه كتركيا وقطر ,بالمقابل فإن الرئيس الباجي وإذا كان هدفه الاستحواذ على الحكم فقط فسيقبل الصفقات ويتخلى عن تحركه و مناوراته لكنه أي الباجي ومن خلال التسريبات وعدم انفراج أزمة الحكم توضح بما لا يدع مجالا للشك أنه قد رفض أية تسويه ورفض كل التنازلات والعروض والوساطات التي قدمت لأنه محنك في السياسه ويعرف أن حماية الاخوان تعني الوقوف ضد أمريكا وضد الترتيبات العالميه القادمه وأن ما يملكه من معلومات عن التنظيم السري للاخوان(الذي يعرفه سابقا من خلال الأمن التونسي وكان يغض النظر عنه) قليلا بالنسبة لما أمدته به أجهزة المخابرات الغربيه والعربيه عن هذا الأخطبوط الاخواني وأحدها تسجيلات سوريه لمكالمات راشد الغنوشي مع قادة داعش والنصره وهو ما يمثل تحولا نوعيا لقضية التنظيم السري للاخوان من الداخل التونسي الى اقليمي واسع ربما يصل لمحكمة جرائم الحرب في لاهاي وهو ما لا يمكن غض النظر عنه لأهداف داخليه بل هو( أي الرئيس الباجي) مجبرا على مسايرته وإلا ذهبت منظومة الحكم كلها ضحية معه وهو ما سيحصل لرئيس الحكومه يوسف الشاهد وحليفه المغرور محسن مرزوق إن واصلوا غباءهم بالرهان على الاخوان والنظر للملف من منظور داخلي معزول.

التنظيم الدولي للاخوان برامكة العصر:

يقول ابن خلدون في مقدمته ج 1 ص 15: "وإنما نكب البرامكة ما كان من استبدادهم على الدولة، واحتجابهم أموال الجباية، حتى كان الرشيد يطلب اليسير من المال فلا يصل إليه، فغلبوه على أمره، وشاركوه في سلطانه، ولم يكن له معهم تصرف في أمور ملكه".
ما أشبه اليوم بالبارحه رغم الحيز الزمني البعيد فما كشفته هيئة الدفاع من تغلغل منظومة الاخوان في مفاصل الدولة والمجتمع وما يبيتونه لفرض رؤيتهم لفرض حكم الخلافة القروسطي يشبه لحد ما فعله البرامكه بدولة هارون الرشيد فهل تكون وقعتهم متطابقه مع وقعة البرامكه الذين فتك بهم الخليفه العباسي بذكاء وحنكة بقيت خالده في التاريخ السياسي للدول ?
ففي ليلة السبت (أول صفر 187 هـ = 29 من يناير 803م)، أمر رجاله بالقبض على البرامكة جميعًا، وأعلن ألا أمان لمن آواهم، وأخذ أموالهم وصادر دورهم وضياعهم. وفي ساعات قليلة انتهت أسطورة البرامكة وزالت دولتهم، وتبددت سطوة تلك الأسرة التي انتهت إليها مقاليد الحكم وأمور الخلافة لفترة طويلة من الزمان، تلك النهاية المأساوية التي اصطُلح على تسميتها في التاريخ بـ"نكبة البرامكة(المصدر ويكيبديا قوقل).
لسنا منجمين ولا قراء غيب ولا يساريين طوباويين يحكم عقلنا الحلم لكن الواقعيه تفرض نفسها فالعالم تغير والعلم تقدم والتاريخ البشري لن يعود الى الوراء فالقوى التي أدارت النظام الدولي طيلة السبعين سنة الماضيه أصبحت غير متكافئه وغير متوازنه لحفظ الأمن وتفادي شرور الدمار الشامل للانسانيه وأصبح لزاما على الدول الكبرى الفاعله التغيير ووقف الفوضى والحروب للحيلولة دون صعود فاشي جديد سيكون هذه المره مدمرا للكرة الأرضيه قاطبة وأهم نواتات هذه الفاشيه الخطيره هي هذه الكتل الدينيه المتطرفه القروسطيه ونعني هنا تحديدا التطرف اليهودي والاسلامي المتحالفان موضوعيا ضد أي تقدم بشري نحو السلم والأمن فالدولة الصهيونيه المزروعه في منطقتنا لحفظ مصالح الغرب الاقتصاديه والسياسيه تحولت لعبئ ايديولوجي فاشي خطير بامتلاكها اسلحة الدمار الشامل وجموحها نحو تأجيج حروب الابادة والخراب وهي اليوم تدير كل الصراعات الدينيه والإثنيه في المنطقه وتعمل على دعم التطرف الاسلامي الأكثر تخلفا وفاشيه وتمكينه ليس فقط من الحكم كمشيخات الخليج بل تمكين التنظيمات الاخوانيه من السيطره على المجتمعات عبر نشر الفكر السلفي العنيف وتفتيت جغرافيا بعض الدول واسقاطها وتدميرها باسم التأسيس للخلافه حتى تضمن البقاء بمقاربه فاشيه قذره عنوانها "إما اسرائيل أو الدمار للجميع". من هنا تتأتى ضرورة وموضوعية استئصال التنظيم الدولي للاخوان وتفكيكه لأنه الحلقه الأضعف في الكتل الدينيه المتطرفه وسيتلوه حتما إسقاط وتغيير أنظمة مشايخ الخليج التي أصبحت محرجه حتى للعالم الغربي الذي يدعي الديمقراطيه والحريه تمهيدا لترتيبات جديده للنظام الدولي وهو ما سيؤدي لمحاصرة اسرائيل التي لا زال الغرب يرعاها حتى لا ترتكب حماقة مدمره وترك مصيرها للمقاومات العربيه والفلسطينيه صاحبة الحق المغتصب.
هذا ما يقودنا للقول بأن وقعة التنظيم الدولي للاخوان حتميه و ستكون مشابهه لوقعة البرامكه لضمان ترتيبات ما بعد الحرب الكونية التي دارت في منطقتنا عامة وسوريا خاصة طيلة العشرية السابقه أما ما عداه من صراعات ومناورات داخليه في الدول الصغيره كتونس فهو تفاصيل لا أهمية لها .

اليسار التونسي المقاوم والضحيه :

موضوعيا اليسار التونسي (مع الاتحاد العام التونسي للشغل كإطار نقابي )كان القوة التي قاومت الدكتاتوريات فقدم تضحيات وحمل مشروعا حالما بالعدل والحريه واستكمال التحرر الوطني من التبعيه (رغم تشتته وعفوية قياداته) وتواصل نضاله بعد انتفاضة 14 جانفي بظهور أغلب فصائله وزعاماته للعلن وكان الفاعل الرئيسي على الأرض محرضا ومعبئا الجماهير المتعطشه للتحرر لكنه ولعفوية قياداته ومحدودية ثقافته السياسيه التي يطغى عليها التحجر الايديولوجي وحتى طبيعة مادته البرجوازيه الصغيره جعلته يفقد توازنه بمزيد التشتت ويخسر تموقعه الفاعل أمام قوى منظمه محترفه ومسنوده من الخارج, فلم يكن بإمكان منظومة الفوضى "الخلاقه" التآمريه تمرير مشروع ديمقراطيتهم الفضفاضه وسيطرة الاخوان على الحكم بعد انتفاضة 14 جانفي بدون تشحيم عجلات التغيير بقوى اليسار وشعاراته التبشيريه الحالمه لإغواء الشعب وخداعه ولم يتوقف الأمر عند هذا بل تطور لاغتيالات سياسيه معلنه لزعماء يساريين (شكري بالعيد ومحمد الابراهمي) لتركيز هذا المشروع الاخواني بالدم فكان اليسار في كل محطات العشريه الاخوانيه هو المقاوم ولكن كذلك الضحيه و حصان طرواده في الآن نفسه.
قد لا ينتبه البعض لخطورة ملف التنظيم السري للاخوان وأبعاده فيظنه مناوره داخليه بين قطبي السلطه للفوز بالحكم تنتهي وتقبر حال تحقيق أهدافها كما ذكرنا سابقا وقد يظنه آخرون زوبعة اعلاميه لتلميع صورة اليسار واستثمارا رخيصا لدماء شهداءه لكن إذا نظرنا للقضية بشموليه بظرفها الزماني بعد هزيمة الحلف الصهيوأطلسي في سوريا واليمن وغيرهما وبعدها الدولي بانخراط دول عظمى كروسيا سندرك أن كشف ملف التنظيم السري للاخوان في تونس ليس إلا نقطة البدايه لملفات أخرى اكبر ستغير خارطة المنطقه بسقوط أنظمه وظهور تحالفات ومناطق نفوذ وربما توليد حروب ومناطق صراع جديده ولاعبين جدد ومن هنا يمكننا القول أن الرئيس الباجي لا يناور ولا يخدع هذه المره بل هو في تناغم تام ولو تدريجيا مع السياسه الأمريكيه التي أوفدت لتونس سفيرا استثنائيا لفتح ملف التسفير نحو سوريا والعراق والذي يتزامن ليس صدفة مع الانسحاب الأمريكي من سوريا. إذن فبتسريب ملف التنظيم السري للاخوان عن طريق اليسار يقف هذا اليسار في مفترق طرق مقعد محفوف بالمخاطر أخطرها تدشين مرحلة حرب أهليه يفجرها الاخوان للدفاع عن كيانهم المهدد بالاندثار وتقديمه كبش فداء للتسويات بين الكبار.
بناء على ما تقدم وحسب اعتقادي فإن على الهيئه الحقوقيه التي هدفها الوصول للحقيقة في الاغتيالات وتقديم الجناة للقضاء وكشف الأخطبوط المخابراتي للاخوان الذي تغلغل في مفاصل الدوله والمجتمع أن تضع في حسبانها عدة نقاط أهمها:

أولا: أن الرئيس الباجي ليس هارون الرشيد لكنه سيذهب للآخر في مواجهة الاخوان واقتلاعهم حسب الهندسه الامريكيه وربما تقديم بعضهم لمحاكم جرائم الحرب في لاهاي وحتى تسليم أو تسهيل اختطاف بعضهم ليحاكم في أمريكا مثل علي العريض المورط في الاعتداء على السفاره الأمريكيه.

ثانيا: أن الرئيس الباجي سيعمل على كشف التنظيم السري للاخوان واقتلاعه لكنه لن يهتم كثيرا لكشف جريمة اغتيال الشهيدين شكري بالعيد ومحمد الابراهمي لأنها ليست من أولوياته ولا من أولويات الغربي والأمريكي ولا قيمة لها في الترتيبات المزمع التفاوض حولها مع محاور الصراع الكبرى وربما تعمل بعض الأطراف الداخليه والدوليه على طمسها لقطع الطريق عن تورط أجهزه غربيه فيها.

ثالثا:إن الاخوان وعلى رأسهم راشد الغنوشي مدركون لخطورة القادم على ذواتهم وأحزابهم وعلى التنظيم الدولي للاخوان وسيلجؤون مجبرين إن عاجلا أم آجلا للعنف والاغتيالات تجاه خصومهم وحتى داخلهم بتصفية بعض رموزهم لانقاذ ما يمكن انقاذه او لتفجير حرب أهليه داخليه.

رابعا:قد يظن البعض أن حزب النهضه والتنظيم الدولي للاخوان قد اهترأ وفقد السند الخارجي ولم يعد يقوى على المواجهه كما كان إبان توليه السلطه وهذا صحيح إذا أخذناه بمعزل عن المحيط الاقليمي لكن إذا انتبهنا للكيان الصهيوني وتركيا الأردوغانيه الاخوانيه وامكانياتهما وتاريخهما في التدخل في شؤون الدول وتخريبها من الداخل وتحفظهما و معارضتها بقوه للسياسه الامريكيه المستقبليه القادمه والترتيبات مع الروس ومحور المقاومه لانهاء الحروب في سوريا واليمن وليبيا والتي يعتبرانها خذلانا وخضوعا سيضر بهما فإن دعمهما وتبنيهما وتحريضهما للاخوان عامة واخوان تونس خاصة (لتوسط جغرافيا تونس بين ليبيا الغير مستقره والجزائر المستهدفه ) بل دفعهم لتفجير وتأزيم المنطقه من جديد مقابل انقاذهم ومدهم بالعتاد والمال و بالزاد البشري باستيعاب الارهابيين الفارين من بؤر القتال.كل هذا تحكمه الضرورة السياسيه التي تحتمها مصالحهما (أي اسرائيل وتركيا) المشتركه ولا يستهين بقوة العدو الصهيوني المخابراتيه والعسكريه والجيش التركي الأطلسي إلا الأغبياء وهكذا تتقاطع مصلحة الاخوان للدفاع عن أنفسهم مع مصلحة هاتين الدولتين العدوانيتين علاوة انتماء اردوغان للتنظيم الدولي للاخوان.

دونالد أرمين بلوم سفير فوق العاده للولايات المتحده الأمريكيه في تونس :

بالعودة لتاريخ العمل الديبلوماسي في تونس من الصعب العثور على سفير فوق العاده في دوله صغيره كتونس نظرا لحجمها الصغير ديمغرافيا وجغرافيا وتموقعا سياسيا, وربما هي المرة الأولى التي يعين فيها سفير فوق العاده و أكثر من هذا ليس لدولة عاديه بل سفير لامبراطوريه عظمى تقود العالم الرأسمالي أي الولايات المتحده الأمريكيه وهذا ما يثير الاستغراب والتساؤل عن هذه الخطوة,ذلك أن السفير فوق العاده يعتبر في الأعراف الديبلوماسيه مندوبا استثنائيا له صلاحيات واسعه وفي علاقه مباشره بأعلى سلطه في بلاده كالرئيس أو الملك وهو مفوض لتوقيع المعاهدات والاتفاقيات باسم دولته وعادة ما يكون السفير فوق العاده من كبار الساسه احترافا وثقافة ودرجة علميه وهو ما ينطبق على السفير الأمريكي دونالد بلوم المتقن للغة العربيه والحائز على الدكتوراه والذي مرٌ بأعقد حروب أمريكا وسياستها الخارجيه فهو سفيرها في أفغانستان إبان دخول الجيش الأمريكي لكابول ثم كان المستشار السياسي للقوات المتعددة الجنسيات التي احتلت العراق ودمرته وهو الذي أدار شأن أول قنصليه أمريكيه في القدس وهندس كل الاتفاقيات السياسيه والأمنيه لحماية الكيان الصهيوني عبر التطبيع بين العرب واسرائيل وتولى الملف الليبي من تونس بعد انهيار الدوله الليبيه واليوم يعين سفير فوق العاده في تونس(مع سطرين تحت فوق العاده للتأكيد على خطورة التسميه).
لا يمكن لعاقل أن يصدق أن دونالد بلوم جاء لتونس مفوضا فوق العاده فقط لدعم الاستقرار السياسي وفتح ملفات التسفير والثأر للسفير الأمريكي الذي قتل في بنغازي والاعتداء على سفارة بلاده في تونس ويجب ألا ننسى صعود ترامب الذي كان أحد محاور برنامجه السياسي صفقة القرن التي تستهدف قضية فلسطين وبناء الامبراطوريه الصهيونيه ,لنترك الإجابة للحصفاء المختصين الغيورين على بلادهم وللمستقبل لفهم تعقيدات وخفايا السياسه الأمريكيه والتي هي امبرياليه عدوانيه لمنطقتنا وشعوبنا ولا يمكن بأي حال الثقة فيما يروج إعلاميا من صداقه وتعاون.

اليسار التونسي وحصان طرواده :

بناءا على ما تقدم فإن الوثائق التي سربت لهيئة الدفاع عن الشهداء وقضية التنظيم السري للاخوان ليست إلا نقطة الانطلاق لمشروع حرب كبرى بين أقطاب عالميه كبرى تبدأ بتصفية الاخوان وتنتهي بتغيير أنظمه وخرائط و سيترتب عن هذا صراع سياسي وربما عسكري لتقويض نفوذ دول كبرى كأوروبا في منطقتنا والحيلولة دون دون وصول الروس والصينين وتستهدف فيه شعوب ودول كالجزائر وليبيا ومصر وربما يصل صداه للسعوديه والخليج بعد الفشل الصهيوأطلسي في سوريا والعراق واليمن وعليه فإن على هيئة الدفاع خاصة واليسار عموما أن يدركوا استعمالهم كحصان طرواده الذي يخفي الخديعة الكبرى ومحطتها الأولى تونس وعليهم أي هيئة الدفاع (وهم وطنيون صادقون في تقدميتهم) أن ينقلوا صراعهم مع أحزاب الاخوان الى معركه وطنيه محورها التصدي لمشروع خطير يستهدف المنطقه تكون قاعدة انطلاقه تونس ليتمدد كالسرطان لدول الجوار وأولها الجزائر وأن يحسنوا المناورة مع الرئيس الباجي ,أما إذا تغافل الجميع وهزهم غرور البهرج الاعلامي وحصروا قراءتهم في تفاصيل وجزئيات الصراع مع الاخوان وكشف ملابسات اغتيال الشهداء فلن يتوصلوا لا لكشف حقائق الاغتيال ولا لمقاومة الهيمنه الصهيوأطلسيه بل سيكونون فقط حصان طرواده الخشبي الذي يتخفى وراءه الجيش الغازي.

سالم المرزوقي _ تونس _








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملف الهجرة وأمن الحدود .. بين اهتمام الناخبين وفشل السياسيين


.. قائد كتيبة في لواء -ناحل- يعلن انتهاء العملية في أطرف مخيم ا




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش تداعيات الرد الإيراني والهجوم ال


.. إيران وروسيا والصين.. ما حجم التقارب؟ ولماذا يزعجون الغرب؟




.. مخلفا شهداء ومفقودين.. الاحتلال يدمر منزلا غربي النصيرات على