الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكابتن جيمس كوك والمتاهة

دينا سليم حنحن

2019 / 5 / 3
الادب والفن


الكابتن جيمس كوك والمتاهة
دينا سليم حنحن

بلد لا تشبه أي بلاد
من يزورها
لا يعلم إن كان هو في حلم أم في غياب
أصف الرحلة وكأنها
يقظة مؤقته في واقع مرتاب
رحلة ما يزال طعمها تحت اللسان

لنذهب إلى نيوزيلاندا.
طموحنا هو أن نقف حيث وقف الكابتن جيمس كوك ووقفنا، لكننا استمررنا بدخول المنطقة التي لم يدخلها الرحالة العملاق، ما الذي دار في خلده حينها يا ترى!
لنذهب معا إلى مشاهد لا تغرقها بحورا، مشاهد تبقي الذكرى داخلنا حتى تعوضنا عن تكرار الرحلة المكلفة، عبرنا مساحات شاسعة قطعناها استمرت يومان ونحن ننتظر المجهول القادم حتى وجدنا أنفسنا عزلاء تماما.
ما قمنا به هو رحلة جماعية على ظهر باخرة عملاقة، إلى منطقة تقع في جهة الجنوب الغربي من المحيط الهادئ، جنوب شرق أستراليا، وقد سبقنا إلى هناك الرحالة جيمس بوند.
خرجت مع الكابتن جيمس كوك في رحلة الاكتشاف أربعة سفن، آثر خلالها القيام بمغامرة صعبة جدا حيث تتعدى أحلامه الكبيرة وحدود القارة ألأوروبية بكثير، والهدف هو اكتشاف أراض جديدة تصبح بديلا للعالم القديم.
في نيوزيلاندا، دار كوك حول الجزر الكبيرة التي تسمى باللغة الماورية الأصلية ( تي وهيبونامو).
وصل إلى متعرجات ضيقة بين الجزر وتردد الدخول في مياه نقية لكنه أمر بالتوقف حتى لا يتوه داخلها، وأصبحت هذه الجزر الآن من أشهر الأماكن سياحة وجمالا وغرابة، يتجول فيها السياح بين مئات الهكتارات المليئة بالشلالات ذات المشاهد الخلابة، ولنقل أن حملة اسبانية تجاسرت ودخلت المتعرجات الجبلية سنة 1793 وهم أول من اكتشف المنطقة.
وقد وصلتها أنا شخصيا في الأشهر الماضية على ظهر باخرة، توقفت بنا الباخرة مدة ساعتين كاملتين بانتظار المد بعد الجزر الذي حصل داخل منطقة مائية محاطة بالجبال المتشابهة وكأن جبل يلد من جبل آخر، أو بالمعنى الأصح، كلما اخترقت الباخرة بنا المياه خرجت جبال جديدة من حيث لا ندري لتحيطنا بشلالاتها وقد غمرت الثلوج البيضاء قممها.
لقد عرفها المتسلقون المغامرون، وأول من تسلقها اكتشف مشاهدا خلابة وحدائقا على علو 1200 م – 2700 م وأطلق عليها اسم Fiordland National Park، وهو دكتور خبير في أمور البيئة وتسلق الجبال مع زوجته وقد صحبها معه كهدية مفاجئة لها بيوم مولدها، واكتشف شلالات وأنواع نباتات ونوع طير جميل لا يقوى على الطيران ويقيم هناك فقط.
توقف الكابت كوك بطاقمه على مشارف تلك المنطقة النائية والمنعزلة كثيرا ولم يدخلها، وعندما قرر النزوح عنها والاستمرار في رحلته لاكتشاف المزيد من اليابسة، التفت مجددا وقد غمرته الحيرة القاتلة وقال جملته الشهيرة (هذه الأرض متاهة، وهذا الخليج مريب للشك) وأسماها Doubtful sound الصوت مشكوك فيه.
وكتب في مذكراته: " أظن أنني وقعت في الفخ وأغريت للمجيء إلى هنا، أشك أننا سنبقى على قيد الحياة".
كانت رحلات الكابتن (كوك) عبارة عن إيجاد بديل لوطن الأم للذي هم بحاجة إلى وطن، فوزّع أحلامه على السجناء والمنبوذين، فحلم من فقد هوية المواطنة بمكان يفوق بمواصفاته من وطن الأم، لكنهم وصلوا فوجدوا أمامهم أرضا خالية إلا من بعض الأقوام الغريبة، قبائل المواري الذين آمنوا بأن الحشرات الطائرة آلهة وأبدعوا بالتهام لحوم البشر وبرقصة الهاكا، فلم يجد كوك وجها للشبه بين من يحمل معه من منفيين وبينهم، وكتب في مذكراته: "إن الماوري متين البنية وممشوق القامة وذو عظام عريضة وقامة أطول من المتوسط، بشرته بلون بني داكن وشعره أسود وذقنه حمراء وأسنانه بيضاء، والرجال والنساء على السواء يطلون وجوههم وأجسادهم بالحمرة الممزوجة بزيت السمك، ويزينون آذانهم وأعناقهم بنوع من الحلى المصنوعة من الحجارة والعظام والقواقع، كما أن الرجال يرشقون ريشا في شعورهم".










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-