الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل من غير المخزي إختزال ظلم وألم النساء في يوم يُحتفى بها أو زهرة تُهدى اليها ؟

دعد دريد ثابت

2019 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


الكليشيهات تكررت والأيام تتوالى، ونحن أقصد من يملك بعضاً من موهبة والإرادة والصبر للتدوين، لانعي ولانكل أن نحمل الحروف بعضاً من أرواحنا المشحونة بتجاربنا، آلامنا وآلامنا. هي كلمات دونت سابقاً، ولكن بخبرات وطاقات ممن سبقونا من السلف، لهم نفس الأحلام والغايات، ربما، وهي أن يتحقق حلم اليوتيبيا بالعدالة والسلام والمحبة.
اليوم المصادف 8 من آذار عام 2019، قررت مقاطعة برلين وكعاصمة بالإحتفاء بيوم المرأة، كإجازة وعطلة رسمية. ولم تتبعها بقية المقاطعات الألمانية الأخرى.
قد يتوارد للذهن، أن برلين أقدمت على هذه الخطوة، تقديراً للمرأة بعد كل تضحيات النساء طوال هذه القرون وخاصة بعد حروب القرن العشرين.
ربما يكون هذا هو السبب، بالرغم من أن أول من نادت بهذا التقدير وبتخصيص يوم للمرأة عالمياً، كانت السيدة الألمانية " كلارا زتكين " المنادية بحقوق المرأة، عام 1910 في مؤتمر حقوق الإشتراكيين، وأن يكون في كل عام يوماً للمرأة. في برلين وحدها، تظاهرن 45 الف من النساء مطالبات بحقوقهن، وكانت من أوائل مطالبهن، حقهن في الإنتخاب، والذي أستطعن تحقيقه عام 1918. وبعد ستة أشهر بالضبط، وفي يوم 19 آذار عام 1911 أُقر هذا القانون.
ومن عام 1921 أصبح يوم 8 آذار هو يوم الإحتفاء الرسمي عالمياً. وفي أكثر من 24 دولة يحتفى به كعطلة رسمية في بعض دول أفريقيا وآسيا وبعض من عواصم بلدان الإتحاد السوفيتي السابقة.
ولكن هذا لم يعنِ أنهن أي الألمانيات كن قد حصلن على حقوقهن الأخرى. على سبيل المثال، لم يكن للمرأة الحق بالعمل، الا بعد توقيع الوصي عليها كالزوج أو الأب لحد عام 1977، تخيلوا هذا !
ولم يكن لها الحق في تقرير مصير أولادها، كحق بناتها في إكمال الدراسة أو الإحتفاظ بأولادها في حالة الطلاق، في حالة رفض الزوج وعدم توقيعه بنفسه على وثيقة إكمال دراسة إبنته.
ولكم أن تعرفوا أن لليوم عدد النساء في البرلمان الألماني لايتجاوز الـ 30% من عدد الرجال، وهذه النسبة لم تكن لولا الحزب اليساري وحزب الخضر، وبالرغم من أن أعداد النساء سكانياً تفوق أعداد الرجال، والكليشيهات من أن النساء هن نصف المجتمع.
أما برلين والسبب الذي دعاها هذا العام الى إعتبار يوم المرأة عطلية رسمية، فلم تكن صحوة أخلاقية أو إنسانية، وإنما الى أن في المانيا كل مقاطعة مع عاصمتها مستقلة ذاتياً بعطلها الرسمية. وبرلين هي من أقل المقاطعات في عدد العطل الرسمية، ولكي يتم التوازن إقتصادياً ولاتتفوق إحدى المقاطعات على الأخرى بأيام العمل ويزداد ربحها، بالرغم من أن برلين من أفقر مقاطعات جمهورية المانيا الإتحادية ( بقدرة قادر، أو قدرة الرأسمال في هذه الحالة) فقد أُتخذ هذا القرار هذا العام.
هذا لايعني أن هذا القرار لن ولم يلق إمتعاضاً من بقية المقاطعات، لأنه سيذكر بأيام المانيا الشرقية الشيوعية، حين كان يُحتفى للمرأة بهذا اليوم من بعد إنتهاء الحرب العالمية الثانية، فقد ألغي هذا اليوم من تقويم الحزب الفاشي منذ تسلمهم السلطة عام 1933 وحتى إنتهاء الحرب العالمية الثانية، أما في المانيا الغربية فلم يحتفى بها بعد الحرب الا بشكل متحفظ وليس كما في الشرق كعيد رسمي.
وبرلين كعاصمة مركزية وكانت منقسمة الى برلينتين شرقية وغربية الى عام 1989، تمركزت هي الأخرى فيها كل المتناقضات والى يومنا هذا. فالقوة اليسارية أقوى من غيرها من المحافظات، تقابلها من جهة أخرى الفاشية، وتركز السكاني الكثيف للجاليات الأجنبية عربية وغيرها. تحوي من الجمال والتاريخ والفن والغنى قدماً بقدم مع الفقر وعدم إندماج أكثرية النازحين ومايترتب عن ذلك من إزدياد الهوة بين طبقات المجتمع البرليني ومافيات الجرائم والمخدرات وغيرها، خلق من برلين مدينة آسرة، قلقة ومتذبذبة بجمالها الشرس.
فبعد توحد الألمانيتين والبرلينتين على الأخص، نرى تأثير النساء الشرقيات، وأقصد من برلين الشرقية سابقاً، في السياسة والمجتمع. فالنظام الإشتراكي لمصالحه بالطبع، أعطاهن حقوقاً أكثر من أخواتهن في الغرب التي قمئن لمصالح الرأسمالية ذات الهدف ذاته وهو مصالحه، ولكن بطرق مختلفة.
فكن أي نساء الشرق بسبب الإعتراف بحقوقهن كاملة والتسهيلات التي تساعد الأم العودة سريعاً للعمل بعد الولادة، بتوفير حضان ورياض أطفال في نفس مقرات أعمالهن وغيرها من التسهيلات، الى أجورهن التي كانت مساوية لإجور الرجال، وحتى نظرة المجتمع للمرأة الغير متزوجة والتي لها أطفال، كانت تعتبر من المسائل الطبيعية، طورت قناعة المجتمع إمرأة كانت أو رجلاً لفكرة الجنس وحتى عراء الجسد ان يصبح موضوعاً طبيعياً جداً وليس فيه أي إثارة أو رمز لـ لاأخلاقية السلوك.
جميع هذه المميزات ربما الغير مقصودة الا بقصد الربح المادي الإشتراكي، عزز للمرأة الشرقية قيمتها بنفسها وثقتها بقابلياتها بالإضافة الى إستقلاليتها المادية مقارنة بأختها في الغربية. الإختلاف النظامي وتجربة الإنفصال بين المرأتين هنا وهناك بعد الوحدة، كان نوعاً من الصدمة البيئية- الإجتماعية- النظامية والسلوكية بينهما.
فمن إزدراء الشرقية بضعف ثقة وعدم إستقلالية الغربية الى إزدراء الغربية من أختها الشرقية بأفكارها المجونة المتحررة جنسياً بالنسبة لها، وإخلاصها العقائدي للإشتراكية برغم أنها بالنسبة للغرب دولة بوليسية إستخباراتية قمعية التي أدت الى فقر وحرمان شعبها وهم اي الغرب من لهم الفضل ومن يدان لهم بأنهم أنقذوا أخواتهن من براثن الشيوعية، فكيف لاتقدم لهم آيات الشكر والحمد، وعوضاً عن ذلك، يُستهزأ بهن ويهانن بعقر ديارهن.
كل هذه الفوارق جعلت الشق بينهن كبيراً عقائدياً بل وحتى نفسياً، حتى بعد مرور 30 عاماً من الوحدة، فلليوم حين تتكلم المحافظة السابقة لبرلين، عن نساء المقاطعات الألمانية الأخرى، تقول نساء الغرب، وحتى هنا وأنا أسمع هذه المفردة في برلين بالرغم من إعتقادي بإندماج الشخوص البرلينية، وتصف إحداهن أخرى أنها شرقية، اي من جزء برلين الشرقية سابقاً.
ولكن، لولا نساء الشرق وتأثيرهن في السياسة كأنجيلا ميركل وغيرهن، بالرغم من أن أنجيلا تنتمي للحزب المسيحي الإشتراكي وهو حزب يميني، لكن هؤلاء النسوة، اثرن بشكل كبير ولعبن دوراً سياسياً بالغاً، اقض عرش الرجال في العاصمة الألمانية، لإعتدادهن وإصرارهن على تحقيق المساواة والعدالة ولو بشكل بطئ وحثيث، ولا عجب في ذلك وهن في عقر رأسمالية التيسترون، وهن من تربين على قوة إرادتهن المستقلة بإتخاذ قرارتهن المهمة في حياتهن الشخصية والعامة، بعيداً عن قمع الذكور.

