الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تدهور الواحات المغربية رغم المؤشرات المشجعة للإنقاذ

لحسن ايت الفقيه
(Ait -elfakih Lahcen)

2019 / 2 / 11
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر


تعد الواحة عنصرا من عناصر التراث المغربي الطبيعي (السوسيوزراعي)، لا تقل أهميتها عن عناصر التراث الأخرى، كنحو المعمار والأزياء وطقوس الجنائز والاحتفالات واللباس ونصوص الثقافة العالمة المضمنة في مخطوطات الخزانات والكتب والوثائق. فالتراث الإنساني المرتبط بالنظم الزراعية خاصة، أو المرتبط بالفكر والفن والإبداع عامة في حاجة إلى مجهود مضاعف لإعضائه فرصا أخرى لمقاومة الدهر. ولئن كان لكل عنصر وتيرته في السير نحو الانهيار فإن ميكانزم تدهور الواحة سريع الخطوات. لذلك فهو نموذج كاريكاتوري في التدهور البيئي, أو بالأحرى, في مجال التنمية المستديمة بالجنوب المغربي.ولا مبالغة في التقديرات التي تؤكد أن عمر الواحة قصير للغاية يقدر بالأجيال أو بالقرون في أحسن الأحوال إن تتم عملية إنقاذ واسعة.
1- الواحة تراث مغربي في طريق الزوال
لم يكن عنصر الماء وحده قاعدة لحساب مؤشرات التنمية المستديمة بالجنوب المغربي، فهناك السياحة والثقافة والديموغرافيا وكلها عناصر مترابطة فيما بينها ترابطا نسقيا بالجنوب المغربي. إن انهيار الواحة معناه القضاء على قطاع السياحة الصحراوية الذي يشكل عنصرا تنمويا رئيسيا في معظم أقاليم الجنوب، ويعني، أيضا، هجرة أكثر من مليوني مواطن مغربي إلى أوروبا الغربية، أو شمال المغرب ووسطه. ويمكن لانهيار الواحة أن يستصحب معه زوال كل العناصر الحضارية والثقافية بالجنوب المغربي . ولا مجال للاستشهاد بالتاريخ، فكلنا يعلم أن معظم الدول التي حكمت المغرب اتخذت الواحة قاعدة لدعوتها وانطلاقها ونشأتها كدولة المرابطين والسعديين والدولة العلوية.
كل الجهات باتت الآن تدق ناقوس الخطر، لذا فالتدخل حتمي لممارسة الصراع من أجل البقاء. فالمغرب في حرب مع تدهور البيئة بالجنوب بفعل زحف الرمال وتدهور التربة وتراجع منسوب المياه. وباختصار، لا أحد منا يتصور المغرب بدون صحراء تزينها الواحات الجميلة المنفردة بالحياة النباتية والحيوانية والبشرية، ولا معنى للجنوب المغربي بدون شريط حي صامد في وسط تسود فيه القحولة والجفاف.

2-الواحة حزام حي في حاجة إلى الصيانة والإنقاذ

يمتد شريط الواحات بالجنوب المغربي على طول 1500 كيلومتر تقريبا من مدينة كلميم إلى واحة فيجيج، وهو في حاجة إلى صيانة كبيرة لمكافحة التصحر وزحف الرمال انقاذا للتربة التي تضمن بقاء الشريط الزراعي الذي يشكل أساس الحياة بالواحة. فالتدخل السريع لمقاومة الزحف الصحراوي عمل أساسي للحفاظ على الوحدات البيئية المتجانسة (Ecosysteme) ، أو على الأقل الوحدات الزراعية المتجانسة (Agrosysteme). ومن المعلوم أن جل الأقاليم الإدارية الجنوبية المغربية تعيش على النشاط الزراعي بالواحة، أو على ما تجلبه تلك الواحات الجميلة من السياح الأجانب الباحثين عن الثقافة غير العالمة أو الراغبين في جمال الطبيعة. ولم تجهل الجهات الرسمية خطورة الوضع بالواحة فالمغرب صدق مجموعة من الاتفاقيات في هذا المجال منها على سبيل المثال:
- الاتفاقية الدولية لحماية النباتات (روما 16/12/1951).
- الاتفاقية الإفريقية للمحافظة على الطبيعة ومواردها (الجزائر 15/9/1968).
- اتفاقية إنقاذ البحر الأبيض المتوسط من التلوث (بارشلونة 1980).
- اتفاقية الإطار حول التحولات المناخية (نيويورك 1980).
- اتفاقية حول مكافحة التصحر والجفاف (باريس 1994).
ولأجل ذلك، ظلت الحكومة تفكر في مشاريع إنقاذ الواحات عملا بمضامين الاتفاقيات المذكورة وغيرها وتحت تأثير خطر التدهور البيئي. ولقد التزمت بالانخراط في بعض الاتفاقيات واستأنست بالبعض الآخر ،وخصصت بعض البرامج لتلك الغاية، نذكر برنامج العمل الوطني (بانPAN) الذي كان تفرع منه برنامج جزئي (سابانSAPAN) أي البرنامج المصغر لدعم (البان) الذي سهرت على تنفيذه وكالة التنمية الاجتماعية (ADS) ما بين 2003 و2006. ولما كانت برامج مكافحة التصحر جزءا من محاربة الفقر فقد جرى استحضار الماء والتربة والنبات ضمن مشاريع التنمية البشرية، كما هو الحال بإقليم الرشيدية. ونسجل أن لعملية التحسيس التي أنجزت في مشروع سابان الذي شمل عددا قليلا من أقاليم الجنوب المغربي وقعها على اقتراح مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ إعلانها. وللأسف الشديد، لم يحصل الحفاظ على المقترحات المستخلصة من عملية التشخيص في المواطن التي أنجزت فيها في الأسبوع الأخير من شهر مايو من العام 2006 لأسباب نجهلها. وفي جميع الأحوال فتدبير الماء وصيانة قنوات الري والبحث عن موارد أخرى لضمان الاكتفاء من الماء حاضرة في معظم المشاريع التنموية بالجنوب المغربي. ولا يزال التفكير لم ينصب، بعد، على المشاريع الحقيقية التي يمكن أن تغير وضع الواحات التي في طريق التدهور، من ذلك مثلا مراجعة ثقافة الاستغلال الرعوي والزراعي، وكل عوامل الهشاشة التي تؤثر سلبا على الواحة.
2- إنقاذ الواحة بين العوائق والحلول
لم يكن إنقاذ الواحة في الظرف الراهن مستحيلا لكنه صعب للغاية بفعل بعض الإكراهات منها عدم رغبة السكان في البقاء بفعل عوامل الانهيار السابق ذكرها. ولقد بات من الضروري القيام بعملية تحسيس واسعة لتوضيح آفاق المستقبل في الواحة إن تضمنت أجندة المسؤولين برامج تنموية تنجز قريبا لغاية إنقاذ الواحة بما هي وسط سوسيوإقتصادي بالدرجة الأولى. فلا يعقل نزول مشاريع ضخمة في وسط أضحى سكانه يجمعون أمتعتهم استعدادا للمغادرة المكرهة. و لن يستحوذ العجب على أحد من هذا التقدير فقد انقرضت ثلاثة أرباع من نخيل الواحات بفعل الاستغلال غير المعقلن لموارد الماء.وإنه من المفيد أن ينصب التحسيس أيضا على تنظيم المراعي الشتوية المجاورة للواحة للتخفيف من كثافة الاستغلال. وفي الشريط الزراعي يجب التخلي
بالضرورة على المزروعات التي هي في حاجة دائمة إلى ميزانية مرتفعة من الماء كمقدمة لعقلنة استغلال مياه السقي. وهناك عوائق كبيرة أمام إنقاذ الواحات المغربية منها انخفاض ميزانية التساقطات إلى مادون 100ملم سنويا وارتفاع نسبة النتح (Evapotranspiration) إلى ما فوق 3000ملم سنويا وتراجع منسوب المياه في سد الحسن الداخل بواد زيز إلى معدل منخفض جدا. ولم ينج النخيل من وقع التصحر والجفاف فحسب التقديرات الرسمية فإن عدد أشجار النخيل المغربية لم تعد تتجاوز 4 ملايين والحال أن عددها فاق 15 مليون نخلة في بحر القرن العشرين. وفي صحراء تافيلالت وحدها توقف الإنتاج على 30 بالمئة من أشجار النخيل.وحسب تقدير سكان واحة الرتب فإن النخلة الواحدة يمكن أن تنتج 20 كيلوغرام فقط من التمر. ولمرض البيوض الذي ظهر في بلاد المغارب سنة 1870 مفعوله في القضاء على الكثير من أفراد النخيل وهو مرض لم ينفع معه إي علاج كالسيدا في أجسام البشر و مرض لقاع النحل في عالم الحشرات. ولم تنج المزروعات الأخرى من ارتفاع منسوب الملوحة في التربة. ويمكن لعاصفة مستمرة بعض الساعات أن تقضي على هكتارات صالحة للزراعة كما حدث بواحة الجرف في بحر سنة 1977. وإنه من الطبيعي أن تستصحب عملية التحسيس التفكير في إنجاز المشاريع المدرة للدخل تضمن بقاء ساكنة الواحة بعض الوقت ريثما تنزل المشاريع الضخمة التي يحتمل أن تنزل الميدان في السنوات المنظورة.
4-المؤشرات المشجعة للإنقاذ.
رغم عوامل التدهور السالفة الذكر لا تزال الواحات المغربية تتضمن مقومات الصمود إن لم نقل مؤهلات الإقلاع وتجاوز الأزمة. وكلنا على دراية بأن المجال الواحي لا يزال يبطن مواطن التاريخ المغربي مما يستوجب توظيف التراث التاريخي في السياحة الثقافية وهناك تراث معماري وزراعي ذو أهمية فائقة. وللتذكر فقد اتسعت البنية الفندقية في ظرف العشر السنوات الأخيرة وازداد عدد الفنادق بمعدل الضعف. وللطريق الجنوبية المعبدة في الشطر الرابط بين زاكورة وأرفود، في السنوات الأخيرة، وقعها على السياحة الصحراوية. ونضيف أن سكان المنطقة المهاجرين إلى أوروبا الغربية يستحوذ عليهم حب الوطن والتشبث بمسقط الرأس وفضاء ذكريات الطفولة وموطن الأحباب والأقارب، لذلك فعائدات هؤلاء فاقت 60 في المئة من الكتلة النقدية المروجة محليا بمنطقة تافيلالت حسب بعض التقديرات. وفوق ذلك يمتد شريط الواحات غير بعيد عن الشريط الحدودي بين المغرب والجزائر مما يستدعي إيلاء المنطقة أهمية كبيرة لما لها من إستراتيجية جيوبوليتيكية. وهناك إمكانيات ديموغرافية ينبغي استثمارها في خدمة الواحة وإنقاذها كاتساع قاعدة هرم ألأعمار، فالمجتمع الشاب يفيد في إنجاز كل مشاريع الإنقاذ.
واستفاد الشريط الواحي من بعض التدخل كنحو تمتيعه بإحداث اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، إحدى آليات المجلس الوطني لحقوق الإنسان، التي نشأت تنظر في القضايا ذات الصلة بالحقوق الثقافية والبرامج التنموية. ففضلا عن البرامج المشار إليها أعلاه ، نزل برنامج واحات تافيلالت المدعو اختصارا « بوت POT».
5- برنامج واحات تافيلالت التنموي « بوت POT»

يمكن القول، إن اللقاء السنوي الذي نظمه برنامج واحات تافيلالت المدعو اختصارا « بوت POT» يوم الأربعاء 9 يونيو 2012، بأحد الفنادق الفخمة بمدينة أرفود بالجنوب الشرقي المغربي، يشكل قفزة نوعية في تقدم الوعي بمشاكل الواحة. ذلك أن لقاء «بوت» حضره ثلة من الفاعلين الجمعويين والمنتخبين السياسيين البرلمانيين منهم، ورؤساء بعض الجماعات المحلية المعنية بالمشروع، ورؤساء المصالح الإقليمية للوزارات، والسلطة الإقليمية وعلى رأسها السيد عامل إقليم الرشيدية، وقتها، والسيد وزير السكن والتعمير وسياسة المدينة، والسيدة رئيسة اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان لجهة الرشيدية ورزازات. واعتمد البرنامج المذكور بما هو يستهدف التنمية المجالية المستدامة لواحات تافيلالت من لدن برنامج الأمم المتحدة للتنمية (PNUD) واعتمدته وزارة السكن والتعمير وسياسة المدينة. وللبرنامج شركاء آخرون من مثل وكالة التنمية الاجتماعية، والسلطة الإقليمية بالرشيدية، فضلا عن المجتمع المدني بالإقليم، وله لجنة القيادة، وهي نفسها التي أشرفت على تنظيم اللقاء المذكور لتقديم حصيلة المنجزات برسم 2011 ، وبرنامج العمل برسم السنة الحالية2012، وقبل ذلك، أدرج في افتتاح اللقاء الكلمات الترحيبية والافتتاحية والتأطيرية لكل من السيد المدير الوطني للبرنامج المذكور، ومعالي وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، وكلمات أخرى لبعض شركاء البرنامج والمدعوين والمتتبعين، وبعد ذلك قدم شريطان وثائقيان اثنان، أحدهما فيلم مؤسساتي لبرنامج واحات تافيلالت، والثاني حول تجربة تعاونية المدينة. ولم تخل فقرات البرنامج من أمد النقاش، وكان توقيع ست اتفاقيات الشراكة مع الجماعات المحلية خير خاتمة لذلك اللقاء.
وقبل التركيز على المواقف التي تضمنها برنامج اللقاء، نسجل أن للواحات المغربية عدة خاصيات لا يسع المجال إحصاءها، فهي موروث إيكولوجي وثقافي ومعماري، نشأ منذ قرون خلت، لكنه أصبح يعاني من الهشاشة تبينت في الخريطة الوطنية للتهيئة المجالية (SNAT) لما حددتها ضمن أولوية الدولة. لذلك أعدت مديرية التهيئة المجالية استراتيجية تنمية الواحات وتهيئتها ما بين 2002 و 2004 والمبتوتة في أربع برامج تغطي المجال الواحي بالجنوب المغربي كله، برنامج واحات تافيلالت، برنامج واحات الجنوب، برنامج التنمية المحلية المندمجة لواحة فجيج، برنامج واحات درعة.
انطلق برنامج واحات تافيلالت سنة 2006 ليركز على محاور المياه، والزراعة والوسط القروي، والسياحة، والتراث والمعمار، والسياسة الحضرية، والبيئة ، ووسائل المتابعة والدعم. وإذ لا نتوفر على وثائق لبيان وقع البرنامج في السنوات الماضية نلامس أهداف البرنامج السبع من خلال ما أنجز في سنه 2011، ونعتقد أن ما نقدمه غير كاف لتشخيص الوقع.
يروم برنامج التنمية المجالية المستدامة لواحات تافيلالت أن تتوافر الواحات على «مشروع ترابي يرتكز على المخططات الجماعية للتنمية والمخطط الإقليمي للتنمية القروية، يأخذ بعين الاعتبار سيناريوهات التغيرات المناخية»، وتؤطره رؤية ترابية ستضع معالمها بالتصديق على المخطط الإقليمي للتنمية القروية المنجز من لدن الوكالة اليابانية للتعاون الدولي(جيكا)، وضمنه ستحدد الجوانب المكملة لتلك الرؤية التنموية المجالية لواحات تافيلالت. وسيدعم المشروع الترابي مرصد خاص بواحات تافيلالت الذي قد ينشأ فور تصديق التقرير الثالث من الدراسة المتعلقة به، والذي يهدف إلى مراقبة دينامية مجال واحات تافيلالت عبر الأقمار الاصطناعية.
ويروم البرنامج أيضا تقليص وتيرة تدهور المجال، وتثمين الموارد الطبيعية وخاصة مورد الماء، وما يمكن أن تحدثه من الخسائر وتجلبه من منافع. لقد أصلح لغاية اقتصاد الماء، ما بقي من الشطر الأول من إصلاح خطارة [ساقية] التجمع السكاني العمارية بالجماعة القروية فزنا، ويبلغ طوله 205 مترا وأصلح من الشطر الثاني نصفه والمقدر طوله ب 800 مترا. ولذات الغاية بينت ساقة أيت لبزم، بالتجمع السكني الكائن بالجماعة القروية فركلة العليا والمقدر طولها ب 800 متر. وينتظر الشروع في بناء ساقية مزلغاض بجماعة غريس العلوي في آخر شهر ماي الحالي، إن لم يخلف الوعد لسبب من الأسباب. ولغاية درء مفسدة المياه بنيت 80 منظرا، والجدار الواقي من الانجراف بالساقية الرئيسية بجماعة اغريس العلوي بنسبة مئة في المئة.
ويروم البرنامج كذلك الحفاظ على البيئة وتشجيع استعمال الطاقات المتجددة، حيث ساهم في خلق مغسل جماعي بقصر إزلف بغلاف مالي 138000.00 درهم مع شركاء آخرين، لغاية إنشاء النموذج للتجمعات السكنية الأخرى، أملا في القياس عليه بغية معالجة المياه الملوثة قبل استعمالها في أغراض فلاحية وغيرها. لذلك وضعت مضخة تشتغل بالطاقة الشمسية من أجل سقي الأراضي الفلاحية بتعاونية المدينة.
ويروم البرنامج كذلك تثمين الموروث الواحي بترميم قصر (دوار) العشورية ضمن مشروع عرض على جلالة الملك خلال زيارته إقليم الرشيدية يوم 29 نونبر 2009، وهو مشروع أثار الكثير من الجدل. ومن جانب آخر، أنجز للآن نسبة 90 في المئة من الدراسة المتعلقة بخلق المتحف البيئي للخطارات [السواقي] بجماعة فزنا.
وضمن أهداف البرنامج دعم القدرات والمبادرات المحلية للتنمية، وذلك بدعم التربية البيئية في «مدرسة التوحيد بحوض غريس السفلين بإنتاج السماد الطبيعي انطلاقا من الأوراق المستعملة [المسودات]، بغية تسميد حدائق المدرسة»، و « تزويد ثانوية البطحاء بجماعة فزنا بالطاقة الشمسية لسقي البساتين المدرسية، وكذا بوسائل السقي بالتنقيط، وذلك في إطار اتفاقية ثلاثية بين برنامج واحة تافيلالت، وكل من جمعية محاربة التصحر والمندوبية الإقليمية للتربية الوطنية بالرشيدية»، و« إنجاز الشطر الأول من بناء المجمع النسوي بقصر (دوار) البويا بجماعة عرب الصباح اغريس، الذي سينتهي بناؤه خلال هذه السنة». ودعمت قدرات الفلاحين بتلقينهم « تقنيات صنع السماد الطبيعي انطلاقا من جريد النخل بواسطة محطم اقتناه البرنامج ووضعه رهن إشارة الجمعيات والتعاونيات» من فرقاء البرنامج، وللحفاظ على نوع النخيل المسمى لحلاوت أنشئ مشتل بقصر (دوار) تغفرت بالجماعة القروية لفركلة السفلى. وتنبغي الإشارة إلى أن دعم قدرات الفاعلين المحليين لا يزال في طور الإعداد، فبعد إنجاز دراسة في الموضوع سيشرع في إعداد دفتر التحملات لأجرأتها.
ولم يغفل البرنامج تقوية البنيات التحتية المتأقلمة مع الوسط الواحاتي وذلك بإنجاز « الدراسة التقنية والجيوتقنية تخص بناء 14.5 كيلومتر من مسالك متأقلمة مع البيئة الواحاتية بالجماعة القروية لفزنا وكذلك طريق التجمع القروي تالتفراوت بالجماعة القروية لتاديغوست طولها سبع كيلومترات» ولضمان الإنجاز السليم اختير مكتب الدراسات المكلفة بتتبع الأشغال.
حظي « تطوير سلاسل المنتوجات المحلية ذات الجودة العالية، النباتات العطرية والطبية، والتمور، وزيت الزيتون، والخضروات، والحبوب، بأهمية عالية في البرنامج». وحسبنا إنجاز ستة مخططات عمل «Business Plans» لفائدة ست تعاونيات، وتزويد تعاونية «معصرة الرشيدية » بوحدة تخزين زيت الزيتون واقتناء آليات شحن القنينات بالزيت، وإقامة مشتلين لأغراس الورد البلدي (التقليدي) بكل من كلميمة والجماعة القروية الرتب. وكثف البرنامج من زراعة النباتات العطرية والطبية من مثل الورد البلدي (التقليدي)، ونبتة البسباس، والحبة السوداء والعصفور[بفتح العين]، والزعفران، ذلك أن البرنامج وزع في هذا الشأن البذور لسبعين فلاحا، ونظم لقاءات تكوينية لفائدة الجمعيات والتعاونيات في مجال زراعة النباتات الطبية والعطرية، وأقدم على تثمين المنتوجات فكانت الحصيلة إيجابية ،20 قنطارا للهكتار الواحد من العصفور، و 30 في المئة من زيوته، و70 في المئة من التفل، و15 كيلوغرام من زهرته. وسجلت أربعة كيلوغرامات من شعرة الزعفران في الهكتار الواحد. وقد جلب محصول النوعين النباتيين بعد تسويقه بثمن 115 درهم للكيلوغرام الواحد من زهرة العصفور و 50 درهم للغرام الواحد من شعرة الزعفران ربحا وافرا. وتبين الخبراء من هذه المعطيات السالف إدراجها « أن الزراعات الطبية والعطرية مربحة للغاية ... ويمكن أن تساهم في خلق وظائف للشغل ... وموارد مالية في واحات تافيلالت».
وحظي « تطوير المنتوج المندمج للسياحة البيئية (طريق المجهول) بعناية البرنامج وذلك بإعداد نسبة 50 في المئة «من الدراسة المتعلقة بوضع دليل سياحي موضوعاتي حول الماء بتافيلالت» ونسبة 30 في المئة « من الدراسة المتعلقة بوضع دليل سياحي عام لواحات تافيلالت»، وإنجاز كل «الدراسة المتعلقة بتهيئة طريق للمشي السياحي وتثمينه حول عين تاسبلبات بمنطقة تينجداد»، و «الدراسة الخاصة بالافتحاص البيئي الخاص بست تعاونيات لتثمين المنتوجات الفلاحية و 9 مؤسسات الإيواء السياحي» .وسجل أيضا،ضمن منجزات البرنامج «وضع تشوير طريق المجهول (المآوي السياحية، وإنجاز كل «أشغال التأهيل المعماري لمؤسسات الاستقبال السياحي» بمساهمة شركاء البرنامج « وأعضاء جمعية منعشي السياحة البيئية»، واختير «مكتب الدراسات المكلف بإعداد الميثاق الأخلاقي لطريق المجهول وميثاق البيئة المتعلق بواحات تافيلالت»، فكانت النتيجة نبل شارة المفتاح الأخضر، نالته مبيت زوالة بأوفوس وتينبت بالرشيدية برسم سنة 2011، وهو مفتاح تخصصه مؤسسة محمد السادس للبيئة. وماذا عن استراتيجية البرنامج في التواصل؟
لقد سجل في هذا الصدد إنتاج شريطين، الأول عن تجربة البرنامج والثاني عن تجربة تعاونية المدينة، وسجل كذلك، وضع مخطط تواصل خاص بتعاونية المدينة، وتحيين الوثيقة التعريفية لبرنامج واحات تافيلالت، وإقامة الدورة الثانية من الأيام الدراسية التي تنظمها جمعية منعشي السياحة البيئية تحت شعار « أي تنمية للسياحة البيئية في الواحات»، وإبرام « تعاقد لتدبير الموقع الإلكتروني لبرنامج واحات تافيلالت».
إنه برنامج واحات تافيلالت التمييز يستحق التمييز من زاوية حقوق الإنسان لارتباطه بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. ولَإِنْ كان البرنامج لم يعتمد هذه المقاربة ولم يستحضرها فإن البرنامج يستهدف إعمال حقوق الإنسان حمايتها والنهوض بها. ونسجل أنه في أثناء نقاش منجز البرنامج خلال السنة المدنية 2011 ذكر للحقوق الثقافية وإن شئت التراث المعماري وحقوق الإنسان إن صح إدراج هذا المحور ضمن أجيال حقوق الإنسان، حيث أشارت جمعية أبراج الواحة للتراث والبيئة والتنمية بقصر(دوار) العشورية جماعة فزنا بلسان ممثلها في اللقاء المذكور أن برنامج واحات تافيلالت أقدم على ترميم القصر (الدوار) للحفاظ على المجال الواحي وموروثه الثقافي والعمراني والاجتماعي « تحقيقا للتنمية المستدامة بالواحة». وأن الجمعية المذكورة وقعت اتفاقية شراكة مع البرنامج المذكور والتي تقضي ترميم القصر. ولقد شرع في هذا الترميم ولا شك أنه قطع أشواطا.
لكن بعض الجهات لا تبتغي إنجاز المشروع وخاصة «المدخل الرئيسي للقصر وواجهته الخارجية حيث تنادي بهدمها وطمس معالمها بغية تعويضها بأخرى» مبنية بالمسلح لغاية غير مفهومة. ولقد توفقت هذه الجهات « أن تهدم المسجد العتيق للقصر دون الأخذ بعين الاعتبار الاتفاقيات الموقعة لا محليا ولا وطنيا ولا دوليا» لحماية التراث المعماري وصيانته. وتبتغي الجمعية ترميم كل معالم القصر بما هي تشكل وحدة عمرانية معمارية متجانسة تتكون من الباب الرئيسي والمسجد والمدرسة العتيقة والأبراج والأسوار والأزقة، وتشكل تلك الوحدة متحفا بيئيا يختزل ذاكرة القصر الجماعية وهي ذاكرة تعلم. ولأن مرافق القصر تؤدي أيضا أدوارا اجتماعية وتربوية وروحية ، فإن إعادة بناء المسجد العتيق وفق معايير تحافظ على طابعه التقليدي مطلب حقوقي ووجيه تبنته الجمعية المذكورة. وحسبنا أن مديرية التراث الثقافي التابعة لوزارة الثقافة كانت راسلت السيد عامل إقليم الرشيدية حول القرار الذي قضى «هدم المسجد العتيق الكائن بقصر العشورية بقيادة فزنا...وذلك على الرغم مما جاء في تقارير محاضر المعاينة التي أكدت فيها اللجان التقنية التي عاينت المسجد المذكور على أن وضعية قاعة الصلاة الحالية لا تشكل أي خطورة على سلامة المصلين باستثناء الجدار المحاذي للمرافق الصحية وأساس الصومعة اللذان يحتاجان لأعمال الترميم والإصلاح».
وورد في الرسالة أنه « في إطار السعي إلى المحافظة على التراث المعماري المبني بالتراب المميز لهذه المنطقة ».
طلب السيد مدير التراث الثقافي السيد العامل إعطاء أوامره «من أجل التدخل لرفع الضرر عن هذه البناية العتيقة والتحفظ على أي قرار يقضي بهدمها». وما عدا ذلك فغن مت أنجز يجب تمحيصه للوقوف بما أعمله من الحقوق بواحات تافيلالت بالجنوب الشرقي المغربي.
وعلى الرغم من المجهودات المبذولة في العقدين الأخيرين، لوحظ ذكر الواحة يكثر في الأنشطة الثقافية المنظمة بالمراكز الحضرية الجنوبية وفي مدينة الرشيدية عاصمة تافيلالت، خصوصا، وتنظم ندوات ثقافية تستحضر تاريخ المنطقة وجغرافياتها وتتناول التراث المعماري والثقافي. وهناك نسيج جمعوي واعد يبكي دوما هموم الواحات بكل من إقليم ورزازات و فيجيج و زاكورة والرشيدية، وهناك اللقاءات التنسيقية بين جمعيات الجنوب الشرقي المغربي تزرع الآمال في النفوس.فالاهتمام بالواحة معناه العودة إلى التاريخ وإلى الأصل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من الحرس الثوري الإيراني في حال هاجمت اسرائيل مراكزها


.. الاعتراف بفلسطين كدولة... ما المزايا، وهل سيرى النور؟




.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟


.. إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟




.. طهران تواصل حملتها الدعائية والتحريضية ضد عمّان..هل بات الأر