الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


1 آلهة وشياطين

مالوم ابو رغيف

2019 / 4 / 21
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


(عادة ما لا يقبل الناس على التفكير بالامور التي يصعب عليهم فهمها، وربما او ربما لا، قد يكون هذا هو السبب الذي يقف خلف معلوماتنا الضئيلة عن الارض وعن السماء، عن اصل الانسان واصل الحيوان، فمن الصعوبة علينا ان نفهم من اين اتينا والى اين نحن ذاهبون بعد ان يحل بنا الموت والفناء. فالعتمة تخيم على بدايتنا وعلى نهاياتنا، كيف لنا معرفة المزيد عن هذا الهول الذي يحطينا ويمدنا بكل ضروريات الحياة، وقبل اي شيء عن ما نسميه الهواء، السماء والبحر، عن الحيوانات والطيور والاسماك والبحيرات والبلدان الاخرى؟
بالتأكيد لا يمكن لاي انسان ان يحيط علما باصل بدايات جميع انواع الحياة.! لكن ذلك الذي يفتح عيناه واذناه ويتذكر ما كان كبار السن يسردونه، فان له دراية عن هذا او عن ذاك بما يملأ ذاكرتنا الشاغرة. لذلك ننصت باهتمام بالغ الى الذي يحمل لنا انباء وتجارب الاموات. وجميع الاساطير التي ورثناها من الاجداد هي ليست سوى حديث الموتى. فنحن نتحدث مع الذين كانو قديما في عداد الحكماء، ونحن الذيين لا نعرف الا القليل، نستمع اليهم باصغاء.)
من حديث لرجل من الاسكيمو
تنقل لنا الاساطير حكايات عن عوالم الآلهة وعوالم الارواح الشريرة والشياطين، وتخبرنا عن نشوء العالم وعن تأثيرات سطوة وقوى الآلهة عليه، وهي ليست قصص ممتعة ومسلية فقط، انما تحمل ايضا قيمها الداخلية عميقة. في معظم الحالات، انتقلت هذه الاساطير الينا من الازمنة التي لم يدركها التاريخ. ومع هذا فانها بمجموعها ليست افكار ما قبل التاريخ ، انما ايضا تشتمل على بعض من الافكار الجديدة التي نشات خلال تطورها اللاحق.
انها تدل، ضمن حقبتها الثقافية، الى ما يعتبر حقائق دينية ومعرفية آنذك ومن هذه الزاوية وجب النظر اليها، فالطقوس والاساطير هي مظهر الدين والحياة الروحية للناس وتؤثر كثيرا على حياتهم اليومية. انها، اي الاساطير والخرافات علة التعبد وحقيقة محتواه وجوهر معناه . ويؤدى التعبد من خلال التلاوات والتجسيد الصوري ، ليس كإحياء لذكرى حدث قضى ومضى، انما كواقع حاضر وحياة فعلية. كثير من الشعوب البدائية تعتقد بان اقامة شعائر التعبد ضروريا للمحافظة على نظام الكون وعلى العلاقات التي تربطهم مع بعضهم ومع الطبيعة. فان كان التعبد التعبير عن الدين، فان الاساطير تمنحه شكل محتواه. كما لا يجب التقليل من دور الاساطير وتأثيرها على الثقافة. لكن عندما تزداد العبادة رسوخا وقوة، تصبح هي بحد ذاتها غاية وهدفا فتدفع بالاساطير التي هي سبب العبادة الى التراجع الى عالم النسيان، ان الطقوس تقتل الاساطير. لذلك نحن نعرف كثير من العبادات لكن لا نعرف الكثير عن الاساطير التي انشأتها، وغالبا ما تطرأ التغيرات على الاساطير ومن ناحية اخرى توجد الاساطير التي لم تنشيء عبادات خاصة بها.
