الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تأملات في سورة القدر

الطيب عبد السلام
باحث و إعلامي

(Altaib Abdsalam)

2019 / 2 / 24
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تأملات في سورة القدر.

اقول تأمل و أكشف منذ البداية عن منهجي في إستشعار الوحي القرأني.

ذلك و أن التأمل يعني النفاذ إلى عمق الوجود و مراقبة ذلك الأفق العابر،النسيج الحامل،الأفق المتجدد الذي لا يفنى مع الظاهرة بل يتجدد بفنائها و بحياتها،ذلك الأفق الخالد الذي يكون التأمل فيه هو "الوعي الخاص" و "التذوق الفرداني" و إستشعار الحرية و إن كانت في إسر المعية.

يقول محمود درويش في قصيدته أثر الفراشة في وصفه ل "أثر" الفراشة :

"هو خفة الأبدي في اليومي".

إن التأمل يعني العثور على العابر "قبلها و فيها" هو التأمل الذي أعنيه..العثور على الخيط الناظم لحبات المسبحة، الكونية،
بألاحرى "الروح الدائمة الميلاد ".

" إنه اللقاء الخاص" ب "المعنى" و الوفاء للديمومة.

العثور على "الحي" الذي يجمع شتيت الأحياء و الأموات في مختلف الأزمنة و الثقافات و هو ما تحيلنا إليه سورة القدر تلك السورة الرمزية القريبة أيما قرب من تصورنا و شرحنا لكلمة "تأمل".

اقول أن تأملي في القرأن يحيلني إلى "مساءلة ذاتي" و الأعتراف بإلافق الذي تتحرك فيه مخيلتي و "الطيف المعرفي" الذي أبصر عبره النص.

و أشير ألى منهجية المفكر "محمد اركون" و عمله التفكيكي هما العقل الذي أشتغل به في تفكيك النص القرأني لكن بلغة أكثر شعرية و بوفاء أشد حرارة للمنهجية.

سورة القدر هي من أكثر سور القرأن رمزية و أستعصاء على "الفهم المباشر".
لكن ماذا لو فهمنا "الأفق الابسيتيمولجي" ، "الروح الفكرية" القابعة في النص؟ الن نفهم حينها النص من المساحات المحيطة به و التي شكلت "ضغط إنحنائيه" و جعلته يستخدم مفردات بعينها؟

هذه المنهجية التفكيكية التي نفهم "الكون و الأنسان" في ضوءها في ذات الوقت هي التي نتذرع بها لإدراك "معاشنا و رأهننا" من النص.

تتحدث سورة ليلة القدر عن "النزول المقدس" في الزمن لتحيله هو الأخر إلى زمن ممتد و سرمدي و بالتالي تلحقه بقدأسة النزول.

و حينما ترتفع الاشياء إلى القداسة فإنها تتصل بالانهائي و "تمسها ديمومته".

إن الآيات هنا تكاد تنفلت من اللغة لثقل "التعالي" الذي تنوي الإشارة إليه،للإمساك بلحظة "إنتقال اليومي للأبدي" بالأحرى "المفردة التي تحاول المعنى و لكنها تحاصره".

آيات ليلة القدر تحاول الإشارة ثم تعتذر عن المشار إليه بكونها ربما حجبت بظهورها فيض ظهوره الحر.

هذا هو الهم الأساس هناك، هم "القول خيانة للمعنى".
إن جوهر السورة إذا هو "الإحتفاء" بنزول "المتعالي" ليقترب من البشري و يرجعه إليه و هو عينه ما تقوله آية أخرى "فأسجد و أقترب.

إنها "زفاف السماوي للأرضي" بإلاحرى.
ذلك اللقاء المستمر في جوهره المختلف في مظهره.

ذلك اللقاء الذي يستحيل إلى تمثلات و رموز تكون بمثابة الدم الذي غمس فيه البشري مع الإلاهي ميثاق التحالف و المعاونة.

يأخذ في اليهودية شكل "تابوت العهد" و التوراة و في المسيحية "الصليب" و في الإسلام "القرأن " و في في الديانات الأسيوية شكل حيوان ما يتم تقديسه.

هذه الرموز هي نتاج التواطوء بين البشري و الإلهي،ذلك التواطوء الذي حين يحل يعصف بمحدودية الزمن فيجعله "خير من ألف شهر"، و يعصف بمحدودية المبنى البشري الطيني فيجعله "بيتا لله".

التواطوء الذي حين تمس يداه الذهبيتان أي شئ تحيله مقدسا.

في هذا الضوء نفهم الأتموسفير الذي تتحرك فيه آيات السورة التي تحتفي بذلك اللقاء بين اللفظ و المعنى.

هذا التحليل يجعل مفهوم ليلة القدر مفهوما منفتحا لا تحاصره الطقوس و الرموز بل مفهوما "قبليا" قادرا على إستيعاب كل شئ،كل شئ صار "أيقونة" او مكانا محتملا و مفضلا لحلول المعنى فيه.

لكنه في ذات الوقت لا "يلغي" التجربة الشخصية و "التذوق الذاتي"،ذلك التذوق الذي بحدوثه يتسامى الآني و يلتحق بإحساسه بما هو خارج المكان و الزمان،فيلغي ذاته هناك و ينعدم شعوره بالمحدود،و هي تجربة تؤكد ما سقناه.

بل أن النبي صلى الله عليه و سلم قال عنها "لي ساعة مع الله لا يسعني فيها نبي مرسل و لا ملك منزل"، هي لحظة التأمل الخاصة و لذة الغنى الفردي و نسيان السوى و الغير.
و حديث أخر "إن لله في أيام دهركم نفحات فأغتنموها" ، هذه كلها إشارات لخروج الزمن من ضيق "دوران الأرض حول محورها" إلى الزمن الا نهائي الاول الذي لا تحاصره إنحناءة الأرض في الزمكان و لا الجسد في الأرض.

إنها دم "الميثاق المقدس" و نثر الماء في التعميد، إنها ليلة تنثر قطرات الضوء في ليل الزمان فتباركه و تلحقه بقداستها و تحرره من قبضة القول النهائي و تخلصه من هشاشة الفناء و العبور و الزوال.

أشير ايضا إلى ان المعنى نفسه لا قيامة له خارج الوعي البشري بل هو ربيبه لإنه هو عينه "ما لا تراه الرؤية" لا لتعاليه بل لإن سر عمله هو "الغياب المستمر" و "الإنكشافات اللحظية" بيد أنه لا يأنو يحافظ على غيابه حتى في الإنكشاف لإن الأنكشاف "قول عنه" و ليس "قوله هو".

إنه الأبستيمة العابرة لكل شئ و المحايثة له في ذات الوقت ، إنه رؤية الرؤية و سؤال السؤال.

و سورة القدر هي الأحتفاء بذلك اللقاء،بأنفتاح نافذة الأرض على ضوء السماء،على قطار الشك و تأويل المحطات.

من جهة وصفية سيسلوجية شكلت ليلة القدر مخاييل المجتمعات المسلمة في القارات الثلاث و قد تم فهمها في دأخل الأتموسفير الثقافي الخاص للمجتمعات المختلفه.

هذه الدراسات تحتاج للعناية البحثية لتعرفنا على المشاعر الخأصة و التصورات المتباينه لكل المجتمعات المسلمة.
بل و تأريخ المتخيل المجتمعي للإسلام في كل الأزمنة، بألاحرى إنه تاريخ الأنسان على "مرآة المعنى" و بعيني "أشواقه الخاصة".
إذ أن العلاقة قائمة بين المتخيل و الوأقع و في أعين الألهة نرى البشر و في أعين البشر لا شك نرى الألهة، فهما طريقان يفضيان لأقصى ممكنات التصور في القبض على الفهم الأكبر و الطريق الذي يمضي كل شئ فيه.

في المجتمع الذي تربيت فيه يقولون :
" جاته ليلة القدر" و هي تشير "إلى الغنى المفاجئ او ضربة الحظ".
مثل هذه التصورات الشعبية مهمة جدا للتعرف على الدين في كافة المخاييل لإننا و منها فقط نستطيع العبور إلى صيرورة تطور الفكرة في عقلية أفرادها و تمثلهم الخاص لها.

لا الغي أهمية الدراسات الفيللوجية بل أجدها خطوة عملية تجاه النص، لكنني و وفاء مني للمنهجية قدمت تأويلي الخاص للمغزى الغار في سورة ليلة القدر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القناة 12 الإسرائيلية: اجتماع أمني تشهده وزارة الدفاع حاليا


.. القسام تعلن تفجير فتحتي نفقين في قوات الهندسة الإسرائيلية




.. وكالة إيرانية: الدفاع الجوي أسقط ثلاث مسيرات صغيرة في أجواء


.. لقطات درون تظهر أدخنة متصادة من غابات موريلوس بعد اشتعال الن




.. موقع Flightradar24 يظهر تحويل الطائرات لمسارها بعيداً عن إير