الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إنهيار الدولة العراقية ... قراءة موضوعية متأنية

داخل حسن جريو
أكاديمي

(Dakhil Hassan Jerew)

2019 / 5 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


تشكلت الدولة العراقية الحديثة تحت عنوان المملكة العراقية عام 1921 في أعقاب غزوه وإحتلاله من قبل القوات البريطانية , بعد أن كان جزءا من ممتلكات الدولة العثمانية , وقيامها بتنصيب الأمير الحجازي فيصل بن الشريف حسين شريف مكة , قائد الثورة العربية الكبرى التي كان هدفها قيام دولة عربية موحدة تضم اقطار المشرق العربي كافة , وهو أمر لم يتحقق بسبب تخلي الحكومة البريطانية يومذاك عن وعودها التي قطعتها لحليفها الشريف حسين الذي ساهمت قواته بتحرير الأراضي العربية من القوات العثمانية, حيث قررت الحكومة البريطانية تقاسمها مع الحكومة الفرنسية في إطار معاهدة سايكس بيكو سيئة الصيت.
تشكلت الدولة العراقية بدمج ثلاث ولايات كانت خاضعة لسيطرة الدولة العثمانية في بلاد ما بين النهرين هي : ولايات بغداد والموصل والبصرة بحدودها الإدارية تقريبا , بإستثناء ولاية البصرة التي أستقطعت منها مناطق كانت ضمن ولاية البصرة, حيث تشير ويكيبيديا الموسوعة الحرة إلى أن ولاية البصرة هي إحدى ولايات الدولة العثمانية الجنوبية عاصمتها البصرة ,تأسست عام 1875 وبقيت حتى بداية الحرب العالمية الأولى عام 1914 , كانت مساحتها الإدارية تمتد من أعالي منطقة علي الغربي شمالا حيث تبدأ حدود ولاية بغداد حتى لواء الإحساء ولواء نجد, وهي تشمل الكويت وقطر والإحساء والقطيف.
حافظت الحكومات العراقية المتعاقبة على حدود الدولة العراقية بصورة أو بأخرى حتى العام 1969 ,حيث قام شاه إيران بالإستيلاء على منتصف مجرى شط العرب الذي تعود ملكيته بالكامل إلى العراق بموجب الإتفاقيات المعقودة بين الحكومتين العراقية والإيرانية , والتي كانت آخرها إتفاقية مها آباد عام 1937 .وقبلها الإتفاقيات المعقودة بين الحكومتين العثمانية والفارسية , فضلا عن سيطرة القوات الإيرانية على بعض المناطق الحدودية وقيامها ببناء مخافر داخل الأراضي العراقية , أبرزها في سيف سعد وقوس الزين وغيرها. وبحكم منطق القوة الذي يقضي أن الأقوياء هم دوما على حق , رضخت الحكومة العراقية القائمة يومذاك لسياسة الأمر الواقع ,وإضطرت فيما بعد لعقد إتفاقية الجزائر بين الحكومتين الإيرانية والعراقية بوساطة الرئيس الجزائري الراحل هواري أبو مدين التي أقرت الحكومة العراقية بموجبها بتنازلها رسميا عن حقوقها بملكية نصف شط العرب, مقابل توقف حكومة الشاه عن دعمها للتمرد الكردي القائم يومذاك والذي أنهك الحكومة العراقية , مع إجراء بعض التعديلات الحدودية من خلال تشكيل لجان مشتركة لترسيم الحدود , والكف عن تدخل كل بلد بشؤون البلد الآخر .
وبسقوط نظام الشاه وقيام نظام الجمهورية الإسلامية في شباط عام 1980 , تفاقمت المشاكل مجددا بين الحكومتين العراقية والإيرانية بصورة لم تشهدها المنطقة من قبل , حيث تبنى النظام الجديد في إيران سياسة تصدير الثورة إلى الدول الأخرى , الأمر الذي أثار حفيظة الحكومة العراقية وخشيتها من أن تلقى هذه الدعوة إستجابة من بعض قطاعات الشعب العراقي المتعاطفة مع النظام الثوري الجديد في إيران من منطلقات طائفية , وبخاصة أن بعض أعمال العنف قد حصلت فعلا في بعض مدن العراق , إستهدفت بعض رموز النظام السياسي ومؤسسسات الدولة ومقار الحزب الحاكم, وجدت فيها الحكومة العراقية فرصة مناسبة لتوجيه ضربة قاضية لهذا النظام المعادي الجديد وهو بعد نظام فتي لم يشتد عوده, ويعاني من صراعات داخلية مريرة بين فصائله الثورية , الأمر الذي قد يخلق أرضية مناسبة للقوى السياسية الإيرانية المناهضة للثورة لتجميع قواها والإنقضاض على الثورة , ربما بدعم وإسناد من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الإقليميين والدوليين المعادين للنظام الثوري الجديد بعد أن كشف عن طموحاته وتوجهاته التي تهدد مصالحهم.
لذا قامت الحكومة العراقية بإلغاء إتفاقية الجزائر المجحفة بحق العراق, وإستعادة بعض مخافرها الحدودية مما أدى إلى بعض المناوشات العسكرية في مطلع شهر أيلول عام 1980 التي سرعان ما تحولت إلى حرب شاملة مدمرة بعد أن قامت الطائرات الحربية العراقية بقصف جميع المطارات العسكرية الإيرانية دفعة واحدة في الثاني والعشرين من أيلول عام 1980 على الطريقة الإسرائلية التي قصفت فيها المطارات العسكرية المصرية عام 1967 وأخرجت بموجبها الطيران المصري من المعركة , لتبدأ بعدها فصول حرب عبثية مدمرة إستمرت لمدة ثمان سنوات , إحترق فيها الأخضر واليابس وراح ضحيتها آلاف الشهداء , وتوقفت عجلة التنمية والبناء التي إبتدأها العراق في عقد السبعينيات التي كادت أن تنقله إلى مصاف الدول الأكثر تطورا ليس على صعيد المنطقة وحسب بل وعموم قارة آسيا, لو إستمرت معدلات التنمية على ما سارت عليه في عقد السبعينيات, وربما بوتيرة أكبر بفضل تزايد موارد العراق وتراكم الخبرات لديه وتنامي علاقاته الواسعة مع الكثير من دول العالم , بينما خرج العراق من هذه الحرب المجنونة مثخنا بالجراح وغارقا بالديون وبنية تحتية مدمرة. رب سائل يسأل هنا أما كان أجدى بالحكومة العراقية تهدئة الأوضاع بالطرق الدبلوماسية وإعتماد سياسة النفس الطويل مع النظام الجديد في إيران الذي لم يستقر بعد, وأنه ما زال يعيش هاجس المؤامرات ومحاولات إجهاض الثورة الوليدة , بينما كان النظام العراقي نظاما قويا ومستقرا وقادرا على حفظ أمنه وإستقراره ,ويتمتع بعلاقات دولية واسعة تمكنه من إتخاذ قرارات دولية جريئة لصالح أمن وسلام المنطقة وإبعادها عن دائرة الصراعات الدولية التي لا تخدم أمن العراق وعموم المنطقة , وتوجيه قدراته وطاقاته لبناء عراق قوي ومزدهر.
تنازل العراق في عقد الثمانينيات عن بعض أراضيه لصالح المملكة الأردنية الهاشمية , وتقاسم ما كان يعرف بمنطقة الحياد بينه وبين المملكة العربية السعودية , الأمر الذي دفع الحكومة الكويتية مطالبة العراق بترسيم الحدود بينها وبين العراق التي بقيت معلقة سنيين طويلة , مما شكل قنبلة موقوتة أدت إلى بعض المنازعات أحيانا ,كان أبرزها حادث مخفر الصامتة الذي راح ضحيته مقتل شرطي حدود كويتي في منتصف عقد السبعينيات من القرن المنصرم.
