الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مخمور في المسجد

احمد عبدول

2019 / 3 / 24
الادب والفن


في ثمانينيات القرن الفائت كان هناك شاب في محلتنا يتسم بدماثة الخلق وحسن الحديث وحدة الذكاء الا انه لم يستطع اكمال دراسته الاعدادية بسبب تقرير رفعه احد الرفاق الحزبيين وقد اتهم فيه ماهر بالانتماء الى احد الاحزاب الدينية المحظورة انذاك فكان ان قضى صاحبنا بضعة اشهر داخل اقبية الأمن العامة افرج عنه بعد ذلك بعد ان جرب صنوف العذاب والوان الهوان والتنكيل.

خرج ماهر من السجن فوجد اقرانه قد التحقوا بمعاهدهم وكلياتهم فامتلىء قلبه غيظا وشحن صدره هما فكان ان اصابه الاحباط وآلم به الحزن فما كان منه الا ان ادمن شرب الخمور وسلك طريق اللهو لينفس بذلك عن همومه ويخفف عن الآمه .

.صادف يوما ان ماهر كان عائدا من احدى البارات في شارع السعدون يوم كان ذلك الشارع يزدان بمحال الشراب وحاناته التي تبقى ابوابها مشرعة حتى الصباح الباكر كان الوقت فجرا وقد اخذ المصلون يتوافدون على الجامع المطل على الشارع العام لاداء صلاة الفجر ترجل ماهر من سبارة الاجرة التي استقلها لينزل امام الجامع المطل على الشارع العام وسرعان ما اندس وسط صفوف المصلين فلما دخل اتجه صوب المذياع واخذه بقوه هناك شعر المصلون بان ذلك الشاب الغريب كان بغير وعيه فاجتمعوا حوله واخذوا يشبعونه ضربا وركلا بينما سارع امام الجامع واتصل بمركز الشرطة القريب من الجامع لم تمض سوى دقائق حتى حضر ضابط برتبة ملازم اول ومعه شرطيان وطلبوا من المصلين ان ينفرجوا عن ذلك الشاب ويكفوا عن ضربه ليستفهم منه الضابط عما يريد ويبحت رفع ماهر راسه وهو يستجمع قواه ويتصنع اتزانه
وقال : سيدي العزيزلا اريد سوى ان اشهد وبالمذياع ان عليا ولي الله
رد الضابط :لكنك مخمور وهذا بيت طاهر وشريف
رد ماهر :لو اني لو انتم اليوم
استغرب الحضور طلب الشاب المخمور فرفض البعض طلبه واستغرب البعض الاخر
بينما سمح الضابط لماهر ان يتشهد دون ان يعرف ان المذياع تم فصله عن التيار الكهربائي .
غادر ماهر الجامع وهو راض عن نفسه كل الرضا مسرور كمال السرور لانه نجح في ترجمه رغبة مكبوتة وغاية دفينة .

يتضح لنا من هكذا حكايات واقعية ان عقولنا الباطنة تختزن ما تختزنه من عبارات وثقافات وافكار وقناعات وآمال الا ان المجتمع المحيط بنا من نظام سياسي واعراف وتقاليد وموروثات هي من تحول بيننا وبين ما نريد قوله وما نتوق للبوح به فيبقى كل ذلك المخزون راكدا في اعماقنا راسبا في انفسنا حتى اذا ما سنحت الفرصة خرج ذلك المخزون للملأ ضاربا عرض الجدار كل ما يحيطنا من اسوار وتابوهات ومحرمات وثوابت دينية وسياسية وثقافية وعشائرية .
ترى كم عدد اولئك الذين يتوقون اليوم لقول كل ما يدور في اذهانهم ويمور في دواخلهم من خلال ساعة صفاء او غضب او طيش اوسكر او جنون او تهور








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في