الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكحل في الشعر الشعبي العراقي

سعدي جبار مكلف

2019 / 4 / 16
الادب والفن


الكحل في الشعر الشعبي العراقي
سعدي جبار مكلّف
دليني عله إعيونچ
أسافرلك كحل ملهوف
ريل إبسچـة إجفونچ
أجيك إبصوغة المشتاگ
دمعه وچلمة إشلونچ
جميع الشعراء تغزلوا بلعيون الكحيلة ويكاد سفر الشعر العربي العامي أو الشعبي والفصيح أن يحتـوي ذكـر الكحل في العيـن وجمالـه وبهاءه وغنّى كثير من المطربين للكحل ، وأصبح صيته وسمعته عالية غالية يرنوا اليها جميـع العشاق حيث يستقر سواد الليـل على رموش عيون الحبيب ويظللها وخصوصاً في ساعـات الصباح وهنـا يتخيـل الشعـراء الليـل في محـراب النهار ويضع الزمان والمكان..
إعيوني ما تهوه الكحل
كحلني انته.... ابشوفك
يتحول الكحل في عيون الفتيات والنساء ولجميع الأعمار الى طقس دائمي
يوضع في كـل الأوقـات لأنه جزء مهم ومهم جداً مـن جمال النساء وعلى مر العصور..
يبنيّه.. بطلي الكحل
جّرت إعيونچ كافيه
للعيون الكحيلة لغة خاصة لا يفهمها إلا المحبين ..يخيم فيها الصمت عندما يبدأ الكـلام ويصمت كل شيء سوى النظـرات وهذا سرعظمة لغة العيـون ومدلـول الكحل منها وهو فلسفـة الكلام الصامت ولكل جمال سمات خاصة عدا الكحل فهو موجود في جميع السمات والصفات منذ القدم..
يبنيّه كافي من الكحل
چنّـچ حبـة الحلوه
تشل رمشين صفنة عين
من تتكحل السمـره
إن الكحل له مكانة كبيرة وواسعة في جمال الفتيـات والنساء ويعتبر جـزء من زينة المرأة وأن جهاز الكحل أي ( المكحلة والمرود ) جزء من جهـاز العـروس ولا يخلو بيت منهما ، وهو يزيـد جمال المرأة وفتنتهـا وأريجـها ويتغلغل الى قلوب الناظر والمحب ويترك ديمومة في الذاكرة لقد وهب الله المرأة الملامح الجميلة والصور الزاهية البهية ..
چنـّچ هیل ..لا يا هيل
موشاب گلبي من الخجل
والكحله هـّدت حيلي
والكحل من الصفـات الأكثـر إنتشاراً بين الفتيات وخاصة من تمتلك جمـالا فاتنا يميزها عن بقية النساء وإستخدامها الكحل إضافة للجمال الرباني ..
عينـچ وسيعه إهـواي يعجبني رمشچ
خلـّي الكحل عالكيف ...الكل تحسدچ
إن جميع الكلمات والقصائد الجميلة عن كحل العيون تصفه دون أن تخبرنا عنه ومكنونه.إن تأريخ إستخدام الكحل يعود الى العصر الحجري الحديـث
وإذا درسنـا التـأريخ والمكـوّن العلمي لهذه المادةتبيـن لنـا انها منسوبة في الأسـاس الى نوع من خامـات النحـاس يشتهـر بلونـه الأخضر ويسمى ( المخليت ) وهناك نـوع آخـر من خامات الرصاص أكتشفـت عقب ذلـك ، وأصبح لهذا النوع السيادة وصار هوالكحل الرئيسي وكذلك يستخدم لوضع الكحل في العين الكحل والمرود والمكحلة ، وإن المكحلة الإناء الذي يوضع فيه الكحل ..
لا تبچين دمعچ والكحل غالي
خلـّي إخدودچ .....إموردات
فشله... إيـذبلّن إگبالـي
أما المرود.. وهو قضيب صغير من الخشب أو العاج أو الفضة وأحياناً من الزجـاج وهـودقيـق الطـرف يبـلل أولا بمـاء الـورد ثـم يغمس في مسحـوق الكحل ثم يمرر بين الجفنين ..وقد ورد ذكر المرود في كثير من قصائد الشعر الشعبي العامي..
ميلن لا تنگطن كحل فوگ الدم
ميلن وردة الخزامه تنگط ..سم
جرح إصويحب إبعطابه مايلتم
لا تفرح.. إبدمنه لا يلگطـاعـي
إصويحب من يموت المنجل ايداعي
ويستمر الكحل والمرود والهتاب ..
ودّن عله المكامل يا مضايف هيل
غطنـّه إبكحل ...دخله ومحبة ليـل
عگبك سچّه يااصويحب هجرني الليل
التغزل.. بالكحل الموجود في العين شائع وخاصة العيون الواسعة سواء كانت الملونة أو السوداء..
الحنطيّه لو حطّت كحل
تشيّب الطفل.. نظراتهه
حوريه چنهه من السمه
چنهن ورد.... وجناتهه
والمشكلة الكبيرة هي من يستطيع مقاومة إغراء الكحل في العين الجميلة وخاصة العين الطبيعية بدون هذه المادة فهي اساس رونق الجمال والفتنة لكل الحسان وإن إهتمام المرأة بهذا الجانب أمر طبيعي منذ القدم فجاذبية الأنثى تكمن في إثارة مواقع جمالها
اعيوني غربـه واچفـوف إديّـه اوداع
وإسمي ابغير معنه وميل كحلچ غاب
وتنشديني اعله گلبي
گلبي حَب وذاب
يا گلبي خلگ تنورلو سرداب
إن تأريـخ إستخـدام الكحـل تأريخا قديمـا فقـد كـان ذات مسيـرة حافلـة في محراب كل زمان ومكان ويشكل ركن من أركان الفولكلور والتراث وهما ذاكـرة الشعـوب وتأريخا وماضيها بمـا يحتويهما من قيـم ومعايير أخلاقية ومـا يتضمنـه مـن أنمـاط سلوكيـة وأشكـال تعبيـروأساليـب حياة نابعـة من عـادات ومعـارف ومعتقـدات وآداب وفنـون راسخـة عبـر الأجيـال وضع أصولهـا وأرسى قواعـدها الأجـداد وعند إستقـراء التراث تتجلى لنا درره وتنكشف لنـا قيمته الفنية التي تحياهـا حتى اليـوم ، والكحـل له في التـراث حيز ومكانـة كعضو تراثـي مهم قام بـدور كبيـرفي الحيـاة اليوميـة للأجداد والآباء ولا يزال حتى اليوم ، وقد إعتقدوا في السابق أنه يحمي العيون من أشعة الشمس القوية في المناطق الحارة وكذلك يوّسع العين فتكسبها الجمال والحلاوة والجاذبية ..
تلالي مثل جبس أبيض ولك شاف
وعونه الكحّل...إعيونه ولك شاف
ألك مبسّم يفت الروح.. ولك شاف
غرگ اببحرين وتلاگن .....سويّه
كما كانوا يعتقدون أن الكحل يقوّي البصر كما هي في حالة زرقاء اليمامة
يا امرايتي
كلشي إبمعانيّه عتگ
لا عیني المخلیه کحل
ولا روحي ظلت مالتي
إن استخـدام الكحـل تأريخيا يعـود الىسنة 3500 سنة قبـل الميـلاد وكـان أجدادنا يحرقون بذور البلح بعد أكلها وتحويلها الى كحل تتزين به النساء
بل والرجال أيضا الذين كانوا يتكحلون للزينة ولحماية العينين من الحرارة القويـة في الصحراء . وتقـول الحكايـات إن الكحـل معـروف من العصر البرونـزي ، وقـد إستخدمتـه النساء في الحضارات القديمـة مثل البابليـة والفرعونية . وتقول كتب التأريخ إن كيليوبترا كانت أول من إبتكر تخطيط العين بالكحل كما يظهر من تماثيلها . وقد عثـر في الآثـار الفرعونيـة على المرود أو المكحال،وهي علبة تشبه علبة الزينة .وظلت الشعوب العربية
على عادة قديمة توارثناها من الأجداد،وهي تكحيل الطفل الرضيع لحمايته من الحسد والعين الشريرة . فما زلنا الى اليوم نكحل أطفالنا المواليد الجدد ما أن يصلوا الى البيت بعد خروج الأم من المشفى. ومنذ القدم ظل الكحل يتطور وتتحسن شروط إستخدامه، ويستورد من الهند والسند . حتى أصبح
منذ الستينات مختلفا عن غيره من أدوات التزيين النسائية.في الستينات كان
هناك تحـوّل للكحل الذي نستعمله من قلم تقليـدي عرفتـه الجدّات الى سائل
متطوّر ثم أقلام ، وغيره من ألمواد المختلفة والأشكال المختلفة أيضا. لكنه اليوم بات أكثر سهولة من الأحجـار، في وقت لا يـزال " الكحل العربي " موجودا في المملكة العربية السعودية وتستعمله قلّة من النساء.وربما تكون
النجمة اللبنانية هيفاء وهبي من أشهر النجمات اللواتي يليق بعيونهن الكحل
، فلديها عينان عربيتان وتضع الكحل بحيث تزيد وتؤكد على هويةوقوة جمالية الكحل في العينين ..
تگليلي شطرف عينك
آنه مدري هدب لو عود
أحس من الألم ما اشوف جدامي
ضحكت وگلت لا اتخافي
عله بحر العيون السود
عله شط الكحل مريت هذا مو صنع إجدامي
أدوّر عن ذهب عمري أدوّر كنزي المفقود
أحّس الموج يطوي الموج ويبحر مركب أحلامي
عيوني بسمة إعيونك
لو صار المطر وارعود
أشرب من ضمه دمعك
وأغسل جرحي الدامي
إنطيني عيونك يوم
وباچر يا عساه اصدود
أمانه لو مسحتي الكحل
خلّي طيف أحلامي
الغريـب أن العين هـذا العضو الحساس جدا والمهم جدا لا يتحسس الى الكحل وما هذه الثقة الكبيرة التي نضعها في المرود ذلك الجسم الصلب والسماح له بأن يمس العين ونحن بقناعةتامة وكلنا يعلم أن العين من أهم أجزاء الجسم ولا يبدي أية مقاومة أو إحتجاج ، أية حنيّة وعطف يربط المرود بالعين الغالية الثمينة فيلمسها ويقبلها وينثرها بالكحل وماء الورد فتكون العيـن من أبـدع مما كانت عليه إنها تحمل سر عظيم لهذا العضو الذي لم يتمكن الطب إبداله أو تعويضه الى يومنا هذا..
آخ اشكثر بالگلب
شو هلهلن بهداي
موش العلاه إعيوني كحل
هذا سواد الماي
هذا هو المرود صانع الجمال والثقة الكبيرة في النفس والرونق والإحساس
هؤلاء الأخوة الثلاث ( العين - الكحل - المرود) لم يفرق بينهما الزمن ولا العواصف ولا التقدم منذ القدم الى يومنا هذا فبقى الكحل والمرود والعين كما هما ...
أخاف اشكثر من اعيونك الحلوات
من تگبل عليّه إيموتن إعيوني
اذا گتلك خضّـرصدگني أقصر حيل
ولو اگلك صفرصدّگ يلوموني
يا جرّة كحل فوگ الجفون إتبات
ابجفن عينك المرود گال خلوني
أما الأمثلة الشعبية المعروفة عن الكحل فهي خالدة على مر الزمان لا تتغير منها...
1/ إجه إيكحلهه عماهه
2/ يبوگ الكحل من العين
3/ جبال الكحل تفنيهه المراود
4/ المكحله ما تحب الأعمى
5/ الكحل طبيب العائلة
يبقى الكحل العربي أصالة من الماضي وخاصة الى جيلنا الحاضر وأن المرأة الشرقيـة بين كل نساء العالـم صاحبـة العيون "الكحيلة " المتسعـة والأهداب الطويلة الشديدة السواد،وهي تعرف ذلك جيدا وتزهو به وتفتخر
فنجدها لا تدخر جهدا في تكحيل عينيها وإطالة أهدابها، وهي لم تجد حتى الآن أفضل من الكحل العربي وسيلة تمكنها من تحقيق أهدافها تلك بإتقان
ولا ترضى عنه بديـلا وما زالت تستخدمـه الى الآن بالرغـم من الإنتشار الواسع الذي تتمتع به مستحضرات التجميل الحديثة ...
صار عله جفني كحل
وگفلي سيل الدمع
بس ما طفالي الجمربركان من داخلي
يا خوفي لا ينفجر
إش أخرّك ما تجي
ما ظل إلك كل عذر
إهلال جرحك كمل...
إي كمل وأصبح بدر
صدگني حيل إتعبت
حبك عسر مويسر
إحچيهه لا تستحي
گول إنته طيفك غدر
سعدي جبار مكلف
آواسط اذار 2019








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية


.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-




.. المغربية نسرين الراضي:مهرجان مالمو إضافة للسينما العربية وفخ


.. بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ




.. كيف أصبحت المأكولات الأرمنيّة جزءًا من ثقافة المطبخ اللبناني