الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيف الدين ولائي شاعر الأغنية العراقية الذهبية

صباح راهي العبود

2019 / 2 / 25
الادب والفن


صانع التراث الغنائي الذهبي في خمسينات القرن الماضي
يُعد التراث من الركائز والدعامات التي تستند عليها ثقافة الشعوب,وتحتل جزءاً مهماً من ذاكرتها, وإن تمسك الأمم الراقية بتراثها واعتزازها به هو أحد أسباب ديمومة حيويتها ومصدرالالهام والابداع الذي يديم الصلة بين الماضي والحاضر ويصونه من الضياع ويحفظه في الذاكرة. والتراث الشعبي لأي شعب من الشعوب يتوزع على أمور عدة منها الغناء والموسيقى والفنون التشكيلية والشعر والفلكلور والمثالوجيا والانتروبولوجيا وما يخص علم الآثار فيها وما إلى ذلك ,وهذه الكنوز لا ی---مكن أن تقدر بثمن , لذا تفتخر بها الشعوب وتحافظ عليها كثروات وطنية , كما إنه بمثابة الجذورالتي تعيد الحياة لهذه الشعوب بعد فترات خمول واندحاروانقطاع لتنبعث فيها الحياة فتورق وتثمر من جديد . والتداخل بين ثقافات الشعوب ينتج عنه ثقافة هجينية تسهم في شد أواصر العلاقات بينها وتخلق تفاهمات بين مكوناتها تحمل طابع انساني وحضاري يشعرون معه بالتماسك ووحدة الانتماء بعيداً عن التطرف في المعتقدات او القوميات والأصول , لذا كان على الشعوب الحفاظ على تراثها الذي سيسهم في بناء ركيزة لقيام حضارة جديدة لها, وهذا يدفع الكثير من حكومات الدول المتقدمة إلى تخصيص وزارة تتحمل مسؤولية الحفاظ عليه. ومن هذا المنطلق نجد أنفسنا كعراقيين امام مسؤولية احترام رموز وأعلام العراق الذين أسهموا في رفد التراث الثقافي بجهودهم المتميزة . ونحن الآن بصدد الكتابة عن واحد من هذه الرموز والأعلام الذي أسهم في صناعة الأغنية الذهبية الخمسينية من خلال كتابة المئات وربما يصل عددها إلى الألف من الأغاني التي أحبها الشعب العراقي بكل طوائفه وأداها أشهر المطربين الرائعين بعد أن لحنها عمالقة الموسيقى في العراق, وبذلك استطاع تخليد نفسه كشاعرغنائي فذ للاغنية العراقية الصميمة, إنه سيف الدين ولائي أو (سيفي) كما يعرف بين أصدقائه ومحبيه.
وعندما تبتلى بعض الشعوب بحكومات أو قيادات لا تعي أهمية التراث بدافع التعصب لموقف معين أو السعي للبقاء متمسكين بالسلطة فإن هذا سيحرم شعوبها من التواصل الحضاري ,ويهدد بقطع الصلة بين حاضرها وماضيها ,وقد حصل هذا في العراق عندما لجأت السلطات الحاكمة في مطلع خمسينات القرن الماضي من ترحيل مكون مهم من مكونات الشعب العراقي وهم يهود العراق,وحصل جراء هذا انقطاع في الثقافة الموسيقية وفن الغناء ,كما خسرنا كوادر مهمة في الاقتصاد والسياسة والمال والادارة والتجارة والمجال الصحي وغير ذلك كان غيابها واضح التأثير على الوضع العراقي ,وقد تكرر ما يشابه ذلك في عام 1978 وما بعده إذ صدرت قرارات وقحة صلفة بحجة ظالمة قادت إلى اقتلاع الكثير من المواطنين من جذورهم العراقية العميقة لنطوح بهم بكامل عوائلهم بعيداً في مناطق الحدود الايرانية المقفرة والموحشة, وبذلك تم ذبحهم بسكينة الحقد والكراهية الملطخة بالدماء بكل سادية وقساوة ,وكان من بين هؤلاء من أتم خدمة العلم ,ودافع عن الوطن ,وساهم في صنع مجده وتراثه الخالد , ثم حصلت الطامة الكبرى بعد أن اضطر الملايين من العراقيين لمغادرة البلاد إلى المهاجر بحثاً عن أرض تأويهم بعيداً عن الظلم والقهر والتعسف والموت والحروب التي بدت لهم أنها لا تنتهي حتى بلغ عدد المهاجرين مخيفاً خاصة في أعقاب الاحتلال الأمريكي للعراق عم 2003 وما رافقه من اصطفاف طائفي بغيض نتيجة للمحاصصة الطائفية المقيتة في قيادة البلاد والتي نتج عنها تغييب وقتل آلاف من كنوز الثقافة والعلم والأدب وصانعي التراث الثقافي العراقي بكل أشكاله اضافة لهروب الكثيرين بجلدهم بعد أن هددتهم العصابات المليشياوية بالتصفية.
سيف الدين ولائي شاعر الأغنية العراقية الجميلة هو واحد ممن شملهم الحقد العنصري والطائفي على الرغم من أنه کتب للتراث العراقي الغنائي العشرات من أغاني عصره وأداها أشهر المطربين حتى أصبحت ركناً من أركان الغناء الأصيل الذي يحمل بين طياته أجمل المشاعر لما احتوته من كلمات مملوءة بأحاسيسه المرهفة والمعاني الجميلة التي ترتقي بالسامع إلى أعلى مراحل النشوة. ولقد أحب الناس هذه الأغاني العذبة التي ظلت خالدة يرددها الناس والمطربون في مناسبات الفرح والأنس والطرب والتي تدعو للمحبة والألفة والجمال,فمن منا لا يذكر ( غريبه من بعد عينچ ی---ی---مه , هذا الحلو كاتلني يعمه, يبا يابه شلون عيون عندك يابه, سمر سمر , من علمك ترمي السهم يا حلو بعيونك, تفرحون أفرحلكم , جيرانكم يهل الدار ,عشاگ العی---ون , إسألوه لا تسألوني ) وغيرها من الأغاني العذبة الشجية التي بقيت حاضرة يرددها الناس ويعيد مجدها المطربون الشباب . وبدلاً من مكافئة الشاعر خيراً فقد وجد نفسه مرمياً وعائلته على الحدود الايرانية بطريقة لا يربطها بالانسانية أي رابط ,و لم نسمع مثيلاً لها في كل تاريخ الاضطهاد وبحجة واهية مفادها أنهم من التبعية الايرانية على الرغم من غياب أي دليل يؤكد هذا الاتهام , فجده وأبيه وجميع اولاده وبناته مولودين بمدينة الكاظمية في العراق على وفق ما ورد في السجلات الرسمية ,حدث هذا بداية عام 1980 بعد أحداث سياسية وتغيرات مريبة هزت البلاد بما يشبه الانقلاب , إذ حصلت تحركات شملت السلطات الأمنية والجهاز الحزبي الحاكم بقيادته الفردية المتسلطة ضمن موجة ارهابية كبيرة واسعة شملت كل من يمتنع عن الاصطفاف والخضوع للتنظيم ضمن صفوف الحزب الحاكم والالتزام بمبادئه قسراً,وكانت هذه الحملة واحدة من الأساليب الخبيثة التي يسلكها النظام للتسقيط السياسي الذي هو بالتالي تسقيط معنوي واجتماعي وأخلاقي ,وضمن هذه الحملة كان يُطلب من الفنانين والشعراء والآدباء والكتاب تكريس قدراتهم للتغني بالطاغية ومدحه والتصفيق له والوقوف باذلال على أعتاب قصوره التي احتلها ليبقى وحده الآمر الناهي الذي يمتلك ناصية رقاب الناس , فهرب من هرب من العراقيين مهاجرين إلى المنافي يتنقلون بين أرصفة موانئها وقاعات مطاراتها مع عوائلهم حاملين حقائبهم إلى المجهول الذي سيرميهم إلى الأقدار في حين بقي في العراق من حاول الصمود متمسكاً بالأرض حد التجذر يتوقع الموت أو الشر في أية لحظة تمر, وكان شاعرنا سيف الدين من ضمن هؤلاء الصامدين الذين أبوا ترك البلاد ورفض الخنوع والخضوع والاصطفاف مع المتملقين المتزلفين وتجلى هذا عندما أرسل وزير الثقافة حينذك لطيف نصيف جاسم احد ازلامه وهو المهرج داود القيسي مطرب الحزب الحاكم إلى بيت الشاعر سيف الدين ليدعوه للانضمام إلى جيش المهرجين ويكتب قصائد غنائية تمتدح القائد الهمام ,ووعده باسناد منصب (رئيس جمعية الشعراء الشعبيين في العراق) له, وهو واحد من المناصب المهمة التي من شأنها اضفاء شهرة ووجاهة ومالاً لا يحلم به مع سيارة حديثة و دار سكن , فأخبره ولائي بأنه لا يستطيع متحججاً بالمرض وتقدم السن ,لكن المبعوث رفض عذره ولم يصدقه ,وفي الحقيقة فإن ولائي كان لا يتشرف بالاصطفاف مع الأبواق التي تعزف بصوتها النشاز للنظام ,كما لم يكن باستطاعته إختراق الحاجزالفكري والسايكولوجي ليضع قلمه الحر النظيف في خدمة القائد وتمجيده لا سيما وأنه يحمل فكراً يسارياً يؤمن به حد النخاع , لذا كان لا بد من معاقبة هذا الطود الشامخ بشكل يجعله درساً للآخرين أمثاله.
لم تمض فترة طويلة على هذه الزيارة المشؤومة بعد أن بلغ الحقد لدى السلطات الأمنية ذروته ضد ولائي ومن صمد مثله ضد الريح الصفراء , بدأ تنفيذ العقاب المخطط لهم . تقول فريال إبنة سيف الدين ولائي :
بعد زيارة داود القيسي بأسابيع جاء من يطلب من والدي الحضور إلى دائرة أمن المنصورإذ كنا نسكن في منطقة الوشاش, كان ذلك في يوم 12 أيار 1980 وأخبروه بأنهم (( لم يأتوا لتهجيره كما يظن لا سيما وأنه شاعر وإنسان معروف - هكذا أخبروه – تفضلوا معنا أستاذ إلى الدائرة أنت والعائلة)). وبسبب عدم وجود بعض اخوتي في الدار (تواصل فريال الحديث) طلب منهم والدي مهلة ليوم غد , ففعلوا. وفي صبيحة اليوم التالي ذهبنا جميعاً وبصحبة والدنا الذی--- بدا عليه التعب والانهيار بوضوح حاملين كل الوثائق الرسمية التي تثبت عراقيتنا بضمنها حجة زواج والدي ,ورقم السجل الأساس ,وهويات الأحوال المدنية لجميع أفراد العائلة ,وهذه الوثائق تثبت بأن الوالد ( سيف الدين فاضل فرج ) مولود في الكاظمية ببغداد عام 1915 ,ومتزوج من العراقية نورية حسين ابراهيم الجواهري ,وأن جميع أولاده وبناته مولودون في بغداد وهم على التوالي (فوزية 1947 , عفيفة 1949 , اكرام 1952 , جاسم 1953 , عادل 1955, فريال 1956, عز الدين 1958 , حكمت 1960 , علي 1963, عذراء 1965 , تغريد 1967) . كما أن جميع أفراد العائلة لم يسبق لهم زيارة أية مدينة من مدن إيران طيلة حياتهم ,ولا يعرفون كلمة من اللغة الفارسية , وجريمتهم الوحيدة في نظر النظام أنهم كرد فيليين لم يرد في جنسياتهم عبارة (من التبعية العثمانية) !.
ولد سيف الدين فاضل فرج في محلة أم النومي في الكاظمية عام 1915 من أب عراقي وأم عراقية اسمها ( رباب ) ,كانت عائلته الكردية الفيلية تسكن الكرخ عندما دخل المدرسة الفيصلية الابتدائية في محلة الشواكة (باب السيف),وفي مقتبل صباه حين كان فتى يافعاً بدأ تاريخه السياسي إذ نشط ضمن الحركة الوطنية التقدمية العراقية وكانت البداية مشاركته في الانتفاضة الشعبية بمعية معلميه في المدرسة استنكاراً لزيارة الداعية الصهيوني الانكليزي (السير الفريد موند) للعراق في 8 شباط 1928 بحجة (دراسة أحوال العراق الزراعية) في حين كان هدف الزيارة حسب المؤرخ حنا بطاطو هو (اقامة مستوطنة صهيونية في العراق ),وقد صدرأمر فصله من المدرسة ضمن قائمة شملت طلاباً ومعلمين من ضمهم المنولوجست عزيزعلي ,وعندما أعيد الطلبة والمعلمين المفصولين إلى مدرستهم لم يكن سيف الدين من ضمنهم ,فاضطر للانصراف إلى العمل مع والده الاسكافي ليدعم وضع العائلة المعيشي, في هذه الأثناء ظهرت عنده محاولات وارهاصات شعرية لكتابة المنولوجات والردات الحسينية لكثرة تردده على المجالس الحسينية ومخالطة شعراء لهم مثل هذه الميول إلى جانب تأثره بشعراء شعبيين من ذلك الزمن مثل مله عبود الكرخي والحاج زايرجبرالدويچ ,فكتب أول أغنية وطنية له لحنها الفنان صالح الكويتي رائد الأغنية العراقية الحديثة. وقد أذيعت من اذاعة قصر الزهور الخاصة عام 1937,وهذه الاذاعة يملكها ويديرها الملك غازي بنفسه والذي كان مولعاً فيها أشد الولع ,وفي هذه السنة تأسست الاذاعة اللاسلكية في بغداد التي أصبح ولائي أحد عناصرها المؤسسين والرافدين لها. وفي أثناء حياته عمل في مجالات عدة لكسب العيش ,منها عمله في أمانة العاصمة كمراقب بلدية عام 1951 ثم مأموراً في بلدية الكاظمية وأخيراً مديراً لها حيث مكان سكنه في هذه المدينة. وبسبب انتماءه اليساري أوقف وسجن مما اضطر معه لإمتهان الخياطة في شارع النهر ببغداد لسنوات طويلة مع شريك له يدعى (أبو جاسم) ,وأصبح محله هناك مكاناً ومركزاً لتجمع الأدباء والملحنين والمطربين والأحبة والرفاق مما خلق أجواءً مكنت ولائي من كتابة الشعرالغنائي بغزارة ,وبعد الانتهاء من عمله بالمحل يعبر بالبلم إلى الصالحية حيث مكان دار الاذاعة والمقهى التي يجتمع بها المهتمون بشأن الأغاني . وكان يحرص في كل الأوقات على الاحتفاظ بقلم و ورقة ليكون جاهزاً لأية لحظة من لحظات الالهام التي تمر فيه عنوة حتى وإن كان في الحمام أو في لحظات صحوة بساعة متأخرة من الليل ,وكثيرا ما يحدث مثل هذا ليكتب مطلع أغنية أو عنوان لها , أو إكمالها فيما إذا كان ينقصها مقطع ظل أمر تكملته عالقاً في باله . وأغانيه التي يكتبها مملوءة بالشجن والاحساس والصدق والرومانسية وتمتلك رصانة المعاني , يكتبها بعفوية وانسيابية تفيض بالدفء والصدق , وتؤكد تمكنه من اختيار الكلمات التي تمس شغاف القلب , هي متعددة الأغراض والمواضيع وهذا السبب الذي جعلها رائجة بشكل واسع لدى العراقيين في جميع الأرجاء ولحد الساعة لأنهم يشعرون بأن هذه الأغاني نابعة من صميم واقعهم وأضحت جزءاً من تراثهم الغنائي الجميل . وقد ظهر واضحاً للناس ما كان عليه ولائي من أدب وأخلاق وتهذيب من خلال ما يكتبه من أغاني , وكمثال على ذلك فإنه إذا تغزل بالسمراء أو امتدحها فإنه يفعل الشيء نفسه مع البيضاء وبذات الأغنية : السمره أحلاهن والبيضه تسواهن, واثنينهن أهواهن ,وگلی---بی--- ما ينساهن , فدوه رحت آه ....الخ. ويحصل الأمر نفسه عندما يتغزل بالعيون السود والزرق والشهل.
وأشهر من لحن قصائد ولائي الغنائية هم الفنانون رضا علي , سعيد العجلاوي , عباس جميل , قاسم عبيد , محمد نوشي , أحمد الخليل , ناظم نعيم , محمد جواد أموري وخزعل مهدي وخليل المختاروصالح الكويتي.... وغيرهم. فالملحن محمد نوشي مثلاً لحن لوحيدة خليل أغنية (على بالي ما چان فرگاك) من مقام حجاز, وغنت لميعة توفيق من ألحان نوشي أيضاً (هذا الحلو كاتلني يعمه) وهي من مقام العجم . أما ناظم نعيم فقد لحن من كلمات ولائي (خاله شكو شنهو الخبر دگليلي) التي غنتها زهور حسين وهي من مقام اوشار. بينما لحن أحمد الخليل من مقام الصبا (حرگت الروح لمن فاركتهم) لعفيفة اسكندر وأغنية (الله الله من عيونك) لأحلام وهبي وهي من مقام الرست. وكان رضا علي صاحب الحظوة الكبيرة والأوفر حظاً في تلحين قصائد سيف الدين ولائي ,فقد لحن أروع الأغاني وغناها بنفسه قبل أن يدفعها لغيره من المطربين ,من هذه الأغاني شفته وشافني والشوف شی---فيد , سلم يولفي سلم , هاليلة ليله من العمر,على الميعاد اجيتك , ( سمر سمار , الردته سويته ) وهما من مقام السيگاه , وأغنية ( يبا يابه شلون عيون عندك يابه) من مقام حجاز التي منحها للمطربة نهاوند.وأغنية (جيرانكم يهل الدار) من مقام بيات دو , و( اتدلل عليّ اتدلل) من مقام لامي .كما سجل الملحن رضا علي بصوته أغلب أغانيه التي لحنها منها : الليله ليله من العمر, حگ العرفتونه وعرفناكم, هاك الروح خذها وياك, لو الي لوحدي لو روح لهلك , ذوبني گلبي ,إسألوها, داده دسمعي داده ,سلم يولفي وغيرها كثير.
ندرج فيما يلي أبرز الذين غنوا من كلمات سيف الدين ولائي من العراقيين والعرب :
سميرة توفيق من الأردن ( مگدر أگلك , الله وياك روح تمهل بحبك ,) .
راوية من سوريا ( ادير العين ما عندي حبايب, ميكفي دمع العين يابويه,أريد الله يبين حوبتي بيهم ).
أريد الله يبين حوبتي بيهم ,أريد الله عله الفركه يجازيهم
كلما عذبوا حالي , ساكت ما أجازيهم
لتنوحين يا روجي عليهم عليهم ... ألخ
نهاوند من لبنان (يبا يابه شلون عيون , اتدلل عليّ اتدلل , وين ألگه ال احبيّب وين الگاه ).
انصاف منير (على ضيك ياگمر ,آني زرعته للورد ).
نرجس شوقي المصرية (شدعي عليك ياللي حرگت گلبي ,يا حلو كلي شبدلك , الهجر مو عاده غريبه ) .
ی---اس خضر (من علمك ترمی--- السهم يا حلو بعی---ونك).
احلام وهبي (عشاگ العيون , سبع تيام من عمري حلالي, الله الله من عيونك, هلهلي بلله يسمره هلهلي , السمره أحلاهن ).
زهور حسين ( أخاف أحچي وعليّ الناس يگلون, خاله شكو شنهو الخبر دگليلي , تفرحون أفرحلكم , غريبه من بعد عينچ ی---ی---مه).
مائدة نزهت (بيا عين جيتوا اتشوفوني ,إسألوه لا تسألوني ).
لميعة توفيق ( هذا الحلو كاتلني يعمه).
فائزة أحمد سورية الأصل ( ميكفي دمع العين يا بويه ,جيرانكم يهل الدار, خي لا تسد الباب , اشبيك يگلبي ).
ميكفي دمع العين يابويه , نار بدليلي نار يابويه
مغرم وأدور وين يابويه , وآنه غريبة دار يا بويه .... ألخ
نزهت يونس من لبنان (يا خاله) وكانت تطلق عليه لقب (الأخرس البغدادي) بسبب التأتة في الكلام أثناء تحدثه ,ويلجأ لضرب ساقه أو يربت على ركبته او ركبة من يجاوره مما يساعده على الكلام.
ياخاله شوفيني شلون حالي , أحبابي حرگوني بنار عذالي .
لوأنسى الأحباب , لولولوه
أنشد وأدور عل الولف من دار إلدار, شنهو السبب ياخاله تخلوني محتار
ياخاله شوفيلي حالي , احبابي حرگوني بناري , لولولوه ....
نرجس شوقي من أصل سوريا (شدعيلك ياللي حرگت گلبي ,هاي خدود لو لاله).
عفيفة اسكندر ( أغار إمن الهوه , حرگت الروح لمن فارگتهم , الف روح , شايف خير ومستاهلهه , ياغريب اذكر هلك , گلب گلب , هاك الروح خذها وياك , اسم الله اسم الله محصن بالله ,هلك منعوك , شوية خاف من الله ,آني گلبي من حديد ,بعيونك عتاب).
وحيدة خليل (على بالي ما چان فرگاك ).
عباس البصري (قدمت للولف من ورد الشباب , من علّمك ترمي السهم).
فرقة الانشاد (حنه حنه بايدها , عروسه والحبايب زافيها ,هليله ليله من العمر , مو مني كل الصوچ).
أحمد الخليل (بين دمعه وابتسامه ).
سليمة مراد (هذا مو إنصاف منك , الهجر مو عاده غريبه).
وهناك مطربون عرب آخرون غنوا من قصائده منهم سعاد محمد , وردة , اسماعيل شبانه , سميرة سعيد , نجاح سلام , دلال شمالي ,حفصة حلمي وغيرهم .
كما غنى من كلماته بعض مطربي الريف منهم عبد الصاحب شراد ,إلى جانب العشرات من المطربين العراقيين, نذكر منهم هيفاء حسين وصبيحة ابراهيم وفاضل رشيد وطيور دجلة وقحطان العطار وفاضل عواد وعباس جميل وأحمد الخليل وسعدي توفيق وأمل خضير .
