الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أنشودة الحياة نص مفتوح، المجلد الأول، الإهداء والمقدّمة

صبري يوسف

2019 / 2 / 5
الادب والفن


أنشودة الحياة ــ نص مفتوح
المجلَّد الأوّل
شعر
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
الإهداء:

إلى روح والدي صاموئيل يوسف الملقَّب صامو شُلو.
إلى روح والدتي سيدة عيسى الرَّديف.
إلى ديريك مسقط رأسي الواقعة في أقصى الشَّمال الشَّرقي من أجنحة الحنين!
إلى حبيبتي ستوكهولم الَّتي اِحتضنتني بكلِّ محبَّة واِحترام.
إلى السُويد بلد السَّلام والحرّية الَّذي كتبتُ فيه هذا الكتاب: "المجلّد بأجزائه العشرة"، وعشرات الكتب الأخرى.
إلى كلِّ المبدعين والمبدعات الجَّانحين والجَّانحات نحو السَّلام في العالم.
وإلى كل مَن ينشد وتنشد السَّلام في كلِّ بقاعِ الدُّنيا، أهدي أنشودة الحياة!

صبري يوسف ــ ستوكهولم
****************
كلمة المؤلِّف
نرحلُ وتبقى نصوصنا متربِّعةً
على جدارِ الزّمن
كأنشودةِ الحياة!

الشِّعرُ صديقُ غربتي الفسيحة، وهجٌ منبعثٌ من نداوةِ الرُّوح، بحيرةُ حنانٍ آمنة على مرّ الأيَّام والشُّهور والسّنين، براعم مزنّرة فوقَ قبابِ الحلم. وحدُه الشِّعر قادر على السِّباحة عبر السَّديم، عبر العواصف، عبر النَّسيم العليل. الشِّعرُ صديقُ البلابل والزُّهور البرّيّة، صديقُ عاشقة من ضوء، منبعثة من زرقة السَّماء، الشِّعرُ وحبقُ العشقِ توأمان، الشِّعرُ أسبق من اللُّغة، صديقٌ منصهرٌ بخبايا اللُّغة، وسيبقى بعدَ رحيلِ اللُّغة لأنّه ينبع من خصوبة الحياة، هو الحياة بعينها!
يمنحُ الشَّاعرُ الحياةَ رحيقَ عمره، راغباً أن يزيّن وجه الضُّحى بالياسمين، يحاولُ دائماً أن يغسلَ عذابات الطُّفولة بدموعِ القصائد المتناثرة من خاصرة السَّماء، يمسحُ أحزانَ الكهول، عابراً مخابئ الهموم ليلملمَ أنيناً مندلقاً من ضجرِ الأيَّام ويبدّده بين تلافيف الرِّيح، يمسك محبرته متحدِّياً اعوجاجات هذا الزَّمان، محاولاً إعادة صياغة البسمة على وجنةِ اللَّيل، دائماً في عراكٍ مع ذاته المندلعة بنيران طغاة هذا العالم. وحدُه الشِّعر يمنحُ نشوةَ ولادات القصائد، يحلّق عالياً كنسرٍ قويّ الجِّناحين، مرفرفاً في قبّة السّماء، يعانقُ نجمةً متلألئة كلونِ الفرح!
الشِّعرُ بوّابةٌ خصبة، غنيّة أبهى من اخضرار الرَّبيع، ترتيلةُ حبٍّ تنشدها فيروز، إيقاعٌ متصالب معَ بهجةِ الطَّبيعة وتغريد البلابل في عزّ الرّبيع. الشِّعرُ حلمٌ منعش مفتوح على أغصانِ العاشقة، سديمٌ معطَّر بالبخور، قنديلٌ مصهور من خلاصة العسل البرّي، يضيء برزخ الرُّوح. الشِّعر حركةُ باشق محلّق فوق خمائلِ النُّجوم، صلاةُ ناسكٍ في كهفٍ طافحٍ بالاِنتعاش، عطشٌ أزليّ لا يروي ظمأ القلب. الشِّعرُ يزيدُ جموح العاشقة توقاً لإرواء غليل الحنين إلى شهوة الاِرتقاء، حالةُ قلقٍ متشظِّية من زخّات المطر، هاطلة من عيون السُّحاب على غبطةِ المكان، هاجسُ وردةٍ معطّرةٍ بالطلِّ، تريدُ أن تباركَ خصوبة الأرض!
الشِّعر صديق راقصات الباليه وحبق موسيقى البحر المنبعثة من هسيس كائنات مشتعلة بالشَّوق على إيقاعات هداهد العشق! الشِّعر لغة مفهرسة بعذوبة السَّماء، بنكهة النّعناع المنثور حول قبّة المحبّة، حالةُ انتعاشٍ نحو الأعالي، لمعانقة نقاوة عبق اللَّيل، الشِّعر نداء وردة محشورة بين أنياب الضَّواري، تريدُ الخلاص من خشونة الرِّياح! مغامرةُ عاشقٍ للغوص في أعماقِ البحار، لاِنتشالِ عاشقة من لونِ المحار.
الشِّعر صديق وحدتي، حالة انتشاءٍ في دنيا من ضَجَر!
الشِّعرُ كائنٌ بريء لأنّه يولد من رحاب الطُّفولة، صديق الكائنات كلَّ الكائنات، يتداخلُ معَ خيوطِ العمرِ من أجلِ أن يمنحَ القلب خصوبة الحياة، ومضةُ فرحٍ فوقَ قبّة الأحزان، بركةٌ هاطلة من خدودِ الشَّمسِ، صديقُ روحي المتدفّقة فوق أغصان الصَّباح، رحيقُ الميلاد، غابة خضراء تحطّ كالنَّسيم على أكتاف الطُّفولة.
الشِّعر واحة مرحِّبة بأنين القلوب المكلومة، لتبلسم جراحات اللَّيل والنّهار، يتعانقُ الشِّعر مع جموحِ العقل والرُّوح وبهجة الاِنتشاء! الشِّعر توأم الرُّوح، جمرة مشتعلة في حدائق الأحلام لتضيء بهجة العمر على أنغام اخضرار أنشودة الحياة!
غائصٌ منذُ عقودٍ في كتابة نصٍّ مفتوح على فضاء الذَّاكرة المتصالبة مع غربة الإنسان مع أخيه الإنسان في هذا الزَّمن الأحمق، نصٌّ مندلقٌ من خاصرة الرُّوح!
أحلامنُا مهشّمة من خشونة الطُّوفان الهاطل على قباب القلب من كلِّ الجِّهات، الشِّعر ملاذنا الفسيح، كهفٌ آمنٌ بعيدٌ عن مرمى صولجانات هذا الزَّمان، واحةٌ مكلّلة بالنّدى تبعث في أعماقنا أهزوجة الحياة، الشِّعرُ يبلسمُ جراحنا الغائرة، صديقنا الحنون، غابةٌ مكتنـزة بالنّرجس البرّي، الشِّعر حكمةٌ منشطرة من ذيلِ نيزكٍ على وجهِ اللَّيل، بركة هاطلة من رحيقِ الغمام، مطرٌ متدفِّق من رحمِ السّماء، قبلةُ شمسٍ في صباحٍ باكر، الشِّعر رذاذات تبرٍ صافٍ، أمواجٌ مرتسمة على بسمة الطُّفولة، رحلةُ فرحٍ على أكتافِ المساء!
بعد قرنٍ أو قرون سيأتي شعراء يقودون هذا العالم، فشلت سياسات العالم، وفشلَت قيادات العالم بقيادة الكون، الشِّعر سيعيد صياغات هذا العالم إلى جادة الصَّواب، إلى رحابِ مرافئ السَّلام. الشّعر صديق النَّوارس والبحار، صديق الأرض والسَّماء، صديق الرُّوح الجريحة، ماءٌ زلال يسقي قلوباً عطشى، بوّابةُ فرحٍ مفتوحة على أعشاب الجنّة. يتطاير من جناحيه وهج المحبّة، طفولةٌ مزنّرة بورودٍ متفتّحة حول سهول القلب.
الشِّعر غذاء الرُّوح، يطمسُ اليباس ويبدِّد المساحات القاحلة من الجّسد، الشِّعر رحلةُ عناقٍ مع العشبِ البرّي، درّةٌ ثمينة في قاع البحار، يلتقطها الشَّاعر بذبذبات روحه ليقدِّمها إلى عاشقة من ضوء!
الشَّعر بسمةُ روحٍ متطايرة من نسيمٍ نديٍّ، بسمةٌ طافحة بالعذوبة، بسمةٌ منعشة كتغريدِ البلابل، بسمةٌ مسربلة مع دموع الأطفال وهم يعانقون أمَّهاتهم قبل أن يناموا في أحضان قبلة الصَّباح، .. نهرب أحياناً من ذواتنا، لكنَّ ذواتنا المفهرسة في ينابيع الشِّعر تلاحقنا أينما حللنا وأينما رحلنا، تدغدغ شواطئ الينابيع الصَّافية، فيهتاج حبق الشِّعر فنكتب بانتعاشٍ ما تمليه علينا خصوبة الرُّوح.
أكتبُ شعري للبشر كلّ البشر كي يعانقَ الإنسانَ أينما كان، رغبةً منِّي أن أنثرَ فوقَ أجنحته، قلبه، روحه وخياله حبقَ الفرح، المحبّة والسَّلام. نحن نسمةٌ عابرة على وجه الدُّنيا، نرحلَ وتبقى نصوصُنا متربِّعةً على جدارِ الزّمنِ كأنشودةِ الحياة.

ستوكهولم: 2014
صبري يوسف








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الفنان الكبير صلاح السعدني عن عمر يناهز 81 عامًا


.. المتحدة للخدمات الإعلامية تنعى الفنان الكبير صلاح السعدني




.. الفنان هاني شاكر في لقاء سابق لا يعجبني الكلام الهابط في الم


.. الحكي سوري- رحلة شاب من سجون سوريا إلى صالات السينما الفرنسي




.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع