الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


و للعشاق ساعاتٌ مرخصةٌ للإعلان عن حبهم .

يوسف حمك

2019 / 2 / 14
الادب والفن


ما من محنةٍ يُبتلى بها المرء أشق و أشد من لواعج الحب .
حين يحشر كل مشاعره ، و تجييش جُل أحاسيه في فضاء مملكة العشق . متمرداً على حكمة عقله ، هاجراً كل ما حوله ، مهملاً حتى أقرب الناس إليه ، و اختزال كل ما يحيط به بصورة المحبوب و خيال المعشوق و طيفه .
من خلال ذاك الوميض اللطيف البديع ، و القبس النورانيُّ الوديع المتسلل بغتةً إلى عمق الروح و إضاءة قاعها ، دون مخاطبة الأدمغة ، أو تقديم طلب اللجوء و الدخول . فينزلق القلب في منحدرات بوتقة مغرياته . مهما حاول فرملة مشاعره عبثاً ، أو حبس أحاسيسه .
فما بالك بقلبٍ يعاني قحطاً عاطفياً ، غلبه تلف الوحشة ، و عصَّره ظمأ الاستيحاش .

مثل هذا القلب يسهل عليه التآلف من كلمةٍ رقيقةٍ ، أو يرطب من همسةٍ ناعمةٍ ، أو يلتهب من اختراق نظرةٍ ثاقبةٍ ، أو تنفخ رماد العاطفة ابتسامةٌ عذبةٌ بوميضٍ يؤجج الروح عشقاً ألذ و أعذب .

نعم الحب يدخل القلب صغيراً ، فينمو و يكبر حتى يغدو كليَّ القدرة . قوة أناه تصبح مستبدةً اقصائيةً .
بإطلالته تنحني الأشياء ما حوله ، و تغيب .
تصرفه فرديٌّ بحق من لا يتجاوب مع نوازعه .
ينفي العقل عقاباً على تمرده و عدم امتثاله بين يديه .
و يفتك أحكام المنطق و الشطب على الرزانة و إزاحة الوقار .

يخرج من قمقمه ضارباً كل ما يمت للعقل بصلةٍ عرض الحائط ، ليستنشق عبق نسائم الجمال ، و يتفاعل مع مفاتن المرأة ، فيذوب في سحر أنوثتها و رقتها التي تخطف العقول قبل القلوب .
قوة الحب تمنح شوقاً لا يطفئه حتى خمر العناق ، و تهب شعوراً يزيد تعلق العاشق بالحياة أكثر .

في وعاء صدره تتعاظم اللذة و تنضج العذوبة ، لكن عنف الألم يغلي أيضاً .
بحيث يعجز المرء عن فك ألغاز تناقض هذه الثنائية الرائعة إلا بمروره في مرحلة جنون الحب ، و تذوقه مرارة العشق و معرفة نكهة نشوته .
فمن قضى عمره على رصيف المنطقة الآمنة المهجورة من أرقى مشاعر الحب ، الخاوية من أروع لحظات العشق لا يمكنه إدراك ذلك ، و لا روحه القابعة داخل هشاشة الجسد .

إلا أن الحب ورطةٌ تمسك برقبتك ، و العشق جنونٌ يُذهب بعقلك دون رغبتك في أن تصحو من سكرته أبداً .
و آه لو لم يكن الحب معرضاً للتلف ، و حبذا لو كان العشق عصياً على العطب !!!!!! .

و إن كانت الحياة تنبض بكل ماحولك من أنسٍ و ألفةٍ ، لكن عدوى شرود الذهن يجعلك غافلاً عن مسيرتها و حيويتها .
غليانٌ في جوفك .... صخبٌ في فكرك ... اضطرابٌ في قلبك ، و ثرثرةٌ خرساءٌ على لسانك .
غير أن هيئتك توحي بصمتٍ و وجومٍ رهيبٍ . و إمساكك عن الكلام غالباً .

لو لا الحب لاندثرت الحياة ، أو بقيت باهتةً بلا طعمٍ .
فالاحتضار العاطفيٌّ يجرح الحياة و يجعلها مشروخةً بالتصدعات التي يستحيل ترميمها و إصلاحها مهما أخذت المحاولة بمحمل الجد ، إلا بوهج الحب و نوره الوضاء .
و بانطفاء المشاعر يتحور القلب ورقةً خريفيةً صفراء يابسةً ، بلا رونق و لا خضرة .

قليلٌ للحب يومٌ واحدٌ طيلة العام ، و إجحافٌ عظيمٌ بحق العشق .
فمع كل خفقة حبٍ يولد عيدٌ ، و بتوالي نبضات العشق تتوالد الأعياد تترى ، و تتكاثر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فنانون يتدربون لحفل إيقاد شعلة أولمبياد باريس 2024


.. السجن 18 شهراً على مسؤولة الأسلحة في فيلم -راست-




.. وكالة مكافحة التجسس الصينية تكشف تفاصيل أبرز قضاياها في فيلم


.. فيلم شقو يحافظ على تصدره قائمة الإيراد اليومي ويحصد أمس 4.3




.. فيلم مصرى يشارك فى أسبوع نقاد كان السينمائى الدولى