الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملح و لحم - حب عربيّ 2-

لمى محمد
كاتبة، طبيبة نفسية أخصائية طب نفسي جسدي-طب نفسي تجميلي، ناشطة حقوق إنسان

(Lama Muhammad)

2019 / 5 / 5
الادب والفن


الزاد و الملح يصنع لحم الجسد، فهل فكرت يوماً بأنه من طعامك نشأ جسد أطفالك؟
و عندما تصوم-بالمعنى الصحيح- فأنت تركز على صنع لحم أجساد الآخرين، ليس لحم جسدك؟
الأجساد تحتاج لحمها لتبقى بعافية و تلتفت لتحقيق أحلام الروح…
كلنا نعرف بخيلاً ما، لا يطعم غيره، و إن أطعم يعد لقيمات الطعام، أو تسمعه يقول: “ فلان أكل الطبخة كلها، لذلك لم أدعوه اليوم؟” .
هذا البخيل لم يتعلم يوماً معنى الروح.. كان لحم جسده لوحده مهماً، و الحياة تدور حول جيبته و ماله…
في بداية رمضان نقول شكراً لكلّ من دعم خبزنا و ملحنا، فصار لحمنا كفيلاً بحمل هذا الجسد للعمل على أحلام الروح…
*******


طعامي و جسدك:
-عملت في رمضان خمس عشرة ساعة في اليوم، لكن أولادها أكلوا على كل إفطار طعاماً صحياً.. من صان الخبز و الملح؟
صديقتها طبخت كل يوم لعائلتيهما..
قالت لها: “هي ليست مجرد وجبة طعام.. أتشرف بأن يكون من زادي و ملحي لحم أجسادكم، فيكبر أولادك و تساعدكم هذه الأجساد على تحقيق الأحلام”…


صيام لا زكاة:
-أطعم في كل يوم جائع.. لم تكن زكاةً و حسب، بل كان صياماً عن سخف التفكير بجوع معدة واحدة..
من زاده و ملحه نجت أجساد فقراء كثر.. و منحتهم بعد الشبع.. رفاهية التفكير في حلم خلاص…


ملح روح:
-شاهدت أختها و قد أرهقتها الحياة، فتحججت بكونها تحتاج المساعدة في التريّض اليومي: “ أنا سمينة ساعديني حتى أنحف.. “.
كانت حيلتها وسيلة ناجعة لتخرج أختها من المنزل، تلعب معها الرياضة، تخفف عن روحها بالأحاديث المشتركة.. هي لم تكن يوماً سمينة، بل كان لملحها في جسد شقيقتها لحم رفقة خفف من الأسى و القسوة…


زادُ نصيحة:
-نصح صديقه بالعدول عن قرار ترك العمل، حتى يجد عملاً أفضل، لم يهمه أن صديقه زعل: “تتدخل في حياتي..”.
بل همه أن يخلق من ملح نصيحته لحم تحدٍ قوي في صديقه، فلا يهينيه الغرباء…


لحم صداقة:
-رأت أن زوجها يبتعد عن صديقه، فدعت زوجة الأخير مع العائلة إلى الإفطار.. قالت في نفسها:
“ معتوه هو من يرى صداقة تتهاوى و لا ينقذها حتى آخر لحظة.. ليكن في زادي و ملحي لحم جسد يدعم أرواحاً متحابة.. آمين”…
*******

أطعموا قبل أن تأكلوا.. ساهموا في أجساد من تحبون، تساهمون في تحقيق أحلامهم:
يعتقد الكثيرون أن الطبخ شيء عادي جداً.. و أن الطعام لسد الفم فقط..
يأخذ كثيرون الطعام على كونه مظهر آخر من مظاهر الدنيا.. فيصورن الطبق و لا يصورون اللحظة، يهمتون باسم المطعم، لا بالحب الذي صنعت به شوربة حساء عاديّة…

لو فكرنا قليلاً:
الزاد و الملح.. الذي تأخذه الغالبية كأمر مفروغ منه هو عامل رئيس في حياتنا…
الجسد الجائع لا يفكر إلا بتأمين لقمه، لذلك اعتمدت الأنظمة الديكاتورية عبر التاريخ على سياسة تجويع الشعوب، ليتوقف الحلم بالأفضل، و تتحدد الآمال في إطعام الأطفال…
الجسد الجائع يحمل روحاً منهكة.. و مهما كان عزم صاحب الروح كبيراً، يبقى في حاجة إلى يد حانية تقدم ملح الجسد…
ملح الجسد ليس فقط طعاماً، بل هو محبة و صدق و كثير من اللفتات النبيلة.. لكن الطعام- الزاد و الملح- عامل رئيس و لا حياة دونه…
الإرتقاء بلحم الجسد، أنسنة منح الزاد و الملح: كلها عبادة لا يصح صيام من دونها ولا يكمل رمضان بلا إتقانها…

كل عام و أنتم نبلاء الزاد و الملح .. و بألف خير…








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما


.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا




.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما


.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في




.. من الكويت بروفسور بالهندسة الكيميائية والبيئية يقف لأول مرة