الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
الصفنة والميانة في الثقافة الشعبية العراقية / اصلاح وتقويم شخصية الفرد العراقي
عبد الستار الكعبي
2019 / 4 / 11المجتمع المدني
الصفنة والميانة في الثقافة الشعبية العراقية / اصلاح وتقويم شخصية الفرد العراقي
صفنة، اسم مصدر والفعل الماضي (صفن، بفتح الاحرف كلها) المعروف في اللهجة العراقية واسم الفاعل منه (صافن) ويستخدم لوصف من تراه (شارد الذهن) مركزا نظره باتجاه واحد وكانه ينظر الى شيء معين ويكون منعزلا عن الحاضرين او من يجلسون قريبا منه الى درجة عدم التفاعل معهم. وهي حالة تمر على اغلبنا وقليلا ما نجد اشخاص لم يعيشوها لانها تأتي من اوضاع عامة صعبة تمر على الكثيرين وتتمثل بضغوطات الحياة العديدة وخاصة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي تسبب الهَم والمشاكل والمرض والفقر والدَّين والتعرض الى الظلم وغيرها مما تولد لدى الكثيرين الشعور بالمعاناة والقلق والحاجة الى ان يكون مع نفسه. وقد تاتي الصفنة من حالات اخرى كما سنذكرها.
وفي الاغلب عندما يصف العراقي شخصا اخر بانه صافن فهو يقصد بها وصف حالته في تلك اللحظة بانه (دايخ) وتعني انه يفكر بامر ما قد شغله من دون الوصول الى نتيجة لانه قد ضعف امام حالة او موقف معين مما سبب له التعب النفسي، والى هذا الحد فان الامر مقبول مع انه تشخيص قاسي وقاصر ولكن الغريب والمرفوض في هذه الحالة ان البعض عندما يخاطب شخصا ويصفه بانه (صافن) فانه يزيد عليها بوصف اخر حيث يخاطبه (اشوفك صافن والصفنة مو الك) بمعنى اراك صافن والصفنة ليست لك وهنا يقصد المتحدث كما هو معروف في اساليبنا في الحوار والوصف ان الصفنة لـ (الحمار) وهو الحيوان الذي يعد في المجتمع العراقي رمز الغباء. وعلة التشبيه ان الحمار يكون بشكل عام اقل حركة وتفاعلا مع محيطه من باقي الحيوانات ويكون راسه دائما باتجاه واحد وهو ما يشبه وضع الصافن.
وبهذه الاضافة في الوصف يكون قد اعتبره مثل الحمار في (صفنته) وهو ابشع وصف ويحمل في مضمونه اساءة كبيرة جدا وهو في الحقيقة تجاوز على كرامته واحتقارا له حتى لو كان ذلك من باب (الميانه) التي تعبر في اللهجة العراقية عن قوة العلاقة بين الاشخاص الى حد كسر الكثير من القيود بينهم مما يتيح لهم استخدام مفردات او اوصاف وكذلك تصرفات لايمكن استخدامها مع اخرين لاتوجد معهم أو بينهم (ميانه)، ومنها مثلا استخدام الالفاظ السوقية او الكلمات الدالة على الاعضاء الجنسية وباللفظ الشعبي والمبتذل او استخدام الاوصاف الحيوانية في التخاطب. والميانة بهذا الشكل ليست مبررا للتجاوز على الاخرين بالوصف او الفعل لانها تسهل اشاعة الاساليب غير اللائقة في الحوار والعلاقات وكذلك تسبب انتهاء او انقطاع الكثير من العلاقات حيث تصل الميانة الى الحد الذي لايتقبله الكثيرون ويصدمون بها وبنتائجها فيكون موقفهم منها رفض الاشخاص وقطع العلاقة معهم.
ولكننا في واقع الحال نجد ان الكثير جدا من حالات الصفنة ليست دلالة على الشعور بالمعاناة الحاصلة من الاسباب التي ذكرناها وانما لها اسباب اخرى تدفع الشخص الى عدم التفاعل مع من حوله ومنها اختلاف الثقافة او اختلاف العمر أو المستوى الدراسي او تدني موضوع حديث الحاضرين او اختلافه عن اخلاق الشخص او ماشابه مما يكون عاملا في ضعف التفاهم العقلي او التوافق النفسي بين الطرفين نتيجة لندرة وجود مواضيع مشتركة في الحديث او اختلاف فهم الطرفين لموضوع واحد مما يصعب معه الخوض فيه لانه بلا نتيجة والذي يؤدي الى عدم الرغبة بالمشاركة في حديث الجلسة فيلجأ البعض الى عدم التفاعل مع الاخرين والاختلاء بنفسه، ومن ذلك ايضا ان يكون الشخص منشغلا في ذهنه بموضوع معين يصرفه عن التفاعل مع الاخرين او مركزا نظره على شيء جذبه وغير ذلك من الحالات التي لاعلاقة لها بالمعاناة. فهل يصح اعتبار هذه الصفنة مثل صفنة الحمار ؟!.
السنا بحاجة الى (الصفنة) بـ (ميانة) على هذا الفهم الشعبي البسيط للصفنة وهذا الاستخدام للميانة واعادة النظر فيهما لاجل ان تكون مفرادتنا وسلوكنا اكثر رقيا بالمعنى والاستخدام ؟!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. العدل الدولية تأمر إسرائيل بوقف المجاعة في غزة مع سقوط المزي
.. مواجهة صعبة بين نتنياهو ووزيري الحرب غانتس وآيزنكوت بسبب صفق
.. محكمة العدل الدولية: المجاعة ظهرت بالفعل في غزة
.. الأمم المتحدة: طفل من كل 3 يعاني من سوء تغذية حاد في شمال قط
.. مسلسل مليحة الحلقة 3.. قرار الأمم المتحدة بتقسيم فلسطين بداي