الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السودان وليبيا والجزائر .. صراع مُحتدم بين العسكر والاخوان ....!!!!

زياد عبد الفتاح الاسدي

2019 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


إذا ما تطرقنا للاوضاع الراهنة في العالم العربي ولا سيما لما يجري في السودان وليبيا والجزائر من مظاهرات وانتفاضات شعبيىة وصراع عسكري مُسلح .. فسنلاحظ أن جميع هذه الاحداث لا تُعبر فقط عن تمرد شعبي على الفقر والفساد والاوضاع السياسية والامنية المُتردية , بل تعكس أيضاً بشكلٍ أو بآخر صراعاً على السلطة بين الجيش والعسكر ومُؤسسات الدولة من جهة وبين الاحزاب الاسلامية والاخوانية من جهة أخرى ... كما تعكس أحياناً أخرى توافقاً بين الجيش والعسكر مع القوى الاسلامية والاخوانية في إطار من التوجيه الاقليمي والغربي لهذا التوافق لما يخدم الهيمنة الغربية على الوضع السياسي والاقتصادي كما كان الحال في السودان قبل الانقلاب على عمر البشير ... وهذا الصراع أو التوافق الذي نجده بشكلٍ خاص في الحالة السودانية تقف وراءه بوضوح أطراف أقليمية معروفة من بينها مصر والسعودية والامارات .. فيما تقف قطر وتركيا عموماً مع القوى الاخوانية ... ومن جهة أخرى فهذه البلدان الثلاثة إضافة لبلدان أخرى في شمال ووسط أفريقيا تشهد تنافساً ملحوظاً بين الولايات المُتحدة وفرنسا لفرض هيمنتها ونفوذها السياسي والاقتصادي .. بالاضافة لتدخلات خارجية أخرى من بريطانيا وأيطاليا ولكن بدرجات أقل ... وهنا يُمكننا أن نورد الملاحظات التالية لما يجري في هذه الدول الثلاث :
بالنسبة للسودان :
1.عُين عمر البشير رئيساً للحكومة السودانية من قبل حزب المؤتمر الشعبي (الجبهة الاسلامية سابقاً) الذي يقوده حسن الترابي بعد الانقلاب الذي قاده هذا الحزب عام 1989 وأطاح بحكومة الصادق المهدي المُنتخبة شرعياً .. فيما تحول حسن الترابي بعد حوالي عشر سنوات من الانقلاب الى المعارضة في مواجهة عمر البشير وحزب المُؤتمر الوطني الاخواني .. وقد استمرت فترة حكم البشير وهي الاطول في تاريخ السودان الى أن تمت الاطاحة به من قبل قادة الجيش في نيسان ابريل 2019 .

2. يقود الثورة السودانية الراهنة ما يُطلق عليها " قوى إعلان الحرية والتغيير" التي تشكلت بشكلٍ رئيسي من القوى النقابية مُمثلة بتجمع المهنيين السودانيين وقوى الاجماع الوطني, وجبهة نداء السودان والتجمع الاتحادي المعارض ... وقد تم تشكيل إعلان قوى الحرية والتغيير بمبادرة من كافة ألاحزاب السودانية المعارضة الرئيسية .. وأهمها حزب الامة القومي بقيادة الصادق المهدي, والحزب الشيوعي السوداني وحزب المؤتمر الشعبي الاسلامي, والجناح المُعارض في حزب المُؤتمر الوطني الاخواني .. إضافة الى الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال) وبعض الاحزاب اليسارية الاخرى .

3. من الواضح أن تلكؤ ومراوغة قادة المجلس العسكري السوداني في عدم استجابتهم لمطالب المعارضة مُمثلة بقوى إعلان الحرية والتغيير لتسليم السلطة في البلاد لادارة مدنية وإحداث مجلس انتقالي يحكم البلاد لاربع سنوات, يعكس خوفاً حقيقياً لدى المُؤسسة العسكرية السودانية (ومن ورائها بعض القوى الاقليمية الرجعية والانظمة الغربية) من فقدانها السيطرة على الوضع السياسي والامني في السودان لصالح القوى الوطنية والتقدمية في ظل استمرار الاعتصامات والمظاهرات الكبرى التي تشهدها العديد من المدن السودانية.

4. هنالك تدخل إقليمي من وراء الستار في السودان من قبل السعودية ومصر والامارات التي تدعم بوضوح مع فرنسا والولايات المُتحدة إستمرار سيطرة الجيش السوداني على البلاد لا سيما وأن هذا الجيش يُساهم الى جانب السعودية والامارات في الحرب المُدمرة على اليمن .. بينما فقدت كل من تركيا وقطر نفوذها في السودان بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح بعمرالبشير وحزب الموتمر الوطني .. حيث أصبحت تُعول بعد الانقلاب على القوى الاخوانية المعارضة في حزب المُؤتمر الشعبي الذي أسسه الزعيم الراحل حسن الترابي .

الصراع العسكري في ليبيا :
1. يختلف الوضع في ليبيا جذرياً عن الجزائر والسودان باعتباره صراع عسكري بحت للسيطرة على البلاد في ظل عدم وجود أحزاب سياسية مُتنوعة على الساحة الليبية .. وقد ظهر هذا الصراع بقوة على السطح بعد أن قام المشير خليفة حفتر بشن حملة عسكرية واسعة للسيطرة على جنوب وشرق البلاد وإسقاط حكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج والسعي للسيطرة على العاصمة طرابلس مقر حكومة السراج ومدينة مصراطة المجاورة التي تُمثل معقلاً رئيسياً للميليشيات المُسلحة من الجماعات الاخوانية والاسلامية المُتطرفة .. وهنا يُعتبر الصراع في ليبيا بوضوح صراع على السلطة بين الجيش بقيادة خليفة حفتر الذي يُسيطر على معظم أنحاء البلاد باستثناء شرق البلاد والعاصمة طرابلس, وبين حكومة الوفاق الوطني والقوى الاخوانية بقيادة فايز السراج المُتحالفة عسكرياً مع الميليشيات الاسلامية المُسلحة في شرق البلاد .
2 . تتلقى العملية العسكرية التي يقودها خليفة حفتر للسيطرة على طرابلس ومصراطة الدعم الاقليمي المُطلق من مصر والسعودية والامارات التي تُعادي بوضوح القوى الاخوانية في ليبيا وحكومة الوفاق الوطني بقيادة فايز السراج ... كما يتلقى خليفة حفتر دعماً دولياً من فرنسا, انضمت إليه لاحقاً الولايات المُتحدة .. بينما عارضت مُفوضية الاتحاد الاوروبي في بروكسل بشدة العملية العسكرية الواسعة التي يقودها المُشير خليفة حفتر .... أما حكومة فايز السراج والقوى الاخوانية المُتحافة معها فهي تتلقى دعماً قوياً بأشكال عديدة من تركيا وقطر ومن الحكومة الايطالية التي تُناهض بشدة سياسات ايمانويل ماكرون والحكومة الفرنسية في العديد من الدول الافريقية في شمال ووسط القارة الافريقية .
الجزائر :
1. بدأت أحداث الجزائر كما نعلم برفض ترشح الرئيس الجزائري بوتفليقة لولاية خامسة . ولكن هذه الاحتجاجات الغاضبة التي تقودها قوى المعارضة وفي مُقدمتها الاحزاب الاسلامية والاخوانية لم تهدأ حتى بعد استقالة الرئيس الجزائري واعتزاله بالكامل .. بل إزادت في حدتها وانتشارها وفي مطالبها بما يشمل رفض الحكومة المًؤقتة التي تم تشكيلها لادارة البلاد ريثما يتم إجراء انتخابات رئاسية, ورفض تشكيل ندوة للحوار الوطني بين مختلف القوى السياسية في الجزائر لمحاربة الفساد وإجراء إصلاحات سياسية ودستورية .. وامتد هذا الرفض ليشمل كل أشكال الحوار مع قيادة حزب جبهة التحرير وأحزاب الموالاة في التجمع الوطني الديمقراطي , بما يشمل رفض أي تواجد من الشخصيات السياسية لهذه الاحزاب في أي منصب سياسي ولو مُؤقت , حتى لو لم تكن مُتورطة بأي شكلٍ من أشكال الفساد المالي أو الاداري .... وهنا لا يُمكننا المقارنة بين النظامين في الجزائر والسودان .. فالنظام السوداني السابق كان ليس فقط غارق في الدكتاتورية والفساد المشتشري وقتل المئات من المُتظاهرين الابرياء في انتفاضاته المُتواصلة , بل تميز أيضاً بمواقفه الرجعية وبالمُساهمة مع السعودية والامارات في حربهم الاجرامية على الشعب اليمني بأرسال الجنود السودانيين الفقراء للقتال في اليمن وتعريض حياتهم للقتل والمشاركة في قتل وإبادة الشعب اليمني الفقير ... بينما تميز الحكم الجزائري رغم وجود فساد واضح في اجهزة السلطة والدولة كما هو الحال في معظم بلاد العالم.. ولكنه تميز بمواقفه السياسية الوطنية ضد التآمرعلى سوريا ورفض التطبيع مع الكيان الصهيوني وإدانة الحرب الاجرامية على اليمن , كما لم يتورط في قمع المُتظاهرين وتعريض حياتهم للخطر .

2 . تُشكل الاحزاب الاسلامية الخمسة الرئيسة في الجزائر والتي تتميز عمومأ بالتوجه الاخواني كتلة رئيسية من المعارضة الجزائرية التي تشمل بين صفوفها بعض أحزاب المعارضة الوطنية .. وفي مقدمة هذه الاحزاب الاسلامية الكبيرة حزب مجتمع السلم وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحركة البناء الوطني .. إضافة الى جبهة الانقاذ الوطني المحظورة التي تُعتبر من أقدم هذه الاحزاب والتي ساهمت في تسعينات القرن الماضي بالارهاب الدموي الذي شهدته الجزائر .. والذي تم القضاء عليه من قبل الجيش الجزائري .

3 . وصلت الامور بين قوى المعارضة الجزائرية بقيادة الاحزاب الاسلامية والاخوانية وبين الجيش و السلطات العسكرية في الجيش بقيادة رئيس الاركان احمد قايد صالح الى طريق مسدود مع التعنت الذي اظهرته قوى المعارضة ولا سيما الاسلامية برفضها كل أشكال المبادرات والتسويات ومعالجة الامور وفق القوانين الدستورية .. وهذا ما قد يدفع بالبلاد نحو الفراغ السياسي والفوضى المطلقة وبتعبير آخر نحو المجهول .

على أية حال إذا قارنا الى أين ستؤول الامور في هذه البلدان الثلاثة فإننا نستطيع القول أن السودان قد يخرج بنتيجة واضحة نحو الاصلاح والتغيير بقيادة قوى إعلان الحرية والتغيير والقوى الوطنية والتقدمية وفي مقدمتها حزب الامة والحزب الشيوعي السوداني ... بينما لا يُمكن التنبؤ بمصير الاوضاع في الجزائر في ظل المواجهة والاحتقان المُتزايد بين قيادة الجيش الجزائري من جهة وبين قوى المُعارضة بقيادة الاحزاب الاسلامية من جهة خرى .... أما في ليبيا فلا يبدو أن الامور ستتجه نحوالحسم العسكري من قبل الجيش الليبي بقيادة حفتر فيما سيستمر الوضع الامني المُتدهور والصراع المُسلح بين الجيش ومُختلف الجماعات الاسلامية والقبلية المُسلحة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو بنك الأهداف الإيرانية التي قد تستهدفها إسرائيل في ردها


.. السيول تجتاح مطار دبي الدولي




.. قائد القوات البرية الإيرانية: نحن في ذروة الاستعداد وقد فرضن


.. قبل قضية حبيبة الشماع.. تفاصيل تعرض إعلامية مصرية للاختطاف ع




.. -العربية- ترصد شهادات عائلات تحاول التأقلم في ظل النزوح القس