من خلال استعراض الأغاني التي كتبها المبدع سيف الدين ولائي يلاحظ ان كلماتها تمس حياة الناس , لذا أصبحت لصيقة بهم نظراً لما تمتلكه من جودة كلمات ومعاني ,وزاد من روعتها عبقرية ملحنيها من الفنانين العراقيين, لذا فقد ظلت خالدة ولحد الآن يرددها الجميع من المطربين الجدد الذين يهدفون إلى الشهرة والانتشار, أما عراقيو المهجر فإن حفلاتهم تتحول إلى ما يشبه المأتم حالما يبدأ المطرب بغناء هذه الألحان الشجية إذ يذرفون الدموع ,ويطلقون الحسرات لاعنين تلك الساعة والزمن الذي دفعهم مضطرين لمغادرة الوطن وهجره.
لقد فشلت كل الجهود الحاقدة التي بذلها أعداء الذوق والموسيقى والغناء ممن حكم البلاد من مسح اسم سيف الدين ولائي من ذاكرة العراقيين فصدرت الأوامر بتحجيم ذكر اسمه من كل اغانيه المذاعة ,ولما أدرك هؤلاء الكم الهائل من الأغاني التي يجب أن تخضع للحظر ابتكروا اسلوب آخر هو عدم ذكراسمه عند اذاعة أية أغنية من تأليفه تذاع في وسائل الاعلام في واحدة من دلالات النذالة وعدم الوفاء لهذا الطود,ونسبت كلمات اغانيه على أنها أغاني من التراث فحسب في محاولة يائسة للاجهازعلى كل تراثه الغنائي الذي أثرى به المكتبة الغنائية العراقية بأروع الأغاني الجميلة التي بقيت راسخة في أذهان العراقيين في الداخل والخارج , وهذا ما يفسر لنا عدم معرفة الكثيرمن جيل العراقيين الحالي لإسم سيف الدين ولائي. ولعل من أبرز مؤشرات تعلق الناس بهذه الأغاني هي أنهم ما زالوا يرددون عبارات من هذه الأغاني كأمثلة شعبية شاعت بينهم تركت أثرها الواضح في شخصياتهم وذائقتهم ومفرداتهم الاجتماعية المتداولة . وكان ولائي يلتقط بعض العبارات الدارجة التي يسمعها في في أثناء تجواله في الشارع أوعند التحدث مع اصدقاءه أو أفراد عائلته ليبني عليها كلمات كثيرمن أغانيه , واحياناً يُطلب منه كتابة أغنية بموضوع معين فيسارع لتنفيذ الطلب ,أو ربما يسمع قصة مثيرة تدفعه لكتابة موضوعها في أغنية عندما تمنحه هذه القصة إلهاماً في لحظة من اللحظات , لذا كان القلم والورقة لا يفارقان جيبه (كما أسلفنا) ليسجل ملاحظاته تمهيداً لبناء أغنية مستقبلية . وهاكم أمثلة على ما أوردناه .
كان له جار مهاجر من الشطرة إلى بغداد (عائلة سعيد وزوجته بهية) بسبب خلاف مع الأهل وبعض الأقارب ,وقد قضى معهم أجمل سنوات الجيرة يجمعهم الود وصفاء النية والمحبة الخالصة . بعد فترة من الزمن قرر هذا الجار العودة إلى الشطرة بعد جهود وتوسلات من لدن الأهل والأقارب والرجاء بالعودة بعد إصلاح ذات البين .ولقد أحس ولائي وعائلته بوحشة الفراق بعيد مغادرتهم بغداد فجلس ليكتب أغنية (حگ العرفتونه وعرفناكم ) الذي لحنها وغناها رضا علي وأذيعت من الاذاعة , ولما سمعها صديقه سعيد وعائلته من الاذاعة احسوا بان هذا عتب عليهم وشوق لهم ,وهنا بكى سعيد وكل عائلته ,وقررت العائلة فوراً العودة إلى بغداد مع أثاثهم ليسكنوا في البيت نفسه بعد أن تأكدوا من أنه لا زال فارغاً غير مؤجر.
حگ العرفتونه وعرفناكم , أيام حلوه گضينه وياكم
يومين والثالث هجرتوني , وگعتو گلبي وتالي عفتوني
الله يجازيكم , الله يجازيكم
أتهنه باول كاس خلوني , والثاني إملوه صبر و اسكتوني
وبعدين عل عذال عوفوني ,
بيا حال شوفوني ,مو ذبلن جفوني , الله يجازيكم .
فد جرح ما يكفي دلالي , زيدوا جروحي وعذبوا حالي
جروح المحبة والله تحلالي , وضحيت بكل غالي , يل مالكم تالي
وظلام مگدر احاچيكم , الله يجازيكم.
يومين گلبي فرح وياكم , ما گدر لحظه أبد ينساكم
واليوم اتعذب إبلواكم , وما بعد أهواكم , يكفيني بلواكم
التوبه على إيد الله وايديكم , الله يجازيكم.
اما أغنية (سمر سمر) التي لحنها وغناها رضا علي حصراً وسجلها عام 1953 فهي أغنية تلك السنة وسنوات أخرى تلت , ولم يبق أحد من العراقيين لم يحفظها عن ظهر قلب لحناً وكلمات, فلقد كتبها ولائي في وصف سيدة مطلقة سمراء غاية في الجمال ذات عينين سوداوين واسعتين تشقان وجهها المدور الجميل ,وقد افتن بها وسلبت لبه ولم يستطع اخفاء تعلقه بها فكتب :
سمره وسيعة عين عيني سمر عيني سمر
حلوه وجمالج زين عيني سمر عيني سمر
سمر سمار يسمر, منچ يغار الگمر
عيني سمر وين تروح ,إنت الگلب وإنت الروح وإنته الروح .
يسميره الله وياچ دتأملي دتأملي , كلبچ يحب الغير لو بس إلي لو بس إلي
لجلچ أنا تبريت من كل هلي , عين سمر وين تروح ,إنت الگلب وإنت الروح.
تشهد علينه البيض ويه السمر , واتمنه كون وياچ أگضي العمر
وللگلب صار هواچ نشوة خمر , عيني سمر وين تروح , إنت الگلب وانت الروح.
مو كل غزال يگول عندي حسن , ولا كل حبيب ينوح مثلي ويوِن
يكفي تجافي عاد مو راح أجن , عيني سمر وين تروح , إنته الگلب وإنته الروح.
ونظراً لبساطة ووضوح كلمات الأغنية ومعانيها وعذوبة لحنها الذي يتوافق مع أذن السامع فقد اكتسبت شهرة وانتشاراً كبيراً غير معهود, وأصبحت أغنية الجماهير دون منافس ,وتربعت على عرش الأغنية العراقية ,وكانت تذاع يومياً وفي جميع حلقات برنامج (طلبات المستمعين),وحينها سجلت دوائر النفوس في عام 1953 ولادات جديدة بأسماء ( سمر ,سمراء , سميرة ) تأثراً بهذه الأغنية . وقد امتدت شهرة الأغنية إلى الدول المجاورة .
وأغنية (عروسة والحبايب زافيها, حلو ثوب العرس لايگ عليها) كتبها ولائي هدية لابنته البكر (فوزية) بمناسبة زواجها في ستينات القرن الماضي ,وأصبحت أغنية الزفة لكل عروس تزف.
وبمناسبة ولادة ابنه جاسم التي صادفت يوم تتويج الملك فيصل الثاني في 2/6/1953 كتب أغنية (اسم الله اسم الله ,محصن بالله , محروس بسور سليمان , من عين كل النسوان ,اسم الله اسم الله ... ) .
واشتهرت أغنية احلام وهبي ( سبع تيام ) الذي كتبها ولائي في وصفه لحالة مأساوية لشابة وما عانته من أسى منذ اليوم الأول لزواجها وبعيد زواجها بأيام قليلة إذ لم تهنأ فيه بعد أن غدا كابوساً جاثماً على صدرها.
سبع تيام من عمري حلالي ,سبع تيام من غير الليالي ,
باصابيعي أعدهن ,لكن من بعدهن , من يدري شجرالي من يدري.
سبع تيام بيهن شفت راحه , گلبي بالهنه زادن أفراحه ,ثامن يوم حيرني صباحه ,
أحبابي نسوني , أهلي فارگوني, من يدري شجرالي.
سبع تيام وين ألگه مثلهن ,حبايب ياگلب صارولي كلهن, عليهم أون ودموعي أهلهن
بگليبي المحتار , خله الدهر تذكار , من يدري شجرالي من يدري.
سبع تيام متهني بشبابي , گضت بالخير والثامن عذابي ,ولا واحد نفعني من احبابي
عن عيني بعيدين , ما اندل هلي وين , من يدري شجرالي من يدري.
في أحد الأيام أوقفته شابة صغيرة وأخبرته بأن موعد قرانها سيحل بعد أسبوعين ,وتوسلت إليه أن يكتب لها أغنية تذاع بالراديو لتغنيها لها صاحباتها في يوم حنتها , فكانت أغنية ( حنه حنه بيدها ) التي أذيعت بالاذاعة قبيل زواج تلك الشابة, ثم تلتها أغنية (شايف خير ومستهلها ) ,وظلت هذه الأغاني حاضرة في مناسبة الأعراس لدى العراقيين ولسنوات امتدت طويلاً.
وقد كتب لزهور حسين أيضا أغنية ( خاله شكو) الذي وضع لحنها رضا علي بلحن هو من أروع الألحان التي أدتها زهور حسين ,والذي حفزه على كتابة هذه الأغنية الجميلة هو سماعه لكلام أحد المارة الفضوليين يسأل إحدى السيدات (خاله شكو ؟) وهو يركض باتجاه متشاجرين بباب دائرة البلدية التي يعمل بها ولائي, وهنا اختمرت فكرة أغنية بهذا العنوان بعد أن تراكمت في ذهنه الجمل التي كان قد بدأ بداياتها في دائرة البلدية وأكملها في بيته وأعطاها للفنان رضا علي ليضع لحناً لها وصف بأنه من أجمل ألحان رضا علي والتي أدته زهور حسين بأروع ما يكون عليه الأداء .
خاله شكو شنهو الخبر دحچی---لی--- , فدوه رحتلچ ليش ما تگليلي
عيني دگوليلي شصار , والله شعلتيني بنار, خاله شكو ,عيني شكو.
خاله عليچ الله شسمعتي خبر , محبوب گلبي وعيني يمكن نفر
كلبچ عليّ ياحبيبه انكسر , ميهمني خل يروح, ترتاح منه الروح ,خاله شكو ,عيني شكو.
يوم المبارك عيني أنسه العشگ, لا شوفه بعيوني ولا أحترگ.
نتصافح احنه وبالرضه نفترگ
وماكو عتاب إو لوم , بس السلام إيدوم ,خاله شكو فدوه شكو.
ولقد انتشرت هذه الأغنية بشكل واسع مما أثار غيرة واحتجاج وعتب الفتيات اللواتي ليس عندهن خالات بل عمات فقط , ولأجل عيونهن كتب أغنية (هذا الحلو كاتلني يعمه) التي غنتها المطربة لميعة توفيق بعد أن لحنها لها محمد نوشي ,وما زال المطربون الجدد يؤدونها بحفلاتهم بناءً على طلبات الحضور وبالأخص النساء اللواتي ينطلقن مشاركين المطرب طربه باندفاع واضح .
هذا الحلو كاتلني يعمه , فدوه اشگد أحبه وارد اكلمه
إنتي شلون عمتي , بيه مفتهمتي , روحي كلها يمه يعمه
هو بالحسن باليني بلوه , أحلى من الگمر وشويه أضوه
بعده بالعشگ ياعمه توه , گلبي شلون أصبره نار العشگ كبره , ما ينحمل همه يعمه
هذا الحلو كاتلني واريده , معذب مهجتي والروح بيده ,
ما أصبر بعد عمه بعيده, گلبي شلون أصبره , نار العشگ كبره, ما ينحمل همه يعمه .
