الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مَتَى يَنْتَبِهْ اَلْسُّوْدَاْنِيُّوْنَ لِتَكَاْلُبِ اَلْطَّاْمِعِيْنْ ؟!

فيصل عوض حسن

2019 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


مَتَى يَنْتَبِهْ اَلْسُّوْدَاْنِيُّوْنَ لِتَكَاْلُبِ اَلْطَّاْمِعِيْنْ ؟!

فيصل عوض حسن

وفقاً لسُّودان تريبون في 3 فبرير 2019، طَلَبَت إثيوبيا من السُّودان تشديد الرَّقابة على عمليات تهريب الأسلحة عبر الحدود المُشتركة، وتضييق الخِنَاق على المُهرِّبين (الذين تمَّ تحديدهم) حسب تقرير وزارة الخارجيَّة لمجلس النُوَّاب، وأَلْمَحَ الإثيوبيُّون لـ(نكسةٍ) دبلوماسيَّةٍ بين البلدين، كـ(قَطْعِ) هذه العلاقات أو بأقلِّ تقدير تَأثُّرها (سلباً)، مُؤكِّدين بأنَّهم أبلغوا البشير ومُعاونيه بقلقهم و(جِدِّيتهم) للسيطرة على (حدود بلادهم)!
يجب التذكير بدايةً بعدم وجود أي اتِّفاقية (مُوثَّقة) للحدود بين البلدين، لأنَّ إثيوبيا ظَلَّت (تتهَرَّب) من ترسيم حدودها معنا، طَمَعاً في أراضينا وأراضي جيرانها بالقرن الأفريقي، والتاريخ حافل بصراعاتها/مُمارساتها في هذا الصدد. وبالنسبة للسُّودان، فقد استَغَلَّ منيليك الثاني (1889-1913)، هزيمة المَهْدِيَّة أمام الإنجليز، واستولى على بني شُنْقُول والقَلَّابات، بحِجَّة تأمين الطرق التجاريَّة، وادَّعى أنَّ حدودهم تمتد لتشمل القضارف وكركوج على النيل الأزرق، حتَّى مُلتقي النيل الأبيض بنهر السوباط. وتلبيةً لمصالحها الاقتصاديَّة، سَمَحَت بريطانيا لإثيوبيا بـ(حكم) إقليم بَنِي شُنْقُول، دون إشارةٍ للحدود لعِلْمِهَا التام بـ(سُّودانيَّة) الإقليم، على أن يقوم منيليك بـ(دَفْع) جُزء من الذهب المُسْتَخْرَج من الإقليم، لمُمثِّل بريطانيا التي كانت تَحْكُم السُّودان آنذاك، وبذلك أصبح الإقليم في حكم (المُؤجَّرْ)، تدفع الحبشة (ذَهَباً) مُقابل بقائها فيه. وهذا السردُ التاريخي المُوثَّق والمُختصر، ضروريٌ لتوضيح (تَجَذُّرْ) أطماع الإثيوبيين في السُّودان، واغتصابهم السَّافر لإقليم بَنِي شُنْقُول، بإنسانه المُتكوِّن من جميع قَوميَّاتنا السُّودانيَّة الأصيلة، وبخيراته وموارده الطبيعيَّة الوافرة، وهذه كارثة تتحمَّلها جميع الأنظمة التي حَكَمَت السُّودان، والقُوَّى السياسيَّة والنُخَب المُتَحَزِّبة/المُستقلَّة، بدءاً بالذين أعلنوا الاستقلال من داخل وخارج البرلمان، وانتهاءً بمن تلوهم حتَّى الآن.
ولقد ظَلَّ الإثيوبيُّون مُتأهبين للانقضاض علينا، إلى أن وجدوا (ضآلتهم) في البشير وعصابته الإسْلَامَوِيَّة، خاصَّةً عقب (تَوَرِّطهم) في مُحاولة اغتيال حُسني مُبارك عام 1995، فبدأوا باحتلال الفشقة التي تُعدُّ أخصب الأراضي الزراعيَّة بالقرن الأفريقي، حيث نَهَبَ الإثيوبيُّون مُمتلكات المُواطنين بعد قتلهم وتشريدهم، واستمرَّت تَوَغُّلاتهم حتَّى بلغت منطقة الدندر وأقاموا فيها (قُرىً) كاملة، وذلك وفقاً لإفادات مُمثِّل الدندر المُستقيل من البرلمان، لصحيفة اليوم التالي في 2 يناير 2018! ولَمْ يَكْتِفِ المُتأسلمون بذلك، وإنَّما وافقوا على اتِّفاقيَّة سد النهضة (الكارثيَّة)، وأضحت مُصيبتنا (مُركَّبة)، حيث غلُبَتْ الضبابيَّة/العموميَّة على مُفردات/بنود الاتفاق، وغابت النصوص الواضحة بشأن تأمين سلامة السد أو التعويض في حالة الخطر، أو إتاحة الكهرباء بمُقابل أو بدونه وحجمها ومسئوليَّة وتكاليف نقلها، حَتَّى عمليَّة التشغيل والملء تسيطر عليها إثيوبيا، بخلاف الأضرار البيئيَّة الأُخرى! والمُصيبة الأعظم، أنَّ البشير وعصابته لم يُطالبوا باسترجاع إقليم بني شُنقُول، رغم تأكيدات إثيوبيا المُتكرِّرة بعدم اعترافها بالاتفاقيات السَّابقة، خاصَّةً اتفاقيَّة 1902، التي بمُوجبها يحكم الإثيوبيُّون إقليم بني شنقول ويُديرونه، كما أتَاحَ المُتأسلمون ميناء بورتسودان للإثيوبيين، دون أي عوائد معلومة ومحسوسة..!
من السذاجة بمكان (الاستهانة) بافتعال الإثيوبيين (المُفاجئ) لهذه القضيَّة، ونَبْرَتِهِم (التهديديَّة) الواضحة وتفسيرها بغير حقيقتها، التي تُنبئ عن خطواتٍ/إجراءاتٍ أكثر (جُرأةً) ووقاحة في المنظور القريب! فمزاعمهم هذه تَتَنَافَى مع الواقع الفعلي، وتُثير التساؤُل عن أين هي (الحدود) التي يتحدَّثون عنها، وهم مُتوغِّلون فعلياً دَّاخل السُّودان؟ ومن قام بترسيم الحدود ومتى وأين وُثِّقَتْ؟! وكيف يتَّهمون السُّودانيين بتهريب الأسلحة، ومليشياتهم تقتل مُواطنينا داخل أراضينا وتنهب مُمتلكاتهم؟! يبدو أنَّ الإثيوبيين استشعروا خطر الحِرَاك الشعبي الرامي لاقتلاع البشير وعصابته، فأرادوا الإسراع لابتلاع المزيد من أراضينا قبل نجاح حِرَاكنا وبلوغه غاياته، وذلك بِعِلْمِ ومُباركةِ ما يُسمَّى مُجتمع دولي/إقليمي! والرَّاجِح، وفق المُعطيات الماثلة، أنَّ إثيوبيا ستَتَوغَّل في أراضينا من جهة الشرق والجنوب الشرقي تحديداً، بما يُؤمِّن طريقها (البَرِّي) الدَّولي الجديد مع كينيا، الذين أمَّن لها ميناءً بحرياً بتكلفةٍ أقل من جهة، والتهام أراضينا الزراعيَّة (المَطَرِيَّة) وتحويلها لمَرْوِيَّة بمياه سد النهضة من جهةٍ ثانية، ولقد مَهَّدَ الإثيوبيُّون لذلك فعلياً، بوصول احتلالهم حتَّى الدندر وفق ما أشرنا أعلاه!
ولعلَّ إثيوبيا ليست وحدها (الطَّامِعَة) والمُتعجِّلة لالتهام المَغَانِم قبل زوال البشير، فقد سبقها بعض الطَّامِعين لنَهْشِ السُّودان والنَّيْلِ من مُقدَّراته، بعدما استشعروا خطر الحِرَاك السُّوداني الشعبي المُتصاعد، على نحو الإماراتيين الذين حاولوا التهام ميناء بورتسودان في غَمْرَة انشغالنا بالحِرَاك، وهناك السعوديُّون الذين نَالوا أجزاءً واسعة من أراضينا بعضها لمُدَّة 99 عاماً، باتفاقيَّاتٍ (سِرِّيَّةٍ) ومشبوهة، بجانب (البُدُون) والرَّوهينقا وما رَشَح من حديثٍ عمَّا يُسمَّى (سَدَّ القاش). وهناك مصر التي التهمت حلايب والأراضي النُّوبيَّة، بما فيها أرقين التي أصبحت ميناءً بَرِّيَّاً لمصر، وتَوَغَّلت حتَّى شمال دارفور، بجانب التَحَرُّكات التشاديَّة المُريبة، وهي جميعاً مُعطيات تُؤكِّد بأنَّ الطَّامعين لن ييأسوا وسيُواصلون مُحاولاتهم للنَّيْلِ من مُقدَّراتنا، مُسْتَغِلِّين ضعف وانكسار وعَمَالة البشير وعصابته المأفونة.
إنَّ الدُوَل/الجيوش حينما تُحَارِب خارجياً تَنقسم لمجموعات، تُؤدِّي مهاماً مُحدَّدة بالتوازي مع نظيراتها، وتَتْرُك بعض قُوَّاتها في الدَّاخل للحراسة والتأمين، حتَّى وهي في جبهات القتال تَتَبادل الأدوار، ما بين حِرَاسةٍ ورَّاحة وكَرٍ وَفَرْ، ولا تَنْكَبْ جميعها في أمرٍ واحد. كذلك الحال لفَرُق الكُرة، نجدها مُقَسَّمة لخاناتٍ مُختلفة، وفق تكتيكاتٍ مُتنوِّعة وتنتقل بينها بِدِقَّةٍ وسلاسة، ولا تَتَّبع نهجاً واحداً. ونحن نخوض معركتنا ضد المُتأسلمين وسادتهم بالعالم الخارجي، علينا تقسيم أنفسنا لمجموعات تُؤدي أدوار مُختلفة، ما بين تخطيطٍ (آنيٍ واستشرافي)، وإدارةٍ ميدانيَّةٍ للحِرَاك الشعبي، ومُتابعةٍ ومُراقبةٍ لمُقدَّراتنا المُعَرَّضة للابتلاع، وتقييمٍ وتقويمٍ لكل هذه الجهود، مُستفيدين من قدراتنا الأكاديميَّة والمعرفيَّة المهولة في مُختلف التخصُّصات.
للأسف الشديد، نحن ما نزال (قاصرين) عن اتباع هذه المنهجيَّة، وما تزال (الارتجاليَّة) و(الاستسهال) تَطغَى على جميع أوجُه حياتنا، رغم أنَّنا جميعاً نَنشُد التغيير ونتطلَّع للنهوض! فلقد خاطبتُ كثيراً القانونيين السُّودانيين، بالدَّاخل والخارج، لإعداد مُذكِّرات قانونيَّة (رصينة) للأُمَم المُتَّحدة وغيرها من المُنظَّمات، لإدانة الاحتلالين المصري والإثيوبي وتثبيت حقوق السُّودان، أُسوةً بالتنظيمات/الكيانات المصريَّة والإثيوبيَّة، الذين رفعوا مُذكِّراتهم رغم أن بلادهم (مُعْتَدِيَة) وبلادنا (ضحيَّة)، كما نَّاشَدَّتهم باتِّخاذ التَّدابير القانونيَّة بشأن كيفيَّة استرداد أموالنا المنهوبة، والحِفاظ على مُقدَّراتنا المُبَاعة والمرهونة للدَّائنين، وللأسف لم يتفاعل الجميع وتَغَافلوا عن الطَّامعين والغادرين، وتركوهم ينهشون جسد السُّودان، حتَّى أضحى خُواء من فرط الطعنات وشَارَف على الذوبان.
ليتنا كسُّودانيين نستشعر (تَكَالُب) الطَّامعين، واستهدافهم لجميع مناطق السُّودان دون استثناء، وبقَسوةٍ غير محدودة، ونَظَّمنا أنفسنا وعَمَلْنَا (سَوِيَّةً) في خطوطٍ مُتوازية، وبتركيزٍ عالٍ في وقتٍ واحد، للحفاظ على ما تَبقَّى من بلادنا واسترداد المنهوب منها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما التصريحات الجديدة في إسرائيل على الانفجارات في إيران؟


.. رد إسرائيلي على الهجوم الإيراني.. لحفظ ماء الوجه فقط؟




.. ومضات في سماء أصفهان بالقرب من الموقع الذي ضربت فيه إسرائيل


.. بوتين يتحدى الناتو فوق سقف العالم | #وثائقيات_سكاي




.. بلينكن يؤكد أن الولايات المتحدة لم تشارك في أي عملية هجومية