الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نقاط في الشيوعية والإعلام

المنصور جعفر
(Al-mansour Jaafar)

2019 / 3 / 13
الصحافة والاعلام



يعرض هذا المقال بعض النقاط المهمة في تركيبة الاعلام الليبرالي (أي الموافق على حرية تحكم السوق في معيشة المجتمع)، وعن إقصاءه الشيوعية، وعن امكان زيادة نشاط الاعلام الشيوعي في الحاضر والمستقبل.


1- قوانين القمع:
في أكثر دول العالم يقوم الإعلام (الرسمي) الملتزم خط الدولة ومؤسساتها الكبرى بحجب الأخبار والنشاطات الشيوعية وكانت (بداية) هذا القمع في عشرينيات القرن العشرين حيث صدرت قوانين "مكافحة النشاط الهدام" في مختلف الدول الإستعمارية ومستعمراتها وكل الدول القائمة على الإستغلال والتهميش. ومع انتصار حركة التحرر الوطني في العالم وهزيمة نظام الإستعمار العسكري، جاءت قوانين"أمن الدولة"، و"منع إثارة الكراهية" و"حفظ السلم الإجتماعي" كبدائل جديدة لقوانين "مكافحة النشاط الهدام" ، هذا فقط في جهة القوانين الحاكمة لتشاط الإعلام في دول الإستغلال والتهميش.


2- ممارسة التضليل:
في أحسن حالاته يرتبط الإعلام الليبرالي بالانبتات واللاانتقاد أي بـ"الحوادثية" و"الإلحاد" فهو بدعوى التنوع والإحاطة يعرض لأحداث متفرقة، ولايبين عواملها الموضوعية ولايضعها، في خط ذهني أو في خطوط ذهنية تفيد اتساق وتطور المعرفة بها.

فمن مباراة بكرة القدم إلى برنامج عن نوع من الأسماك، أو الطيور، يعده لقاء مع مغني، ثم نشرة اخبار سلبية عن الآخرين و بأخبار فوقية عن الوضع الداخلي، بعدها فيلم خارم بارم، ثم نشرة مقتضبة، وبين هذه وتلك مسلسلات فارغة وإعلانات تجارية. وفي كل هذا اللاتاريخ واللا مجتمع، لا يفتح الإعلام الليبرالي مجالاً منظوماً للإنتقاد الفني أو الانتقاد الأدبي أو الرياضي أو السياسي إلا بعض منولوحات أو لغو في مباريات مصارعة كلامية، ويأتي كل هذا الضلال في ممارسة (الإعلام) ممزوجاً بكمية من المعلومات الناقصة والمبالغات والتقديرات المغرضة في شكل عالمي لممارسة التضليل Misinformation .


3- شبكة ااتقييد:
في مراكز الليبرالية تؤثر شبكة من الهيئات على العمل الإعلامي، فإضافة إلى تزوير نهج التاريخ في مؤسسات المعرفة الرأسمالية في الدول الإمبريالية توجد إدارات رقابة على الإعلام، وهناك وكالات التحقق من الإنتشار تراقب الصحف والمجلات والوسائط غير الشيوعية، وتكشف للجهات الأمنية والتحارية نقاء السطور وما بين السطور من كل الاشارات المعادية للقيم الليبرالية أو للنشاط الرأسمالي في المجتمع ومدى تعزيز الصحيفة أو المؤسسة الاعلامية لـ"حرية التملك"،ضد كل رأي يدعو للتأميم، ومدى نصرتها لـ"حرية السوق" ضد كل رأي يدعو للتخطيط المركزي والتنمية، ومدى تعزيز موادها "لانتظام عمل المؤسسات" ضد كل رأي يدعو لإضراب مفرد في مؤسسة كبرى أو جمعي في قطاع عمل، ومدى دعم اعمال المؤسسة لـ"حرية وخصوصية الأعمال التجارية" ضد كل منتقد للإستغلال والتشييئ والتهميش المنتج بهذا الإستغلال. وهذه الوكالات الموصولة بادارات استخبارية في جهة ترتبط بشركات الإعلان والعلاقات العامة في جهة أخرى مقاربة لجهات الرقابة والاستخبارات Intelligence.


4-رئاسة التحرير والتقييد:
وسط مربع: 1- "القانون" 2- "إدارات الرقابة" و3- "وكالات التقييم" و4- "شركات الإعلان" ، يأتي دور ادارة المؤسسة الإعلامية ورئيس تحريرها، في صياغة خطها العام بدايته ونهايته تعزيز إحترام الرسملة في المجتمع. وأساس هذا الدور مراعاة المحاذير جهة أعمال البنوك والشركات العظمى، وجهة الإستقرار السياسي وجهة كبراء النظام ثم كبراء الدولة، وبأسلوب يخدم مصالح قمم الدولة بما يرضي قمم السوق، ومراعاة لمصالح قمم السوق بطريقة قد توافق كل قمم الدولة أو بعضها، إضافة إلى ترضيات أخرى لبعض قمم الفئات الوسطى وهي المستهلك الرئيس لمواد الإعلام والسوق والجمهور الأساس لنظام الحكم. وفيها شرائح ثقافية يسارية أو شيوعية لكن لافرصة حرة لها في مؤسسة الإعلام الرسمي، بل مجرد تعليقات متفرقة في برامج تلفزة أو صحف.


5- وحدة المضمون السياسي لنشرة الأخبار:
من السياق التقييدي لنشاط المؤسسة الاعلامية المرسملة الأسس والأهداف والتمويل تأتي الوحدة العامة لنشرة الأخبار والبرامج السياسية في الدول الامبريالية وتوابعها واتسامها بطبيعة زيف وكونها منبتة لا تاريخية ولا موضوعية ولا انتقادية، بل حوادثية ومضادة لأي ايمان يقيمة إجتماعية بل مروجة ناعمة للرسملة والأنانية.

يبدا عملها بتكرار نشر الأخبار السلبية ضد كل قيمة أو ممارسة إجتماعية وبهذا التشنيف يروج الإعلام (الرسمي) للإلحاد الثقافي والفراغ الفكري إلا ضد الإستهلاك والتسوق، فتأتي أخبار الأزمات والنزاعات في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية ضد فكرة "التحرر الوطني" في العالم الثالث، وتقدم أخبار "الأزمة الاقتصادية" كضد للتوافق السياسي، ومعها الأخبار عن "الفساد" كضد لنجوم السياسة (المخالفين) وأخبار الفشل الأخلاقي كضد للإيمان الديني، والأخبار عن "الجريمة" ضد فكرة الأمن، وكذلك أخبار المتعة الشخصية والأطوار الغريبة ضد الإيمان بـ"الدور الإجتماعي للفن"، وحتى بعض المقالات عن سيطرة السوق وعناصر الدولة على مؤسسات الاعلام كضد للايمان بـ"الدور الإجتماعي للإعلام"، وكذلك أخبار سلبية شتى عن كل منشط إجتماعي أو قيمة إجتماعية، تقريباً، نأهيك عن عرض أخبار الشيوعية، والحركة النقابية والتقدمية، ومن ثم لا يبقى آمناً في ذهن الفرد في مجتمعات الإستغلال والتهميش الكبرى وتوابعها سوى التسوق لاشباع الذات، لكن بدخل محدود.

ودالة على التضليل ظن هذا الفرد ان دخله محدود اما بحكم طبيعة تعليمه أو بحكم العرض والطلب، ولايفكر أبداً في دور النظام الإقتصادي في صناعة فرص العمل ووضع أسعار منتجاتها وأسعار عمل منتجيها أو في مختلف قطاعات الإقتصاد.

وبشكل عام فان الإعلام الرسمي أو الكبير، في كل دول الإستغلال يولد إلحاداً سوقي الإيمان ضد كل قيمة إجتماعية، وهو بذلك لايمنع شيئاً بصورة حادة قاطعة أو بفظاظة بل بشكل مرتب ناعم يعزز الإستغلال الرأسمالي لكل شيء.


6- وضع الآخر الشيوعي في الإعلام الليبرالي:
في هذا الخضم المسمى "إعلام" فان مطالب الطبقة العاملة في مختلف بلدان العالم وكل انتفاضات وثورات الشعوب لا تأخذ في نشاط مؤسسات الاعلام العظمى وتوابعها مكانتها التاريخية، ولا تعطى سمتها الإنتقادية التي تليق بكونها معبرة عن آلام وآمال وأحلام ملايين البشر، بل تقدم كحدث واضطراب سلبي يجعل المشاهد أو القارئي أو السامع حامداً ربه على النعمة التي يعيشها، رغم أنه مُستغل ومهمش ومسروق ومنهوب ومجبر على المشاركة بضرائبه وديونه وسكوته في جرائم عالمية كبرى لاستعمار ونهب الشعوب، والتحكم الأناني في معيشة ومستقبل الانسانية لصالح بعض أصحاب البنوك والشركات العظمى.


7- لوازم الشيوعية:
في هذا الخضم المسمى "إعلام" لا يمكن تحقق الدور الاعلامي الدولي لكل حزب شيوعي بمفرده بل بعمل منظوم لكافة الأحزاب الشيوعية. لكنها منساقة مع ظروف قوانين دولها منذ حل "الكومنترن" ترفض قيام مركز شيوعي عالمي واحد، وتكتفي بالوحدة النظرية والسياسية العامة وبالتضامن المؤقت عند الملمات. كما ان قوانين الإتصالات الدولية صارت تمنع الترخيص لمؤسسات "تبث الكراهية" أو "تهدد استقرار" أو "أمن الدول" أو "السلم العام" في الدول، إلا ان هذا الدور أنيط لمؤسسات إعلام مصطنعة إمبريالياً بعضها "صوت الحرية" الأمريكية ضد الشيوعية في لغات أوروبا وبعض آسيا وبعضها القسم الخارجي لهيئة البي بي سي البريطانية، وصحف ومواقع انترنت في بعض الدول تحقق الأهداف الإقليمية للامبريالية في اضعاف مجتمعات الاقليم وتهميش وإطفاء الأفكار التقدمية و الشيوعية ولو بتعزيز الآراء الإمبريالية في نشاط الجزيرة ضد الجمهوريات العربية والسعودية والإمارات واطلاعات ضد ايران، وصحافة الوطني الديمقراطي في جنوب افريقيا، وكمية من الصحف والمواقع في دبي ومصر ولبنان والعراق، فهي تحقق الأهداف الإمبريالية في منطقتها تحت اسم "دعم الديموقراطية" أو تحت شعار "الابتعاد عن الخلافات السياسية"!

بشكل عام صار النشاط الإعلامي العالمي المغير لحكومات الدول محصوراً في وكالات ومؤسسات الإعلام في الدول الإمبريالية، وتوابعها بل إن الاعتراض على السياسات الداخلية لدول أخرى تحول من كونه جريمة وصار حقاً تحتكره لنفسها الدول الإمبريالية (أمريكا وبريطانيا وتوابعها الثلاثة أستراليا ونيوزلاند وكندا)، وفرنسا وهولندا وألمانيا بمشاركة من اسبانيا والبرتغال وإيطاليا في أحيان) ولولا إستعمال روسيا والصين لحق النقض في مجلس الأمن، ولولا نضال قوى السيادة الشعبية في مختلف الدول، لساء حال العالم أكثر.


8- الاعلام البديل:
لكل حزب شيوعي في أي بلد نشاطه الإعلامي المعبر عن نشاطه واهدافه، ويمتاز الشيوعيون بنشاطهم الانتقادي الكثيف ضد أسس ونشاط وأهداف "الرأسمالية" وضد صورها المختلفة الشكل "الفاشستية" و"الرجعية" والليبرالية لكن مع موجات القمع يلاحظ قلة وانخفاض النشاط الشيوعي ضد الأفكار والآراء الليبرالية لعل ذلك من كفاح بعض الشخصيات والصحف ضد الرجعية الدينية والفاشستية، لكن التيار الليبرالي مشهر لعلمانيته فقط لمزيد للإنفراد بالسوق أو لتعزيز سيطرة السوق وديكتاتوريته على معيشة الناس.

وعلى اي كان موقف الليبراليين من الشبوعبة أو موقفها منهم فإن زيادة النشاط الإعلامي في اي بلد تتطلب بناء وإدارة حوالى خمسين موقع إعلامي في الإنترنت موقع لكل فئة أو لكل فئتين (موقع العمال، موقع الطلاب، موقع المزارعين إلخ) تدار على مدار كل ساعتين على الأقل بما يعادل 12 ساعة في اليوم الواحد مدى الحياة، بمتفرغين أو أكثر لكل موقع آي مائة متفرغ على الأقل . وفوق هذه المواقع يحتاج كل حزب شيوعي إلى 3 صحف صديقة واحدة في الأوساط الرجعية وواخدة في الأوساط التقدمية والليبرالية، وثالثة لرؤى "المركز والهامش" ورابعة للفنون وللآداب والثقافة. ومثلهم ثلاث إذاعات مسموعة، وقتاة تليفزيونية او أكثر. تروج لمحاسن تكامل الديموقراطية في السياسة والإقتصاد والمجتمع والثقافة وتوضح مسالب وخطر الأنانية والإحتكار .

بالجملة يحتاج كل بلد إلى حوالى خمسمائة متفرغ بالامكان ان يعملوا كمؤسسة تعاونية ذات دخل مالي، لكن في السنتين الأوائل يجب ان تحدد لها ميزانية من الأفراد ومن جهات ممولة، وفي ذا لي معلومة غير مؤكدة عن ان جريدة سودانية صدرت خارج السودان في بلد رخيص الطباعة قبل أكثر من عشرين سنة وكانت تكلفة إصدارها وطباعتها من ثمانية صفحات كبيرة حوالى تلت مليون دولار مقسطة على شهور السنة، وكان دخلها من بيع نسخها -بدون إعلانات- في دول الخليج العربي يعادل أكثر من ثلاثة مليون دولار في السنة (آنذاك).


9- الأمل:
بالإمكان تطوير علاقات الدولة والمجتمع بالإعلام عبر صحافة المؤسسات بتطوير علاقة المؤسسات بالديموقراطية النقابية. هذا فيما يتعلق بمواقع الفئات.

أما في التلفزة فبإمكان الأحزاب الشيوعية العربية وحلفاءها القيام عبر تنسيق إقليمي وحتى أوروبي بتشغيل قناتين عربيتين، لكل منها أسلوب مختلف.



كواشف:

Robert Goldstein
Little “Red Scares”: Anti-Communism and Political Repression in the United States, 1921-1946
Ashgate, 2014,
https://books.google.com/books?id=ouIoDAAAQBAJ&-print-sec=frontcover&source=gbs_ge_summary_r&cad=0#v=onepage&q&f=true


Edward S. Herman & Noam Chomsky
Manufacturing Consent, The Political Economy of the Mass Media
Random House, 1988 >>2002>>2011
https://www.google.com/books/edition/_/7AVTUrJyFUwC?hl=en&gbpv=1



Mark Hertsgaard
Progressives Need to Build Their Own Media
The Nation, March 2017
https://www.thenation.com/article/progressives-need-to-build-their-own-media/








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أصفهان... موطن المنشآت النووية الإيرانية | الأخبار


.. الرئيس الإيراني يعتبر عملية الوعد الصادق ضد إسرائيل مصدر فخر




.. بعد سقوط آخر الخطوط الحمراءالأميركية .. ما حدود ومستقبل المو


.. هل انتهت الجولة الأولى من الضربات المباشرة بين إسرائيل وإيرا




.. قراءة عسكرية.. ما الاستراتيجية التي يحاول جيش الاحتلال أن يت