الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحراك الجماهيري وأزمة التغيير في العالم العربي ...!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2019 / 4 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


يعيش العالم العربي منذ أواخر عام 2010 حالة من الغليان الجماهيري التي أسفرت في بداياتها عن سقوط النظامين التونسي والمصري .. وهذا الغليان الجماهيري بسبب الاوضاع المُتردية التي تعيشها المنطقة على كافة المستويات, شمل بدرجات مُتفاوتة وفترات مُتقطعة العديد من بلدان العالم العربي التي إنتقلت اليها عدوى الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر .. ومنها ليبيا واليمن والعراق والبحرين ولبنان والمغرب...الخ ,ولا سيما ما شهدناه مًؤخراً في السودان والجزائر .
ولكن هذا الحراك الجماهيري الغاضب الذي ظهر في بعض البلدان العربية في فترات مُتقطعة وبدرجات مُتفاوتة من الشدة والخطورة لم يُفضي الى أي تغييرات حقيقية ولو جزئية نحو الافضل ... بل في معظم الاحيان كانت تتجه الامور من سيئ الى أسوأ .
وإذا استثنينا الانجازات التي حققها محور المقاومة في المنطقة بقيادة سوريا والمقاومة اللبنانية في مواجهة الهجمة التكفيرية الشرسة التي تعرضت لها المنطقة العربية .. فإن العالم العربي يبقى بلا شك بحاجة شديدة ومُلحة للغاية للتغيير الحقيقي .. سواء كان على صعيد النضال الوطني والتحرري في وجه العربدة والاحتلال والتوسع الصهيوني والهيمنة العسكرية لمنظومة الغرب الامبريالي بقواعدها العسكرية المنتشرة في العديد من الدول العربية , أو على صعيد التحرر الاقتصادي والاصلاح السياسي والديمقراطي والنضال الطبقي والعدالة الاجتماعية ...فشعوب العالم العربي تعيش للاسف حالة سرطانية مزرية في غاية التعقيد والتدهور على كافة المستويات ... فمن الضياع والتشتت الثقافي والاجتماعي والانقسام الطائفي والمذهبي والقبلي والتجزئة السياسية المُفرطة, الى الجهل وتدهور جهاز المناعة الداخلية لشرائح واسعة من الشعوب العربية والمشرقية الشقيقة في وجه المُؤامرات الشرسة لمنظومة الغرب الاستعماري وعملائها من الرجعية العربية والخليجية والاقليمية , الى ضعف وغياب النخب والاحزاب الوطنية والتقدمية المُتمرسة بالنضال السياسي والجماهيري التعبوي, الى فقدان القدرة على التوحد والتضامن لمواجهة هذه المُؤامرات من خلال ترسيخ أساليب عملية وفعالة للعمل الجبهوي بين كافة الفصائل السياسية الوطنية بمختلف توجهاتها الآييولوجية والفكرية على الصعيد القطري والاقليمي .
ويُمكننا أن نستعرض فيما يلي أهم الاشكاليات والصعوبات التي تُواجه أزمة التغيير المُستعصية التي تواجهها الشعوب العربية والمشرقية في المنطقة :
1. التجزئة السياسية المُفرطة التي تُعاني منها المكونات الرئيسية في العالم العربي والتي تمت كنتيجة لهيمنة الاستعمارين البريطاني والفرنسي على المشرق العربي ومغربه ومنطقة الخليج ... فالمشرق العربي نتيجة لهذه التجزئة إنقسم الى ثمانية دول عربية .. والمغرب العربي الى خمسة دول .. أما الخليج فتم تقسيمه الى سبع دول ... وللاسف فقد تحولت هذه التجزئة مع مرور الزمن الى واقع بغيض يُبعد مجتمعات هذه الاجزاء عن بعضها البعض ويُعمق من تشتتها وانقسامها رغم تجانسها الثقافي والاجتماعي وتقارب طباعها وعاداتها وألبستها ومأكولاتها ولهجاتها المحلية .
2. الهيمنة المُطلقة للتحالف الامبريالي الصهيوني مع أنظمة الرجعية والتخاذل والعمالة العربية في ظل التآمر الشرس الذي يقوم به هذا التحالف على شعوب المنطقة من خلال إضعافها والتآمر على أحزابها وقواها الوطنية والتقدمية وتمزيقها ونهب اقتصادياتها وثرواتها الوطنية بلا حساب .
3. التراجع الكبير والمُتواصل لحجم الطبقات الوسطى في المجتمعات العربية بسبب تردي الاوضاع الاقتصادية .. في الوقت الذي تُشكل فيه الطبقات الاجتماعية الوسطى ألارضية الطبيعية لقيادة التغيير في المجتمعات العربية في ظل غياب دورها السياسي الذي تقوم به الى جانب قوى البرجوازية الوطنية .
4. ظهور الانقسم المذهبي والطائفي بين فئات لا يُستهان من المجتمعات العربية .. مع ظهور حتى الانقسام العرقي والقبلي الذي إمتد الى المجتمعات المشرقية الشقيقة من عرب وأكراد وآشوريين وكلدان وتركمان ... والذي إمتد كذلك الى المكونات القبائلية والامازيغية في المغرب العربي .
5. الضعف الذي تُعاني منه قوى اليسار العربي والاحزاب الوطنية والتقدمية في المنطقة وبقائها على هامش النضال السياسي وقضايا الجماهير (ولا سيما المُتدينة) .. وتراجعها بالتالي في مواجهة تنظيمات الاسلام السياسي الاخواني والسلفي الجهادي الطائفي المرتبط بالدعم والاموال الخليجية والتآمر السعودي والاماراتي والقطري .. لتترك بذلك الساحة السياسية لهذ التنظيمات المُتطرفة والمُنحرفة دينياً وإسلامياً لكي تسرح وتمرح وتعبث على هواها بالشارع العربي وتُخرب وتُعرقل بالتالي إمكانية التغيير الثوري في المنطقة .
6. فشل النخب الوطنية والاحزاب السياسية الطليعية في العالم العربي في تجاوز خلافاتها وتمايزاتها الآيديولوجية والفكرية وعجزها عن توحيد صفوفها وترسيخ كافة أشكال العمل الجبهوي في جبهة وطنية عريضة يتم تشكيلها على أرضية الاهداف المُشتركة وأوليات النضال السياسي سواء على الصعيد القطري أو على الصعيد الاقليمي والقومي .
7. استسلام هامش لا يُستهان به من المجتمعات العربية للاسف لسموم الاعلام الطائفي الخليجي والذي تحول للاسف الى تقبل ثقافة التطبيع مع العدو الصهيوني واعتبار النظام الاسلامي الايراني هو العدو الرئيسي لشعوب المنطقة .
8. انتشار الاحباط والتشاؤم للاسف في العالم العربي من خلال إنشغال " بعض " المثقفين العرب والناشطين على صفحات التواصل الاجتماعي في توجيه الانتقاد اللاذع للقيم الدينية ولتقاليد وأخلاقيات شعوب المنطقة.. والذي طال حتى التهجم الشديد والتشكيك المُبتذل بتُراثها التاريخي والديني والحضاري .. واعتبار كل مايجري في المنطقة في عصرنا الراهن (بمنتهى السطحية والسذاجة) يعود في جذوره الى هذا التراث التاريخي والصراع الديني منذ عهد الخلفاء الرأشدين .. وهذا باعتقادهم هو المسؤول عن ما يُعانيه العالم العربي في أيامنا هذه من العنف الدموي والطائفي ومن أشكاليات النهوض والتقدم والتحرر الوطني والاجتماعي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال