الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجزرة نيوزيلاندا والصراع بين الارهابيين

عادل احمد

2019 / 3 / 18
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


المجزرة التي حصلت بحق المصليين في نيوزيلاندا والتي راح ضحيتها حوالي خمسين شخصا من قبل مسلح ارهابي عنصري صدمت العالم من بشاعتها كما صدم ارهاب ومجازر داعش العالم في حينها.. ان تصوير المجزرة وبثها بشكل مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي والرسالة التي تقف من ورائها، تعكس الواقع السياسي والاجتماعي لظروفنا الحالي وما يجري في العالم في المرحلة الراهنة. ان من يريد ان يفهم اساس هذه الجرائم البشعة والتي تحدث يوميا سواء في الشرق او في الغرب، ليس عليه الا ان يراجع لفترة من الزمن وان يمعن النظر قليلا في سياسات الطبقة البرجوازية العالمية وخاصة الغربية في العقدين الاخيرين، والتي ظهر وبرز فيها تيارات وأطراف من الطبقة السياسية البرجوازية والتي تتسم بطابع العنصرية والفاشية العلنية والمناهض للانسانية.
ان تدخلات الدول الغربية وخاصة امريكا وبريطانيا وفرنسا وروسيا في شؤون الدول واسقاط الحكومات وبناء القواعد العسكرية وارسال الجيوش والطائرات والصواريخ والاساطيل البحرية، وتحويلهم منطقة الشرق الأوسط وبعض المناطق الأخرى في العالم الى ميادين لصراعهم من أجل الحصول على أكثر ما يمكن من مناطق النفوذ، هي السبب الرئيسي لظهور الحركات الارهابية وأنتشار المجازر في الشرق الاوسط والتي تغذي الصراع من اجل النفوذ. ان وجود الجيوش والطائرات والصواريخ الغربية في الشرق يواجهها في المقابل الارهاب الاسلامي والقومي في الغرب ويتبادلون المجازر أحدهما مع الاخر. في الشرق تستخدم التيارات الاسلامية والمجموعات الارهابية لتأجيج الصراع وفي الغرب يستخدم العنصريين والفاشيين الجدد لادامة الصراع. ان المجزرة التي وقعت في نيوزيلاند هذه الايام والمجزرة التي وقعت قبلها في مدينة مونتريال الكندية او المجازر التي تحدث يوميا في المساجد في امريكا، تتماشى مع نفس الخط وهو الصراع مع التيارات الاسلامية، وبالمقابل التيارات الاسلامية ترتكب المجازر بحق الحكومات والمجموعات الموالية للغرب من اجل النفوذ والسيطرة. وان هذا الصراع هو صراع دموي بين طرفي الارهاب يدفع ثمنه الناس الابرياء في كلا الجانبين.
ان ظهور الترامبية في امريكا والتيارات اليمينة في اوروبا هي احدى سمات الاوضاع العالمية والواقع الراسمالي العالمي، ان العنصرية والفاشية والتفريق بين البشر حسب لون بشرتهم هي السمات الرئيسية لهذا التيار الرجعي، وبالمقابل المجازر الوحشية وحمامات الدم من قبل الاسلاميين هي السمات الرئيسية لهذا التيار ايضا. بعبارة واضحة الارهاب بشقيه الغربي والاسلامي هي سمات الاوضاع العالمية والتي تحمل في طياتها تعفن النظام الراسمالي والطبقة البرجوازية العالمية.
ليس في جعبة الطبقة البرجوازية العالمية من اجل ادامة عمرها الا خلق هذه الاوضاع وأخضاع المجتمع البشري لدوامة صراعاتها المتخلفة والمناهضة للبشرية وليس لديها حلول الا بهذه الطريقة الوحشية لادامة محرك الاقتصاد والاستمرار في السلطة. وصل النظام الراسمالي في عصر التكنولوجيا الى مرحلة ليس بامكانه الاستمرار الا الحكم بطريقة وحشية.. واذا يوجد احد مايزال يؤمن بديمقراطية الطبقة البرجوازية فليسمع الى اقوال فوكوياما اليوم بصدد النظام الراسمالي. ان حتى مهندسي ومفكري الطبقة البرجوازية ليس بامكانهم الدفاع العلني والصريح عن النظام البرجوازي وانما عليهم تقييم العيوب والماسي لهذا النظام.
ليس من الغريب بان برينتون تارانت المنفذ للمجازر على المسجدين في كريست تشرج في نيوزيلاند تأثر بدونالد ترامب كرمز لعقيدته بعد المجزرة، وليس نادما على ما فعله من اجل عرقلة الهجرة الى البلدان الغربية كما يفعل ترامب بحق المهاجرين، تلك المجزرة هي امتداد للسياسات الترامبية وسياسات الحكومات في هنغاريا وسلوفاكيا وبعض الدول الاوروبية الاخرى ايضا.. والان بدلا لوم الاعلام البرجوازي لسياسات الفاشيين والعنصرين امثال ترامب وغيره، يوجه لومه لقوانين الشركات مالكة مواقع التواصل الاجتماعي لعدم منع بث هذه الاجرام على الهواء اي ليس الاجرام نفسه مدان وانما وسائل نشره. يا لفضاعة الطبقة البرجوازية والتي تخفي الوحشية والهمجية والبربرية في دبلوماسية خطابها.. ان المجزرة بحق المصليين المسلمين ليس محض صدفة فيوجد في نيوزيلاند المهاجرين من غير المسلمين ايضا ولكن استهداف المسلمين دلالة على نوع الصراع اي اشعال الصراع بين التيارات الاسلامية والفاشية العنصرية. في الشرق الاوسط ايضا هناك استهداف للغرب ومصالحه ولكن تتم هذه العملية عن طريق العملاء احيانا اي المجموعات الموالية للغرب كما في اليمن وسورية والعراق وافغانستان.. وفي الغرب تغذي السياسات الترامبية المجموعات الفاشية والعنصرية والنازيين الجدد.
طالما لم تحضر الطبقة العاملة والاشتراكيين والقوى التحررية والانسانية للمواجهة وان تناضل بالضد من هذه السياسات البربرية سوف تتكرر هذه المجازر، كل مرة وفي كل مكان وبدرجة اكثر قساوة ووحشية. وبموازاة مع ما تخلفه الصواريخ الامريكية والبريطانية والفرنسية والروسية في تدمير لحياة الابرياء.. ليس امام البشرية الا التصدي لهذه السياسات الهمجية والوحشية عن طريق نضال عنيد ومتواصل بالضد من الطبقة الراسمالية العالمية وممثليها السياسيين البرجوازيين. ان انهاء العنف والارهاب هو من واجبات الطبقة العاملة والتي ليس لها أية مصلحة في ذلك وحسب وانما هي من اول المتضررين ومن اول الضحايا لهذه السياسات. ان هذه المجازر والوحشية هي مدانة وعلى التحررين ان ينددوا هذه السياسات على مستوى العالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي