الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقاطع المسارات في الواقع السياسي العراقي ! الحلقة (2)

صبحي مبارك مال الله

2019 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


إستعرضنا في الحلقة الأولى من المقال، الواقع السياسي منذُ سقوط النظام الدكتاتوري وكيف كان العامل الخارجي هو السبب الرئيس والمؤثر في التغيير وبالتالي أدى ذلك إلى إستحقاقات الاحتلال وتأثيره حسب قرار مجلس الأمن المرقم 1483 في 2003م حيث كانت النتيجة، تأخر بناء الدولة العراقية الجديدة وإعادة البناء بعد تدمير ركائز الدولة ومؤسساتها منذُ تأسيسها في عام 1921 برعاية بريطانية بعد ثورة العشرين. لقد تضمنت هذه المرحلة مخاض عنيف وقسري لأجل إرساء بناء العراق الجديد والتي تطلبت تغيرات أو إستعدادات أساسية نحو التحولات الديمقراطية التي غابت عن العراق منذ أكثر من خمسة وأربعين عاماً منذ عام 1958 ثورة الرابع عشر من تموز، ولكن الذي حدث هو نشوء الفوضى والعمل العشوائي بين سلطات الإئتلاف الدولي والقوى السياسية التي رضخت إلى حالة الاحتلال حيث حدثت خلافات حول شرعنة الاحتلال، النقطة الثانية هي عدم وجود برنامج عملي يعيد البناء ويبني الثقة ويجعل الشعب العراقي يؤمن، بأن هناك تغير حقيقي قد حصل. وتبعاً لشرعنة الاحتلال حسب قرار مجلس الأمن فلابد أن تكون هناك إدارة للمحتل ونتيجة للصراع بين الأقطاب الرئيسة في الإدارة وهي الرئاسة ،وزارة الخارجية ، وزارة الدفاع البنتاكَون حول كيفية الإدارة والبرنامج ، ولهذا كان كل قطب قد وضع برنامجه الخاص منذ تكليف الجنرال المتقاعد كَارنر . النقطة الثالثة : ظهور ونمو الطائفية وتمزق النسيج الوطني والإجتماعي بفعل تحرك دوائر مخابراتية إقليمية ودولية لغرض تعميم (الفوضى الخلاقة )التي تعمل على إثارة فوضى عارمة ومن ثم الهدوء وبذلك إنقسم المجتمع العراقي إلى عدة أقسام متحاربة بعيداً عن الوحدة والهوية الوطنية وهذا يعتبر بداية المحاصصة والطائفية التي ساهم فيها الحاكم بريمر ممثل سلطة الإئتلاف الذي عمل على تشكيل مجلس الحكم العراقي على أساس مكونات الشعب العراقي، وقد مثل في هذا المجلس ممثلي المعارضة وشخصيات ليست لها علاقة بالعمل المعارض تمّ ترشيحهم عشوائياً. وحتى بعد نقل السيادة في 28 حزيران (يونيو )2004م من الولايات المتحدة الأمريكية إلى الحكومة العراقية المؤقتة مع الإبقاء على الهيمنة السياسية الأمريكية عليه وفي 15 تشرين الأول 2005 م وافق 79% من العراقيين على الدستور الدائم. وفي 15 كانون الأول (ديسمبر)2005 م شارك العراقيون في الانتخابات العراقية لإختيار 275عضو اً في البرلمان العراقي أو مجلس النواب ومن ثم تشكلت الحكومة والسلطات الثلاث ومن 2005 إلى 2019 تعاقبت أربعة دورات تشريعية لكل دورة أربعة سنوات ومن خلال الدورات تكون تقليد إنتخابي في التحالفات وتغيير المواقف، لم تتكون معارضة برلمانية حقيقية وخلال هذه الفترة لم تتحقق الوحدة الوطنية لأجل بناء العراق بسبب النظام السياسي المتبع خلافاً لمواد الدستور ، وهو نظام المحاصصة بكل أنواعها حيث جلب هذا النظام الفساد . ولم يستطع مجلس النواب أن يؤسس من خلال تشريع القوانين قاعدة للدولة الحديثة والإستفادة من المساعدات الدولية ولم تستطع الحكومات المتعاقبة التي نتجت عن المحاصصة السياسية والطائفية أن تحقق تحولاً جذرياً على كافة المستويات وتعيد بناء العراق على أسس علمية. وبعد الفشل المستمر حدثت عدة إصطفافات بين القوى السياسية وأحزابها وحصلت عدة تحالفات وتكونت كتل وظهرت أحزاب بالعشرات وقوائم إنتخابية جديدة ثم بعد ذلك وعبر الدورات التشريعية حصلت متغيرات في داخل الأحزاب وداخل التحالفات حيث إختفت أسماء كثيرة وخسرت السباق الإنتخابي وجرى على تركيبة كل تحالف تغير في المنهج وفي التوجه وفي عدد المقاعد التي حصلت عليها بسبب فقدان الثقة بالطبقة السياسية وتدهور الأوضاع السياسية والإقتصادية والمجتمعية والخدمات والتعليم والثقافة والصحة والتنمية البشرية، والسبب الأكبر هو تفشي الفساد العاصف الذي لم يبق على شيئ . لقد وصل الفساد إلى مرحلة متقدمة من تخريب النفوس إلى درجة بيع وشراء المقاعد سواء في تشكيل الحكومة أو في مقاعد مجلس النواب وعلى كل مقعد تحصل حرب بين الكتل لأجل الإستحواذ عليه كما حصل في مقاعد رئاسة مجلس النواب أو مقاعد رئاسة اللجان النيابية .إن عرقلة تشريع القوانين المفيدة للشعب هو نتيجة تقاطع المسارات بين القوى السياسية، وكذلك عرقلة البرامج الحكومية أو البرلمانية، التي تهدف إلى حل الأزمات المستعصية و الحد من التدخل الأجنبي ودول الجوار، أو منع زج العراق في الصراعات الدولية، مثل الصراع الأيراني الأمريكي أو منع التدخل الأيراني وتهريب الأموال والمخدرات و النفط ، وإستيراد البضائع والسلع المنافسة للمنتوج الوطني لغرض تدمير الزراعة والصناعة حسب خطط خفية، لجعل العراق فاقد كل شيئ وبالتالي فاقد الأهلية ليكون بلد متطور. وعند البحث في التوجهات السياسية والستراتيجية للتحالفات والأحزاب، نجد بأن نتائج انتخابات 2018 الأخيرة قد وضعت خارطة جديدة للقوى السياسية التي إرتبطت بالعملية السياسية منذ 2003 . الخارطة أشرّت إلى متغيرات في تركيبة التحالفات قبل وبعد الانتخابات وتقارب مفاجئ بين قوى كانت متنافرة. وقد تميزت التوجهات السياسية والستراتيجية حسب المحاور، وهي الكتل السنية وأحزابها ، الكتل الشيعية وأحزابها، والكتل الكردية ، القوى المدنية والديمقراطية حيث توزعت بين توجهات الإسلام السياسي (السني والشيعي ) والتوجه القومي ( العربي ، الكوردي ، التركماني وقومية إثنية ) والتوجه المدني الديمقراطي. وتختلط التوجهات حسب نظام المحاصصة السياسية والتمثيل في مجلس النواب وتأخذ هذه التوزيعات محاور فكرية وسياسية وهي المحور الإسلامي -السلفي ، الإصلاحي ، المعتدل ، المحور القومي وهو محور يعمل على تفضيل القومية على الوطنية ومصالحها والمحور الليبرالي الذي يعتمد التجارب الغربية فيما يخص التحرر من القيود التي تعيق حرية الاقتصاد وحرية الإنسان والتخلص من القطاع العام وإتباع الدوائر الليبرالية عالمياً، والمحور الثالث وهو محور يشمل القوى الديمقراطية واليسار بصورة عامة وهو يعتمد توجهات نحو بناء الدولة الديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويستند إلى ديمقراطية حقيقية وليست شكلية، كما أن هذا المحور يتبنى العلمانية وفصل الدين عن الدولة وفصل السلطات الثلاث عن بعضها ولا يتفق مع المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية في إدارة الدولة، كما يتبنى كل المواثيق والعهود التي تعتمد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وما تبعها من قرارات ومواثيق التي تؤكد على حرية التعبير والتظاهر والإعتصام وحرية الصحافة ورفض الأحلاف العسكرية، في حين تعتمد التوجهات الستراتيجية للقوى الدينية السياسية والقوى القومية على العولمة في الاقتصاد والإرتباط بالشركات متعددة الجنسية، ولاتؤمن بالديمقراطية الحقيقية ولا بالحريات ولهذا تتقاطع المسارات عند ما تطرح قرارات مكافحة الفساد لوجود علاقة ومصالح مرتبطة بهذا الفساد، ولهذا تعثرت خطط مكافحة الفساد وما يريده المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الذي إقترح ضمن البرنامج الحكومي الذي قدمه السيد عادل عبد المهدي رئيس الوزراء . فالخطوات ثقيلة جداً نحو التغيير والإصلاح بسبب تباين التوجهات. ونلاحظ ما حصل للقائمة العراقية أو تحالف الوطنية بقيادة أياد علاوي، يذكر ناظم الخزرجي في الحلقة (6) من مقال الأحزاب العراقية ..قراءة في الإستراتيجيات : الكتل السياسية
(بأن نجوم القائمة العراقية الذين أكتسحوا الساحة بمئات الآلاف من الأصوات لكل واحد منهم .أسامة النجيفي ، طارق الهاشمي ،أياد علاوي ،رافع العيساوي وصالح المطلك في الانتخابات السابقة ، أنهاروا في انتخابات 2018إنهياراً هائلاً، مفسحين المجال للكتل المحلية الصغيرة بالصعود كالحلبوسي والكربولي والخنجر وأبو مازن ليتقمص هولاء دور التمثيل السني ) حيث تحول الرأي العام السني من القيادات الرمزية إلى القيادات التي لاتمثل توجهات مبدئية واضحة ، وكما يذكر الكاتب بأن الفشل في تكوين جبهة للقوى السنية هي التي دفعت القوى الصغيرة السنية للإنحياز إلى كتلتي البناء والإصلاح وكلتيهما شيعية وأعتبروا ذلك تجاوز للإستقطاب وتحولاً إلى كتل عابرة للطائفية .الكتل السنية تشمل الآن 1- تحالف القرار العراقي بقيادة أسامة النجيفي وهو الخاسر الأكبرفي انتخابات 2018 2- تحالف الكرابلة وهو تحالف ضم عدد من شخصيات وقوى صغيرة وهو متهم بالفساد وفقدان المبدأية في العمل وهو يمثل البرغماتية السياسية إلى حد الإنتهازية ...(نفس المصدر) كما يعاني من التفكك السريع حيث إنسحب من هذا التحالف خميس الخنجر ، وأبو مازن ، ومحمد إقبال . القائمة الوطنية وهي تضم أياد علاوي ، صالح المطلك ، سليم الجبوري، وهذا التحالف هش وضعيف .ولم يطور الدكتور أياد علاوي حسب رأي الكاتب ناظم الخزرجي – ستراتيجية محددة منذ تفكك العراقية ولم تجر مراجعة سياسية لتحديد ستراتيجية قادمة. الحزب الأسلامي العراقي خسر كثيراً بخروج عدد من عناصره منه فأصبح ضعيفاً. وهو يعتبر من خلال خطابه السياسي حزب إسلامي معتدل ولايتمتع بشعبية الآن . (يتبع)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ضربة إسرائيلية ضد إيران في أصفهان.. جيمس كلابر: سلم التصعيد


.. واشنطن تسقط بالفيتو مشروع قرار بمجلس الأمن لمنح فلسطين صفة ا




.. قصف أصفهان بمثابة رسالة إسرائيلية على قدرة الجيش على ضرب منا


.. وزير الأمن القومي الإسرائيلي بن غفير تعليقا على ما تعرضت له




.. فلسطيني: إسرائيل لم تترك بشرا أو حيوانا أو طيرا في غزة