الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليسوا سواء، ولسنا سواء

نجم الدين رشيد خورشيد
(Najmadeen Rashid Khorsheed)

2019 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


اليوم، امرأة انجليزية اوقفت زوجتي في الشارع وسلمت عليها حينما عرفت انها مسلمة، كونها ترتدي الحجاب، وتعتذر عما حدث في نيوزلندا بحق المسلمين، دون ان يعرفها أصلا!
(ليسوا سواء)، مبدأ قرآني عظيم يعلم البشرية ان لا نعمم التصرفات الفردية التي تبدر من شخص او بضعة اشخاص على جميع من ينتمي اليهم ذلك الشخص او تلك المجموعة، سواء كان ذلك دينا، او قوما، او عرقا او جماعة متميزة.
ما حصل اليوم بل ويحصل كل يوم تحت شتى المسميات يجب ان لا يقودنا الى اتهام الجميع المنتمين الى ذلك الدين او الجماعة بما قام به فرد اومجموعة من الافراد تنتمي اليها. كما ان مبدأ (ولاتزروا وازرة وزرة اخرى)، هي الاخرى تحث البشرية على عدم تحميل اخرين جريرة فعل لم يرتكبه هي او هو. منذ 2013، والى اليوم انا اعيش في بريطانيا، لم ارى سوى الخير من هذا المجتمع ومن نظامه الذي ينظر الى الجميع بعين واحدة، الا وهو عين علوية القانون ، والناس سواسية امام القانون بغض النظر عن ما يحملونها من خلفيات. حتى اولئك الذين يأتون الى هذا البلد للدراسة امثالي، لدينا نفس الحقوق الصحية والتعليمة. اولادي يدرسون في نفس المدرسة التي تدرس فيها اطفال المواطنين الانجليز، زوجتي تتلقى نفس العلاج في مستشفياتها التي تتلقاها المواطنون الانجليز. الكل سواسية امام القانون والنظام بشكل عام. الناس احرار في ممارسة طقوسهم وشعائرهم الدينية وفي مساجدهم ومعابدهم. لاتخلوا جامعة بريطانية من مسجد او ما يسمى اسلامك سوسايتي ( تجمع الطبة المسلمين) وفرتها الجامعة لهم ليمارسوا شعائرهم بكل حرية، مع توفير الدعم المادي والمعنوي في مناسباتهم واعيادهم. في جامعتنا (Sussex) في مدينة برايتون، وفرت الجامعة لنا قاعة للطلبة المسلمين تم تحويلها الى مسجد، يقام فيها خطبتين للجمعة!، مع منح مبلغ مالي في كل مناسبة و نشاط يقوم به التجمع الطلابي المسلم، مثل افطار رمضان، بل حتى النشاطات التي تقوم بها هؤلاء الطلبة والتي تحمل طابع دعوي تحصل على دعم مالي من(Student -union-) اتحاد الطلبة!. بل العجيب في الامر ان اغلب الدعاة والمشايخ المسلمين الذين فروا من بطش انظمتهم، التي تدعي الاسلام، حصلوا على الامان في هذه البلدان! الاف المساجد في بريطانيا ابوابها مفتوحة للمسلمين، في كل الاوقات، سواء للصلاة او لتعليم اطفالهم الاسلام والقران. نعم وبلاشك هنالك بعض المتطرفين وبعض الجماعات العنصرية التي تنشر الكره ضد المسلمين، ولكن هؤلاء قلة لاتمثل جميع البريطانيين والانجليز، بل انهم منبوذون من قبل المنصفين والعقلاء من الانجليز. نعم حصلت جرائم قتل بحق المسلمين من قبل هؤلاء المتطرفين والعنصريين، ولكن هذه الجرائم اعتبرها امراً تحصل في بلد سكانه يتجاوز الـ70 مليون. كما انها تحصل ايضا في بلداننا مع بعضنا البعض لاتفه الاسباب، بل لاسباب دينية ومذهبية كما نراه كل يوم.
تعلمنا من هذا المجتمع الكثير من الاخلاقيات الجميلة والتي هي انسانية بدورها لها طابع كوني فطري. مع التأكيد على ان المجتمعات البشرية ليسوا سواء! العنصرية والتطرف والكراهية موجودة في كل المجتمعات، ويجب ان لاتعمم على الجميع. لاتوجد مجتمع ملائكي واخر شيطاني، بل الاثنين من هذه الصفات تحملها هذه المجتمعات، قد تزيد او تنقص بحسب الظروف والازمنة. خلال السنوات العيش في هذا البلد، لم اشعر يوما بأي خوف بسبب ما اكتبه او اقوله في كتاباتي! عكس ما أحمله من خوف في بلداننا التي تدعي انها مسلمة!! في اي عمل قمت به خلال هذه السنوات أديت صلاتي دون خوف وخجل، بل حينما اطلب منهم أنني اريد ان اصلي واريد وقتا لذلك، بكل رحابة صدر يقولون طبعا اذهب بل ويهيئون المكان لي ان كان ذلك ممكنا. صليت امام اعين الناس في محطات القطارات في اكثر من مرة، لم اواجه اي ازدراء او كلام عنصري! نعم ليست في أية مبالغة حينما اقول لم اشعر باي خوف ولا لحظة طيلت هذه السنوات! عكس ما نشعر به في بلداننا من الانظمة التي تتحكم في مصائرنا وفي ديننا وفي عقائدنا بل حتى في تفكيرنا واحلامنا!
انظروا الى سجون السعودية التي تحمل راية التوحيد، كما تزعم نظامها، كم من عالم يعذب فيها!؟ انظروا الى الجمهورية الاسلامية الايرانية، كما يسمونها! كم قتلت من الدعاة والشباب المسلم وزجت بهم في سجونها وما زالوا ؟! نعم انا حر والناس احرار في هذه البلدان الغربية، اكثر بكثير من بلداننا التي فر الناس منها وركبوا البحر لينجوا من بطش انظمتهم. ما قلته هو الكلام عن هذه المجتعات ونظامها القانوني والدستوري، وليس القصد منها سياساتها الخارجية وما تقوم بها في بلداننا، وليس القصد منها كل الاحزاب السياسية والجماعات على انهم ملائكة. بل نعيد ونكرر ليسوا سواء ولسنا سواء، بل كنا طرائق قددا، منا ومنهم الصالحون ومنا ومنهم دون ذلك. نعم للعيش معا كاخوة انسانية تحترم عقائد وشعائر بعضها البعض، لا لسفك الدماء تحت مسميات لم ينزل الله بها من سلطان.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال