الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيتعلم المسلمون من نيوزيلندا؟

ناجح العبيدي
اقتصادي وإعلامي مقيم في برلين

(Nagih Al-obaid)

2019 / 3 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


هل سيتعلم المسلمون من نيوزيلندا؟

يذرف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان هذه الأيام دموع التماسيح على الجالية المسلمة في نيوزيلندا. غير أن الجميع يعرف أن "حزن" أردوغان ما هو إلاّ محاولة لتوظيف الاعتداء الإرهابي على مسجدين في مدينة كرايس تشيرش ومقتل العشرات من المصلين الأبرياء في هذا البلد البعيد بهدف فرض نفسه زعيما للعالم الإسلامي. كان الأحرى بزعيم فرع حركة الأخوان المسلمين بتركيا أن يتعلم من ردة فعل المجتمع النيوزيلندي المتحضر وقادته السياسيين على هذه الجريمة الشنيعة.
ليس من البديهي أن ترتدي رئيسة وزراء هذا البلد "المسيحي" ومعها نساء كثيرات الحجاب من أجل إظهار تضامنها وتعاطفها مع الجالية المسلمة. ولم يكن بث التلفزيون الرسمي لآذان وصلاة الجمعة أثناء تشييع الضحايا مجرد خطوة رمزية في بلد يتبنى مبادئ العلمانية ويؤمن بفصل الدين عن الدولة. كان ذلك جزءً بسيطا من الحملة الرسمية والشعبية المتواصلة لإظهار الإدانة للهجوم الإرهابي وللتأكيد على أهمية محاربة الأفكار العنصرية والمتطرفة وخطاب الكراهية والإقصاء بغض النظر عن مصدره وعن الجهة التي يستهدفها. لم تقف هذه الإدانة عند حدود البلد الذي وقعت فيه الجريمة، وإنما عمت مختلف بقاع العالم، وخاصة في أوروبا حيث تعيش جالية مسملة كبيرة، إضافة بالطبع إلى العالم الإسلامي. ومن الواضح أن غالبية مسلمي نيوزيلندا تتبنى موقف رجل الدين المسلم الذي أمّ المصلين أثناء تشييع الضحايا. فقد أبدى في خطبته تقديره العالي لتضامن مختلف فئات الشعب النيوزيلندي، وأكد على أن المجرم الإرهابي الذي تصر رئيسة وزراء البلد على عدم ذكر أسمه، لن ينجح في مسعاه الخبيث لشق المجتمع وتمزيق صفوفه.
رغم كل ذلك يشتكي الكثير من المسلمين مما يصفونه بقلة اهتمام الإعلام الغربي بجريمة كرايس تشريش، وينتقدون عدم لصق صفة "مسيحي" بالجاني. كما عزا كتاب وصحفيون من أصول إسلامية عدم خروج ساسة أوروبيين إلى الشارع للاحتجاج على الجريمة إلى سياسة الكيل بمكياليين ولأن الضحايا هذه المرة من المسلمين. للأسف يتعامل هؤلاء وكأن هذا الاعتداء هو أول هجوم على دار للعبادة في العالم، ويتناسون عشرات العمليات الإرهابية على مساجد في دول إسلامية عديدة حيث كان من الملفت للنظر أن أبطالها كانوا من المسلمين.
بينما كانت نيوزيلندا تعيش حالة الحزن على مسلميها الضحايا، تبنى تنظيم داعش تفجيرات استهدفت مزارا شيعيا في العاصمة الأفغانية كابول حيث قتل ستة أشخاص وأصيب عشرات آخرون كانت كل جريمتهم هي الاحتفال بعيد نوروز. مر الخبر مرور الكرام واكتفت وسائل الإعلام العربية بذكره وكأنه حدث ثانوي. لكن هذا الحدث لا يقارن بما حصل في شمال سيناء في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2017 عندما قُتل 235 شخصا كانوا يؤدون صلاة الجمعة في مسجد تابع للطرق الصوفية بمدينة العريش. صحيح أن مصر ودولا كثيرة شهدت حملة إدانة واستنكار واسعة، لكن السلطات المصرية قامت بدفن الضحايا في مقابر جماعية، ولم نسمع عن تأبين رسمي وشعبي واسع وحملة تضامن للمسلمين داخل مصر وخارجها مع أتباع الطرق الصوفية. أما السجل الأخطر والأكبر في هذا المجال فيتضمن عشرات، وربما المئات من الاعتدءات ضد مساجد وحسينيات ومراقد دينية في العراق، وكذلك الهجمات المتكررة التي تستهدف كل عام الزوار الشيعة في مناسباتهم الدينية. هنا أيضا التزم العالم الإسلامي الصمت إلى حد بعيد، طالما أن الأمر يتعلق بـ"الروافض". بل حتى المسجد النبوي في المدينة في السعودية لم يسلم من الاعتداء، وكان هدفا لهجوم انتحاري في منتصف عام 2016. هنا أيضا لم يقف وراء الهجوم يهود أو مسيحيون أو مجوس، وإنما مسلمون. ورغم أن الأمر يتعلق بـ"ثاني الحرمين" لم يخرج ملايين المسلمين للاحتجاج ولم يرفعوا شعارهم الشهير "إلاّ رسول الله" كما حدث مع قضية تافهة هي الرسومات الكاركاتورية للنبي محمد.
لا يختلف الأمر كثيرا فيما يتعلق باضطهاد الأقليات الدينية في العالم الإسلامي كالمسيحيين واليهود والايزيديين. لقد تعرضت عشرات الكنائس في مصر والعراق وسوريا وباكستان وغيرها لاعتداءات دامية متكررة على يد مسلمين متشددين. في كل مرة يقتصر رد الفعل عادة على بيانات الشجب والاستنكار. لم نسمع مثلا بأن رئيس دولة إسلامية أو شيخ الأزهر أو أحد آيات الله العظام الشيعة قد علق الصليب على رقبته تعبيرا عن التضامن مع الضحايا المسيحيين، كما فعلت رئيسة وزراء نيوزيلندا من خلال ارتدائها الحجاب.
لا يكتفي بعض المسلمين بالمبالغة في ردود الفعل على الجريمة في نيوزيلندا والسعي لإضفاء بعد مسيحي عليها كما يحدث مع الإرهاب بإسم الإسلام، ومحاولة تصوير المسلمين وكأنهم الضحايا دائما، وإنما كانت هناك أيضا دعوات صريحة للانتقام وأخذ الثأر. وإذا كان من المتوقع أن يصدر ذلك عن تنظيم داعش، فإن تصريحات الرئيس التركي لم تبتعد كثيرا عن هذا النهج العدواني. فقد توعد أردوغان بقتل النيوزيلنديين والاستراليين كما فعل أسلافه العثمانيون أبان الحرب العالمية الأولى.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عجيب أمر المسلمين
س . السندي ( 2019 / 3 / 24 - 04:06 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي ناجح العبيدي وتعقيبي ؟

1: عجيب أمر معظم المسلمين ، لا يعجبهم الصيام في رمضان ولا الفطور في رجب ؟

2: المفلسون والعاجزون فقط من يلقون بفشلهم وعجزهم على هذه المُجتمعات ، والموسف هذا ديدن معظم المسلمين ، طيب لماذا السيخ والبوذيين والهندوس وغيرهم ليست لديهم مشاكل مع هذه المجتمعات ؟

3: لنكن منصفين ، حتى لو كان هذا الارعن مسيحياً ثم ماذا ، فهل في تعاليم السيد المسيح دعوات للسلب والنهب والقتل والغزو والاغتصاب والارهاب (الانفال) ؟

4: كيف يستقيم الظل والعود أعوج ، فمادام المسلمون يكيلون مشاعر الناس بمكيالين فلن يفوقوا ، وهو دليل على ألإفلاس الديني والاخلاقي ؟

5: وأخيراً ...؟
ستثبت الأيام أن هذا الجزار داعشي أردوغاني ، وقد كتب مقال بهذا الخصوص ، بدليل إستغلاله في حملته الانتخابية ، وهو ملا مزيف أوتى به لدمار وتقسيم تركيا ، سلام ؟

اخر الافلام

.. رداً على روسيا: بولندا تعلن استعدادها لاستضافة نووي الناتو |


.. طهران تهدد بمحو إسرائيل إذا هاجمت الأراضي الإيرانية، فهل يتج




.. «حزب الله» يشن أعمق هجوم داخل إسرائيل بعد مقتل اثنين من عناص


.. 200 يوم على حرب غزة.. ومئات الجثث في اكتشاف مقابر جماعية | #




.. إسرائيل تخسر وحماس تفشل.. 200 يوم من الدمار والموت والجوع في