الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عالم ما بعد أمريكا

ميسون البياتي

2019 / 4 / 29
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


شوهد الرئيس الأمريكي باراك أوباما يحمل نسخة من هذا الكتاب , الكتاب لا يتحدث عن نهاية أمريكا , لكنه يتحدث عن صعود العديد من الأمم في مجال الإقتصاد كالصين والهند والبرازيل

صدر الكتاب بداية عام 2008 وهو منشور على شكل كتاب صوتي وكتاب ورقي , الطبعه الثانيه المنقحه صدرت عام 2011 ولاقت رواجاً كبيراً في أسواق بيع الكتب حيث وصل الكتاب إلى ذروته في المرتبة الثانية على قائمة أكثر الكتب مبيعاً

مؤلف الكتاب هو فريد زكريا رجل متزوج كان يبلغ من العمر 48 عاماً وقت نشر الكتاب , يعيش في مدينة نيويورك ويعمل محرراً في مجلة نيوزويك الدولية . هاجر زكريا إلى الولايات المتحدة من الهند خلال مسيرته الجامعية . تخرج من جامعة هارفارد بدرجة الدكتوراه في العلوم السياسية في عام 1993 بعد حصوله على بكالوريوس من جامعة ييل . شغل منصب مدير التحرير لمجلة الشؤون الخارجية قبل قبول منصب المحرر في مجلة نيوزويك

تحولت آراء زكريا السياسية الليبراليه من دعم أجندة ريغان المؤيدة للديمقراطية إلى مواقف كلينتون المؤيدة للسوق حين شعر زكريا بأن الولايات المتحدة آخذة بالتراجع بشكل لا يمكن وقفه لا الآن ولا في المستقبل فبينما سجلت دول أخرى أرقاماً لأطول مبنى في العالم وهو برج خليفه في الإمارات ، وأكبر مصنع وأكبر مصفاة في الصين وأغنى شخص في العالم في المكسيك , في الوقت نفسه كانت الولايات المتحدة تتورط في حرب العراق عام 2003

عالم ما بعد أمريكا , يشرح أنه بفضل سعي الولايات المتحدة الى نشر الديمقراطية الليبرالية في جميع أنحاء العالم بقوتها العسكريه فهي تفقد مكانتها بتنافس بلدان أخرى معها في الاقتصاد ، والصناعه والقوة الثقافية . وبينما تستمر الولايات المتحدة في الهيمنة من حيث القوة السياسية والعسكرية ، فإن دولاً أخرى مثل الصين والهند أصبحن لاعبات عالميات في العديد من المجالات

في وقت نشر هذا الكتاب كان فريد قد نشر كتاباً آخر هو ( مستقبل الحرية : الديمقراطية غير الليبرالية في الداخل والخارج ) تحدث فيه عن الشروط الضرورية لبقاء الديمقراطيه الليبراليه على قيد الحياة , وبينما كان يدعم في البداية التدخل الأمريكي في العراق ، انتقد زكريا أساليب إدارة بوش في بناء دوله جديده في العراق ومحاولته إجبار العراق على التحول إلى ديمقراطية ليبرالية دون شروط مسبقه للتحرير الاقتصادي وسيادة القانون

خلال السنوات القليلة اللاحقه ، طوّر زكريا نظريته حول تحويل القوة العالمية من التفوق العسكري والسياسي الى المشاركه في المنتديات والمنظمات الإقتصاديه التي أخذت الدول الناشئه النمو من خلالها الى قوى فاعله على الساحة العالميه وبسرعة قصوى

يقسم الكتاب إلى سبعة فصول . الفصل الأول يؤكد أن نظاماً عالمياً ( لما بعد أمريكا ) آخذ في الظهور ستستمر فيه الولايات المتحدة هي الدولة الأقوى لكن قوتها النسبية ستتضاءل . وهو يعتقد أن هناك ثلاث تحولات في السلطة في 500 عام الماضية : تحول السلطة إلى الغرب خلال عصر النهضة ، وتحول السلطة إلى الولايات المتحدة مما جعلها قوة عظمى ، والآن التحول إلى العديد من البلدان المتنامية ، وخاصة الصين و الهند ، والشركات غير الحكوميه المتعددة الجنسيات

