الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الولد الراقد او الجاثي

كامي بزيع

2019 / 2 / 8
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


عندما يحدث في العائلة حادثة وفاة لشخص ما سواء اكان طفلا او شابا، لا تتقبل العائلة هذه الوفاة ولا تستطيع تبريرها. وبالتالي لا يتم العزاء ولا يسمح للحزن بالتعبير عنه بشكل كافي. لذلك عندما يولد طفل في هذه العائلة فانه غالبا ما يحمل نفس اسم الفقيد، وفي هذا يكون اللاوعي الجمعي يستحضر الميت، اي يجلبه للحياة وان بجسد آخر.
العائلة ترفض الحزن او العزاء بصورة لاواعية في كثير من الاحيان، وخصوصا في تلك الحالات التي يشكل فيها الموت صدمة حقيقية لموت مفاجئ لطفل او شاب في عمر الزهور. كما وفي الحالات التي لا تظهر فيها جثة الميت كما في حوادث الطائرات او الحروب او الغرق الخ. في هذه الحالات الحداد والحزن والعزاء لا يكون منتهيا في العائلة بل هو مستمر ويمكن ان يتوارث ايضا.
هذا المولود الذي جاء وحمل اسم الميت هو الولد الراقد، ويسمى ايضا الابن التعويضي او الاين البديل. باختصار جاء ليحل محل شخص اخر.
احيانا عندما لا تستطيع الام ان تنجب، يتم تسمية اي مولود في العائلة باسم الفقيد سواء كان ابن الاخ او لابن الاخت الخ.
كل طفل تحمل به الام ويولد بعد وفاة احد افراد العائلة "الموسعة"، يأتي ومن اللاوعي الجمعي للاسرة ليملأ فراغ الشخص الميت، لهذا يعاني الشخص الراقد من حزن دائم، يشعر بان حياته ليست ملكه،
صفات الولد الراقد
غالبا ما يميل الولد الراقد الى السكينة والهدوء او على النقيض قد يكون مفرط الحركة بشكل مرضي. غالبا ما يتحدث عن الموت والقبر والتابوت والاشباح كجزء من مصطلحاته اليومية، لديه حساسية خاصة من البرد، يحب ارتداء اللون الاسود في كل الاوقات، حول عينيه هالات سوداء. يشعر انه ميت، لا يحب الضجيج، يفضل الصمت على الكلام، ولا يروق له الاستمتاع في الحياة يهرب من الصخب والمناسبات ويفضل الانزواء والنوم . يتصرف وكأنه في حداد دائم، او الموت وان بصورة رمزية.
ايضا من صفات الولد الراقد ان ينام على ظهرة ويديه على صدره كما يمكن ان يضعهما الى جانبيه، تماما لو كان في صورة مجثى.
يقول منذ صغره "اشعر اني لا اعيش حياتي" "اشعر اني قرين لشخص اخر. غالبا ما يعاني من ازمة وجودية ولا يجد مبررا للحياة.
الولد الراقد يعرف ايضا باسم الولد الشبح وقد تحدث عنه لاول مرة عام 1978 Maria Torok & Nicolas Abraham في كتابهما "القشرة والنواة".
غالبا ما يعاني الولد الراقد من الامراض ومنها السكري حيث السكر يمثل طاقة الحركة والحب وهو غير حائز لكليهما، كما قد يعاني من تصلب الشرايين والامراض العقلية والنفسية، باركينسون، التوحد والصرع والسمنة الزائدة وغيرها الكثير.
المهن
يميل الولد الراقد ان يعمل بكل المهن التي لها علاقة بالموت: دفن الموتى، حفار القبور، المعالجين الفيزيائيين، المدلكين، الاطباء والمبنجين، او في الطائرات لانه طريقها السماء، كما ايضا تستهويه مهنة التمثيل لانه اساسا لا يعيش شخصيته.
كيف يمكن التعرف على الولد الراقد؟
من خلال شجرة العائلة يمكن معرفة تواريخ الوفاة والولادة لكل الافراد، واذا كان ميلاد الشخص او تاريخ الحمل به يتوافق مع تاريخ وفاة احد افراد العائلة. كذلك من خلال الاسماء لانه غالبا ما يحمل اسم احد الاشخاثص المتوفين ي العائلة، لذلك فان الولد الراقد يمكن ان يكون في مسيرة افقيه اي يحل محل اخ ميت اي نفس الجيل او قد يكون عاموديا يحل محل احد الافراد من جيل اخر كالاعمام والاخوال او الجدود. كما من الممكن ان يحمل الولد الراقد احد اسماء الملائكة مثلا.
وايضا يمكن التعرف على الولد الراقد من خلال شبهه بالشخص المتوفي، او بصفاته.

علاج الولد الراقد
يتوقف العلاج على الوعي والاعتراف بالحزن والالم الذي عاشته العائلة. ان يتم الافصاح عنها وتحريرهما من الصمت والكتمان.
لذلك من المهم القيام برسم شجرة العائلة والتحقق من تواريخ الاشخاص واسمائهم وصفاتهم.
ثم القيام بطقس يعبر عن فعل حداد رمزي يمكن ان تقوم به العائلة مجتمعة او الشخص المعني:
اشعال شمعة ومن ثم كتابة رسالة الى الشخص الميت الذي تم التعرف عليه من خلال شجرة العائلة، تسميته والتوجه له بالحديث.
يمكن اعتماد طريقة الهوبونوبونو "اسف، لم اكن اعرف، سامحني. بحبك. شكرا". طبعا يمكن اضافة الحديث الذي يريد الشخص قوله الى المتوفي، على ان يكون بمحبة واحترام وتقدير.
يقرأ الرسالة ثلاثة مرات، مرة بصوت مرتفع واخرى بهمس وثالثة بدون صوت.
(اذا كان من الممكن القيام بهذا الطقس قرب قبر الميت يكون افضل)
بعد الانتهاء تحرق الرسالة على ضوء الشمعة ويجمع رمادها في صحن الشمعة وعندما تذوب الشمعة على الرماد تدفن في الارض مع بذرة لثمرة معينة.
هذا الطقس الاحتفالي يفهمه العقل اللاواعي على ان الحزن انقضى واقيم العزاء وتم تقبل الموت. البذرة ترمز الى حياة جديدة تولد من خلال فعل الحب هذا، والحب هنا شرط اساسي.
وهكذا يتحرر الابن الراقد من شخصية المتوفي ويبدأ بحياته الخاصة، كل ذلك يرتبط بوعي العائلة لاهمية اطلاق الحزن المخزون في ذاكرتها الجماعية وهو الطريقة الوحيدة لشفاء الابن الراقد.
لمشاهدة هذا الموضوع في قناتي اليكم الرابط
https://www.youtube.com/watch?v=1sCZusBnbro&t=106s








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي