الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحوار العربي الكوردي قراءة في صناعة الدولة الحضارية

علي حسن الفواز

2006 / 4 / 29
المجتمع المدني


احسب ان الثقافة العربية ذات المرجعيات الابوية ، تميل دائما الى صناعة انساق تحكمها شروط المركز في السلطة والعصاب والايديولوجيا،، وهذ ا بطبيعته يجعل مفهوم الحوار الثقافي اكثر تمثلا لنسق الحاكمية ومهيمناتها والذي ينعكس بالضرورة على جدل الهويات وجدل الثقافات في الانساق المتعددة وربما داخل النسق الواحد والذي يفرز اشكالا معقدة للفحولة والمهيمن في اطارية النسق الحاكم كما يسميها الدكتور عبدالله الغذامي .. ولعل حوار ما يسمى بالثقافة العربية الكردية يعكس في جوهرة اشكالية وجودية اصلا ،اذ هو غائب تحت انماط قهرية للفحولة والمهيمن في المكان ،،وان حضر فانه يفترض عبر ابوته الكليانية ذوبان كل الهويات والثقافات في اطار جاذبية المركز الجنسية والوجودية والاشباعية....
ان تاريخ الحوار العربي الكردي هو تاريخ صراعي معقد، اسهمت السلطات القديمة في تكريس نزعته الصراعية الدموية ،اذ ان تداول السلطة التاريخية في المكز الاقليمي الذي يضم حاضنات قومية واثنية متعددة يتم عبر شروط سلطة المهيمن والتي هي سلطة عسكرية وسلطة فتوحات ومهيمنات ، وهذا ما يجعل كل الامصار والكيانات والموجودات خاضعة لنمط سلطته وقوته الجديدة .. فضلا عن ان هذه السلطات اسهمت في شيوع سياسات تجهيل كاملة بوجود هويات ثانوية داخل المركز الشمولي العربي، والذي انعكس على تهميش دور هذه الهويات في تشكلات الدولة ونظام المعيش والجدل الثقافي ،وان حاولت ان تجد لها حضورا في الفاعلية السياسية فان ذلك يتم بشروط المركز وليس في ضوء استحقاقات الطبيعة التكاملية لوجود هذه الهويات في الانساق او النسق الواحد..
ومن هنا نجد ان الحوار العربي الكوردي هو تعبير عن وعي حضاري وانساني اكثر منه تعبيرا عن ضرورة سياسية ، لان العامل السياسي خاضع لضرورات الصراع ، بينما العامل الحضاري هو الاكثر تجسيدا لبناء مفهوم الدولة المدنية ، الدولة التي تجسد مصالح القوى الاجتماعية المتعددة الهويات في اطار القانون والنظام الثقافي والمعيشي..وبالتالي فان وجود هذه الدولة سيسهم في اعادة انتاج الكثير من المهيمنات العصابية والسلطوية ووضعها في سياق جديد يكفل الحقوق ويشرعن الواجبات ،ويمنح مفهوم المواطنة طابعا اجرائيا مدنيا يؤكد كل الحقوق الثقافية للمواطن في المكان والعمل وتداول المعرفة بعيدا عن كل الصيغ القهرية التي تحكم المواطن في تابوات تجعل ولاءه وانتماءه خاضعا لشروط المركز.. ولعلنا نجد ان كل الدول التي عاشت صراعات عصابية قهرية بين الهويات المتعددة انتهت الى التقسيم وانهيار شكل الدولة الشمولي المحكوم بعوامل الكارزما السلطوية التي تنهار مع انهيار نموذجها،، ولاشك ان التعاطي الحضاري والانساني مع مشكلة الهويات والثقافات المتعددة يعني التعاطي مع ضرورات انسانية وشرعية وضعها الدين الاسلامي في اطار حقوقي متكامل مثلما اعطتها القوانين الوضعية في العالم المتحضر اهتماما جادا يعبر عن اهمية تمتع الانسان بحقوقه في الحرية والوجود والمعيش واختيار شكل الحياة والعقائد التي تعبر عن جوهر وجوده ...
ان اعطاء هذا الجانب الاهتمام الذي يستحقه يعني الاتجاه نوع تعزيز فاعلية الثقافة العربية كثقافة انسانية تؤمن بالتعدد والشراكة والحوار ،وهذا بطبيعته عامل اغناء ونماء للروح الثقافية التي من شأنها ان تتجاوز الكثير من هنات تاريخ الدولة العصابية التي تركت لنا تاريخا ضاجا بالازمات والهزائم والمحن....
ان تنمية افاق الحوار العربي الكوردي وربما تنمية حوار كل الاثنيات داخل الفضاء العربي سيكون تنمية باتجاه صناعة الدولة الحضارية ،التي تتمثل للسؤال الحضاري الفاعل والمشرعن لمسؤولية الانسان في استثمار كل ثرواته الطبيعية والثقافية في تعزيز الحضارة الكونية اولا ، وفي عزل كل الاسباب التي انتجت لنا مكانا مأزوما يمور بعوامل التخلف والجهل والحروب والصراعات القهرية والتي يكمن الكثير من اسبابها في طبيعة المهيمن المركزي الذي يشبه الاب الفرويدي المغتصب لجسد الام والذي لا يترك الاّ كراهية اولاده ووعيهم المضاد بطرده والتخلص من قهريته..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب


.. الوضع الإنساني في غزة.. تحذيرات من قرب الكارثة وسط استمرار ا




.. الأمم المتحدة تدعو لتحقيق بشأن المقابر الجماعية في غزة وإسرا