دعمت الكويت العراق في حربه ضد إيران , وحاولت الضغط على الحكومة العراقية بعد وقف إطلاق النار بين العراق وإيران عام 1988 مستغلة وضع العراق الإقتصادي المتردي الذي أنهكته الحرب التي إستمرت ثمان سنوات , بهدف إجباره على ترسيم الحدود لصالحها بممارسة المزيد من الضغط الإقتصادي السلبي بحق العراق , الأمر الذي دفع النظام العراقي إلى التهور وعدم تغليبه منطق الحكمة والدبلوماسية الهادئة , بقيامه بغزو وإحتلال الكويت برمتها عام 1991 من منطلق سياسة قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق , نجم عن هذا الغزو ويلات ودمار شامل للعراق ما زال يعاني كثيرا من اثاره الوخيمة حتى يومنا هذا , حيث تعرض العراق لأشرس حرب شهدتها المنطقة بقيام الولايات المتحدة الأمريكية وبمشاركة ( 33 ) دولة عربية وأجنبية وبغطاء دولي , لم تقتصر نتائجها على إخراج القوات العراقية من العراق , بل وتدمير الدولة العراقية برمتها وإعادتها إلى عصر ما قبل الصناعة . ولعل أخطر تداعيات هذه الحرب تمثلت بفقدان العراق لسيادته وتجويع شعبه وتفتيت نسيجه الوطني , حيث أظهرت الحرب عمق التخندق الطائفي والأثني ضد النظام الحاكم ,إذ شهدت محافظات الوسط والجنوب ذات الغالبية السكانية من طائفة معينة ومحافظات منطقة الحكم الذاتي الكردية تمردا مسلحا واسعا ضد النظام الحاكم , تمكنت من خلالها من السيطرة الكاملة على جميع مرافقها , بينما خرجت محافظات الشمال والمنطقة الغربية ذات الغالبية السكانية من الطائفة الأخرى بمظاهرات صاخبة لتأييد النظام . لم تتمكن الحكومة من بسط سيطرتها على المحافظات الوسطى والجنوبية إلاّ بشق الأنفس بإستخدامها القوات المسلحة وبخاصة قوات الحرس الجمهوري التي إحتفظ بها النظام في بغداد لحمايته ,وإستخدام الطائرات السمتية بموافقة قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية خوفا من توسع النفوذ الإيراني الداعم لهذا التمرد في هذه المحافظات , بينما أمنت خروج منطقة كردستان للحكم الذاتي بأكملها عن سيطرة الحكومة المركزية وخضوعها تماما لنفوذ الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها .
فرض حصار دولي شامل بغطاء قانوني من منظمة الأمم المتحدة في أعقاب غزو العراق للكويت ,حرم بموجبه تصرف العراق بموارده كافة , وفرض عليه عزلة شاملة وحرمانه من توفير أبسط مستلزمات شعبه من الدواء والغذاء , وعدم قدرته من التواصل مع العالم الخارجي بأي شكل كان , وهو أمر أدى إلى موت آلاف العراقيين بسبب المرض والجوع , وهجرة آلاف أخرى إلى بلدان العالم الأخرى طلبا للرزق , وتوقفت مصانع العراق ومؤسساته الإنتاجية بسبب تهالك معداتها وعدم توفر أدواتها الإحتياطية , وتردىت الخدمات الصحية والتعليمية , أي بإختصار شلل تام بجميع مرافق الحياة , رافقته إزدياد معدلات السطو والجريمة المنظمة وعمليات النصب والإحتيال وتزوير الوثائق والمستمسكات الرسمية وتعاطي الرشوة , الأمر الذي إضطر فيها النظام الحاكم للإذعان لشروط ما يسمى بالتحالف الدولي في إطار ما عرف بإتفاقية النفط مقابل الغذاء والدواء عام 1996, بالسماح للجنة دولية بالإشراف على تصدير نفطه وبيعه من قبلها وإيداع وارداته في مصرف دولي, يسمح للعراق بشراء الغذاء والدواء وبعض مستلزمات الحياة الضرورية للشعب العراقي تحت إشراف دولي, بعد إستقطاع ما نسبته ( 30 % ) من مبيعات النفط تحت باب تعويض الكويت والدول والجهات والأشخاص الذين قيل أن مصالحهم قد تضررت من غزو الكويت , وصرفها من قبلهم دون أن يحق للعراق الإعتراض أو حتى إبداء الرأي فيها. كما فرض على العراق ترسيم حدوده مع الكويت في سابقة لم تشهدها العلاقات الدولية بقيام الأمم المتحدة عبر لجنة دولية بإقتطاع مناطق واسعة من أراضيه ومياهه الإقليمية لصالح الكويت . كما فرض حظر الطيران العراقي في شمال وجنوب العراق , وأخذت ما يسمى بفرق التفتيش الدولية عن أسلحة دمار شامل مزعومة تصول وتجول في جميع أنحاء دون حرمة لسيادة العراق بما في ذلك المقرات الحكومية بما فيها القصور الرئاسية التي يفترض أنها تمثل رمز السيادة العراقية , والأدهى من كل ذلك أن الحكومة العراقية مجبرة على تحمل مصاريف ونفقات هذه الفرق سيئة الصيت. بينما لم تطالب الحكومات العراقية المتعاقبة حتى يومنا هذا بتعويض العراق عن خسائره الهائلة التي لحقت بمؤسساته المدنية ومصانعه وطرق مواصلاته وكل البنى التحتية جراء العدوان الأمريكي الغاشم على العراق منذ العام 1991 وما تلاه من ضربات صاروخية وجوية طيلة عقد التسعينيات بدعاوى زائفة , كان آخرها غزو العراق وإحتلاله عام 2003 دون أي غطاء قانوني دولي أو أي تفويض من هيئة الأمم المتحدة , لا بالعكس من ذلك تماما وسط معارضة شديدة من معظم دول العالم وبعضها دول حليفة للولايات المتحدة الأمريكية , بدعوى زائفة إمتلاك العراق اسلحة دمار شامل ثبت زيفها فيما بعد للقاصي والداني .
كان يتوقع أن يجري النظام الحاكم مراجعة شاملة لمجمل سياساته الداخلية والخارجية وما آلت إليه حال العراق وما لحق به من دمار , وتحمل مسؤولياته تجاه شعبه , وتوسيع قاعدة الحكم بالإنفتاح على كل القوى الوطنية الخيرة التي يهمها مصلحة العراق وإشراكها بصنع قراراته المصيرية , والتوقف عن التفرد بالقرارالسياسي وسياسة البطش والإستبداد وتكتيم الأفواه ومصادرة الحريات . كان في الأقل التصدي لظاهرة الطائفية السياسية والأثنية التي أظهرتها الأحداث ومعالجتها بموضوعية وإنصاف , بدلا من نعتها بأقذر العبارات وكأنها طائفة طارئة من بلاد أخرى كما وصفتهم بعض أدبيات الحزب الحاكم يومذاك ,بينما هم أبناء أصلاء من هذا الوطن بصرف النظر عن تصرف هذا أو ذاك . لم يكتف النظام بغيه بل زاد عليه بإنحيازه الطائفي عبر ما أطلق عليه بالحملة الإيمانية على وفق معتقدات طائفية معينة والتوسع ببناء جوامع فخمة لهذه الطائفة, وحرمان الطائفة الأخرى من بناء جوامعها أوتحسينها في الأقل من الأموال التي تجبى من أوقافها . لذا ليس غريبا أن تتبنى الإدارة الأمريكية عند غزوها وإحتلالها العراق عام 2003 نظام المحاصصة الطائفية والأثنية لإدارة الدولة العراقية , كونه النظام الأنسب لتقسيم العراق وتفتيته لاحقا إلى كانتونات طائفية وأثنية هزيلة متصارعة فيما بينها , ولا يمكنها الإستمرار إلاّ بالإتكاء على دول خارجية.
يزعم البعض أن طائفة بعينها قد مهدت لغزو العراق وإحتلاله عام 2003 , وهنا نقول ليس دفاعا عن أية جهة خلافا للحق والحقيقة , وإنما لوضع الأمور في نصابها الصحيح , إذ يعرف القاصي والداني أن قوات الإحتلال قد إنطلقت من دول الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية وبدعم وإسناد وتمويل حكوماتها التي لا تكن الود لهذه الطائفة هذا أولا , كما لم تواجه القوات التي غزت العراق من شماله وغرب أية مقاومة من سكان المحافظات الشمالية والغربية من أبناء الطائفة الأخرىهذا ثانيا, بخلاف ما واجهته القوات الغازية من جنوب العراق من مقاومة شرسة, وليس بعيدا عن الأذهان مقاومة أم قصر الباسلة وأسر المجندة الأمريكية " جيسكا " في مدينة الناصرية , وتعرض رتل دبابات أمريكية متوجهة إلى بغداد إلى تفجيرات في منطقة الفرات الأوسط. وعلى الصعيد السياسي شكلت سلطة الإحتلال ما عرف بمجلس الحكم على أساس أثني وديني وطائفي بحسب الثقل السكاني لكل جهة دون إستثناء أحد . وما زال ما يعرف بالعملية السياسية القائمة حاليا في العراق مبنية على هذا الأساس وبمشاركة جميع الأثنيات والأديان والطوائف . لذا لا يصح أبدا توجيه الأتهامات جزافا لهذه الطائفة أو تلك , بل محاسبة الجهات السياسية المشاركة في العملية السياسية بمسمياتها وشخوصها وأحزابها , بحسناتها وسلبياتها بصرف النظر عن معتقداتها الدينية أو الطائفية .
وثمة مسألة أخرى أنه يحلو للبعض التحدث عن المقاومة العراقية , وهي في حقيقة الأمر ليست مقاومة وطنية عراقية , كونها لم تنطلق من رحم الوطنية العراقية الجامعة الشاملة لجميع العراقيين , بل جاءت من خارج العراق بدعوى من رأس النظام السابق لمتطوعين عرب للقتال إلى جانب القوات المسلحة العراقية ضد القوات الأمريكية التي كانت تحشد قواتها لإحتلال العراق مطلع عام 2003 , تبين لاحقا أن جلّهم هؤلاء المتطوعين من متطوعي القاعدة العائدين من أفغانستان ممن يحملون عقيدة تكفيرية طائفية ضد جميع البشر من معتنقي الديانات والمذاهب الأخرى . ولا عجب أن نرى توجه أسلحتهم وقنابلهم ليس إلى القوات الأمريكية فحسب , بل نحو الناس الأبرياء من الديانات والطوائف الأخرى وسلب ممتلكاتهم وتدمير أماكن عباداتهم وسبي نسائهم , مما أدخل العراق في آتون حرب طائفية لا مصلحة فيها للعراق والعراقيين.
إن ما أردنا قوله بهذه الدراسة أن تداعيات تدهور الدولة العراقية العتيدة وتدمير قيمها الأخلاقية وتفتيت نسيجها الإجتماعي وإثارة الغرائز والنعرات الطائفية المقيتة ليست وليدة
اليوم , بل كانت عناصرها متوفرة على الدوام لمن تحركه نوازعه الشيطانية لتحريكها , إستغلها الصفويون والعثمانيون في السابق أكثر من مرة لتدمير العراق , هدأت نسبيا في حقبة العهد الملكي , لتطل بوجها الكالح من جديد في عهد الحكومات الجمهورية بأقنعة مختلفة تارة بمصطلح الشعوبية وأخرى بمصطلح التبعية وهكذا . مهد النظام السابق لعودة الطائفية بتبنيه ما أسماه " الحملة الإيمانية " دون أن يتخذ عبرة من التمرد الواسع الذي شهدته معظم محافظات العراق عام 1991 الذي حركته في معظمه جماعات التدين السياسي الطائفي والأثني. وبذلك وجدت إدارة الإحتلال الأمريكي الطريق ممهدة لها لإقامة نظام سياسي أثني وطائفي لتدمير هوية الدولة العراقية والقضاء على كل إرثها الحضاري والإنساني . وما زاد الأمور سوءا تولي السلطة من قبل جماعات إتخذت من ظاهرة التدين والمذهبية والطائفية غطاء زائفها لمماراساتها السياسية , ولا تهمها مصلحة العراق والعراقيين , بل سعيها للثراء السريع ومغادرة البلاد بعد خرابها , وإشغال الناس بحروب وهمية فيما بينهم على أمور عفا عليها الدهر وشرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية يزور تركيا لإجراء محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردو


.. توقعات بموجة جديدة من ارتفاع أسعار المنتجات الغدائية بروسيا




.. سكاي نيوز عربية تزور أحد مخيمات النزوح في رفح جنوبي قطاع غزة


.. حزب -تقدّم- مهدد بالتفكك بعد انسحاب مرشحه لمنصب رئاسة مجلس ا




.. آثار الدمار نتيجة قصف استهدف قاعدة كالسو شمالي بابل في العرا