الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شماعة رثّة ومزيفة

مرتضى عبد الحميد

2019 / 4 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


كل ثلاثاء (شماعة رثّة ومزيفة)
من بديهيات السياسة في زمن الانحطاط الذي نعيشه الآن، أن أي نجاح أو أنجاز يحققه الحزب الشيوعي العراقي على الصعيد السياسي أو الجماهيري، ويجد صداه الايجابي في أوساط واسعة من أبناء شعبنا، يفقأ عيون أعدائه، ويصيب بالهستيريا كل من رضع الحقد مع حليب أمه، ليصبح في المطاف الأخير جزءاً لا يتجزأ من شخصيته وسلوكه.
وإذا أعيت الحيلة هذا النفر المريض، تراه يلجأ إلى الدفاتر القديمة، متشبهاً بالتاجر المفلس، الذي يبحث في نفاياته وأوراقه المنتهية صلاحيتها منذ أمد بعيد، لعله يجد شيئاً يتعكز عليه، ويعيد له بعض خساراته.
ما صرح به البعض من هواة السياسة في الأيام القليلة الماضية سواء في الفضائيات أوفي الصحف الرخيصة، لا يخرج عن هذا الإطار المتسخ بغبار الدونية والعقد النفسية، زاعمين مع سبق الإصرار والترصد، أن أحداث كركوك في عام 1959، كان وراءها الشيوعيون، في حين كانوا هم الضحايا، وقدموا قرابين غالية دفاعاً عن الجمهورية الوليدة.
كان العداء لثورة (14) تموز المجيدة، هو الدافع الحقيقي لتشكيل حلف غير مقدس بين العوائل الرجعية والإقطاعية في الموصل، وبعض الضباط القوميين، وبدعم غير محدود من الجمهورية العربية المتحدة، وبالتالي القيام بحركة إنقلابية قادها عبد الوهاب الشواف من الموصل في 9 آذار 1959.
وقد مهدت هذه القوى لتآمرها على الثورة بأضطهاد الشيوعيين والديمقراطيين والقاسمين، فقتل وعذب واغتيل العديد منهم، أملاً في تغيير ميزان القوى لصالح المتآمرين، وامتداداتهم في بغداد وعدد من المدن العراقية، لكن القوى العسكرية والمدنية المخلصة للثورة وقيادتها، إستطاعت خلال يومين لا ثالث لهما أن تدك أوكارهم، وتجهض مشروعهم الإجرامي.
وعلى خليفة الاحتفالات بالذكرى الأولى للثورة في كركوك، أندلعت أحداث مأساوية وارتكبت جرائم، يندى لها الجبين، لاعلاقة للشيوعيين بها، لا من قريب ولا من بعيد، وهذا ما أكده سياسيون ومراقبون منصفون، ليسوا شيوعيين ولا علاقة لهم بالحزب، أمثال المحامي "جرجيس فتح الله" القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، والباحث المعروف الدكتور "عبد الفتاح بوتاني" والمؤرخ الأفضل لتاريخ الحركة السياسية في العراق، المفكر الفلسطيني د. حنا بطاطو، بل أن صحفياً بريطانياً معاديا للشيوعية أسمه "أرويل دان" أكد هو الأخر في كتابه عن الزعيم عبد الكريم قاسم، أن الشيوعيين بعيدون كلياً عما جرى في كركوك، وأن العداء التاريخي بين بعض المتعصبين من الأكراد والتركمان، وبتحريض ونشاط فعال، من شركات النفط الأجنبية، ونظام الشاه في إيران، هم المسؤولون لا غيرهم.
وفي تقرير رسمي رفعه إلى وزارة الداخلية المقدم "محمود جاسم المسعودي" مدير شرطة كركوك آنذاك تناول فيه موقف منظمة الحزب الشيوعي في كركوك، والجهود الكبيرة التي بذلتها لرأب الصدع بين الطرفين، والسعي لتوحيد المظاهرتين في مظاهرة واحدة، إحتفاء بثورة 14 تموز، بيد أن حجم التآمر على الثورة، وعلى الشيوعيين و سائر أبناء الشعب العراقي، كان أكبر بكثير، فأفلتت الأمور، وخرجت عن مسارها الطبيعي مما أوقع العشرات من الضحايا البريئة.
آخر الأعراض الجانبية لهذا المرض، ظهور عميلة للأمن الصدامي، كانت متزوجة من عميل آخر، في أحدى الفضائيات، وفي توقيت مشبوه، للتشهير والافتراء على الحزب وقيادته ورفاقه، أملاً في الانتقام منه، ومن دوره الوطني والديمقراطي.
أنها شماعة رثة ومزيفة، لا يستخدمها إلا الأكثر رثاثة وزيفاً منها!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال