الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكاية المادة 140 بين التقييد والتمديد

شريف هلالي

2019 / 3 / 31
مواضيع وابحاث سياسية


تكشف التعديلات المقترحة على الدستور المصري الحالي والصادر في 2014 وجه يسعى للسيطرة على باقي السلطات القضائية والتشريعية ، ويؤدي إلى تمديد الرئاسة لاثنا عشر عاما اضافية ، من خلال اطالة المدة الرئاسية إلى 6 سنوات ووضع مادة انتقالية تتيح للرئيس الحالي الاستمرار في الحكم ، وهذا ما يعنيه تعديل المادة 140 بوضعها الحالي بانتخاب الرئيس لمدتين فقط ، والتي حظيت بانتقادات عدة من جانب المؤيدين لنظام السيسي ،وكان انتقادهم الرئيسي ان الظروف السياسية اتي وضعت فيها دستور 2014 تختلف عن الوضع الراهن ، وان مصر بحاجة للأمن ولاستقرار وان المدتين الرئاستين الـ 8 سنوات غير كافيتين للرئيس لاستكمال خطواته ، ورغم ان الرئيس السيسي سبق له في حوار اعلامي بالبرتغال أ، رفض تعديل هذه المادة مؤكدا احترامه لمبدا المدتين .
من جانب اخر سيق أن أشار الرئيس السيسي في لقاء بشباب الجامعات أن الدستور وضع بنوايا حسنة ، والنوايا الحسنة لا بتني الدول " وهو القول الذي يكشف عن تحفظ الرئيس على الدستور ، ويمكن تخمين ذلك لإعطاء الدستور بعض الصلاحيات المحدودة لمجلس النواب والتي كانت تاريخيا تمارس بمفردها من جانب الرئيس. ورغم ان المجلس الحالي لم يمارس هذه الصلاحيات الا شكليا ، بل انه يمارس دوره التشريعي والرقابي كسكرتارية للسلطة التنفيذية..
تعديلات 19 مارس 2011
وفي الحقيقة سيصدم مؤيدي هذه التعديلات بأن مبدأ المدتين الرئاسيتين بـ 8 سنوات ، لم يستحدثه دستور 2014 ، ، بل تم صياغته بدءا من 2011 وتلك المادة منقولة بالكامل من التعديل الذي جرى على دستور 1971 في استفتاء 19 مارس الشهير ، من ضمن تعديلات أخرى ، ومن ضمن تلك التعديلات ما جرى في المادة 77 التي كانت تنص على أن( مدة الرئاسة 6 سنوات تبدا من تاريخ اعلان نتيجة الانتخاب ويجوز اعادة انتخاب رئيس الجمهورية لمدد أخرى) .
وبدوره كان هذا التعديل واردا على دستور 1971 الذي كان الاصل فيه أن مدة رئيس الجمهورية 6 سنوات ويجوز أن تجدد لمدة واحدة أخرى., والذي اجرى بموجب تعديلات عام 1980 في ظل حكم الرئيس الراحل انور السادات.
فجاء طلب التعديل بإلغاء حرف الهاء من كلمة مدة واستبدالها بحرف الدال فيصبح التجديد لمدد أخرى.
ومرت هذه المادة بعدد من التعديلات الدستورية المتوالية التي تعرضت للجدل السياسي والمجتمعي سواء في مضمون التعديل وتوقيته . .
وجاء تعديل مارس 2011 ليقصر مدة رئيس الجمهورية على دورتين متتاليتين، مدة كل منهما 4 سنوات، ولا يحق له الترشح مرة أخرى مدى الحياة، وألا يقل سن الرئيس عن 40 عاما وبدون حد أقصى. كما تضمن النص ايضا تعديلات للمواد أرقام 75، و88، و93، و139، و148 من الدستور، بالإضافة إلى إلغاء المادة 179، وكذلك إضافة فقرة أخيرة للمادة 189، ومادتين جديدتين برقمي 189 مكرر، و189 مكرر "1" إلى الدستور.
.
ثم جرى النص علي قيد المدتين ذات الـ 4 سنوات في الاعلان الدستوري الذي اصدره المجلس العسكري للقوات المسلحة في 30 مارس 2011 برقم 29 حيث نصت على أن تكون (مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب ، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تاليـة)
ويذكر أن الاعلان تضمن 63 مادة ،وتجاهل الإشارة إلى وضع دستور 71 الذي جرت عليه هذه التعديلات في 19 مارس 2011 . وكان الأولى ان يتم الاستفتاء على النصوص الموجودة بهذا الأعلان ايضا.
استمرار التغيير في 2012 و2014 :
ثم استمر نص تلك المادة في دستور 2012 ، بمضمونها برقم 133 " ينتخب رئيس الجمهورية لمدة 4 سنوات ميلادية تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة انتخاب سلفه ، ولا يجوز إعادة انتخابه إلا لمرة واحدة ... .. ولا يجوز ان يشغل رئيس الجمهورية أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة " .
وأكدت المادة 226 التي جاءت ضمن الأحكام الانتقالية على انتهاء مدة الرئيس الحالي بأنقضاء اربع سنوات من تاريخ منصبه ، ولا يجوز اعادة انتخابه الا لمرة أخرى
