الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حلكة الموت عند المستبد

عائشة التاج

2019 / 3 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


بعيدا عن ألاعيب السياسة ورهاناتها ، بوتفليقة يستحق الشفقة لأنه رهينة بين أيدي العصابة المستفيدة من الحكم حاليا وهو يجتاز أصعب مرحلة يواجهها الإنسان مهما كان ,
وفي نفس الوقت يستقبل "روحيا" هدير شعب غاضب وثائر وخائف عن مصير بلده ,,,
بوتفليقة سواء كان يصارع الآن الموت في أقسى الظروف وأحطها ,أو "مات فعلا "
يعيش كجثة أو ككائن نصف ميت " أسوأ ما قد يواجه "إنسان " وهو ألا يتركونك تلفظ "روحك بسلام",
لاشك أن السكينة تغدو في هذه الظروف مطلبا "عزيز المنال ولا أظنها صدفة أن يختار الحسن الثاني في أواخر عمره اسم "سكينة لأولى حفيداته لعله أدرك أهميتها ما بين ضجيج السلطة وأنين الضمير والجسد المتهالكين ,,,,
شخصيا أشفق على "بوتفليقة " من كل قلبي ، كما أشفق على كل من تحاصره مخالب السلطة وهو في أرذل العمر ،تتساقط أوراقه على ركح السياسة اللئيم الذي لا يعرف "الرحمة "بتاتا
لتصبح رهينة لتجاذبات تملؤها العدوانية والدسائس والخبث وهو لا حول له ولا قوة على الأقل في اللحظات عينها .
بالتأكيد أن أغلبيتنا لاترى في السلطة والحكم إلا تلك الصورة البراقة المحاطة ببريق "المجد " و"هبة "المتحكم في رقاب البلاد والعباد بكل عناصرها ,,,,المادية والمعنوية ,,
لكن ما بين تلك الدهاليز المظلمة عتمات أخلاقية من الحجم الكبير جدا جدا لايعرفها الناس العاديون ,مثلنا ,
الرسول محمد صلعم نفسه ،رغم مكانته المقدسة و ما قدمه لأهله وذويه من أمجاد لم تكن يوما منتظرة لدى صحراء العرب لم يرحم عند موته ,,,وتركت "جثته "بدون دفن ثلاثة أيام إلى أن تغير لونها نحو الزرقة كما ورد في كتابات الرواة لأنهم كانوا مشغولين بالبحث عن مآل للحكم وعن خليفة يضمن استمرار السلطة والقيادة لقريش ,

ولاشك أن الكثيرين من الحكام والمشاهير تحولت سلطتهم وشهرتهم وغناهم ومجدهم لنقمة تشوش على لحظاتهم الأخيرة أمام تلك التركة الرهيبة سواء كانت مادية أو معنوية ,
للسلطة والحكم تلك الوجوه البئيسة إنسانيا وأخلاقيا ،الكالحة السواد حتى وإن صبغت بكل المساحيق ,
هؤلاء الناس لايعيشون الحب كما نعيشه نحن لأن كل من يدعي حبهم هو في العمق يريد الاستفادة من فتات عطاياهم ,,,,هؤلاء الناس لايعرفون الدفء العائلي كما يعيشه البسطاء لأن حياتهم مقننة جدا جدا ولقاءاتهم العائلية تخضع لجداول زمنية محددة وإجراءات محددة ,,,,وبالتالي فالتماسك بينهم يغدو زائفا وسطحيا في أحسن الأحوال ,,,وليس صدفة أن العديد منهم غدر بأبيه أو عمه أو الزوجة تغدر بزوجا الخ
هؤلاء الناس محاطون في حياتهم وحتى مرضهم بجوقات من المنافقين تتصارع بكل الوسائل لأخذ ما يمكن أخذه قبل فوات الأوان ,,,,
هؤلاء الناس يعيشونفي العمق داخل هالات متعددة من "الزيف" ،
و"انعدام الأمان ,,,, لا يتحركون إلا بحراس يضمنون أمانهم الخارجي اما الأمان الداخلي فلاوجود له وقد يكون كبيت العنكبوت إذا ما توفر ,
لا يأكلون بتلقائية كما نفعل نحن لأنهم يستحضرون فرضية التسميم في كل لحظة وحين ,,,
هؤلاء الناس لا يتجولون في الأسواق وينعمون بجلبتها العادية خارج احتياطات أمنية رهيبة تحول كل حركة منهم إلى فعل مصطنع ومراقب ,,,,
مثلما يراقبون الناس عبر أجهزتهم الاستخباراتية المتعددة فهم أيضا مراقبون من مقربيهم أو ممن يجهلون من أشباح تحاصر كل سكناتهم ,,,, ،يعتصرهم شبح الخوف من اعتداء محتمل في كل لحظة وحين ,,,وقد يكون خوفهم من الشعب أكثر بكثير من خوف الشعب من جبروتهم ,,,,,
وطبعا تصبح هذه الأمور أكثر حضورا كلما اعتمد الحكم على الاستبداد والطغيان لتأبيد عمره المريض أطول مدة ممكنة ,
قد يغيرون الدساتير ،وقد تفلح جوقاتهم القانونية والسياسية والأمنية في إطالة أمد حكمهم لهذا الحد أو ذاك لكن هيهات
عاجلا أم آجلا تأتي الأمور التي لايستطيعون أمامها إلا الاستسلام لقانون الطبيعة ولجبروت القدر وحكم الواحد الجبار : إنه جبروت المرض و جبروت الموت ,,,,

لعل أخطر ما يواجهه الطغاة في أحلك فترات العمر "تيارات قوية كالرعد من "الطاقة السلبية "تبثها جيوش المظلومين بجبروتهم سجنا أو تفقيرا أو إهانات ,,,,,,,,تلك التيارات القوية من ذبذبات الغل والحقد والغضب والألم والمعاناة التي تسببت فيها سياساتهم تعود إليهم كي تنهال على أجسادهم المتهالكة أثقالا أثقالا ,,,,من الوجع الجسدي والنفسي وربما الفكري لأنهم قد يندمون حيث لاينفع الندم ,
يواجهون عذابات ضمير لا يمكن أن يموت نهائيا وهم على سرير المرض أو الموت لما اقترفوه أو ساعدوا بسلطتهم على اقترافه من "نهب للمال العام وسوء تدبير للموارد ومن حيف وأقصاء قد يكون طال هذه الفئات أم تلك ,,,,,,,
ليس سهلا أن تدير شؤون 40 مليون إنسان بالعدل والحكمة في غياب مؤسسات تساعد على ذلك وتضمن سلاسة السير العادي للشؤون العامة للبلاد والعباد ,,,,,قد تكون أغراءات
هذه الفراغات كبيرة لينحاز مالكو السلطة نحو التسلط بكل سهولة ويسكتون أفواه المنتقدين بالسجن والاضطهاد أو القتل أو الاغتيال حتى ,,كما يحدث ببلداننا العربية كلها بدون استثناء ,,,,لكنهم ينسون بأن وراء كل قوي من هو أقوى منه ,,,ينسون بأن عمر القوة البشرية قصير جدا حتى وإن لبست رداء الملك بكل بهاراته ،ينسون أن عند مواجهة جبروت المرض والموت سيتحولون بدورهم لمجرد فريسة قد يكثر مفترسوها بحجم ما تملك ,,,,,,ينهشون لحمها وعظامها حتى الفناء ,,,,,,إلى ان يأتي دورهم ذات زمن قريب ,,,,,
قد يسجل التاريخ الرسمي لهؤلاء "أمجادا" غير مستحقة أمام حجم الخرابات كما تعودنا سابقا لكن التاريخ الحالي له وسائل أخرى تتملكها الشعوب وقواها الحية وتوثق بدورها لما يحدث ,,,,,
تلكم بعض الوجوه الحالكة التي لاتظهرها بهارات السلطة وبريقها بتوقيع عربي يرتكز على الفساد والاستبداد ,,,,,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صواريخ إسرائيلية -تفتت إلى أشلاء- أفراد عائلة فلسطينية كاملة


.. دوي انفجارات في إيران: -ضبابية- في التفاصيل.. لماذا؟




.. دعوات للتهدئة بين طهران وتل أبيب وتحذيرات من اتساع رقعة الصر


.. سفارة أمريكا في إسرائيل تمنع موظفيها وأسرهم من السفر خارج تل




.. قوات الاحتلال تعتدي على فلسطيني عند حاجز قلنديا