الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السلطوية والرئاسيات في الجزائر، توزيع السكنات الاجتماعية لرهن إرادة الجزائريين

زياد بوزيان

2019 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


بترشّح الرئيس الجزائري ع . بوتفليقة رسميا لولاية خامسة الأسبوع الماضي ، تجلت رسميا نوازع ‏سلطوية نظام الحكم في هذا البلد بل و سياسة الأمر الواقع وهي الهروب إلى الأمام ، اتكالا على ‏ظروف داعمة دوليا ومحليا، لعل الممارسات السلطوية الاستبدادية على شعب أعزل ، شعب بدأت ‏بعض ملامح بصيص من أمل التحضر الديمقراطي تنتابه مؤخرا ، لكن هيهات لشعب المليون و ‏نصف المليون شهيد من قبضة رئيسه ، برغم هرمه وقد بلغ من العمر عتيا ، مقعد عن الحركة منذ ‏ست سنوات لكن غير مأمون الجانب نتيجة قوة العسكر الداعمة له. الذين لا قبل لك بهم أيها ‏الشعب الأعزل ، إذن فلن يخشاك أيها الشعب الأعزل بل سيقايضك في حقوقك الأساسية المشروعة ‏كالسكن! إلا إذا عقدت العزم و رفعت من همتك و ثُرت ثورة رجل واحد ،لا لِترفع الغبن عنك فقط ، ‏بل لتعيد الماء لوجهك ، من أجل إيقاف المهازل التي لحقتك كما أوقفتها في معركتك مع الأصولية ‏الشنعاء ؛ هكذا "نظام" لم يكرس السلطوية في هذا البلد فقط ، بل جعل البلد يحتل مراتب متقدمة ‏عالميا فيها. ولعل احتكار السلطة وليدة إيديولوجية سادت في القرن الماضي و التي ما زالت آثارها ‏قائمة بين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية و المعسكر الشرقي بقيادة روسيا حتى ‏ايامنا ، وهي سلطة استبدادية رجعية ولا شك ؛ المثال الأوضح أمامنا كوريا الشمالية صربيا و ‏فنزويلا و حتى جمهوريات آسيا الوسطى الإسلامية ، غير أن حدتها أقل من سلطة أعقد تتغذى ‏ليس من تلك الأيديولوجيا فحسب وإنما تتعداها إلى سلطوية حقيقية وهي الأخطر ، عندما توظف ‏تاريخيا بل أسطوريا العادات و الأعراف الدينية لخدمة تلك الإيديولوجيا بمنتهى الحذق ، وهو حال ‏الجزائر التي بقيت لوحدها عربيا تقريبا ، بعد ما لحق السودان و سوريا و العراق و حتى مصر من ‏تبخيس لنظام الحكم فيها المشابه لنظيره الجزائري ليس بتبخيس أنظمتها فحسب بل كذلك بالتشهير ‏العالمي بها بالوسائل و المؤسسات المخصصة لذلك ، أثناء وبعد أحداث الربيع العربي ، وهي ‏مجلس الأمن و المنظمات الحقوقية و الإعلامية العاملة إلى درجة فقدت معها دم الوجه نهائيا، ‏فقدت معه حيائها السلطوي إن صح القول ، ذلك الحياء الذي يقيس نظام الحكم ردائه على المقاس ‏دوما و بمكر يحيّر الألباب ، وفيما يلي بعض الرؤى التي تؤكد طرحي هذا.‏

