الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عصر ما بعد التعديلات الدستورية

حنان محمد السعيد
كاتبة ومترجمة وأخصائية مختبرات وراثية

(Hanan Hikal)

2019 / 4 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما كنت اتسائل لماذا لا تعمل الأنظمة الفاسدة والسياسيين الفاسدين على ايجاد وسيلة للخروج من بلدانهم بعد تحقيق مكاسب ضخمة والاثراء على حساب مواطنيهم ومستقبل بلدانهم.
فمئات المليارات التي يقومون بتهريبها الى الخارج لن يكون لها نفعا اذا ما وضع هؤلاء انفسهم تحت رحمة وعي الشعوب التي يحرصون على تغييبها وابقاءها في عتمة الجهل وتحت طائلة الخوف من القوة المفرطة والتنكيل اللانهائي الذي يطال كل رأس ترفع منددة بافعال هذه الأنظمة وهؤلاء السياسيين.
ففي يوم ما .. في ساعة ما .. ستستفيق الشعوب بعد ان يبدأ الفساد في تعطيل سير حياتهم اليومية وجعلها مستحيلة، وبعد ان يوقنون ان تكلفة السكوت افدح كثيرا من الموت ومن التعذيب ومن تنكيل هذه الأنظمة التي لا تعدم وسائل التنكيل.
وعندما تستفيق الشعوب لن يقف في وجهها الأسلحة القمعية التي تحرص هذه الأنظمة على تكديسها لترهيب الشعوب بها ولا جحافل القوات النظامية التي تعمل على حماية امن النظام وسلامة رموزه مهملة كل شئ اخر.
والأمثلة كثيرة منها ما هو قديم ومنها ما هو آني كالحالة الجزائرية والحالة السودانية وكلاهما قد تعلما جيدا من دروس ثورات الربيع العربي السابقة ووعيا سبل الأنظمة الفاسدة في التحايل على الشعوب واحتواء ثوراتهم والالتفاف على رغباتهم.
ولكن في اعتقادي الشخصي ان مثل هذه الأنظمة لا تختلف كثيرا عن فاوست الذي باع روحه للشيطان مقابل الثراء المطلق، فهم قد ارتبطوا مع القوى الخارجية باتفاقات لا يملكون رفاهية الانسحاب منها فعليهم أن ينفذوا ما عليهم من التزامات مقابل الحماية التي تكفلها لهم هذه القوى العظمى.
ولذلك يكون السياسي الفاسد رهين قوتين قوة الشعب الثائر على فساده وقوة الدول العظمى التي وضعته على رأس الدولة للاستفادة منه وتحقيق مشروعاتها في المنطقة، وهو ايضا سيكون ضحية لاحدى القوتين اما عاجلا أو اجلا.
ولذلك ايضا فإن التعديلات الدستورية – وان مرت – لن تكون النهاية ولن تكون وسيلة النظام للبقاء واحكام قبضته الى الأبد على رقاب الشعب فما حدث في السنوات الماضية سيكون له عواقب وخيمة لا يمكن معها لهذا النظام الاستمرار على ما هو عليه.
فهو من جهة ملزما امام القوى العظمى باستكمال ما بدأه من خلال استكمال صفقة القرن وبيع باقي ممتلكات الشعب من شركات ومصانع واراضي وخامات والغاء الدعم وتحرير سعر الوقود مع استمرار الخدمات من تعليم ورعاية صحية وغيرها في الانهيار اضافة الى نقص الفرص وغلاء الاسعار والضرائب الباهظة وفوائد الديون التي سيضطر لتسديدها والتي لا يعلم احد لماذا استدانها ولا فيما انفقها، ما سيجعل من حياة الغالبية العظمى من ابناء هذا الشعب مستحيلة.
وعلى الجانب الاخر هو مضطر لمواجهة عواقب كل ذلك داخليا حيث انه لم يترك لاغلب ابناء الشعب الفرصة لتحقيق حد ادنى من الحياة اللائقة بهم وهو يهدر القانون وقيم العدل في كل لحظة ما يضع الشعب امام خيار وحيد وهو الدفاع عن بقاءه ووجوده وتحمل اي عواقب قد تحدث نتيجة لكسر حاجز الخوف.
ان تعديل الدستور سيكون فاتحة لتغيير كبير، وعصر ما بعد التعديل سيكون له تداعيات لا يمكن لأحد أن يتنبأ بها وان كان الجميع سيدفع ثمنها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. آثار القصف الإسرائيلي على بلدة عيترون جنوبي لبنان


.. ما طبيعة القاعدة العسكرية التي استهدفت في محافظة بابل العراق




.. اللحظات الأولى بعد قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في حي السلط


.. مصادر أمنية عراقية: 3 جرحى في قصف استهدف مواقع للحشد الشعبي




.. شهداء ومفقودون في قصف إسرائيلي دمر منزلا شمال غربي غزة