كما وضعت المادة 227 قاعدة عامة لكل من حدد له الدستور أو القانون مدة ولاية محددة غير قابلة للتجديد إو قابلة لمرة واحدة ، يحتسب هذه الولاية من تاريخ شغله لمنصبه ، وتنتهي هذه الولاية في جميع الأحوال متى بلغ صاحبها السن المقررة قانونا لتقاعد شاغلها .
ثم تضمن دستور 2014 المادة بمضمونها السابق بنفس القيدين سواء بانتخاب الرئيس لمدة 4 سنوات ، ولا يجوز اعادة انتخابه الا لمرة واحدة ، وحظر توليه اي عمل حزبي خلال مدة الرئاسة
. كما تضمن الدستور قيد ثالث نصت عليه المادة 226 الخاصة باجراءات تعديل الدستور وذلك في فقرتها الأخيرة بالتأكيد على حظر تعديل النصوص المتعلقة بإعادة انتخاب رئيس الجمهورية أو مبادئ الحرية والمساواة ، لما لم يكون التعديل متعلقا بالمزيد من الضمانات . وهو حظر خاص على تعديل بعض مواد الدستور الا بضوابط معينة .
بل ان التعديلات الحالية تضع مادة انتقالية تسمح بترشح الرئيس الحالي بعد انتهاء مدته الحالية عام 2022 ، وهو ما يعني ان المدة تضع نصا مفصلا لصالح شخص بعينه ، وهذا يتناقض مع القواعد الدستورية والقانونية بأن تأتي القاعدة عامة مجردة نتطبق على الكافة ولا يتم تفصيلها لصالح شخص محدد.
فضلا عن ذلك يرى كثير من الفقهاء الدستوريين ان مبدأ التعديل لا يشمل استحداث نصوص دستورية جديدة كما هو مطروح من تلك التعديلات ؛ بل يكون قاصرا على تعديل نصوص موجودة بالفعل.
. كما ان ذلك يأتي في ظل وجود المادة 226 التي تحظر التعديل على نص المادة 140 الا اذا كان ذلك متعلقا بالمزيد من الضمانات . وبالطبع لا يكرس التعديل اي ضمانة بل يؤكد وحدانية السلطة .
الأهم من ذلك ان هذه المادة التي استمرت من عام 2011 واجريت وفقا لها انتخابات 2012 في ظل الاعلان الدستوري ، ، الانتخابات الرئاسية عامي 2014 و 2018 ولم يفكر احد في تعديلها .
اذن مضمون هذا التعديل مر بعدة مراحل بين السلبي والإيجابي ، فبدا توجهه سلبيا عام 1980 ، ثم ايجابي نسبيا في 2011 ، ثم ايجابي بشكل أوضح في التأكيد على مبدا عدم احتكار السلطة في 2012 ، 2014 .
اما الأن يعود التعديل ‘إلى طابعه الاستبدادي و السلبي ليس فقط باطالة المدة الرئاسية من 4 إلى 6 سنوات ، إلى جانب أنه أجاز انتخاب الرئيس لأكثر من مدتين متتاليتين ، وهذا يعني فتح الباب لتولى الرئيس المنصب مرة أخرى بعد هذين المدتين اذا جاء بعد رئيس اخر .
الخلاصة أن دستور 2014 قد استرجع نص وروح دستور 1971 االذي كان يحظر تولي الرئيس لأكثر من مدتين . وهو الأصل الذي يؤكد مبدا تداول السلطة والحكم الديمقراطي ، بينما تؤدي التعديلات الحالية إلى الرجوع إلى تأبيد السلطة وتمديدها ، وهو ما ينزع المنجز الوحيد الباقي من كل من ثورتي 25 يناير وموجتها الثورية في 30 يونيو ، وهو دستور 2014 الذي حدد مدة الرئاسة بمدتين لا تتجاوز كل منهما 4 سنوات ، وحاول ان يضع توازنا معقول في الصلاحيات بين رئيس الجمهورية ومجلس النواب في تعيين الوزارة والموافقة على برنامجها وغيره .
وهذا النهج الذي يمنع اي وجهات نظر رافضة للتعديل سوف يؤدي إلى فقدان السلطة لشرعيتها السياسية والمجتمعية بمحاولة هندسة المجتمع والسلطات المختلفة حسب رؤيتها من خلال استحداث وضع تشريعي وقانوني جديد يؤدي لبقاءها اطول فترة ممكنة بغض النظر عن رأي المصريين والقوى السياسية والمجتمعية المختلفة .
يحدث ذلك في ظل اوضاع اقتصادية واجتماعية متردية تمسك بخناق المصريين وحياتهم اليومية بما يمكن أن يؤدي إل انفجار مجتمعي وسياسي غير محسوب في ظل تغييب حقوق المواطنين في المشاركة في صنع القرار وانتهك حقوقهم في الراي والتعبير .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لبنان.. مزيد من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله | #غرفة_الأخبا


.. ماذا حققت إسرائيل بعد 200 يوم من الحرب؟ | #غرفة_الأخبار




.. قضية -شراء الصمت-.. الادعاء يتهم ترامب بإفساد انتخابات 2016


.. طلاب الجامعة الأمريكية بالقاهرة يهتفون دعما لفلسطين




.. قفزة في الإنفاق العسكري العالمي.. تعرف على أكبر الدول المنفق