الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


[97]. رحلة المئة سؤال وجواب، حوار صبري يوسف مع د. أسماء غريب حول تجربتها الأدبيّة والنّقديّة والتّرجمة والتَّشكيل الفنّي

صبري يوسف

2019 / 1 / 31
الادب والفن


لا يمكن الحديث عن مسرح الطّفل في صقليّة دون الحديث عن ثلاثة رجال هُم المؤسِّسون الحقيقيّون والأوائل لهذا المسرح، وهم كلّا من دجوزيبه بيتريه، وأنطونيو باسكوالينو وميمّو كوتيكيو. أمّا عن ذكري لاسم دجوزيبه بيتريه فذلك مردّه إلى ارتباطه بالمادّة الخام الّتي استند عليها معظم المهتمِّين بمسرح الطّفل -عالميَّاً وليس فقط على المستوى الإيطالي- من أجل كتابة نصوصهم المسرحيّة. وهي المادّة الخام الّتي تتكوَّن من أرشيف ضخم يوثّقُ فولكلورَ وعادات وتقاليد الشُّعوب الأوروبِّيّة، إضافة إلى موسوعة الأغاني الشَّعبيّة الَّتي تتحدَّث عن العشق والمحبّة والأمثال والحكايات والقصص القديمة جدَّاً، وغيرها من النُّصوص الَّتي تهتمُّ بالطّب الشّعبي والأعياد والاحتفالات الشَّعبيّة أيضاً. ولقد أصبحت هذه الموسوعة فيما بعد مادّة استلهاميّة مهمّة لأدباء آخرين، أشهرهم دجوفاني فيرغا ولويدجي كابوانا.

أصبح دجوزيبه بيتريه سنة 1903 سيناتورا بمجلس الشِّيوخ الرُّوماني آنذاك وفي سنة 1906 بدأت تصدر مجلّته التُّراثيّة الشَّهيرة الموسومة بـ "أرشيفات من أجل دراسة العادات والتَّقاليد الشَّعبيّة". وقد كانت له في إطار العمل من أجلها مراسلات ثريّة وقيّمة مع العديد من الدَّارسين والباحثين في مناطق مختلفة من أوروبا وهي الآن كلّها محفوظة في المتحف الإثنوغرافي الصَّقلِّي الّذي يحمل اسمه (دجوبيه بيتريه).

توفي دجوزيبه بيتريه بمدينة باليرمو سنة 1916 (10 نيسان). وترك تراثاً ضخماً أذكر منه على سبيل المثال:
ـ النَّحو الصّقلِّي؛
ـ صلاة الغروب بين العادات والتَّقاليد الصَّقلِّيّة؛
ـ الحياة في باليرمو لمئة سنة مضت، وهذا الكتاب من مجلدين؛
ـ الكتاب الأحمر؛
ـ ثمَّ قصص جحا.

أمّا بالنّسبة لأنطونيو باسكوالينو فهو طبيب جرّاح ومؤرّخ وعالمٌ أنثروبولوجي. وقد أوقف هو أيضاً حياته على الاهتمام بكلِّ ما له علاقة بعادات وتقاليد الحضارة الصّقليّة كيْ يحكي من خلالها تاريخ أوروبا وملحماتها الشِّعريّة ويجسّد عبرها أدوار فرسانها العظام الَّذين كانوا يحاربون في جيوش الإمبراطور شارلمان أو كارل الكبير الّذي دام حكمه من سنة 742م إلى 814 م.

ومعظم النُّصوص الَّتي تجسِّدها الدّمى على خشبة المسرح بمدينة باليرمو كانت ولم تزل مقتبسة من أساطير وحكايات نشيد رولاند، ومن أعمال أدباء إيطاليين آخرين مثلاً ملحمة توركواتو تاسّو والموسومة بــ (تحرير أورشليم) وملحمة أورلاندو فوريوزو أو أورلاندو الهائج لكاتبها لودوفيكو أريوستو وكان قد ظهر أوَّل إصدار لها سنة 1516 م. إضافة إلى الحكايات الأخرى الَّتي تتعلَّق بانتصارات البطل القومي الجنرال دجوزيبّه غاريبالدي (1807/1882) والمتعلّقة بحروب الاستقلال والوحدة التّرابيّة الإيطاليّة.

لحماية هذا التُّراث التَّاريخي والأدبي القيّم من الضّياع قام الأنثروبولوجي أنطونيو باسكوالينو رفقة زوجته دجين فيباييك / Jeane Vibaek ومجموعة من المثقَّفين بتأسيس جمعيّة الحفاظ على عادات وتقاليد الشُّعوب وذلك عبر السَّهر على ترتيب وتنضيد كلّ الدُّمى الَّتي تمّ صنعها إلى تلك الفترة بكلِّ تفاصيلها وأكسسواراتها وحتَّى نصوص المسرحيّات والملحمات الّتي كانت ولم تزل الدُّمى إلى اليوم تؤدِّي أدوار شخصيَّاتها المتعدِّدة والمتنوِّعة. وتلا بعد هذا الحدث تأسيس مسرح خاص بهذه الدّمى سنة 1975، ومنذ تلك الفترة لم يكفّ المسرح عن تقديم أنشطة ومسرحيّات لا حصر لها، إضافة إلى أنشطة المهرجان الشَّعبي "مرجانة" الَّذي ينظمه المسرح كل سنة بمعظم مدن صقلّيّة.

كن الرّجل الحكّاء ميمّو كوتيكيو يبقى العقل الّذي بثّ الرّوح في كلّ هذا التُّراث الَّذي جمعه كلّ من دجوزيبه بيتريه وأنطونيو باسكواليني، لأنّه بكلّ بساطة هو من كان ومازال يحمل مسرحه المتحرّك ويدور من بلد إلى بلد ليجسد النُّصوص التُّراثيّة ويصنع الدّمى الخاصّة بها والَّتي كان ومازال ينتظرها أطفال الجزيرة وسواحلها باشتياق وحماس لا نظير لهما. وهو اليوم يعدّ من أيقونات مدينة باليرمو عاصمة الثّقافة في أوروبا باعتباره لم يكتفِ فقط باستخدام التُّراث الصّقلِّي في مسرحيّاته وإنّما جدّد فيه وأضاف وكتب نصوصاً أخرى تحتفي بجزيرة الشَّمس في كلّ تجلِّياتها، وبكلّ ما فيها من تنوُّع ثقافي وإثنوغرافي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان الراحل صلاح السعدنى.. تاريخ طويل من الإبداع


.. سر اختفاء صلاح السعدني عن الوسط الفني قبل رحيله.. ووصيته الأ




.. ابن عم الفنان الراحل صلاح السعدني يروي كواليس حياة السعدني ف


.. وداعا صلاح السعدنى.. الفنانون فى صدمه وابنه يتلقى العزاء على




.. انهيار ودموع أحمد السعدني ومنى زكى ووفاء عامر فى جنازة الفنا