الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كلاب الشاطئ....

عبد الغني سهاد

2019 / 4 / 7
الادب والفن


كنت حينها انزع جلدي من بين انياب الكلاب .. وانهش الصخر باظافري علني اظفر بسلاح كيفما كان.. يبعدها عني ...حقا ان هذا ليس حلما ..لكنه واقع مؤلم و حزين اختلط فيه خيال الحلم بمرارة الحال .. من زمان كان يطاردني هذا الكلب الاسود ذي الثلاثة رؤوس على ابواب المؤسسة .التي اشتغل فيها.. وتابع مطاردته الخفية لي من البر الى البحر و هو الان يهاجمني على شاطئ صخري في نهاية الكورنيش عند نهاية الصيف ..اتذكر الرؤوس الثلاثة ..... الراس الاول كان ضخما بعيون جاحظة يلهت باستمرار بلسان طويل يقطر منه الزبد الابيض ..والراس الثاني قمقومه طويل نباحه كعواء ذئب ....والثالث له اذنين طويلين كثعلب خبيث انيابه بيضاء ناصعة كان يضحك .في وجهي و.يسخرمن من كان يضحك في؟ ..الهجوم كان ..مساءا ..على الساعة السادسة والربع ..والمكان كان جنب البحر على شاطئ صخري مهجور فيه غرق جاري الطفل زكرياء .... صرح لي اصدقاؤه انه لا يتقن العوم ولكنه كان يغطس في الماء الاسود الملوث تلك الليلة لانقاذ صديقه ..نجح حقا في انقاذه لكن رطمته الامواج القوية فكسرت راسه مع الصخر ..صديقي زكرياء كان يحيني ويسلم علي صباح مساءا ويعرض خدماته علي كل صباح .(كاين ما نقضي يا استاذ......).. كنت اعزه واقدره احسبه في دائرة ابنائي ..زكرياء كان ..محبوبا من طرف كل سكان الحي فرابطوا بالجرف لثلاثة ايام الى تلك الليلة التي قدفت امواج البحر جثته التي نهشتها الاسماك ,, ...كنت استحضر قامة زكرياء وطيبوبته معي ..ومع ساكنة الحي ..وتغرورق عيوني بالدمع...لماذا القدر يقهرنا بترحيل منهم طيبون منا...ويترك الاشرار..
ترى هل ابحر زكرياء البطل في السماء من غيمة الى غيمة ..ومن نجمة الى نجمة...يتحدى الظلام واالبرد وقوة الريح وتكالب الاسماك على جثته البضة عربونا على صدق صداقته .كانت ام زكريا اول من رائ قميصه الاسود يطفو على سطح الماء في الليلة الثالثة ...وكلماصعدت درج العمارة اشعر بطيفه وهو يمر صاعدا الدرج ويحييني ..السلام استاذ؟
اين هو السلام يا زكرياء ...؟لا سلام تحت قبة هذه السماء..الملبدة بالغيوم والحرب اليونية اسلوب عيش موعود لنا في كل ارجاء هذه الارض..؟.كل ما كنت اسمعه هو شرشرة الموج وهو يعود الى البحر ..شرشرة وليست هدير ..اعرف ان هذا البحر ابتلع زكرياء وامسى هادئا ...شرشرته لا تنقطع ...تفهمت صبر ام زكرياء ..لم تكن تبكي كاخوة زكرياء ..كانت حزينة فقط تريد ضم جثته الى صدرها ثم تدفنها في التراب في مكان تعرفه وترتاح حين تضع على قبره شاهدة وتزوره كل يوم بانتظام..ستجده جنبها على الدوام..زكرياء ابنها البكر بؤبؤة عينها...تفضله عن باقي اخوته..الطفل الناجي من الغرق صديق زكرياء كان يرافقها وهو لا يكف عن البكاء والنحيب .........هل هو الاحساس بالذنب ..ام بالحب لاخيه الغريق زكرياء ..منذ الصغر وانا احب قضاء وقت الفراغ في جنب الشاطئ...وكبرت على هذا الحال ..لا احد يزعجني في الخوض في افكاري وتاملاتي ..على هدير الموج وارتطامه على الصخور..وتكالب البحر وبأس اليابسة ..لكني عدت الى الشاطئ..وتمشيت على الجرف..اركل الصخر..واتامل في الماء البعيد..ونيست نفسي..الى ان...
نبح الجرو الصغير وكنت كاني سمعته يقول ( هذه زيارتك الاخيرة للبحر ..ايها النذل .؟ )
فارتمى على ذراعي الايمن زعيم الكلاب ذي الرؤوس الثلاثة ظننته يريد يعزيتي ..لكنه كالشيطان اسقطني ارضا ..على وجهي ..طافت بي الكلاب ..تنبح..تنهش رجلي ..كنت ابحث عن الحجارة, ..فلم أجد ما أدفع به شرها عندها صرخت ..صرخت او عويت قلت كلاما غير مفهوم ,,لا فرق وركلت زعيمهم بقدمي اليسرى ..,,,,توقعت منها الطيبوبة والعطف .خابت كل توقعاتي المفرطة في الخير ..احاط بي الشر من الجهات الاربعة ..تمرمدت في رمل احفن فيه واقدف في كل اتجاه ..كانسان مجنون ..فتفرقت الكلاب ..
كانت الكلاب تكتم سر الفاجعة ..تحملق في وان اقترب من الجرف الموعود جرف الموت ...وفي داخلي حب مجنون لمعرف نقطة انظلاق الفاجعة ..متى حضرت الكلاب ...

لا اعرف كيف مرت اللحظات كالبرق ووجدت وجهي تغطيه الدماء ..وتقب غائر في كتفي ..لم يستطع الكلب الزعيم ان يمزقه ..تقب فقط تفور منه الدماء ..جتمت على ركبتي واخدت ابكي .لا لا لم اكن ابكي على انهزامي امام الكلاب..ابكي ليس على زكرياء ولكن على قلة اعتبار الكلاب لشهامتي ...مزقت كم كنزتي اليمنى ..رجعت امسح ثيابي من التراب والرمل ..نظفت وجهي من الدماء ..تصدعت جبهتي ..ودم انفي ينزف كنت اشعر ان العض في كان مجرد شعور كاذب..قال احد الحراس بعد ان قدم لي خرطوم الماء وهو يسيح على الارض (..اغسل وجهك ..واسال عن المكان قبل الدخول اليه ..هذه المساحة تحتلها الكلاب الضالة )....ارتميت في سيارة اجرة إتجاه المشفى المركزي ...قسم المستعجلات ..(.نعم قسم المستعجلات .).قلت لسائق الطاكسي....كانت السيارة تمخر الطريق الى الهدف وصورة الكلب الاسود جاتمة على مخيلتي..بينما كانت الجراء تنبح ..توجه الي صامتا تصطك انيابه وهو يحنى راسه الى الارض كذئبة تذوذ عن جرائها ..الكلب الاسود يتزعم القطيع ويحمي الجراء ..وانا الغريب المغفل ولجت مملكته...قال السائق ..كثيرة هي الكلاب التي تنهشنا ...دشدشت راسي كاني اوافقه الرأي ..فكل من في راسه فكرة تتعبه..كنت افكر لو اصبحت مسعورا..وعويت كثيرا قبل ان يصبوا علي الماء واموت...ويوم الحساب ابعث كلبا عاويا...تقوت رغبتي في الحصول على العلاج تلك الليل قبل الركون الى الموت ...احب القطط واكره الكلاب ...زاد سائق الطاكسي مؤنسا لي
( لا ترتعد كالورقة ..لن تموت...عمر الشاقي باق.......) أن أقبح حالات الشقاء ان تخوض في موضوع يمسك ...ويعالج قضاياك الانسانية ..مع أحدهم وتجده يحدثك في مواضيع سياسية تافهة..لتذهب السياسة الى القمامة ...ما يهمني وما اسعى اليه تلك الليلة هو حقنة ضد السعار.. ..وتنظيف الوشمات التي نقشتها تلك الكلاب على جسدي ...واثرها القاسي على روحي تحت وقع الصدمة ..تحدثت مطولا مع الطبيب الشاب ..عن السعار ..وعن الكلاب الضالة ..ونصحني باتمام الحقنات الثلاثة بانتظام ...فالناس لم تعد تخشى من السعار ان هي أسرعت بالعلاج...والوقاية هي أفضل من العلاج ..تجنب صحبة الكلاب الضالة... و التردد على الاماكن الخطيرة الشاغرة من الناس ...فالذئاب تروق لها الشياة العزلاء....كان الطبيب الشاب يتكلم ويتكلم ..والناس متجمهرة امام المكتب تنتظرتسمع الحديث وتفكر في السعار ...شكرته وانصرفت خارج المكتب خارج المشفى..اشتريت الحقنة وبحتث عن من يغرزها في جلدي ..عوو...تذكرت ابراهيم صنع الله ...وعواء متقف السلطة ..لكني عويت مع نفسي عواء المواطن السفلي ..المواطن المحقون منذ صغره بداء الاوهام والكوابيس القاتلة,,,هل اجد علاج للقضاء على الوهم..الوهم وحده يعتقلني داخل اسواره العالية. ...كانت نظرات الناس لوجهي تشعرني بالقلق..جراح في جبهتي العريضة ..وفي انفي واعلاه ...كنت لا اقدر ان اضع النظارات البصرية لاتحقق واتبصر فيمن ينظر الى ..لاقراء تلك النظرات المتوجسة التي تقلقني ...هل تحولت الى كلب على قدمين ..كنت اهلوس كثيرا ..ككلب خارج القطيع..اراها تلك الاسماك والطحالب كانها تسخر من ظهوري المفجع على الجرف مترنحا بين انياب الكلاب الضارية ...المد الوشيك ..والوجه الدامي ونهشة زعيم الكلاب على الكتف ..وكنت اجري ..نعم اجري واركض نحو قسم المستعجلاتفي عاصمة الملك ...غمضت عيوني في الطاكسي جنب السائق وهو يحملق في من حين لاخر ... وكنت اتخيل نفسي كما انها غادرت الجسد هل كنت ميتا منبطحا على نعش اصفرملون بالازرق ؟ ..كان الناس تقرأ الكتاب المقدس على روحي الكلبية .....افتح عيوني على دواخلي اجد فيها الظلمة المبتوتة في اتون ارض سحيقة ينهرني الفقيه وهو يقول لي ..هل انت راض بما انت فيه ؟..حفرتي كانت تتسع وانا اتفسح فيها يبدو لي ان تلك الحفرة ترضى بي وبجسدى الذي فصلته تلك الحيوانات الجبانة ..لم اكن اتذكر كيف اصيح وهل كنت اعوي ام انبح بحنجرتي الجافة والمملحة ..هاووو ...هاووو...او عاووو ...عاووو.. او حتى عووووو....اذا استطعت انت ان تدخل يدك في الحفرة لا عليك فلن تخشى شيئا... لنتتعرض الى العض ..ولا لشييء اخر.. يؤلمك اويهدد حياتك بالخطر ...؟لاني لا زلت اقف بين وجودين ..بين وجودي الكلبي ووجودي الانساني . .. هذه الايقاعات بدات كما تتدفق ..نزهة على الجرف وموسيقى هادئة تروع الروح..اي روح حتى لو كانت ميتة .. ..و رقصة طويلة اليمة معهم ..لم اعد اطيق ذكر اسمائهم اقصد تلك الرؤوس الثلاثة.. ؟ انتم تعرفون تلك الرؤوس الثلاثة لكلب واحد ..اسود تحول الامر ليتطور الى قطيع هائم في الصخور .... الا تاتين انت الى زيارتي في المشفى ..الطبيب استغرب قدومي لوحدي ..واخبرني ان لا اكثر الحراك ...وينتشر في السعار..
..واتحول الى كلب عضاض..خطير على البشرية...
(...........)
.....
عبد الغني سهاد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأسود والنمور بيكلموها!! .. عجايب عالم السيرك في مصر


.. فتاة السيرك تروى لحظات الرعـــب أثناء سقوطها و هى تؤدى فقرته




.. بشرى من مهرجان مالمو للسينما العربية بعد تكريم خيري بشارة: ع


.. عوام في بحر الكلام | الشاعر جمال بخيت - الإثنين 22 أبريل 202




.. عوام في بحر الكلام - لقاء مع ليالي ابنة الشاعر الغنائي محمد