الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين براثن العسكر

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ان الحديث عن مساوئ الحكم العسكري والأسباب المنطقية التي تجعل من وصول العسكر الى الحكم كارثة محققة لا تؤدي الا الى دمار البلد وانهيارها على كافة الأصعدة قد يبدو مبتذلا ومكررا وقد قتله الأولون والأخرون بحثا وتمحيصا ودراسة.
ولكن عندما تعيش تحت براثن حكم عسكري فاجر يمسك بتلابيب السلطة ولا ينصاع لأي قوانين ولا يقبل بأي مراجعة سيتكشف لك في كل يوم جحيم جديد ومآسي حقيقية تجعلك تعيد وتكرر ما قاله مئات والاف وربما ملايين الناس عن مساوئ الخضوع للحكم العسكري وما قد يفعله بالبلاد والعباد من جرائم فادحة يبدو فيها الموت وسيلة مناسبة للخلاص من القهر والتنكيل بالنسبة للكثير من ابناء الشعوب المبتلاه بالحكم العسكري.
ان دخول العسكري في السياسة يعني ان يحمل معه فكر الطاعة العمياء الى الدولة ككل، فعلى الجميع طاعة من هم في المناصب العليا وحتى لو اسقطوا الدولة في الديون وباعوا ثرواتها ومقدراتها واثقلوا اعناق وظهور الشعب بالضرائب والغلاء وساقوه بالعصا الغليظة.
أن العسكري يفعل ما يشاء بمن هم أدنى منه مرتبة ويمكنه أن يأمرهم بما شاء وينكل بهم ويعاقبهم بالطريقة التي يراها بدون مرجعية من أحد حتى أن هؤلاء يعتقدون أنهم أصبحوا ألهة يأمرون فيطاعون، ومن يمارس حقه الطبيعي كمواطن في الرفض أو الاحتجاج أو حتى المناقشة والعرض والتبيين يثير لديهم الضغينة ويجعلهم يمارسون عليه ساديتهم وعقدة الاله التي يعانون منها، هم لا ينصاعون الى القوانين وينتظرون أن ينصاع لهم القانون والقضاء والارض والشجر والحجر وبالطبع البشر.
ولذلك ينقسم الشعب في ظل الحكم العسكري الى عبيد ومضطهدين، فأما العبيد فهم الذين يقبّلون كعب البيادة صباح مساء ويفعلون ما يؤمرون ولو كانت افعالهم تمثل جريمة في حق الدولة وفي حق غيرهم من المواطنين، وأما المضطهدين فهم كل انسان لديه شخصية أو فكر أو موهبة أو يتمتع بأدنى درجات الكرامة والشرف والذي يريد أن يعيش في دولة يحكمها القانون وليس مجموعة من الأشخاص الذين تقمصوا دور الالهة وصدقوا أنهم ألهة وغذى عبيدهم فيهم هذه النزعة المريضة.
ولذلك يقوم النظام العسكري بجعل من يعارضه امثولة لغيره مهما كانت معارضته سلمية، ومهما كانت مطالبه مشروعه ومهما كان ما يقوله منطقيا ولا يصنف الا ضمن كل ما هو صحيح وخير وحقيقي.
ان العسكر لا يبنون المدارس والجامعات ويغلقون المكتبات ويحاربون كل مثقف ويغلقون دور النشر والصحف والمواقع الالكترونية، لأن عدوهم الأول هو العلم والفهم والتفكير النقدي المنطقي العقلاني، وفي المقابل يبنون السجون ويكدسون السلاح ويتحكمون في الاعلام بشكل كامل وفي القضاء وفي البرلمان حيث لا تسمع في بلد تعداد مواطنيه 100 مليون الا صوت العسكر.
ومهما كان صوتك المعارض ضعيفا وهزيلا ولا يسمع وسط الجوقة التي تمجد الزعيم وتتغنى بانجازات ليس لها وجود فإن صوتك الصغير هذا سيؤرقهم ويؤلمهم ويثير حفيظتهم حتى أنهم قد يبذلون جهدا غير عاديا وينفقون اموالا طائلة فقط للتنكيل بك ولو صمت، ولو انعزلت، ولو اثرت الابتعاد، ولو سكنت في جحر ضب، فمجرد رفضك الداخلي لأفعالهم يجعلهم في حالة من الجنون الذي لا يكفيه تنكيل بك ولا يشبع مما يحدثه بك من ألم.
العسكر يدمرون المعارض وكأنه ألد اعدائهم يعملون على تدمير مهنته وسمعته وعزله وحتى تدميره جسديا، وهم لديهم الصبر والمال والقوة البشرية حيث انهم يفعلون ما يشاؤون ولا يُسألون عما يفعلون ويمكنهم ان يستمروا في التنكيل بك بوسائل لا تخطر على بال انسان يتمتع بالعقل.
ان درجة ما يتمتع به العسكر من سادية شئ مفزع في حقيقة الأمر ولا يلمسه الا من وقع ضحية بين ايديهم، هم لا يرحمون ولا يكتفون ولا ينسون أن تكون انسانا لديك عقل وفكر وكرامة، فالمدني من وجهة نظرهم عبد لا يجوز له التفكير أو الاعتراض.
المدني اداة لتنفيذ مشروعاتهم ورؤيتهم وليس عليه أن يراجعهم أو يسألهم أو يستفهم عن السبب وراء أفعالهم مهما بلغ حمقها ومهما خلفت من دمار وخراب.
انت كمعارض سيعتصرون الحياة منك قطرة قطرة وهم يستمتعون ومهما سلمت بأنك اضعف منهم ولا قبل لك بهم لن يكتفوا من التنكيل بك وحتى القضاء عليك فهذا ما يجعلهم يشعرون بقوتهم وهيمنتهم وسيطرتهم، التنكيل بالمسالمين، أما الارهابي والقاتل والسارق وكل صنوف الفاسدين فهم لا يحركون فيهم ساكنا فهؤلاء من النوع الذي يسهل قيادته والذي سيذعن لهم بصورة كاملة وبدون قيد او شرط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وسام قطب بيعمل مقلب في مهاوش ????


.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين في الجامعات الأمريكية: رئيس مجلس ا




.. مكافحة الملاريا: أمل جديد مع اللقاح • فرانس 24 / FRANCE 24


.. رحلة -من العمر- على متن قطار الشرق السريع في تركيا




.. إسرائيل تستعد لشن عمليتها العسكرية في رفح.. وضع إنساني كارثي