يعتقد زكريا أن الشركات غير الحكوميه المتعددة الجنسيات لا تتكيف بشكل جيد مع التحديات الناشئة وأن هناك تركيزاً كبيراً على المشكلات الناشئة عن حالات الفشل المحتملة في السوق , أو الأزمات العامة كالإرهاب , على حساب التركيز على المشكلات الناجمة عن النجاح مثل التنمية التي تسبب تدهوراً بيئياً ، أو الطلب المتزايد الذي يخلق ارتفاعاً في أسعار السلع

يبحث الفصلان الثاني والثالث العوامل التي أدت إلى توازن الطاقة . انتقلت السلطة إلى الغرب لأنه عزز التجارة مع الشعوب الأجنبية وطور نصيب الفرد من إنتاجية العمل . ولكن حين انتقلت السلطة إلى الولايات المتحدة فبسبب تعزيز رأسمالية السوق الحرة والعولمة تشتّت السلطة إلى عدة بلدان أخرى . تشهد الاقتصادات الناميه ارتفاعاً منذ عقود بسبب دخول لاعبين جدد الى السوق العالميه , وبسبب مواقف الولايات المتحدة من كثير من أمور العالم أصبحت معزولة ولا تحظى بثقة الأجانب

الفصل الرابع مخصص للصين . أسلوبها في الإصلاحات الصغيرة التدريجية سمح لها بالتحديث بهدوء فأصبحت ثاني أقوى دولة في العالم ، وستمتلك نفس قوة الولايات المتحده خلال العقود المقبله . نقاط القوة في الصين تتمثل في فلسفة تعكس المثل الكونفوشيوسيه بشكل عملي وأخلاقي وعقلاني . وفي سياستها الخارجية غير القتالية التي هي أكثر جاذبية من سياسة الولايات المتحده

الفصل الخامس يتحدث عن الهند . على النقيض من الصين ، لدى الهند نظام سياسي ديمقراطي من القاعدة إلى القمة يخضع باستمرار للاضطرابات الاجتماعية حيث يخسر عدد قليل فقط من السياسيين الانتخابات . يتميز نظامها السياسي بالإقليمية القوية وغالباً ما يولي أولوية عالية للمصالح الإقليمية وليس الوطنية . يسرد زكريا مزايا الهند: المحاكم المستقلة التي تنفذ العقود ، وحقوق الملكية الخاصة ، وسيادة القانون ، والقطاع الخاص الراسخ ، والعديد من رجال الأعمال الناطقين بالإنجليزية

في الفصل السادس يقارن فريد زكريا بين وضع الولايات المتحده كقوة عظمى وكيفية إستعمالها لقوتها , يتحدث عن الإمبراطوريه البريطانيه وهي تدخل حرب البوير في تسعينات القرن التاسع عشر ضد جنوب افريقيا ودولة الأورانج , ويقارن بها الولايات المتحده وهي تدخل حرب العراق بداية الألفية الثانيه . الفرق بينهما هو أن البريطانيين كانوا يتمتعون بسلطة سياسية غير مسبوقة ، لكنهم فقدوا هيمنتهم الاقتصادية ، في حين كانت الولايات المتحدة ، في العقد الأول من القرن العشرين ، تتمتع بقوة اقتصادية هائلة ولكن لها تأثير سياسي متعثر , ولهذا فعلى الولايات المتحده قراءة المؤشرات التي تشير إلى التراجع الأمريكي , لكنه يحذر من أن السياسات الحزبية الداخلية , وجماعات الهجوم الإيديولوجي المحلية , وقوة المصالح الخاصة , ووسائل الإعلام المثيرة , تضعف قدرة الحكومة الفيدرالية على التكيف مع الحقائق العالمية الجديدة عند قراءتها تلك المؤشرات

الفصل الأخير يحدد كيف استخدمت الولايات المتحدة قوتها ويوفر ستة مبادئ توجيهية على الولايات المتحدة اتباعها في عالم ما بعد أمريكا الذي تصوره زكريا وهي
أولاً : اختيار الأولويات بدلاً من محاولة الحصول على كل شيء
ثانياً : بناء قواعد واسعة ، وليس مصالح ضيقة . وإعادة الإلتزام بالمؤسسات والآليات الدوليه
ثالثاً : كن بسمارك ، ولا تكن بريطانيا . حافظ على علاقه ممتازه مع الجميع بدلاً من تعويض العلاقات الممتازه بقوى ناشئه
بسمارك : يقصد به أوتو بسمارك , رجل دولة بروسي محافظ هيمن على الشؤون الألمانية والأوروبية من ستينيات القرن التاسع عشر وحتى عام 1890 وكان أول مستشار للإمبراطورية الألمانية بين عامي 1871 و 1890
رابعاً : ترتيب حسب المتطلبات . ومعالجة المشكلات من خلال مجموعة متنوعة من الهياكل المختلفة قد تكون الأمم المتحدة وأحياناً الناتو وأحياناً منظمة الدول الأمريكية
خامساً : التفكير بطريقة غير متماثلة . الاستجابة للمشاكل ( مثل عصابات المخدرات والإرهابيين ، إلخ ) بشكل يتناسب مع كل مشكله , وعدم الإستجابه لطُعُم الهجمات الصغيرة التي تهدف إلى لفت الانتباه
سادساً : الشرعية هي القوة . تخلق الشرعية الوسائل اللازمة لوضع جداول الأعمال وتحديد الأزمات وتعبئة الدعم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أمبراطوريات سادت ثم بادت.
أكرم فاضل ( 2019 / 4 / 29 - 19:35 )
ما يقوله فريد زكريا في كتابه المبحوث لا يعدو عن كونه أراء شخصية للكاتب وإن كان يحتوي على نظريات نابعة من مسيرة الزمن في زوال الامبراطوريات.

مشكلة الصين هي كونها أكبر دولة سكانياً ومواردها الذاتية لا تكفيها وسر صعودها السريع كان سببه كلفة الأيدي العاملة الواطئة جداً الأمر الذي ساعدها في تصدير منتجاتها بأبخس الأثمان وجمعها لمبالغ خيالية من العملة الصعبة نتيجة لذلك غير أن تحولها التدريجي الى السوق الحرة قد فرض زيادة ملحوظة على كلف انتاجها وتزايدت العثرات أمام صادراتها وقد تفطنت الكثير من الدول التي كانت تستورد منتجاتها لهذه النقطة وبدأت تتصرف بحذر تجاهها.

تبقى الهند أسيرة الأثر الكبير لتشعب شعوبها والاختلاف الملفت للنظلر للمبادئ لدى أبنائها رغم التفوق الحاصل لديهم بجهود فردية

نظراً لكون الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك الناصية العلمية حالياً مع قلة عدد سكانها نسبياً فان هبوطها المتوقع سوف لن يحدث بالسرعة التي حصلت مع غيرها من الامبراطوريات التي أفل نجمها سابقاً.


2 - فريد زكريا
عبد الحسين سلمان ( 2019 / 4 / 30 - 12:57 )
شكراً للدكتورة المجتهدة دوماً.

يمكن الحصول على كتاب فريد زكريا من الرابط التالي

https://azadegan.info/files/Post%20American%20World.pdf

اخر الافلام

.. نشرة الخامسة | حماس تقبل تسليم سلاحها -بشرط-.. وحصانة ترمب ب


.. نشرة الرابعة | -بطولات وهمية-.. أسلوب دعائي تمارسه الجماعات




.. عضو بالبرلمان الأوروبي يطلق حمامة بيضاء داخل المجلس


.. الأميرة البريطانية بياتريس تتصدر عناوين الصحف بعد تلقيها خبر




.. مقابلة خاصة | وزير الدفاع الإيطالي جويدو كروسيتو