يمكن النظر الى الاساطير على انها تقارير قصص ديني تهتم بمحتوى الحكاية اكثر من اهتمامها برموزها او شكل استعراضها. حيث تتحول الشخصيات والاحداث التاريخية الى احداث وشخصيات اسطورية، وغالبا ما تكون الخرافات والحكايات ذات طبيعة اسطورية ايضا.
ويمكن القول بان الخرافة ليست سوى صيغة مبسطة للاسطورة عندما تكون الاسطورة غير واضحة في سياقها العام. على اية حال لا يمكن رسم حدود فاصلة بين الاساطير والخرافات والحكايات الملحمية ولا يمكن فصل الواحدة عن الاخرى.
ويمكن الحديث عن عدة انواع من الاساطير
اساطير الالهة لتي تخبر عن اصول ومصائر الالهة
اساطير الخلق والتي تحكي عن كيفية نشوء الكون من العدم
اساطير الكون او الكوزمولوجيا والتي تحكي عن نشوء العالم وعن اجزاء وخصائصها وسماته منها اساطير التنجيم
اساطير العلاج والشفاء برقيات آلالهة والشخصيات المقدسة على الارض
اساطير الاخرويات وتتحدث عن مسار العالم ونهايات الزمن وعن الموت الانبعاث ويوم الخلاص
اساطير علم الامراض وتتحدث عن الميزات الخاصة في الخَلق على سبيل المثال الخواص الغريبة في تكوينات بعض الصخور او لبعض النباتات النادرة او الحيوانات.
من النادر العثور على اساطير بحتة قائمة لنفسها.
والى جانب هذه الانواع هناك العديد من الافكار المنتشرة والتي ترجع كثير من الظواهر والاحداث الى اسباب اسطورية مثل افكار عن احياء العالم وعن الفيضان الكبير عن اللعنة الابدية، عن الولادة الخارقة عن الطموح الانساني نحو الخلود، عن موت اله معين كسبب للحياة في العالم، عن المعراج او الذهاب لزيارة الالهة، عن سرقة النيران.
يمكن صياغة الفكرةالأسطورية بطرق مختلفة ، كما نرى في العديد من المتغيرات للعديد من الأساطير
في الازمنة الحديثة تشترك كثير من الدوافع خاصة من خلال رشات من الـ Atiology او علم الامراض لتوسيع الاساطير ونشرها، وفي كثير من الاحيان تنتقل الفكرة الاسطورية او الاسطورة كاملة من ثقافة الى اخرى ، لكن يبقى الاعتراف بالانتقال والاستعارة الاسطورية غائبا غير موجود حتى في البلدان المجاورة بعضها للبعض الاخر.
ولحد هذا اليوم لا يمكن الاجابة عن من هي الاسطورة الاصيلة ومن هي الاسطورة المستعارة ذلك ان امكنة واقات نشأة الاساطير لا يمكن الجزم بتحديدها.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحيه طيبه
ادم عربي ( 2019 / 4 / 22 - 00:14 )
ان خلف الاسطوره يكمن كثير من الحقائق ، فلا يجب النظر اليها كهلوسات فكريه ، بل يجب التعامل مع ما تحمله من حقائق بنويه ، فالأسطورة وان ظهرت على شكل متشابك فهي في وجودها البنوي تحتمل كثير من الحقائق والحديث عن منهج في التحليل


2 - الزميل آدم عربي مع التحية
مالوم ابو رغيف ( 2019 / 4 / 22 - 10:38 )
الزميل ادم عربي
تحياتي وشكري لك على التعليق
ان النقطة الرئيسية في الموضوع هو ان الاساطير هي التي خلقت الاديان، فالاسطورة هي تصورات الانسان عن الطبيعة بكل ظواهرها عن ما يحدث بعد الموت عن القوى الخيرة والشريرة التي تعصف بالانسان فتورثه الالم والاوجاع.ـ
من هنا نستطيع القول ان الحقيقة التي تشير اليها في ملاحظتك هي ذاتية
Subjective
خاصة عندما يجسد الانسان ملاحظاته عن الطبيعة وظواهرها وعن التطور الذي يشمل الجميع، في جسد الالهة، اذ لا توجد الهة او اي رمز لها في جميع الاديان سوى في وعي الانسان
اكرر التحية


3 - تعليق متأخر 1
محمد البدري ( 2019 / 4 / 29 - 08:26 )
كنت علي وشك التعليق علي هذه المقالة ولاسباب خارجة فاتني ذلك لكني تذكرتها
بعد ان قرأت مقالك الاخير عن آلهه وشياطين مصر.
وكما تفضل العزيز الفاضل آدم عربي في تعليقه الاول مؤكدا الكثير من الحقائق تكمن في الاسطورة كبناء محكم عن احوال الواقع دون الاحتكام للمنطق وللعلم الطبيعي.

فلو تأملنا في الهة المصريين المتعددة لاكتشفنا ان المهام الوظيفية تكمن في نشاط وتحدد وظيفة كل اله. ويفسر المصري القديم تغير الاحوال بنشاط ذلك الاه من عدمه. مثالها الواضح في اوزيريس اله الحياه النماء ذو اللون الاخضر اينما وجدت رسومه لانه انعكاس لحال الزرع والمحاصيل ويقاله ست المرسوم دائما باللون الاصفر دليل الموت وفقدان الاخضرار للمزروعات عندما تجف. فاصبح الموت قرينا بالشيطن بل ان العمل الشيطاني يؤدي للخروج من بهجة الحياه. والاكثر تعبيرا كان يطلق اسم نبات شيطاني عندما نجد بعض النباتات مبعثرة في الصحراء. فاي كائن يسكن الصحراء الصفراء كونه من صنفها حيث الجفاف والموت. ست هذا عندما اتقلت حكاياته التدميرية - لاحظ انه قتل اله النماء اوزوريس - الي العبرانيين وعبر اختلاف اللسانيات حيث تتحول السين الي شين اصبح شت .... يتبع


4 - تعليق متأخر 2
محمد البدري ( 2019 / 4 / 29 - 08:26 )
... ولان العقل العبراني كان وثنيا شأنه شأن كل الشعوب القديمة وفي سلك تطوره الي التوحيد (اغبي فكرة اخترعها العقل الشرقي) بدأ في لم شمل كل الاشرار مثلما وحد جميع الاله في اله واحد فاطلق عليه شيطان لان اللفظ شيطان هي صيغة جمع في الساميات مثلما نقول حمل وحملان ، غزال وغزلان ... الخ ، فالسين تنطق شين عندهم، هي احدي صياغات الجمع عن الجماعة التي سادت ثقافتها المأسطرة علي ما عند الشعوب المجاورة. ومع انتشار التوحيد العبراني علي من جاورهم اعاد كل نطق لفظ شيطان باعتباره مفرد وجري جمعها عن اقوام اخري تحت مسمي شياطين. انها رحلة لفظ واحد من ست الي شياطين ونسي التابعين المتأخرين الاصل.
عودة الي الالهه الوظيفية نجد اله الكتابة والتدوين تحوتي الذي يترك نقش منقاره وارجله في الطين وكانه يكتب، واله العقاب ممثلا في التمساح الذي ينهش بقسوة في واقع الحياه كتجربة مريرة مر بها المصريين طويلا علي ضفاف النهر. وهكذا جرت حكايا الاسطور معبرة عن حقائق دون ان تتمنطق الاحداث داخلها طبقا لقوانين الفيزياء لانها صورة مسجلة في عقل قبل ان يبلغ نضجه المعرفي. تحياتي لكما ومع وافر تقديري واحترامي

اخر الافلام

.. احمد النشيط يصرح عن ا?ول راتب حصل عليه ????


.. تطور لافت.. الجيش الأوكراني يعلن إسقاط قاذفة استراتيجية روسي




.. أهم ردود الفعل الدولية حول -الرد الإسرائيلي- على الهجوم الإي


.. -حسبنا الله في كل من خذلنا-.. نازح فلسطين يقول إن الاحتلال ت




.. بالخريطة التفاعلية.. كل ما تريد معرفته عن قصف أصفهان وما حدث