الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النظم السياسية في الدول العربية .......الديمقراطية خط أحمر !! الحلقة الأولى

صبحي مبارك مال الله

2019 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تعاني النظم السياسية أزمة مستعصية على كافة المستويات السياسية ،والإقتصادية والإجتماعية بسبب طبيعة هذه النظم وبُعدها وخوفها من الإلتزام بالديمقراطية كطريقة حكم. ولهذا تجد التقارير الدولية حول مفهوم الديمقراطية في هذه البلدان والتي تشير إلى التدهور والتراجع المستمر في هذا(المفهوم) أي التراجع عن الديمقراطية وعدم جعلها كمسار حقيقي نحو التحولات الديمقراطية في تلك البلدان وتداعياتها على شعوب المنطقة . الشعوب العربية تعاني من سوء هذه النظم التي لاتتمسك بالمؤسسات الدستورية وعند فحص الحالة فهي تحتاج إلى أدوات علمية لغرض التقييم .التقرير الذي أصدرته وحدة البحوث بمجلة (الإيكونوميست)البريطانية الشهيرة، صورة قاتمة عن حالة الديمقراطية وفي معظم الدول العربية التي تعيش حالة متدهورة في المناخ الديمقراطي .
يشمل التقرير 167دولة من دول العالم وهو يصنف الأنظمة السياسية الحاكة في العالم ،ضمن أربعة تصنيفات وهي كما يشخصها التقرير الديمقراطيات الكاملة،الديمقراطيات المعيبة ،الأنظمة الهجينة بين الديمقراطية والدكتاتورية ، ثم الأنظمة الدكتاتورية.ويؤكد التقرير على إرتباط التراجع في الحالة الديمقراطية في المنطقة بتبدد المنجزات التي حققتها الحركة المطالبة بالديمقراطية والتي (عُرفت بالربيع العربي)منذ ديسمبر 2010. وبجانب هذا التراجع ،فأن المنطقة العربية تتميز بتركز المَلكيات المُطلقة والأنظمة الدكتاتورية كما تتميز المنطقة بالنزاعات المسلحة وإنتشارها.ويؤكد تقرير (الإيكونوميست) على إنعدام الاستقرار السياسي في المنطقة العربية الذي عرقل التقدم بإتجاه الديمقراطية خلال العام 2017 حيث إنجرفت عدة دول إلى مزيد من الممارسات الدكتاتورية نحو القمع لحرية الإعلام وحرية التعبير وحرية الإنسان وعدم الإلتزام بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواثيق والعهود الدولية الأخرى. يخلص التقرير بأن النتائج تؤكد إنعدام تقدم حقيقي بإتجاه الديمقراطية في أعقاب الربيع العربي الذي جاء كرد فعل على معاناة الشعوب العربية وقهرها من قبل الحكام المستبدين ، فالثورات التي قامت في تونس ومصر ،نتيجة القهر السياسي، الفساد الاجتماعي وتأسيس منظومة الفساد التي تغلغلت في كل مؤسسات الدولة.
فكانت ثورات الربيع العربي التي إندلعت من أجل العيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية ،والكرامة الإنسانية قد توقفت وتحولت إلى خريف وليس ربيع بسبب مصادرة كل المكاسب التي حصلت عليها وجرى إلتفاف سريع لغرض إيقاف جموع الثورة وملايين من الغاضبين الشعبيين ،لإن الديمقراطية التي كانت تطالب بها التظاهرات يعتبر خط أحمر مترسخ في المجتمعات العربية كما تبخرت آمال الشعوب بتحقيق الديمقراطية الحقيقية وكنس الطبقة السياسية الفاسدة.الديمقراطية نظام سياسي وإجتماعي حيث الشعب هو مصدر السيادة والسلطات ،فهو يحكم نفسه بنفسه عن طريق ممثلين عنه يسمون ب(النواب) . لقد كان للإستعمار دور في تأخر العالم العربي عن الأخذ بهذا النموذج من الحكم وهو النظام الديمقراطي في الحياةالسياسية ،فإستمر الإستعمار بممارسة تأثير سلبي فأدى ذلك إلى الثورات عليه والحكومات العميلة له حيث كانت الشعوب تعيش حالة فقر مدقع وتدهور صحي وتعليمي وإجتماعي ولكن هذه الثورات التي قامت والتي قادها الجيش أدت إلى قيام حكومات دكتاتورية رافضة للديمقراطية.ونأخذ نموذجين لتأريخ الديمقراطية في الدول العربية .النموذج الأول العراق :كان العراق جزء من الأمبراطورية العثمانية وبعد سقوط الدولة العثمانية تحررالعراق منها ولكنه أصبح تحت نير الإستعمار البريطاني .لقد دخل مفهوم الديمقراطية لتداول السلطة والعلاقات السياسية إلى العراق مع دخول قوات الإنتداب البريطاني عام 1917 وبعد حدوث الإنتفاضات وثورة العشرين ضد السلطة البريطانية ،جرى العمل على إقامة نظام ملكي تحت الإنتداب ولأول مرة تستنسخ التجربة البريطانية في العراق من وضع دستور أساسي أو دستور دائم عام 1925 حيث شهد المشهد السياسي منذ ذلك التأريخ تطوراً للمفهوم الديمقراطي للسلطة حسب النسخة الإنكليزية من حيث توزيع السلطات بموجب الدستور إلى :- 1- سلطة تنفيذية يقودها رئيس حكومة منتخب 2-سلطة تشريعية يقودها رئيس مجلس النواب ورديفه مجلس الأعيان إي التشريعي من غرفتين مقابل النسخةالمشابهة مجلس العموم ومجلس اللوردات 3- سلطة قضائية تتوزع على سلطات المحاكم التي تعمل بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى بشكل مستقل عن السلطتين التنفيذية والتشريعية 4- على رأس البلاد توج ملك وهو الملك فيصل الأول يتولى رمزياً السلطة وتشبه صلاحياته صلاحيات الملك في بريطانيا.ولكن هذه التقسيمات تمّ إفراغها من معانيها الديمقراطية حيث طغت السلطة التنفيذية على التشريعية وتعطيل القضاء العادل وتزوير الانتخابات لإستبعاد الوطنيين والديمقراطيين. وبين فترة وأخرى وعندما يهب الشعب العراقي في إنتفاضاته وتظاهراته ضد التعسف والإضطهاد والمطالبة بالحقوق أو ضد المعاهدات مع بريطانيا ،يُقمع الشعب وتعلن الأحكام العرفية ويعطل الدستور والبرلمان والصحف وتقام المحاكم العسكرية لمحاكمة المناضلين الوطنيين والديمقراطيين. فيتوقف المسار الديمقراطي ويتراجع ويزداد الإنتقام من الشعب بزج الآلاف في السجون. وتتوقف الحياة الديمقراطية فأصبحت التجارب الديمقراطية قصيرة ومبتسرة ولم يستطع الشعب بناء إرث ديمقراطي.
النموذج الآخر مصر :-مصر عرفت البرلمان منذُ عام 1866 وأول تجربة حزبية في المنطقة العربية عام 1907وأول دستور عربي 1923 والعراقي عام 1925 ،كما كان في مصر تنظيم محلي ونقابي وأهلي .أيضاً تميزت تلك الفترة بغياب التراث الديمقراطي ،التدخل المباشر من السلطة الحاكمة على مدار العصور السابقة،ولم تتح الفرصة للمارسة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.......(يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقتل شخص وجرح آخرين جراء قصف استهدف موقعا لقوات الحشد الشعبي


.. فايز الدويري: الهجوم رسالة إسرائيلية أنها تستطيع الوصول إلى




.. عبوة ناسفة تباغت آلية للاحتلال في مخيم نور شمس


.. صحيفة لوموند: نتيجة التصويت بمجلس الأمن تعكس حجم الدعم لإقام




.. جزر المالديف تمنع دخول الإسرائيليين احتجاجًا على العدوان على