الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى متى تستمر -المندوبية الوزارية- في إقصاء الإبداع والمبدعين؟!

علي بنساعود

2019 / 3 / 16
المجتمع المدني


كما في السنوات السابقة، أقصت المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان الجمعيات الثقافية العاملة في مجال الآداب والفنون من تقديم مشاريعها والتنافس مع سواها من الجمعيات الحقوقية والتنموية للظفر بتمويل في واحد من المجالات التي تشتغل عليها المندوبية الوزارية.
هذا ما يمكن أن نستشفه من إعلان نشرته المندوبية الوزارية أخيرا، يتعلق بـ "طلب عروض مشاريع لفائدة الجمعيات والنقابات العاملة في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها برسم سنة 2019".
يدعو هذا الطلب الجمعيات إلى تقديم "مقترحات مشاريع، لعقد شراكة مع وزارة الدولة المكلفة بحقوق الإنسان، تندرج ضمن المحاور التالية:
1. تعميق النقاش والحوار العمومي مع كل مكونات المجتمع بخصوص انضمام المغرب إلى البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام،
2. إطلاق ديناميات جمعوية لتعميق النقاش وتوسيع مجال الحوار بين كافة مكونات المجتمع بخصوص مصادقة المغرب على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية؛
3. إطلاق ديناميات جمعوية لتعميق النقاش وتوسيع مجال الحوار بين كافة مكونات المجتمع بخصوص انضمام المغرب إلى اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 87 المتعلقة بالحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي؛
4. إطلاق مبادرات جمعوية وبرامج للتحسيس والتواصل من أجل:
1. تعديل المادة 53 من مدونة الأسرة لأجل كفالة الحماية الفعلية للزوج أو الزوجة من طرف النيابة العامة عند الإرجاع إلى بيت الزوجية؛
2. إعادة صياغة المادة 49 بما يضمن استيعاب مفهوم الكد
والسعاية،
3. مراجعة المادة 175 بإقرار عدم سقوط الحضانة عن الأم
رغم زواجها؛
4. تعديل المادتين 236 و238 من أجل كفالة المساواة بين الأب والأم في الولاية على الأبناء."

والملاحظ هو أن طلب العروض هذا لم يأت بأي جديد، بل إنه، وكما في النسخ السابقة، واصل إقصاء الجمعيات العاملة في مجال الآداب والفنون المختلفة، من الترشح وتقديم مشاريعها، حيث اشترط أن تكون الجمعيات المرشحة لتقديم المشاريع "جمعيات حقوقية... ينص قانونها على ذلك..." وأن تتوفر على:
• تجربة وخبرة في مجال حقوق الإنسان؛
• تجربة وخبرة في أحد المجالات المحددة في الإعلان؛
• خبرة في مجال التخطيط وتدبير المشاريع؛
• شراكات سابقة مع قطاعات حكومية أو مؤسسات عمومية، أو فاعلين آخرين.
طبعا، لسنا في حاجة إلى أن نذكر السيد المندوب الوزاري أن العلاقة بين الفنون وحقوق الإنسان علاقة بَدَهِيَّة، على اعتبار أن الفنون إحدى أهم وسائل التعبير وتوثيق الأحداث ونقد الواقع المجتمعي، خصوصا في ظل واقع هش تواجه فيه حقوق الإنسان الكثير من المثبطات والعراقيل، إنْ على المستوى الرسمي أو الشعبي.
كما أننا لسنا في حاجة إلى التأكيد على أن النهوض بحقوق الإنسان وبثقافة حقوق الإنسان مشروع حقوقي وثقافي وبيداغوجي، ذو بعد مجتمعي شامل يهدف للتأثير إيجابا على العقليات والسلوكات، ويستدعي انخراطا واسعا من لدن الجميع.
وطبعا، فإنه، ولتحقيق هذا الهدف، لا بد من خلق دينامية تعبئ مجموع الفاعلين حكوميين وغير حكوميين، بمن فيهم الفاعلون في الحقلين الثقافي-الفني...
كما أننا لسنا في حاجة إلى استحضار توصيات هيأة الإنصاف والمصالحة، التي أكدت بدورها على وجوب "التركيز على بناء ما ينفع الناس، وما يفيد نمو ثقافة وطنية حرة، بفكر مبدع خلاق، ينبذ كل ما من شأنه أن يقف ضد حرية المواطن المغربي، مع ضرورة تجاوز الماضي وتخليده، بحفظ الذاكرة، وتقديم توصيات ومقترحات من شأنها طرح إصلاحات في المجال التربوي والثقافي، تروم بعث نشء مبدع قمين بمغرب القرن الواحد والعشرين..."
نقول هذا ونحن مستحضرون أن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان إطار مؤسساتي وطني من مهامه:
*إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، وذلك بتنسيق مع القطاعات الحكومية (وضمنها وزارة الثقافة) والمؤسسات الوطنية وكل الهيئات المعنية؛
على أن تنفذ هذه المندوبية مهامها "باعتماد مقاربة مبنية على الإشراك والتشاور مع مختلف الفاعلين المعنيين بحقوق الإنسان، (وضمنهم المبدعون والجمعيات المعنية بالفنون والإبداع)."
فهل يتدارك السيد المندوب الوزاري هذه الثغرة، ويفتح مجال التنافس والتباري أمام الجمعيات الثقافية – الفنية والمبدعين بمختلف تلاوينهم؟! لأن إشراكهم هو بمثابة فرصة وتحدّ أمامهم لتجديد آلياتهم وأدوات اشتغالهم، وجعل الفن والإبداع عموما في خدمة حقوق الإنسان، من خلال توظيف الثروات الثقافية والقدرات الفنية كالمسرح والموسيقى والسينما والتشكيل والدراما والقصة والرواية ومختلف مكونات الإبداع....
وكل هذا بهدف خلق دينامية تعبئ جميع الفاعلين لفائدة النهوض بثقافة حقوق الإنسان، والعمل -إبداعا ودعما- على أن يتمتع المغاربة كافة بحقوقهم وحرياتهم الأساسية بدون تمييز بينهم بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الجاه...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.. عشرات الطلاب يتظاهرون بالموت


.. ممثل صندوق الأمم المتحدة للسكان في فلسطين: ما رأيته في غزة ي




.. آلاف اليمنيين يتظاهرون في صنعاء دعماً للفلسطينيين في غزة


.. إيرانيون يتظاهرون في طهران ضد إسرائيل




.. اعتقال موظفين بشركة غوغل في أمريكا بسبب احتجاجهم على التعاون