الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مركز الدراسات السودانية

عفيف إسماعيل

2006 / 4 / 22
المجتمع المدني


*مُسامرة سودانوية
نعم لقد دخلنا القرن الحادي والعشرين/ ولكن كما تدخل الذبابة غرفة الملك
محمدالماغوط
****

نقائص متعددة حملها المشروع الحضاري الإسلاموي في السودان منذ 30 يونيو1989م، أبرزها الإضمحلال والتراجع إلي الخلف بقوة من تدحرج من أعالي قمة إيفرست، سار حال الوطن إلي ما أسفل قاع القاع، ونال المشروع الحضاري الإسلاموي من كل القيم المجتمعية الإيجابية وافرغها من محتواها، مخلفاً بذار الفتنة العرقية والدينية، اختلت معادلة التنوع الثقافي من ملمح غني وثراء، أُحيلت إلي قنبلة مؤقوتة تنذر بإنفجار وإندثار مشروع الأمة السودانوية التي بدات ملامحها في التشكل والتخلق عبر قرون طويلة من التعايش السلمي والتحاور عبر وسائط بسيطة انتجتها التجارب الشعبية في التصاهر والتحاور الحياتي اليومي.

لعل ما حدث في الخرطوم بعد إنفجار طائرة الدكتور جون قرنق، جرس ذو رنين مختلف لكل الحادبين علي غد الوطن، وينبه بأن الجلوس في قاعات المفوضات للإتفاق علي مواثيق وعهود ذات طابع سياسي تركز علي إقتسام السلطة والثروة واولية العمل السياسي والتجاهل التام لما عداه! وكأن التغيير السياسي يمتلك قدرة سحرية كل يحل ما تراكم من إفرازات مشوهة خلفها قطار المشروع الحضاري الإسلاموي في محطات الوطن!!

في وسط هذا الإكتئاب السياسي العظيم، وهيمنة الفعل السياسي علي آفاق التغيير وفق خططه التي تظن فقط بان كل الأمور سوف تستقيم بمجرد زوال كابوس الجبهة القومية الإسلاموية عن كرسي الحكم. وبان تداعيات الخراب الأخري سوف تزول بزوال المؤثر.

هناك من يسير في جهد مواز يعي حقائق أخري ترتبط بسلامة وجدان الإنسان السودان وتستهدف مباشرة المحافظة علي الإرث الإيجابي لبذرة الأمة السودانوية وقيمها المجتمعية، وفعله الثقافي المتنوع الذي إذا تم التعامل معه كمؤثر فعال في التماسك القومي، هناك العديد من منظمات المجتمع المدني التي لم تفرغ من محتواها بعد وتعمل بجهد خارق في ترميم خراب المشروع الحضاري الإسلاموي في السودان، ابرزها مركز الدراسات السودانية الذي يقف مثل نخلة غريبة في أرض مجهولة تعرف قوانين الرياح ومن أين تهب العواصف؟ وتمتد جذورها عميقاً .. عميقاً كي تثمر.

تاريخ مركز الدراسات السودانية منذ ميلاده في أوائل التسعينات من القرن الماضي وحتي الآن يقول بانه استطاع ان يفعل في مجاله ما لم تفعله معظم وزرات الثقافة منذ إستقلال السودان،تجاه هزيمة الشفاهة وخلق بعث فكري يواكب تطورات صناعة الثقافة علي مستوي العالم، فهو يعطي تجارب ودارسات عملية ومعملية في كيفية صناعة الثقافة في السودان لكل من يريد ان يتعلم جدية العمل في هذا الحقل الذي تسير فيه أغلب المنظمات الشبيهة بجهد الإستنساخ البرامجي الغارق في التشابه والفجاجة، أو الإتكاءة علي تاريخ بعيد توقفت عجلة زمن القائمين علي أمره في تلك الأزمان الوارفة، وصار الإجترار هو سيد التخطيط البرامجي، في وقت يحتاج كل يوم لفكرة جديد تساير اللهث المارثوني لتعقيدات المجتمع السوداني الثقافية والإجتماعية والسياسية.

مركز الدراسات السودانية وهو يحتفل باليوبيل الذهبي لاستقلال السودان، يقدم درساً بليغاً في صناعة العمل الثقافي ، إلا وهو التخطيط المدروس، يطرح المركز برنامج ثقافي تنويري ومعرفي طموح يستمر لمدة عام كامل، بشائره الأولي خلقت حراك وتلاقح وتواصل ثقافي توقفت عجلة في السودان من ازمان طويلة، آخرها كان الجهد الرفيع الذي قام إتحاد الكتاب السودانيين قبل إجهاض الديمقراطية الأخيرة في السودان.

إستضاف مركز الدراسات السودانية في بداية احتفاليته المتواصلة الموسيقار العراقي نصير شمه، والشاعر الفلسطيني محمود درويش، والمفكران جمال البنا وكريم مروة. وهناك معرض كتاب دائم لمختلف المعارف والعلوم تشارك به دور نشر كبري. ومن البرامج القادمة سوف يستضيف من لبنان فنان الثورة والسلام مارسيل خليفة. ومن مصر كل من الشاعر أحمد فؤاد نجم، والاستاذة فريدة النقاش في ندوة عن الحركة النسائية الجديدة، ود. جابر عصفور. والكثير من المبدعيين والمثقفين من مختلف دول الجوار في طريقهم إلي السودان خلال احتفالية مركز الدراسات السودانية باليوبيل الذهبي لاستقلال السودان. وفي إضاءة أخري هذا النشاط ليس حصراً وحكراً علي الخرطوم فقط، بل يمتد إلي اقاليم السودان المختلفة.
نعم..
سيذهب كل الزبد...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف فجرت حرب غزة جدل حرية التعبير في الجامعات الأمريكية؟ | ا


.. Amnesty Launches Annual Report on the State of Human Rights




.. وكالة -الأونروا- تنشر مشاهد للدمار في غزة في اليوم الـ 200 ل


.. بطلب من الأرجنتين.. الإنتربول يصدر نشرة حمراء لاعتقال وزير د




.. إسرائيل تستبق الاجتياح البري لرفح بإنشاء مناطق إنسانية لاستي