الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
-ورد مسموم- محاولة بائسة صنعت فيلما سطحيا بلا هوية
محمود عبد الرحيم
2019 / 2 / 2الادب والفن
فيلم " ورد مسموم" للمخرج أحمد فوزي ينطبق عليه مقولة "ضجيج بلا طحن" أو "ليس كل ما يلمع ذهبا"، فرغم الدعاية الضخمة له والمشاركة في مهرجانات عدة داخلية وخارجية، والتمويل من جهات عدة، إلا أن هذا ليس بأي حال من الأحوال معيارا للحكم على الجودة والتميز، فوراء هذا الحالات المتكررة في الوسط الفني ماكينة دعاية ضخمة سواء مؤسسية أو فردية، علاوة على الشللية التي تسوق العمل وتفتح له آفاقا أكبر مما يستحق.
فالفيلم بأي حال من الأحوال لا يمكن إعتباره فيلما روائيا طويلا، ولا تجربة مهمة، وفي أحسن الأحوال هو فيلم روائي قصير عادي جدا، تم تطويل مشاهده بدون داع، ما أربك أيقاع الفيلم وجعله مترهلا، وبطيئا، ويولد أيضا شعورا بالملل، وهو عيب فني خطير يعرفه كل من يتصدى للعمل الفني صنعا أو متابعة.
ويمكن أيضا الذهاب إلى القول إنه محاولة بائسة لصنع فيلم روائي مخلقة من تجربة تسجيلية سابقة لذات المخرج عن ذات التيمة، ما جعل الفيلم ضائع الهوية بين الروائي والتسجيلي.
الاشكالية إن البعض يتصور خطأ أن مجرد تصوير عوالم المهمشين بشكل سطحي وعابر، دون تعمق في تفاصيل ودلالات هذه العوالم والعلاقات البينية والعلاقة بين هذا العالم ومحيطه الخارجي.
وأن الاقتراب من المناطق المحظورة ك"زنا المحارم"، هو الوصفة السحرية لصنع فيلم جذاب يحظى باهتمام الخارج قبل الداخل، وحصد الجوائز والترويج له بصورة أيسر، فضلا عن اللعب على الرسائل المحببة للغرب والأوروبين بشكل خاص، والتي تروج لما يبتغونه، وهو كبح جماح المهاجرين من الجنوب، وتصوير الهجرة أنها رحلة موت، وهو ما أبرزه المخرج بسذاجة دون حتى اهتمام أو مقدرة على سرد هذه التجربة الشاقة نفسيا قبل جسديا، والتي بها مساحة كبيرة من الصراع الدرامي وإبراز المشاعر الإنسانية المتضاربة من أمل وطموح جارف إلى لحظات إحباط، إلى صراعات داخلية وخارجية على طريق الوصول إلى هذا الهدف وهو الهجرة، وليس الإكتفاء فقط بمعركة ساذجة على طريق "الخناقات البلدي" في الحارات الشعبية، وهذا عيب واضح في بناء هذا الفيلم الآحادي النظرة والفقير في التفاصيل وبناء الشخصيات بأبعادها المختلفة خاصة النفسية، علاوة على أن العلاقة الخاصة بين بطلي العمل ملتبسة ولم تتضح حتى النهاية ماهيتها، هل هما فعلا اخوان فقط، أم تجمعهما علاقة آثمة فعلية أو شعورية، أو أنهما تؤامان وثمة ارتباط قوى بين الأثنين يدفعها للخوف عليه والاهتمام الزائد به بشكل أمومي وليس شهوانيا.
حيث سعى المخرج الذي هو في ذات الوقت كاتب السيناريو طوال الوقت على الخلط بين كونهما في علاقة ظاهريا أشبه بعلاقة زوجين، فيما هما أخوان، وهذا أيضا محاولة بائسة للتشويق وإثارة الجدل بشكل متصنع، وليس احترافيا، فالغموض الفني هو غموض شفيف، وله ضرورة درامية وليس مجانيا.
ثم أنه لم يبرز لنا تفاصيل شخصيات أخرى المفترض أنها فاعلة في العمل الدرامي كشخصية محمود حميدة الذي يبدو من ملبسه أنه أشبه بمواطن أوروبي من حيث هيئته المختلفة عن سكان منطقة المدابغ بمصر القديمة، فيما لم يقدم لنا ما يدل عن ماهية هذه الشخصية وعلاقته بالأبطال هل هو شخص معتوه أم ساحر ودجال أم هو أب البطل، حتى شخصية الأم التي لعبتها صفاء الطوخي كانت باهتة وبلا ملامح، فقط تناصر أبنها في رغبته للسفر لأيطاليا، بالإضافة إلى عدم الاقتراب من كل الشخصيات المحيطة بالبطلين في مجتمعهما الصغير، التي كلها تأتي كمرور عابر، وكأن البطلين فقط هما محور الكون ويعيشان بمعزل عن حياة اجتماعية، وحتى حينما خرج المخرج خارج هذا الإطار وجعل البطلة كوكي تظهر كعاملة نظافة في أحد الفنادق، لم يقدم جديدا أو ما يساعد في تطوير الحدث أو يعطي دلالة ما، غير أن زميلاتها العاملات يأكلن ويقومن بلعن الرجال، بينما هي تتجنب هذه الجلسة وتراقب من بعيد، في أحد المشاهد أو تشارك زميلة في تدخين سيجارة والدفاع عن الرجال في مشهد أخرى، الأمر الذي يعتبره مشاهد مجانية تمثل عبئا على ايقاع الفيلم وبنائه، بل وتعكس تناقضا، لأن المخرج قدم لنا شخصية البطلة على أنها ترتدي الخمار وهو مرحلة وسطى بين الحجاب والنقاب، أى أكثر تحفظا، وبالتالي يأتي تدخينها غير منسجما مع معطيات الشخصية.
يبقي في الأخير، أن اشيد فقط بشخصية البطلة كوكي الذي كان أداؤها متميزا بصرف النظر عن هذا الفيلم المرتبك والفاقد لأبسط قواعد الفن السينمائي والبناء الدرامي، وأتصور أنها سيكون لها مكانة متميزة مع مخرج أخر يمكنه أن يبرز إمكانياتها الفنية، كما يمكن الإشادة بمصور هذا الفيلم الذي تطلب منه هذا العمل جهدا غير عادي، خاصة مع التصوير في مساحات محكومة المساحة وبها حركة مستمرة ومجاميع أو أناس عاديون.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. فودكاست الميادين | مع الشاعر التونسي أنيس شوشان
.. حلقت شعرها عالهوا وشبيهة خالتها الفنانة #إلهام شاهين تفاصي
.. لما أم كلثوم من زمن الفن الجميل احنا نتصنف ايه؟! تصريحات م
.. الموسيقى التصويرية لتتر نهاية مسلسل #جودر بطولة النجم #ياسر_
.. علمونا يا أهل غزة... الشاعر التونسي -أنيس شوشان-