الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ماذا عن عيد العمال العالمي

سربست مصطفى رشيد اميدي

2019 / 5 / 10
ملف 1 أيار - ماي يوم العمال العالمي 2019 - سبل تقوية وتعزيز دور الحركة النقابية والعمالية في العالم العربي


ماذا عن عيد العمال العالمي ؟

1- يحتفل الكثيرون في يوم 1 ايار من كل عام باعتباره العيد العالمي للعمال عن طريق تنظيم الحفلات والسفرات دون ان يعرفوا ان هذه المناسبة العالمية لم ترسخ عالميا الا عبر نضال شاق طويل ومن عرق جبين الاف العمال وعبر تقديم الكثير من التضحيات في سبيل مطالب العمال المشروعة. حيث بدأت الحركة في استراليا ابتداء من يوم 21 نيسان 1856 لتصل بعدها الى الولايات المتحدة بانطلاق حركة عمالية تطالب بجعل يوم العمل ثمان ساعات، ومن ثم امتدت الحركة الى كندا. وكان اول احتفال بعيد العمال هو في مدينه نيويورك سنة 1882.
2- وفي 1 ايار 1886 عندما نظم العمال في شيكاغو ثم في تورينتو اضراب عن العمل تحت شعار)ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع) ولتي ادت الى مصادمات مع الشرطة نتج عنها مقتل عدد من الاشخاص من الطرفين وجرح اخرين (احداث هايماركت). واستمر النضال والاضرابات والمظاهرات حيث تدخل الجيش الامريكي في ضرب تجمعات العمال سنة 1894 في اضراب (بولمان) مما ادى الى ان تكون سببا في اعتبار يوم ايار عيد العامل واعتبارها عطلة رسمية من قبل الرئيس الامريكي ( كليفلاند). وقد كان لذكرى احداث (هايماركت) صدى واسعا في اوربا خاصة من قبل الاحزاب الاشتراكية واعتبرت ذكرى سنوية تنظم فيها المظاهرات والاضرابات من قبل العمال وحلفائهم، حيث دعت في مؤتمر الاشتراكية الدولية في امستردام سنة 1904 جميع المنظمات والنقابات العمالية في العالم الى عدم العمل يوم 1 ايار، وهكذا اصبحت عيدا رسميا في عدد كبير من الدول في مقدمتها الاتحاد السوفيتي السابق ودول المنظومة الاشتراكية في حينه وايضا في الولايات المتحدة وغيرها.
3- ان وجود طبقة عاملة مرهون بالاقتصاد الراسمالي الذي ساد العلاقات الاقتصادية في العالم. وقد كان للثورة الصناعية في بداية تطور النظام الراسمالي في الدول المتطورة الاثر الاساسي في تطور نضال الطبقة العاملة من اجل تحسين ظروف العمل اولا ومن ثم تحسين ظروف معيشتهم ثانيا، وثالثا النضال من اجل تحقيق الحقوق السياسية كانشاء النقابات وتاسيس الاحزاب السياسية وحق الاضراب والحصول على حق التصويت.
4- اما في العراق فانه بعد ان اخذ النظام الراسمالي تطورة الطبيعي بنمو الراسمال الوطني وبتشجيع مستمر من الحكومة لرجال الاعمال والتجار خاصة من رؤساء العشائر واالأغوات والطبقة البرجوازية في المدن الكبرى، فانه ونتيجة هذا التطور فقد تزامن معها ظهور طبقة عاملة فتية خاصة في المدن الصناعية مثل بغداد والبصرة وكركوك. وحيث ان الحزب الشيوعي العراقي كان ولا زال يتبنى قضايا الطبقة العاملة، فان اولى نضالات هذه الطبقة الفتية والنقابات التي برزت للنضال العمالي كان يقودها اغلبها هذا الحزب، وقد حدثت اضرابات عن العمل للمطالبة بتحديد ساعات العمل وتحسين ظروف العمل في القاعدة البريطانية في الشعيبة وفي الميناء واضراب كاورباغي في كركوك والعديد من الاضرابات والمصادمات، والتي كانت متزامنة معها وان كانت غير منتظمة حركات فلاحية ضد الأغوات والاقطاع كما في انتفاضة (الحي) و(ال زيرج) وانتفاضة سهل اربيل.
5- في 1 ايار 1993 شنت قوات الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة (ناوشيروان مصطفى) هجوما على مقرات احزاب جبهة (جود) وخاصة مقرات الحزب الشيوعي العراقي في (بشت اشان وقركه وقرناقه) ادت الى استشهاد اكثر من سبعين بشمركة، عدد منهم قتلوا بعد وقوعهم في الاسر واغلبهم كانوا من القومية العربية، وهذا كان عربونا قدموه للنظام لبدء مفاوضات الاتحاد مع نظام صدام حسين لاحقا سنة 1984. ولم يتم التحقيق في هذه المجزره اطلاقا لا من قبل الحكومة العراقية و لا من قبل حكومة الاقليم ولا من قبل محكمة حقوق الانسان وبهذا لم يتم محاكمة اللذين اقترفت اياديهم بهذه الجريمة لحد الان. وهذه ايضا كانت في عيد العمال العالمي، حيث كانت ضربة موجهة للحزب الذي يعتبر قضايا العمال والفلاحين قضيته الاساسية.
6- في مدينتي العمادية وفي فترة نهاية السبعينات وبداية ثمانينات القرن السابق كنا طلاب الجامعات والمعاهد وطلاب الثانوية من اهالي العمادية وعوائلهم ونظرا كون ا ايار من كل عام عطلة رسمية فقد كانوا ينظمون سفرات الى جبل (برى سيلى) وكان اغلبهم من ذوي التوجهات اليسارية ، الى ان منعت من قبل التظام، واصبحت عادة بعد ذلك استمر عليها اهالي العمادية بعد انتفاضة اذار 1991. وقد كانت عادة تنظيم سفرات الى منطقة (بري سيلي وناف دشتي) هي عادة قديمة لدى اهالي العمادية ولكن في الاسبوعين الاخيرين من شهر نيسان وليست في 1 أيار كم يدعي البعض الان. وبالتالي تم تحريف هذه العادة التي كانت متبعة لدى اليساريين من شباب العمادية بحيث يصل الامر بالادعاء بان امراء امارة بهدينان كانوا ينظمون هذه السفرة في ايار من كل عام، وبالتالي اذا كان يتم تشويه وتحريف الاحداث المعاصرة امام اعين الجميع، فكيف لها ان نثق بالتاريخ الذي يدرس في المدارس والمعاهد والجامعات في الاقليم والعراق عموما؟
7- في كردستان العراق ومنذ اندلاع ثورة ايلول سنة 1961 وبدء القتال بين الجيش العراقي وقوات البشمركة فان قرى وارياف كوردستان قد اصبحت ساحة حرب وكانت تتعرض للقصف الجوي والمدفعي باستمرار، مما كانت سببا في ترك مئات الالاف من العوائل لقراهم واراضيهم والتوجه نحو مراكز المدن، وخاصة من ابناء الديانة المسيحية الذين توجه اغلبهم نحو بغداد والموصل وكركوك ومن ثم الى بلاد الغربة هذا من جهة. ومن جهة اخرى فان هذا القتال ادى الى ترك عشرات الالاف من الفلاحين لاراضيهم وحمل السلاح ضمن قوات بشمركة لمواجهة القوات الحكومية ومرتزقتهم من الجحوش الكرد الذين ايضا كانوا قد تركوا قراهم واراضيهم وحملوا السلاح الى جانب الحكومة، لا بل ان القسم الاكبر منهم قد رحلوا عن مناطق سكناهم الاساسية واستقروا في مدن الموصل واربيل وكركوك والسليمانية ودهوك. وبالتالي فقد ادى هذا الى القضاء تقريبا على الانتاج الزراعي عدا المناطق التي كانت بعيدة عن مناطق القتال وتحت سيطرة الحكومة وسكانها اغلبهم من العشائر الموالية للحكومة. وايضا بعد انهيار الحركة الكوردية في اذار 1975 فقد بدأت سلطة البعث الغاشم في ترحيل قرى المناطق الحدودية مع تركيا وايران وجمعهم في مجمعات قسرية وهدم قراهم وتخريب ينابيع المياه فيها، على الرغم ان السلطة قد قامت بتعويضهم ( مما كان سببا لاحقا في بروز اغنياء واغوات لا يملكون الارض حيث اصبحوا ينافسون الاغوات الاصلاء في عرض خدماتهم للنظام). وهذا كان ايضا سببا في اختفاء شريحة العمال الزراعيين وتحولهم الى (جيش عاطل) مستعد لحمل السلاح مقابل تامين معيشة عائلته.
8- اما الانتاج الصناعي فانه ومنذ اذار 1991 ومابعدها في كوردستان فانه اغلقت عشرات المعامل الانتاجية من الصناعات الاستهلاكية والتحويلية من قبل ادارة الاقليم وضنا منهم انها من بقايا (النظام الاشتراكي) الذي كان قد انهار في معقله الاتحاد السوفييتي ودول المنظومة الاشتراكية، حيث ان الكثير كان يعتقد او يدفع بهذا الاتجاه خاصة من قبل الطبقة الراسمالية الطفيلية التي تقتات على جسم الدولة ولا تعيش بدونها، وهو ان الاقتصاد الراسمالي يعني الفوضي الاقتصادية وضرب الصناعة الوطنية والقطاع الزراعي والاعتماد على الاستيراد لكل حاجات المواطن دون ان يدركوا او تم نسيانها عمدا بان عماد نظام الراسمالي هو التنظيم والتخطيط. وان الراسمالية عندما نفذت العديد من الاصلاحات الجذرية من حيث ضمان حياة المواطن وتكفل حياتهم ومستقبل اطفاهم وحماية الحريات الاقتصادية والسياسية والشخصية فانها بهذا قد استطاعت التفوق على النظام الاقتصادي للمنظومة الاشتراكية. وفي العراق حدث الشيء نفسه بعد التغير سنة 2003 حيث اغلقت ايضا مئات المعامل ونهبت ممتلكاتها ومكائنها، بحيث اصبح العراق مع الاقليم سوقا تجاريا مفتوحا لصرف المنتجات والضائع الصناعية والزراعية والاستهلاكية الاجنبية ولدول الجوار خاصة ايران وتركيا. حيث بذلك فان النخبة السياسية الحاكمة في العراق والاقليم قد دمرت الاقتصاد الوطني بجميع قطاعاته، واصبحت تعتمد على واردات النفط فقط والنسبة الاكبر منها تصرف في موازنات تشغيلية ضخمة وعبر قنوات الفساد المالي والاداري للبرجوازية الطفيلية الهمجية التي تتكون من رجال السلطة واحزابها ومن لف حولهم ورؤساء العشائر والاغوات ورجال الدين. وبهذا افقدت قضت على اسسس بناء اقتصاد وطني وايضا قضت على وجود طبقة عمالية حقيقية وحلفائهم من الفلاحين. وايضا في اضعاف الطبقة الوسطى الى حد كبير، حيث ان هذا هو السبب ايضا في اختفاء النقابات والاتحادات العمالية والفلاحية والمهنية الحقيقية.
9- يتم الاحتفال في ا ايار من كل عام من قبل (نقابات) و(اتحادات) عمالية ومهنية هي في الحقيقة شكلت عن طريق المحاصصة الحزبية، ولم تولد من القاعدة في المعامل الانتاجية والخدمية والاقطاعيات الزراعية (ان وجدت، حيث سبق ان الاجراءات الحكومية والاهمال فد قضت على القطاع الصناعي وتقريبا الزراعي ايضا) وهي ليست اكثر من واجهات حزبية تابعة لاحزاب السلطة. وهذا ينطبق في الاقليم وفي العراق عموما وبالتالي فهي لا تمثل العمال ولا تمثل الفلاحين ولا القطاعات الخدمية والمهنية الاخرى، بل تمثل الاحزاب التي تتبعها، بهذا لايمكن ان تكون سندا يعتمد يمكن الاعتماد عليها في تحسين ظروف العمال والنضال من اجل حقوقهم ولا يمكن ان تصبح اساسا لنضال مطلبي يمكن ان تتطور الى نضال سياسي لتحقيق الاصلاح الاقتصادي والسياسي الجذري والقضاء على الفساد والفاسدين وامكانية البدء ببناء اقتصاد حقيقي خاصة في قطاعي الزراعة والصناعة وغيرها.
10- بعد كل هذه التطورات وصدور قوانين مجحفة في قضايا العمل والعمال وتنظيم الانتاج الزراعي وعدم وجود سياسية كمركية حقيقية تكون سندا للاقتصاد الوطني ولحمايتها من المنافسة التجارية الاجنبية. وترويج بعض المشاريع الصغيرة خاصة التجارية والخدمية هنا وهناك والتي يعمل فيها عدد قليل من العمال ومن الجنسين، وعلى الرغم من ان الدولة تستقطع مبالغ من اصحاب العمل لاغراض الضمان الاجتماعي. لكن احوال العاملين فيها غير جيدة حيث يعمل البعض منهم حوالي عشر ساعات ومهددون بالطرد في كل لحظة ودون الحصول على اي ضمان مالي من الدولة او تكفل دائرة العمل والضمان الاجتماعي بتوفير فرصة عمل لهم. علما ان الاموال المستقطعة تلك فانها ترصد كايراد نهائي للدولة. وبالتالي فانه من الضروري على تلك النقابات (الحزبية) الهزيلة على الاقل ان تطالب بجعل ساعات العمل ثمان ساعات في كل قطاعات الدولة سواء في القطاع العام او الخاص. وان تطالب تحسين ظروف العمل وضرورة تحمل صاحب العمل لنفقات العلاج للحوادث التي تحدث اثناء ساعات العمل، وضمان رواتب الحد الادنى للمعيشة للعمال المطرودين على الاقل لمدة ثلاثة أشهر لعله يحصل على فرصة جديدة للعمل.
وفي الختام تحية اجلال واكبار لارواح الشهداء الذين ضحوا بانفسهم من اجل تحسين وضع العمال والفلاحين في اي مكان كان.
المصادر:
1- د. كمال مظهر احمد، الطبقة العاملة العراقية، دار الرشيد للنشر، بغداد، سنة الطبع 1981.
2- د. كاظم حبيب، لمحات من عراق القرن العشرين، دار اراس للطبع والنشر، اربيل، الطبعة الاولى 2013.
3- سربست مصطفى رشيد، المعارضة السياسية والضمانات الدستورية لعملها، مؤسسة كرياني للبحوث والنشر، اربيل، طبعة الاولى 2011.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كاميرات مراقبة ترصد فيل سيرك هارب يتجول في الشوارع.. شاهد ما


.. عبر روسيا.. إيران تبلغ إسرائيل أنها لا تريد التصعيد




.. إيران..عمليات في عقر الدار | #غرفة_الأخبار


.. بعد تأكيد التزامِها بدعم التهدئة في المنطقة.. واشنطن تتنصل م




.. الدوحة تضيق بحماس .. هل يغادر قادة الحركة؟ | #غرفة_الأخبار