الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رائد التجديد في الاغنية الريفية ... الراحل عبادي العماري

احمد عبدول

2019 / 4 / 26
الادب والفن


يمتاز الفنان الراحل (عبادي هاتو فياض المنشداوي ) المعروف ب( عبادي العماري ) والمولود عام 1941 ـ1989 في قضاء المجر التابع لمحافظة ميسان بعذوبة الصوت والاحساس العالي والاداء المميز الذي جمع بين الاحتفاظ بالاصالة وبين توسيع افاق الاغنية الريفية بما يتلائم مع رياح الحداثة التي استنشق عبيرها العماري وهو ييمم وجهه شطر العاصمة بغداد عام 1958 والتي كانت حينها تشهد حراكا اجتماعيا وثقافيا وفنيا ملحوظا.

ادى الراحل عبادي العماري العديد من الاطوار الريفية الا انه برع في اداء اطوار كان اهمها طور اللامي والغافلي والحياوي والمحمداوي وقد حرص العماري على اداء تلك الاطوار طيلة مشواره الفني القصير بسنواته ، الغزير بعطائه حيث بلغت تسجيلات الشاب الاسمر مئات الكاسيتات التي غطت مساحة العراق من شماله الى جنوبه فقد كان العماري يسجل حفلاته في سوق الخضّارة والعشار وساحة ام الكروم في محافظة البصرة كما كان يسجل داخل سوق الهرج وفي مدينة الثورة وفي محافظة الكوت والحلة والفلوجة .

في سبعينيات القرن الفائت كان صوت عبادي العماري يصدح بتلك الاطوار التي تثير الحزن السومري المزمن فتتلاقفه الاسماع وتشغف به النفوس . لذلك وجدنا ذاكرة العراقيين الفنية تحتفظ حتى اليوم باغاني مثل (جنك ملك ,مادام نجمك فالي , شتريد اكلك بعد ,مازال كل ذاك التعب ضيعته برباك ) وغيرها اما اغانية التي كانت تحمل اسماء بعض من وقع في عشقهن في مرحله صباه وشبابه فقد كانت هناك اغاني مثل بت جبار ,وام سعدونة ,وسهام وسميرة وسليمة.

لم تقتصر طاقات العماري على الغناء فحسب فقد كان يلحن ويكتب معظم اغانيه كما في اشهر اغنيتين له وهما اغنية (فصلية 1973 ) التي سلط فيها الاضواء عللى التقاليد العشائرية المتخلفة واغنية (سامحيني 1973 ) التي مثلت قفزة نوعية في تاريخ الاغنية الريفية حتى ان اكثر من ناقد موسيقي عدها اغنية حداثوية .
امتازت هذه الاغنية بعدة مميزات لم تتوافر عليها ايّة اغنية ريفية من قبل فقد شهدت (سامحيني) تحولات في الصوت (القرار والجواب ) كما امتازت بتحولاتها اللحنية وهو امر لم يكن شائعا ومعروفا انذآك كما استغرقت هذه الاغنية اكثر من (15 دقيقة) وكان لآلة الاوركرديون مساحة في عملية التعاطي الموسيقي مع النص .
على صعيد النص كانت سامحيني تجسد نصا مفتوحا لم يكن من السهل التعامل معه لحنيا الا ان العماري استطاع ان ينجح في اخراج ذلك النص بشكل غاية في الجمال والدقة والصياغة اللحنية ولعل هذا النص المفتوح الذي يأخذ قالب القصيدة ليس الاول الذي طوعه الراحل العماري فقد غنى نصوصا مفتوحة(قصائد غنائية) للراحل كاظم اسماعيل الكاطع كان ابرزها (كف يجف افراكهم ,لاكني بمعقل البصرة ,يالذبج قطار الشوك كلبي مو محطة يشيل عبرية ) .

شكل عبادي العماري ظاهرة ليس من السهل تكرارها فقد اضحى مدرسة يقلده المطربون ويقتفي اثرة الهاوون وقد ردد اغانيه جمع من مطربي الريف امثال الراحل كامل اكشاش والمطربة غزلان وعبد فلك ويونس العبودي واخرين .


كنت قد التقيت قبل اشهر بعازف الكمان المعروف الاستاذ (فالح حسن ) الذي عاصر معظم مطربي الريف وحرصت على سؤاله عن الراحل (عبادي العماري ) فأكد لي بان عبادي كان صاحب خلق عال ونفس طيبة ويد سخية وانه كان يمتلك من اللياقة الصوتية والمطاولة على الاستمرار في مواصلة الاداء لساعات طوال حتى انه غنى في احدى الحفلات في بغداد من الساعة السادسة عصرا حتى الفجر وهذا الامر على حد وصف الفنان فالح حسن لم يكن متيسرا ومعهودا لدى مطربي الريف الاخرين .
غادرنا الراحل عبادي العماري وهو في قمة شبابه وعطائه واخلاصه لفنه الا ان مواويله وبستاته والحانه ما زالت غضة حية لا يعتريها الذبول ولا تغادرها الذاكرة ولا يملها الوجدان الشعبي وتلك هي ميزة الفنان الذي وهب كل شيء لفنه فحسب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي


.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و




.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من


.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا




.. كل يوم - -الجول بمليون دولار- .. تفاصيل وقف القيد بالزمالك .