وبإعتبار يوم 8 آذار عطلة رسمية إحتفاء بالمرأة في برلين، لايعني ذلك إنتصار المرأة لحقوقها. فالطريق لايزال طويلاً ووعراً، بالرغم من أن العالم يعتبر أن المرأة في أوربا متقدمة في الحصول على حقوقها. فهي لاتزال محرومة من التعادل في مرتبها كزميلها ومحرومة من فرص العمل العادلة كالرجل، بسبب كونها أم. فلا تكافؤ في وظائف راقية وإنخفاض رواتبها التقاعدية مقارنة بالرجل، لإضطرارها للعمل ساعات أقل بسبب امومتها. ونظرة الرجال الدونية لكفاءة المرأة وقدرتها العقلية وإن كان بشكل مخفي وتحرشهن بها في محلات العمل، وخاصة إن كان الرجل في منصب أعلى من المرأة، وإستغلاله لهذا الظرف لخوفها من فقدانها لعملها إن أبلغت عنه.
كل هذا وأكثر بكثير جداً، لاتزال الأشواك وآلام وإضطهاد المرأة وبشكل مرعب ومهول، في السلام والحرب. فلا قوانين تحميها ولاتعليم أو عمل يوفر لها إستقلاليتها. ومع تزايد المد الهولاكي الديني القبلي، أصبحت كما في العصور الغابرة التي ظننا أنها ولت، عرضة للإغتصاب سواء تحت مسميات الشريعة كتزويج الطفلات والقاصرات، الى إغتصابهن بعد كل حرب من قبل المحتل، والمحرر ربما فيما بعد. وقوانين الطلاق والزواج المجحفة، والسلوك الإجتماعي ومعاملتهن بإعتبارهن سلع، الا إن كانت ملك أحدهم، فضلاً عن مساهمتها هي الأخرى بظلم نفسها وظلم أخواتها وبناتها. وهكذا هلم جرا والكثير جداً مما لم أذكره، يستمر ناعور الظلم بالدوران والحمار لايكل عن إدارته، ونهزأ منها ومن أنفسنا، ونحن واقصد بـ نحن كل من يعتبر نفسه واعياً وليس مثقفاً، فالوعي لا علاقة له بالثقافة، نفتخر بأن نهدي لها وردة أو تهدي هي لنفسها في يوم يجسد ولايختزل به آلامها.
فكيف نحتفل بيوم، وفي كل يوم وأي بقعة بالعالم تبكي او تُهان أو تُظلم به إمرأة، كيف ؟!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حماس تواصلت مع دولتين على الأقل بالمنطقة حول انتقال قادتها ا


.. وسائل إعلام أميركية ترجح قيام إسرائيل بقصف -قاعدة كالسو- الت




.. من يقف خلف انفجار قاعدة كالسو العسكرية في بابل؟


.. إسرائيل والولايات المتحدة تنفيان أي علاقة لهما بانفجار بابل




.. مراسل العربية: غارة إسرائيلية على عيتا الشعب جنوبي لبنان