ـــ ترشح يعكس استهزاء لا نظير له بكرامة الشعب الجزائري ‏

كيف بالظلم عندما يتجاوز مداه أن لا يؤلب الرأي العام ، كيف بالأحرار لا تهزهم مشاعر العز و ‏الكرامة؟! كيف برئيس تجاوز 82 عاما لم تمر مناسبة قبل اصابته و بعدها إلا وشكرناه على ‏صنيعه أيما شكر في إعادة الأمن و تحسين صورة البلاد ، صنيعه الذي وضع البلاد على سكة ‏التنمية ثانية بعد أن أزاحتها عنه أزمة التسعينات بنتائجها الكارثية و التراجيدية على الأمة. هذا ‏الرئيس ــ الذي تعود أصوله إلى سكان الغرب الجزائري الذين هم في معظمهم خليط متجانس بين ‏الموريسكيين و القبائل العربية ذات الأصول العربية و الإفريقية و الأمازيغية ، هؤلاء الموريسكيين ‏المطرودين من اسبانيا بداية القرن السادس عشر، يحملون حقدا دفينا لا واعي على المسيحيين ما ‏زالت البلاد تعاني من أثاره إلى أيامنا ، وهم الذين كان لهم حظوة لدى دايات الباب العالي في ‏العاصمة الجزائر ؛ سمحت لهم باستعمال قوتها البحرية في السطو على ممتلكات النصارى في ‏أعالي البحار ، حتى إذا ضعف أسطول الأتراك في الجزائر بعد معركة نفارين 1827 ، وقلّت ‏هيبتهم استطاع الفرنسيين رد الصاع صاعين ــ نظام لم يتّعظ من أحداث التاريخ بعد ، لم يتعظ مما ‏جرى مع ليبيا و سوريا مع أنظمتها الدكتاتورية وهو يتجه رويدا رويدا لنفس مآلاتهما ـــــ هذا الرئيس ‏الذي شكرناه على حسن صنيعه بعد عهدتين متتاليتين برغم أمارات المكر السياسي التي كان يحملها ‏ومازال وارثا إياها عن هواري بومدين ؛ و الذي انتهز حب الجزائريين له و اعتمد خطابه في ‏انتخابات 1998 لكنه بعدها نسيه تماما و لم يعد يذكره إلاّ ملصقا به بعض الأخطاء المتجاوزة بحكم ‏المرحلة العويصة آنذاك وهي مرحلة الحرب الباردة! ، هذا الرئيس الذي قلب آية البرتوكولات و ‏المواثيق في التعاطي مع التزكيات الانتخابية رأسا على عقب ؛ إذ من المفروض أن يطلب أصوات ‏الجزائريين في المقابل يعمل على تحقيق مطالبهم وحاجياتهم الأساسية ، وذلك في العهدة الانتخابية ‏المتمثلة في 5 سنوات ، لكن الملاحظ عندنا هو العكس يبدأ حملة انتخابية مسبقة و يقوم بعمليات ‏توزيع للسكن الاجتماعي ليا ليد المعارضة أولا و تقزيمها لها و إحراج المواطنين الغلابة بهكذا عمل ‏ثانيا ــ نتيجة أزمة الإسكان في الجزائر يعتبر السكن حلم غالبية الجزائريين ـــــ فيأتي هو ليوزعه عليهم ‏توزيعا احتفاليا ضخما في يوم كأنه يوم التيليطون ، مستغلا اللعب على عواطفهم في الأيام الوطنية ‏كيوم انطلاق حرب التحرير و الدينية كيوم المولد النبوي الشريف. ‏

أنا يا أيها الرئيس المتشدق المتبجح لو تمنحني مسكنين واحد وظيفي والآخر في سياق اجتماعي ما ‏كنت لأمنحك صوتي ، بل أعد ذلك حقا من حقوقي توفرها لي بدون مزيتك ، ولست ناكرا للجميل ‏ها هنا كما تعتقد ، بل واعيا وعيا سياسيا وشكرتك على ماقدمته لبلادك قبل 2013 والذي نلت جزائه أنت وعائلتك فكفى بوعي الجزائريين اغماطا وبكرامتهم اهدارا . لكن ماذا عساها أن تفعل ذات اليد القصيرة ناهيك عن ‏ذات اليد اللا واعية؟ و بؤسهم المرير الجوع و الأحزان و السقم ، و أطفال و شيوخ يموتون في ‏الجزائر كلَما أرعدت أو أثلجت سماء و البلاد بلاد قارة ، تنام على بترول و ثالث احتياط غاز في ‏العلم ، وكل ما يسيل لعاب رأس المال كرأس المال الذي يحلم الفرنسيين باستثماره ، الفرنسيين الذين ‏لاهم أعداء ولا هم حلفاء لنظام "الثورة الشرعية" بالجزائر ، كونها تشاركهم مشاريعه الاقتصادية و ‏تستورد منهم ما تحتاجه حتى في غذائها ، لكنها تهابه و تحذّر ليل نهار ناشئتها منه ومن التعامل ‏معه وهو من أهل كتاب!‏