آه من العشگ منه يويلي ,عمه عالولف سهرانه ليلي
عمه انخطف لوني , عمه إنهدم حيلي, گلبي شلون أصبره يعمه.
أغنية ( إسألوه لا تسألوني ) التي لحنها رضا علي أصلاً للمطربة مائدة نزهت وهي بمثابة رسالة عتاب لزوجها وديع خنده وإسمه الفني سمير بغدادي الذي كان ( زعلان ) معها,ولقد كتب كلماتها الشاعر الغنائي سيف الدين ولائي وغناها رضا علي ضمن فيلم (لبنان في الليل)قبل أن تغنيها مائدة نزهت .
إسألوه لا تسألوني إسألوه مزعلت منه عليُ زعلوه
هو محبوي وعواذلنه ولوه .... ولوه ولوه عواذلنه ولوه
عافني والسبب ما أدري شگول .... كلمه وحده سمعهه من العذول
وآني ما أزعل شما هجره يطول .... ولوه ولوه عواذلنه ولوه
خلي گلبه بالعواذل يبتلي .... إوتالي يتذكر وليفه الأولي
أدري بمحبوبي مرجوعه إلي .... ولوه ولوه عواذلنه ولوه
ذنبه مو ذنبي بعد يكفي العتاب .... خلص گلبي من الملامه والعتاب
ماكو واحد للصلح يفتحلي باب ....ولوه ولوه عواذلنه ولوه.
إ
ولأغنية المطربة السورية نهاوند التي كتبها سيف الدين ولائي قصة عشق عنيف عشته المطربة مع حبيبها , تبدأ القصة بوقوع نهاوند بحب شاب وسيم طويل ذو غرة بيضاء ووجه كالقمرفي يوم تمامه, له شعر آسود فاحم ينسدل على جبينه, وعينان واسعتان بشكل مثير جداً ,وكان هذا الشاب يحرص على الحضور كل ليلة خميس / جمعة في الملهى الذي تغني فيه نهاوند قاطعاً مسافة 150 كيلومتر ليصل بغداد وليتمتع بوقت جميل مع عشيقته نهاوند التي تبادله حباً أطار عقلها , وتتويجاً لهذا العشق طلبت نهاوند من سيف الدين ولائي كتابة أغنية تتغزل بجمال عشيقها وعيونه القاتلة, فكانت أغنية ( يبا يابه شلون عيون عندك يابه ) التي لحنها رضا علي لتغنيها نهاوند . وقد فوجئ الحبيب بالأغنية عندما غنتها نهاوند في الملهى وهي تشير إليه وهو يراقبها من صومعته في الملهى لتلهب قلبه وتزيده ضراماً.
يبا يابه شلون عيون عندك يابه ,
گلبي بغرامك مفتون والله يابه .... يبا يابه شلون عيون عندك يابه.
خدك كمر لو مصباح يضوي ضي .... وليلة تهاني إو أفراح لهل حي
النور بجبينك لاح شوي شوي .... واهل البلد ما يدرون
يبا يابه شلون عيون عندك يابا.
سبحان رب السواك من بلور .... جامع بخدك لونين نار ونور,
لا بالإنس مثلك صار لا بالحور .... محصن بحرف النون , يبه يابه شلون
يابو قوام الفتان يا محلاك .... تمشي وگلوب العشاك تمشي وياك
كل إحنه نوگف صفين نتلگاك .... كل الحبايب يدرون
يبا يابه شلون عيون عندك يابه..
يوماً من الأيام كانت زهور حسين تؤدي وصلة غنائية من دار الإذاعة في الصالحية بمناسبة عيد الجيش العراقي وكانت لميعة توفيق بصحبتها , وفي تلك الأثناء ورد خبر وفاة أم المطربة زهور حسين وهي آخر فرد في العائلة إذ لم يبق لها في كربلاء أحد,وقد حزنت حزناً أبكاها بحرقة, وفي أعقاب هذا الحدث كتب لها ولائي أغنية (غريبه من بعد عينج ييمه) التي لحنها عباس جميل وغنتها زهور وعيناها تذرفان الدموع.

غريبه من بعد عينچ ييمه .... محتاره بزماني
يا هو اليرحم بحالي ييمه .... لو دهري رماني
حاچيني ييمه , فهميني ييمه , غريبة من بعد عينچ ييمه ,محتاره بزماني.
گلبي لو فرح إنتي فرحتي .... گبلي ياحبيبه
ترد الروح لو يمي گعدتي .... يالريحتچ طيبه
حاچيني ييمه , فهميني ييمه , غريبة من بعد عينچ ييمه ,محتاره بزماني.
أريدچ دوم لتغيبين عني .... يا روحي ييمه
عذابي لو كثر ويزيد همي .... من يسمع الكلمه
حاچيني ييمه , فهميني ييمه , غريبة من بعد عينچ ييمه ,محتاره بزماني.
گضيتي لجلي أيام وليالي .... سهرانه عليّ
لو شفتي الألم أثر بحالي .... رضيتي بالمنيه
حاچيني ييمه فهميني ييمه , غريبة من بعد عينچ ييمه ,محتاره بزماني.

يلاحظ المتابع لقصائد ولائي الغنائية التصاق النساء بها وحفظها وترديدها بمناسبات الفرح والطرب لما تحمله من رومانسية وأحاسيس مملوءة بالمحبة وصدق الأحاسيس ودقة التعابير التي ترتقي بسامعها إلى أعلى مراحل النشوة ,وهذا يفسر السبب الذي جعلها من أجمل الأغاني التراثية الخالدة. ولقد كانت أغنية ( من علمك ترمي السهم بعيونك ) والتي لحنها وغناها رضا علي , وتلاه ياس خضر هي آخر ما كتبه سيف الدين ولائي من أغاني قبل أن تحل به جريمة اقتلاعه تحت تهديد السلاح من جذوره العراقية العميقة المتمسك بها ورميه وعائلته مع أعداد كبيرة من المظلومين أمثاله ومعهم الشيوخ والمرضى والمعوقين والأطفال في منطقة الحدود العراقية – الإيرانية النائية والخالية من البشر وجعلهم عرضة لمخاطر الحيوانات المفترسة ,وربما الموت والهلاك في تلك المناطق الحدودية إذ كان عليهم السير على الأقدام لحين اكتشافهم من قبل الجانب الإيراني ونقلهم إلى أقرب مخيم للمهجرين هناك بعد أن كانوا يعيشون مستقرين ببيوتهم العامرة التي أفرغت منهم على حين غرة, ثم استبيحت ممتلكاتهم وأموالهم ليخرجوهم بملابسهم التي يرتدونها فقط , وقد رافق انتشار خبر تسفيرهم بين الناس الذين أبدوا غضباً واستياءً ,اضطرت السلطات العراقية معه إلى الإدعاء أن هناك خطأ حصل عند تسفير عائلة سيف الدين, وبهذا العمل البعيد عن كل المشاعر الإنسانية تم ذبح ولائي بسيف الحقد الطائفي و الشوفيني وأجهزعلى تراثه الجميل وهو في عمر الخامسة والستين واهن القوى ضعيف البصر لا يقوى على عمل شيء,وكان من نتائج تلك المسيرة الشاقة ظهور بوادرلأمراض القلب والسكري التي أنهت حياته بعد أول انتكاسة صحية أصيب بها بعد أربعة سنوات في سوريا . وفي داخل إيران عاملوه بشكل مختلف عن غيره بعدما أخبرهم أنه غير منتم لحزب الدعوة ولا للمجلس الأعلى إضافة إلى عجز السلطات الإيرانية من العثور على أي سجل للعائلة أو جذورها في إيران . ونظراً لما لاقاه سيف الدين وعائلته من سوء تعامل ومن ظروف قاسية في بلد لا يعرف لغته ولا تقاليده وليس له فيه معارف ولا أصدقاء , وبدت الحياة هناك صعبة ومعقدة وسماءها مكفهرة مما جعله في حالة نفسية تهدده بالانهيار بعد مكوثه في إيران عشرة شهور فقط , لذا قرر وضع نهاية لمأساته وواقعه المؤلم وذلك بمغادرة إيران والسفر إلى سوريا الأقرب للعراق على أمل العودة إليه بأسرع ما يكون حين تسمح الظروف كما كان يأمل , إضافة إلى كونها بلد عربي يمتلك شعبه تقاليد وطباع العراقيين . وقبل مغادرة إيران طلبت منه السلطات الإيرانية تعهداً يلزمه بعدم العودة فما كان منه إلا تقدم التعهد على الفور. وفي سوريا اختار منطقة السيدة زينب الشعبية سكناً للعائلة في دار متواضعة ,ثم انطلق الجميع وعلى الفور بالعمل لتوفير لقمة العيش الكريمة التي صعب الحصول عليها في إيران إذ لم تكن العائلة تمتلك هناك حتى شروى نقير ,ومع مرور الزمن ضاقت الدنيا بنظره على وسعها ,وقتله الحنين للعراق وشعبه الذي يعشقه ,وإلى كل أصحابه وأصدقائه وجيرانه ولكل المحبين له ولفنه وهو يتمتم مع نفسه في غربته بكلمات أغنية كان قد قدمها للمطربة راوية :
ادير العين ما عندي حبايب , غريبة دار بس وين الگرايب
يشوفوني ويحنون , على حالي يونون اويلي شكثر اتحمل مصايب.
الله أكبر ليش يناس , تديرون الصبر كاس بعد كاس
عفتوني أسيره , ربي شلون حيره , مثل ذيچ الليالي ما حلالي
أحبهم وابعدوا عني وجفوني , هلي واحباب دلالي نسوني
صبرنه والله موجود , فرحنه بلكت ايعود , مثل ذيچ الليالي ما حلالي.
أصيب بكآبة حادة جعلته منزوياً في داره لا يستقبل أحداً و يمضي وقته دامع العينين ينتظر اللحظة التي يعود فيها إلى وطنه منبع جذوره وكانت أمنيته التي يعلنها دوماَ ( أعيدوني إلى العراق),وفي حالات اليأس يتمنى الموت والخلاص من عذابات هذه الدنيا وبؤسها ,ففاضت روحه كمداً وحسرة وقهراً وذلك في 25 / 11 / 1984 بعد أن أمضى فترة من الزمن طريح الفراش ,فشيع هناك ودفن في مقبرة الغرباء بدمشق بجوار قبر زوجته التي سبقته إليه بثلاثة أشهر قبل رحيله ليدفن بجانبها. وهكذا انضم سيف الدين ولائي إلى ركب الأعلام الآخرين الذين سبقوه إلى هذه المقبرة من أمثال الشعراء العظام نازك الملائكة والجواهري ومصطفى جمال الدين وآخرون بعد ذلك بفترات زمنية مختلفة منهم المفكر هادي العلوي والروائي مهدي علي الراضي إضافة إلى من دفنوا في مقابر أخري في دمشق نفسها منهم زكي خيري عضو المكتب السياسي في الحزب الشيوعي العراقي والشاعر عبد الوهاب البياتي . وهكذا يكون جزاء من رفد التراث العراقي بكل عناوينه يموت غريباً في صدره حسرة العودة للوطن الحبيب العراق . لقد مات سيف الدين وعيناه ترنوان إلى الشرق باتجاه بغداد.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-