الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مغارة -القفزة - في الناصرة، مفصل تاريخي في تطور الانسان

فيصل طه

2019 / 3 / 27
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


مغارة القفزة في الناصرة، مفصل تاريخي في تطور الانسان

الناصرة بلد عامر غائر في التاريخ وقدسية هذا البلد، بلد البشارة تعود إلى ألفي عامٍ مضى بينما حضارته البشرية تمتدّ الى بدايات ظهور الإنسان القديم في مُغرها وفي كهوف أرجاء الجليل والكرمل منذ ما يقارب مائة ألف عام. قدسية المدينة واستيطانها بطلائع الإنسان القديم يثريها إسمًا وموقعًا وتاريخًا فريدًا يحمّل أبناءها اليوم مسؤولية حفظ هذه المكانة الخاصّة وتحويلها إلى موقع أثريّ سياحيّ يشمل التراث الإنساني العلمي والديني ليرتقي بالمدينة وأهلها إلى مركز حضاري ثقافيّ متطوّر يتّسع لجميع زائريه وضيوفه وحجّاجه ترحيبًا وحبًا وسلامًا.
تجمع قمة جبل القفزة في الناصرة البعد الديني الحديث نسبيًّا بالبعد التاريخي البشري الغائر في القِدم في مغاوره. إذ قبل رواية قفزة السيد المسيح الأولى والأخيرة من على جبل القفزة إلى جبل الطور هروبًا من مطارديه بفترة تفوق المائة ألف عام حيث استوطن الإنسان القديم في مغارة الجبل.
تعتبر مغارة القفزة حالة فريدة في مسار تطوّر الإنسان إذ تشير الحفريّات التي بدأت في أوائل سنوات الثلاثين من القرن الماضي والتي أجريت من قبل الباحثين "ليفين وشتكليس" وذلك بإيعاز وتمويل القنصر الفرنسي في القدس ومن ثم "تشيرنوف وهاس" إلى اكتشاف عدد من هياكل عظمية بشرية كاملة مدفونة بطقوس دفنٍ خاصّة في أرض المغارة. تنتمي هذه الهياكل والجماجم كما أشارت نتائج الأبحاث إلى النوع البشري "هوموسابيانس" (الإنسان العاقل) وهو نفس النوع الذي ننتمي نحن إليه الآن، التي قدّر عمره عشوائيًّا بثلاثين ألف عام على إعتبار أنه لا يمكن أن يكون قد عاش في بلادنا في الفترة المستيريّة وهي تعتبر الفترة الأطول والتي تمتد إلى مئات آلاف السنين هذه الفترة المستيريّة تميّزت بوجود إنسان " نيانديرتال" الأقل تطوّرًا والأوروبي الأصل. لكن طرق القياس الحديثة أكدت أن عمر "إنسان القفزة" والذي قطعيًّا هو من نوع "هوموسابيانس" يصل إلى مائة ألف عام وبذلك حُسم الجدل القائم حول عمر هذه الهياكل الإنسانيّة إلى ما يقارب المائة ألف عام وبذلك ساهمت هذه الحقائق العلميّة في الكشف عن وجود نوعين من البشر عاشا متجاورين بشكل متوازي زمنيًا وهما "هوموسابيانس" والنوع الآخر هو "نيانديرتال" الذي انقرضت آثاره قبل أكثر من ثلاثين ألف عام وبقي نوعنا المستقل غير المتفرّع عنه إلى يومنا هذا. وأشارت الأبحاث إلى أن هذين النوعين من الإنسان نشئا منفصلين تمامًا ولم يتطوّر أحدهما كفرع من الآخر ولا يمثّل أحدهما الأب المشترك الآخر بل لكلاهما أب مشترك آخر.
كشفت الحفريّات بمغارة القفزة عن ثراء أحفوري لنتاج بشري كمواقد نار وأجزاء لأدوات خزفية إضافة إلى أحافير لكائنات حيوانية كالقوارض وعظام متحجّرة لأنواع كائنات أخرى أتتها من أفريقيا. تشير جميع هذه الموجودات والأحافير إلى باكورة استيطان الإنسان من نوع "هوموسابيانس" في الكهوف حمايةً وأمنًا ومعيشةً ومدفنًا له.
وبذلك اعتبرت مهارة القفزة بموجوداتها الأثرية محطة فاصلة وجوابًا واضحًا لمسألة تطور الإنسان المعاصر "هوموسابيانس" وعمره، والإقرار بموازاة حياة الإنسان المعاصر "هوموسابيانس" وإنسان "نيانديرتال" لمدة لا تقل عن أربعين ألف عام وبعدها اندثر هو وبقينا نحن لنعمل على تطوّرنا وحفظنا من الإندثار.
فيصل طه
الناصرة- صفورية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة القميص بين المغرب والجزائر


.. شمال غزة إلى واجهة الحرب مجددا مع بدء عمليات إخلاء جديدة




.. غضب في تل أبيب من تسريب واشنطن بأن إسرائيل تقف وراء ضربة أصف


.. نائب الأمين العام للجهاد الإسلامي: بعد 200 يوم إسرائيل فشلت




.. قوات الاحتلال تتعمد منع مرابطين من دخول الأقصى