ـــ اللعب بمكر على أيديولوجيا "الشرعية الثورية" المتكئة على الإرث الديني ‏

نتيجة هذا الإرث التاريخي السياسي الاشتراكي صنو روسيا و دول أروبا الشرقية و غيرها وهو ارث ‏يبمكن ان تشكل أرضية لإستنبات للسلطوية ويقال حينئذ انما هي سياسة مناوئة للديمقراطية الغربية ‏‏"الامبريالية" أي سلطوية لها ما يبررها وهي في في حدتها ليست أولا وأخيرا كالسلطوية المتكئة على ‏القيم الدينية العنصرية و التي مازالت تجمع لُحمة الجزائريين ، و التي ربطتهم بشعار الدولة الوطنية ‏البومدينية و القومية العربية غير ما مرة ، لذلك فإن الأزمة الاقتصادية لا تسقط مثل هكذا نظام أبدا ‏وإنما تنعشه من جديد وتجعله في مأمن ، كما هي روسيا اليوم في مأمن من أية أخطار تحدق بها ، ‏فهي مثلها ؛ كلما تزعزع اقتصادها تعمد طريق التخطيط الاستراتيجي لاِيجاد موارد جديدة ، لكن ‏الأمر الجلل الغير المدرك العواقب و الذي سيؤدي إلى سقوط النظام الاشتراكي الشبه ليبيرالي ( ‏الدعم الذي يحافظ على حد الأدنى من المعيشة/القدرة الشرائية : دعم سعر الخبز و الحليب و السكر ‏‏) في الجزائر لا محال ، إن عاجلا أم عاجلا. هو بكل بساطة كونه يقف ضد أهم المرتكزات التي ‏تقوم عليها حياة الانسان و هي حريتها ؛ حريتها في الاختلاف و التنوع و معرفة الآخر ، كيف ‏يعقل ان تنتهز تلكم الشرعية الدين ، و تقسّم به رحم الجزائريين المتوزعين بين فرنسا و الجزائر منذ ‏‏1962 إلى يومنا ، و تعتبر من عملوا مع فرنسا أيام الحرب "خونة أبديين" لا يمكن استرجاع حقوقهم ‏ولا مسامحتهم أبدا ، وهم فيهم من المسلمين أو قل من غير المتعصبين للإسلام ما فيهم ، وقفوا ‏موقفا حضاريا ضد سفك الدماء وترهيب الجزائريين أو قل موقفا اختياريا لا يمكن أن يلاومهم عليه ‏إلا ضمائرهم.‏

أما الظروف الدولية الداعمة التي ذكرنا أعلاه ، فتتمثل في أن الأنظمة الاستبدادية التي تحارب ‏الإرهاب هي بالنسبة للمجتمع الدولي أفضل من الأنظمة الإسلامية الإرهابية ، وهي تعلم أنه في ‏حال سقوطها تخلفها ، كما يحدث في ليبيا حاليا ، لذلك أمِنت قيادة العسكر في الجزائر الداعمة ‏لهذا النظام على نفسها من شر كل الأخطار التي تتحدقها ، ولم يعد يخيفها شيء حتى مظاهرات ‏الشارع أو قل حتى الثورة العفوية الغير مخطط لها كحال "الثورة التونسية" لأنها ستوهم العالم أنها ‏بصدد إرهابيين كعادتها وتقمعها في مهدها. ويبقى الظرف المحلي الداعم لهذا النظام السلطوي كي ‏يبتز به الجزائريين و يظلمهم هكذا ظلم دونما لومة لائم ، هو في شساعة البلد الجزائر الممتد في ‏وسط بؤر تشهد عدم الاستقرار جنوبا وشرقا ، برغم أنها خفت جذوتها إلا أن قضية الصحراء الغربية ‏مازال يعتقد أكبر الجنيرالات أنها قنبلة موقوتة يمكن أن تشكل بداية النهاية لهم ، وهي تحتاج كياسة ‏وحنكة بوتفليقة في حالة أعلنت البوليزاريو الحرب على المغرب. ‏








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استقالة المبعوث الأممي إلى ليبيا، أي تداعيات لها؟| المسائية


.. الاتحاد الأوروبي يقرر فرض عقوبات جديدة على إيران




.. لماذا أجلت إسرائيل ردها على الهجوم الإيراني؟ • فرانس 24


.. مواطن يهاجم رئيسة المفوضية الأوروبية: دماء أطفال غزة على يدك




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا الحربية أغارت على بنى تحتية ومبان