الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأساة غرق العبارة في الموصل

عادل احمد

2019 / 3 / 27
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


غرق العبارة في نهر دجلة في الموصل خلال أحتفال العوائل بعيد الربيع والذي نتج عنه غرق أكثر من 100 ضحية، تعتبر من اكثر الكوارث المأساوية ومن اكثر الصور المؤلمة، وأنت تنظر الى صور وأفلام جثث الضحايا من الأطفال والنساء تجرفها مياه النهر يرافقها صيحات وبكاء الجمهور المحتشد. ان هذا الألم يضاف الى آلام ومآسي ساكني الموصل بعد مرحلة القمع الوحشي والاستبداد الداعشي وكذلك تدمير المدينة وقتل عشرات آلاف من الأبرياء جراء قصف قوات التحالف الدولي بقيادة أمريكا والتي لاتزال جثثهم مدفونة تحت الأنقاض. جرح غرق العبارة وما خلفته من ضحايا يضاف الى جروح ساكني الموصل والتي لايزال تقطر دمائها بسبب السياسات الطائفية لحكومات الفساد وانعدام الإنسانية. اصبح عراق اليوم عراق الفساد والقمع والحرمان وأصبح سياسة عدم الرحمة سياسة يومية تواجهه الجماهير المحرومة كل يوم.
ان سرقة المليارات من أموال النفط وسرقة لقمة ومعيشة الجماهير ليس كافيا لإشباع طمع الطفيليين، وإنما إرسال المئات يوميا الى الموت المحقق سواء في رحلة البحث اليومي عن معيشتهم أو محاولة الترفيه عن أنفسهم أو حين يحاولون الهرب من جحيم العراق، ناهيك عن أنتشار الأمراض القاتلة وعدم توفر العلاجات الأساسية والأدوية الصالحة للأستخدام. ونشر الفقر والحرمان بمرافقة أطلاق أيدي الأغنياء وأصحاب الأموال وأرباب السلطة لأمتصاص حياة ومعيشة الجماهير، بمشاريع فاسدة تفوح منها رائحة الموت، فلا تطبيق لشروط الأمان والسلامة سواء في مجالات النقل أو المجالات الترفيهية "أن كان هناك أصلا شروط موضوعة للأمن والسلامة". وذلك من أجل كسب أكبر قدر من الأرباح وجني الثروات على حساب حياة وأمان وسلامة الجماهير..
أن بقاء هؤلاء المسؤولين وفسادهم الفضيع ودعهمهم الكامل للأغنياء واصحاب الأموال ستتكرر المآسي على الجماهير يوميا، فلا قوانيين تسن ولاقوانين تفعل بالضد من الفساد والأهمال والأستهتار بحياة الناس، فلا تفعيل لقوانين السلامة العامة ولا أجراءات قانونية بحق الفاسدين والمتلاعبين بحياة الناس ومعيشتهم، المسؤولين عن كل ما مر من جرائم في العراق لازالوا مستمرين بعبثهم وفسادهم وأستهتارهم دون أن تطالهم محاسبة أو ردع، ليزداد تطاولهم على حياة الناس ومآساة العبارة في الموصل هي أحد وجوه أستمرار أستهتار سلطة الطائفيين والقوميين وأدواتهم القذرة.
الجماهير أستقبلت زيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ورئيس الجمهورية برهم صالح بالأجتجاجات خلال زيارتهم لمكان حادث العبارة. فزيارتهم لم تقلل من غضب الجماهير وأتهامهم لهم بالتسبب في الحادث المأساوي للعبارة من خلال أتهامهم بدعم السرقات والفساد وعدم المبالات بحياة ومعيشة ساكني الموصل، والذي لايزال قسم منهم يسكن مخيمات اللاجئين نتيجة تأخر عمليات أعمار المدينة وأعادة الأوضاع فيها الى طبيعتها السابقة. ان هذه الاحتجاجات في محلها.. والشعارات في محلها.. وطرد المسؤولين اللذين يريدون تبييض وجوههم بزيارة مكان الحادث في محلها.. واستمرارية الاحتجاجات في محلها.. ان هذه الاحتجاجات ورمي المسؤلين بالحجارة هي في الحقيقة تعتبر محاكمة شعبية للمسؤولين الحقيقيين عن كوارث ومآسي الجماهير المحرومة. ان محاكمة المسؤولين والفاسدين لأيتم عن طريق محاكمات وقوانين الطائفية والفاسدين وإنما تأتي عن طريق الاحتجاجات والتظاهرات الجماهيرية واستقبالهم بالبيض الفاسد والحجارة او اعتقالهم ووضعهم في حاويات القمامة. كما فعلت الجماهير في بعض بلدان أوربا الشرقية وفضح سياساتهم وأفعالهم وسرقاتهم ونهبهم لأموال الدولة.
وان تعاطف الجماهير في العراق عموما مع هذه الكارثة المآساوية برغم الدعاية اليومية لسياسات الطائفية والقومية هي الدليل عن وجود الجذور الإنسانية الراسخة والشعور بالاحاسيس الإنسانية اكثر على الرغم من نشر الطائفية والقومية عن طريق أحزابها وممثليها السياسيين. الجماهير في العراق ليس لديها أية قنوات فضائية وليس لديها ايه مصادر لبث آرائها، ولكنها تتمتع بالروح الإنسانية والتعاطف الإنساني وان انتشار ارائهم وصيحاتهم مع هذه القضية بينت مرة أخرى بان الطائفية والقومية ليس الا أوهام تصنعها القوى الفاسدة لتفرقة البشرية، وإذا حدثت مآساة كهذا نرى الجماهير تتعاطف معها خلافا للأفكار القومية والطائفية وخلافا لمصالح حفنة السياسيين والفاسدين وخلافا لمصالح الأغنياء وأصحاب الأموال والشركات..
ان جذور الإنسانية موجودة وقوية وان اغناء هذه الجذور تأتي بمساندة احدنا للآخر وتعاطفنا مع بعضنا البعض. وأن نكون يدا بيد بالضد من الفاسدين ومواجهتهم بالاحتجاجات والأضرابات أيا كان المسؤولين أكرادا أو عربا شيعيين أم سنيين ليبراليين أم ديمقراطيين.. وهذا ما يلقنهم درسا لن ينسوه كما فعلت الجماهير وأهالي الضحايا مع عادل عبدالمهدي وبرهم صالح ومحافظ نينوى. عن طريق ترسيخ خصائصنا الإنسانية وتعاطفنا ومساندة احدنا للآخر بإمكاننا التخلص من شر الفساد والطائفية وزج مرتكبيها في السجون عن طريق المحاكمات الشعبية٠ حان الوقت ان نتحد بالضد من عدونا المشترك من الطائفيين والقوميين والفاسدين وان نوسع احتجاجاتنا في كل مكان ضد كل المسؤولين وضد سرقاتهم وفسادهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة